أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بوجنال - التاريخ، الكرامة، الوحدة العربية بين حراك ضعيف واستبداد محصن















المزيد.....

التاريخ، الكرامة، الوحدة العربية بين حراك ضعيف واستبداد محصن


محمد بوجنال

الحوار المتمدن-العدد: 3846 - 2012 / 9 / 10 - 14:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




من القضايا المسلم بها أن التاريخ والكرامة والوحدة العربية عمليات مرتبطة جدليا فيما بينها إن إيجابا أو سلبا. ومن هنا فرضيتنا في الموضوع: حصول التاريخ أو عدم حصوله يقتضي لزوما حصول أو عدم حصول الكرامة التي ليست سوى حصول أو عدم حصول الوحدة العربية.
عموما، من المعطيات المعروفة أن العلاقات الإنسانية والاحترام المتبادل والبناء بين الكائنات البشرية والتحقيق الفعلي للتنمية والتطور لا يمكن أن تحصل في أشكالها النقية إلا إذا خلت العلاقات تلك من احتكار ميزان القوى أو قل من احتكار آليات القوة؛ فالسيطرة والاحتكار ذاك أفرز انحراف الإنسان عامة وبالتالي حصول الاستبداد والقهر وكل أشكال الظلم والقمع. لقد حاول العديد من مفكري عصر الحداثة وما بعد الحداثة اعتبار القرن العشرين عامة بمثابة مواجهات عدوانية قام بتحليله كلود ليفي ستراوس بأدوات هي أدوات تصوره البنيوي، ومشال فوكو معتمدا منهجه الابستيمي، وجاك ديريدا مفككا الخطاب اللغوي...الخ. لكن المقاربات تلك بقيت سجينة مساحة تصوراتها إذ لم تتمكن من تجاوز السجن ذاك لطرح السؤال الأساس: لماذا لم يتمكن النسق الانتربولوجي أو الطرح الإبستيمي أو التفكيك اللغوي من منع حصول الحروب والاستبداد؛ أو بلغة أخرى، لماذا لم تتمكن الآليات تلك من منع حصول احتكار القوة في التاريخ لصالح التوازن الذي هو شرط حصول الكرامة والوحدة العربية؟
لاشك أن أية مقاربة لتاريخ القرن العشرين العربي أو ما قبله أو ما بعده تجد نفسها، في العمق، أمام صراع ثلاث مكونات من مكونات الإنسانية العربية: التاريخ والكرامة والوحدة العربية. وفي هذا الإطار، إذا كانت الكرامة عامة والعربية خاصة تحدد في وبكونها القيمة الذاتية والمطلقة للإنسانية، فإن التاريخ يحدد باعتباره تطور الإنسانية في ضوء ما يسمى بالقيمة النسبية. ومن هنا فقولنا بكرامة الإنسان العربي تقتضي منا القول باحترام فرادته واعتباره في نفس الآن مرآة الجنس البشري الذي لا تقوم له قائمة إلا عند تأسيسه وشرعنته العقلانية لمبدإ الوحدة. وكما سبق القول، فإن غياب العمليات تلك وهو الحاصل بالفعل في مختلف الدول العربية وبدون استثناء، يشير على وجه التقريب إلى الحذف الأنطولوجي لوجود الإنسان العربي الذي يصنف في أدنى مراتب الإنسانية؛ حذف يتم إخفاؤه بلغة تتكلم عن وجوده وتطوره وتقدمه ونموه وفعاليته وهو عكس حال الواقع الذي هو طمس وجوده وتقهقره وتخلفه وجموده وسلبيته؛ وجود وتطور وتقدم ونمو وفعالية أو قل وضعيات حقوقية ووجودية تحدد لزوما في التاريخ وبالتاريخ الإيجابي باعتبارها العمليات الكفيلة بتطوير وحماية كرامته وسيادته كإنسان عربي.
بهذا النهج سيحل التاريخ محل الذات الإلهية لتبح كرامة الإنسان العربي محددة بفعل قوى موجودة في التاريخ وبالتاريخ لا خارجه أو قل التأسيس العقلاني لمختلف مسؤوليات هذا الإنسان وبالتالي لمختلف طاقاته وقدراته ومستقبله. وهذا ما دعا له الفكر الأروبي في القرن التاسع عشر والذي عرف انحرافا كبيرا على مستوى الفعل في القرن العشرين. لقد تمكن فكر القرن التاسع عشر في أروبا من إحلال التاريخ محل الإله، إحلال أفرز تصورا جديدا لكرامة الإنسان؛ إلا أن القرن العشرين، بفعل حماقاته السياسية، غير وجهة التاريخ ذلك لصالح تاريخ دمر الإنسان والشعوب. يقول فنسوا فيري في هذا الصدد في كتابه تاريخ الخداع الصادر عن دار روبرت لافون العام1995 ص45 :" في القرن التاسع عشر تم إحلال التاريخ محل الإله...أما القرن العشرين فقد حرف ذلك بحماقاته السياسية". وقد كان
من بين ضحايا حماقاته السياسية العالم العربي بموارده البشرية والطبيعية والذي تحالفت فيه معه البورجوازية الكامبرادورية العربية. ومن هنا، فالتاريخ هذا قد حدد ضحيته التي منها الإنسان العربي الذي سلبوه كرامته وما زال. لكن ما معنى الضحية التي هي الإنسان العربي ذاك؟ التحديد يبقى عاما وغامضا بفعل عدد من العوامل التي تلعب لصالح القوى المتحكمة والمحتكرة لعامل القوة؛ إلا أنه يمكننا القول بأن الضحية هو الشخص العربي الذي تم فصله عن محيطه وأصوله ليصبح كائنا شاردا وفارغ المعنى، محروما وممنوعا عليه استخدام قدراته ليبقى فريسة وضع يتميز بالفقر والألم والدونية والقهر أو قل يصبح، باللغة الفلسفية، كائنا بدون اسم وبالتالي بدون كرامة ودون مستوى تحقيق الوحدة العربية؛ هذا في الوقت الذي كان من اللزوم التأسيس لتاريخ يحمي كرامته ويقويها بتفعيله هو كإنسان عربي، تفعيل يترجمه مبدأ تحمل المسؤولية وهو ما نسميه بالتاريخ الإيجابي، تاريخ حماية إنسانية الإنسان وبالتالي كرامته وحقه الطبيعي في بناء وحدته . انطلاقا مما سبق نقول أن تحريف وانحراف التاريخ هو بالكاد تحريف وانحراف كرامة الإنسان العربي وهو الوضع الذي يحتم علينا استحضار وطرح خفايا السياسة التي ليست في حقيقتها سياسة ما دامت مبنية على تصور نفي كرامة الإنسان العربي والتعامل معه كسجين واقعه المباشر المحسوس وبالتالي الإنسان المنغلق على ذاته والذي يفتقر مشروعية تحقيق الوحدة العربية؛ بناء على ذلك ، فالعربي غير مرتبط بعالمه العربي حيث أن المغربي يبقى سجين حدوده، والجزائري سجين حدوده والمصري سجين حدوده، والعراقي سجين حدوده...الخ؛ حدود لا تجعل منه سوى الشخصية المنغلقة والأكثر التصاقا بالأرض تلك والأكثر تقبلا لانتهاك كرامته. إنه الوضع النقيض المشروع المؤجل لتأسيس الوحدة العربية الذي يعتبر من بين حقوقه المشروعة في الوجود، حقه في توسيع دائرته الضيقة بالانتقال من وطن الولادة إلى وطن عربي أوسع وأكثر عقلانية أو قل أكثر حضارة من وطن الولادة. إنها مرحلة ودرجة هامة من الارتقاء والتجاوز الفعلي للوطن الضيق والتحقيق الفعلي للوحدة العربية: أن تكون عربي تكون أكثر غنى وتقدما من أن تكون فقط مصريا أو مغربيا أو لبنانيا...الخ.
لذا، لا يسمح علميا للتاريخ العربي المنحاز والمتواطئ في أشكاله السابقة والحالية بسلب الإنسان العربي حقوقه الطبيعية والاجتماعية والتي منها حقه في بناء وتحقيق الوحدة العربية رافعة حصول الارتقاء إلى مستوى العالمية عندما تفرز قوانين التاريخ الإيجابي شروط حصول ذلك. فبدون امتلاكه حقوقه المشروعة تلك يفقد الإنسان العربي صفة وقيمة الكرامة الإنسانية ليقذف به التاريخ الرسمي في دائرة ما تحت الكرامة الإنسانية. وفي هذا الإطار، فإن تحديد الإنسان العربي بوطن الولادة والدم كالقول بالمغربي أو المصري أوالقطري أو السعودي أو الكويتي أو الموريتاني أو التونسي...الخ هو مس بكرامته وبمختلف حقوقه التي من بينها حقه اللامشروط في حرية الوجود المسئول المعبر عنه في صيغة الوحدة التي ، كما سبق القول، سترتقي، كلما توفرت شروط تحرير التاريخ إلى مراحل أرقى من الاندماج في الحضارة العالمية التي هي بالكاد اليوم" حضارة المعلوميات" التي لم تبق سلوك ترف واستهلاك بقدر ما أنها أصبحت "نمط حياة".
فالتاريخ الإيجابي هو تاريخ مطلب الوحدة التي تحصل لا محالة كلما حصلت الكرامة بالفعل. لذا، فتحقيق هذا المطلب – الوحدة العربية – سيمكننا من الخروج من دائرة الثنائيات المعيقة من قبيل: التراث/الحداثة، بلدان المشرق/بلدان المغرب، الشيعة/السنة، الإسلام/المسيحية، الدين/العلمانية، الذكر/الأنثى...الخ ليصبح الإنسان العربي المتحرر كرامة وإرادة بثقافة وأدوات أخرى من قبيل آلات وشاشات العصر المرتبطة أو في طريق الارتباط بالشبكات العنكبوتية العالمية التي لم تبق أدوات استهلاك، كما سبق القول، بقدر ما أنها أصبحت "نمط حياة" غيرت أسلوب الحياة في الأرض والبحر والفضاء: فأن تنقر على الرقم عملية كافية للاتصال والتواصل عوض استمرار العلاقات الابتزازية والزبونية والبيروقراطية والاستبدادية المهينة للكرامة والمعادية للوحدة العربية؛ علاقات مهينة تشابكت في عالمنا العربي بفعل مصالح البورجوازية الرأسمالية العالمية الكبرى المذيلة بشكل مذل بالبورجوازية الكامبرادورية العربية. هكذا تفيدنا العديد من الأبحاث الأمريكية أن الأطفال الأمريكيين اليوم لم يعد يهمهم أين توجد تشيكيا أو جورجيا، أو البلقان وكاتالونيا بمعنى عدم أهمية التحديد المكاني في التكنولوجيا المعاصرة أو قل أصبح مهمشا حيث حلول "العالمي" محل" المحلي" وبالتالي حلول محيط الديجيتال محل المحيط المحلي الضيق. فما المانع إذن من التأسيس لعالم عربي موحد راهنا حيث اختفاء الأوطان كمساحات ضيقة من مصرية وسعودية وقطرية ولبنانية ومغربية...الخ عالم عربي يصبح كل هذه
الأوطان التي كانت وما زالت معرقلة ومعيقة لبناء الحضارة العربية وتحرير إرادة وقدرات وكرامة الإنسان العربي؟ ما الذي سيحدث إدا تحررت العقول والقيم والسياسة والأدب والفنون والعلوم وغيرها؟ هذا علما بأن عامل اللغة كأداة تواصلية هو عامل تتقاطع حوله الساكنة العربية.
هكذا، فنوعية هذا التاريخ العربي المعرقل لم تفرز سوى الحروب البينية والداخلية والإثنية والعرقية والعشائرية وبالتالي كل أشكال الشر التي أبشعها التقاتل وممارسة الاستبداد على الاسم العربي المهان من طرف الأسماء العائلية المسماة تعسفا بالشريفة أو ذات الشرعية والمشروعية أو الفوق- عرقية. مأساة هذا القرن العربي وسابقيه في إحدى الحلين:إما الكرامة وإما الاستبداد؛ وبما أن العلاقة بين التاريخ والكرامة تميل لصالح هيمنة التاريخ الرسمي على الكرامة، فإن الهيمنة تلك ستستمر وبأشكال جديدة مع التنازل الدبلوماسي للبورجوازية الكامبرادورية العربية عن بعض الامتيازات الغير المؤثرة والشكلية بفعل الحراك الذي عرفه العالم العربي بإيقاعه الضعيف والذي تمت عرقلة إنجاز مهامه التي تم تلخيصها تحايلا في إسقاط الرئيس ومحيطه أو إدخال تعديلات على الدستور وبالتالي المنع السياسي والدبلوماسي المؤذبين لإعادة تنظيم المجال الاقتصادي والسياسي بإعادة توزيع الثروات على اعتبار أن الأرض العربية تلك ملكا لكل العرب.
فالتاريخ العربي المؤجل والنزيه يقتضي ، وبدون لف ودوران، إعادة الاعتبار لكرامة الإنسان العربي التي لن تحصل بدون تحقيق الوحدة العربية أساس تحرير وإخراج التاريخ من وضعية التلاعب بالحقائق وتزويرها إلى وضعية الوقوف بجانب الكرامة والوحدة ، تاريخ لم يبق فاعلوه والمشرفون عليه أعداء الكرامة والوحدة العربية بقدر ما أن الفاعلون والمشرفون أولئك لن يكونوا سوى الشعب أو قل كرامة ووحدة الأنا العربية.



#محمد_بوجنال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحراك العربي بين ثقافتين متخاصمتين
- في سلعنة وتسليع الدين
- العدالة كما تريدها فلسفة الان باديو
- التعاقب الحكومي في المغرب وعجز عقل النخبة
- الحراك العربي ومفهوم الثورة
- في مفاهيم:الحراك، الانتفاضة -المغرب كنموذج-
- الحقل الفلسفي الراهن وأهمية الاقتصاد والاقتصاد السياسي
- الفلسفة العربية وقضايا الوعي بمعنى وجود الحراك الجماهيري


المزيد.....




- مدير CIA يعلق على رفض -حماس- لمقترح اتفاق وقف إطلاق النار
- تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60 %
- بايدن يتابع مسلسل زلات لسانه.. -لأن هذه هي أمريكا-!
- السفير الروسي ورئيس مجلس النواب الليبي يبحثان آخر المستجدات ...
- سي إن إن: تشاد تهدد واشنطن بفسخ الاتفاقية العسكرية معها
- سوريا تتحسب لرد إسرائيلي على أراضيها
- صحيفة: ضغط أمريكي على نتنياهو لقبول إقامة دولة فلسطينية مقاب ...
- استخباراتي أمريكي سابق: ستولتنبرغ ينافق بزعمه أن روسيا تشكل ...
- تصوير جوي يظهر اجتياح الفيضانات مقاطعة كورغان الروسية
- بعد الاتحاد الأوروبي.. عقوبات أمريكية بريطانية على إيران بسب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بوجنال - التاريخ، الكرامة، الوحدة العربية بين حراك ضعيف واستبداد محصن