أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكى - تجدد إنتاج التخلف















المزيد.....

تجدد إنتاج التخلف


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 3841 - 2012 / 9 / 5 - 00:17
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


أقصد دائماً بظاهرة التخلف ظاهرة تجدد إنتاج التخلف باعتبارها عملية إجتماعية) ديناميكية فى حالة حركة مستمرة، ليست ساكنة، وتاريخية فحسب، إذ هى عملية إجتماعية من إرتفاع معدل إنتاج القيمة الزائدة، يتناقض هذا الارتفاع فى معدل إنتاج القيمة الزائدة، نظراً لكثافة إستخدام عنصر العمل فى الاجزاء المتخلفة، مع ضعف(أليات) إنتاجها، نظراً لضعف التقنية وعدم إستخدام الفنون الانتاجية التى يكشف عنها العِلم إلا فى مرحلة تالية لاستهلاك تلك الفنون فى الاجزاء المتقدمة، ومن خلال هذا التناقض ما بين الارتفاع فى معدل إنتاج القيمة الزائدة وبين هشاشة ألية إنتاجها، تتبلور ظاهرة تسرب القيمة الزائدة المنتَجة داخلياً إلى الاجزاء المتقدمة من الاقتصاد الرأسمالى العالمى المعاصر، من أجل شراء السلع والخدمات الاساسية والتى تتوقف عليها شروط تجديد الانتاج. ولنزيد الامر وضوحاً:
لقد إنطلقتُ من فكرة بسيطة، وتجريدية، تقول أن المجتمعات المستعمَرة التى صارت تابعة ثم متخلفة طبقاً للترتيب التاريخى، حالها كحال المجتمعات المستعمِرة، المتبوعة، المتقدمة، لا تكف عن الانتاج كما لا تكف عن الاستهلاك، والمجتمعات المتخلفة، والتى تهمنا هنا ومنها عالمنا العربى، لا تُنتِج سلعاً أو خدمات فقط؛ وإنما تُنتِج قيمة زائدة، ليس العُمال فقط وإنما المجتمع بأسره، بعد أن تحول المحامى والطبيب والمهندس والمعلم والكاهن، بل ورعاع المدن إلى شغيلة فى عداد المأجورين!! بيد أن كراسات التعميم غالباً ما تتجاهل هذه الحقيقة.
فأى مجتمع، ويهمنا هنا الاجزاء المتخلفة من الاقتصاد الرأسمالى العالمى المعاصر، ومنها عالمنا العربى، يتعين كى يقوم بالعملية الانتاجية أن يكون تحت تصرفه مبلغاً من النقود بالمعنى الواسع للنقود، لا أُفرِق بين إنتاج الحديد والصلب، وبين فتح مؤسسة محاماة يعمل فيها عشرات المحاميين بأجر. أى أننى، وهذا من ضمن ما أهدف إليه، أقوم بمد القوانين التى كشف عنها عِلم الاقتصاد السياسى فى حقل إنتاج السلع المادية إلى حقل إنتاج الخدمات وهو الحقل الذى صار مُهيمناً بنحو 65%، على إجمالى هيكل الاقتصاد العالمى المعاصر. وفلنفترض أن المجتمع(ويهمنا المجتمعات المتخلفة، وعالمنا العربى أحد مكوناتها) فى لحظة تاريخية معينة وتحت ظروف إجتماعية محددة، يدخل العملية الانتاجية على صعيد "الكُل"الاقتصادى بمبلغ (30) مليار وحدة، موزَعة بين القطاعات الانتاجية الثلاثة بواقع(10) مليار لكُل قطاع(الزراعة والصناعة والخدمات) ويتم توزيع الـ(10) مليار وحدة على النحو التالى: (5) وحدة لشراء أدوات العمل، و(3) وحدة لشراء مواد العمل، و(2) وحدة لشراء قوة العمل، وهكذا الامر فى كل قطاع، وفى نهاية الفترة وبإفتراض أن القيمة الزائدة المنتَجة فى القطاعات الثلاثة=100%، أى أن الرأسمالى يدفع للعمال (2) وحدة ويتلقى مقابل هذه الـ(2) وحدة عمل يساوى (4) وحدة أى يأخذ (2) وحدة زائدة. فسيكون لدينا ما يلى:
القطاع الزراعى: (5 أدوات العمل) + (3 مواد العمل) + (2 قوة العمل) +(2 قيمة زائدة) = 12
القطاع الصناعى: (5) + (3) + (2) +(2) = 12
قطاع الخدمات: (5) + (3) + (2) +(2) = 12
طبعاً لا شك فى أن الانتاج يحتاج إلى أشياء أخرى كثيرة مثل: الارض، والفكرة، والادارة، والنقل. .إلخ بيد أن تلك الامور تأتى فى مرتبة أو مرحلة إتمام المنتَج، وهى مهمة من زاوية ما من أجل "تسيير" العملية الانتاجية، وهى، فى نفس الوقت، ثانوية وغير مؤثرة فى عملية زيادة القيمة، إذ لا تزيد القيمة إلا بقدر دخول عنصر العمل الحى أو المختَزن فى العملية الانتاجية والذى من شأنه أن يُزيد القيمة. ولكنه سوف يزيد قيمة على السلعة الجديدة وليس القديمة، فالنقل لا يزيد قيمة السلعة، وإنما يمكن لعملية النقل خلق قيمة فى حقل صناعة النقل نفسه.
ووفقاً لمثلنا أعلاه فلقد حقق المجتمع زيادة فى القيمة، أى أنه بدأ بـ (30) مليار وحدة، وفى نهاية الفترة صار لديه (36) مليار وحدة. فأين تذهب تلك الـ(6) مليار وحدة والتى إنتجت بداخل الاقتصاد القومى، ويهمنا هنا الاقتصاد القومى للاجزاء المتخلفة من النظام الرأسمالى العالمى المعاصر، وعالمنا العربى أحد تلك الاجزاء؟ كى نُجيب على تساؤلنا المطروح يتعين علينا البدء من حيث أنه ما من مجتمع إلا ترتبط حياته وإستمرارها بالانتاج، من أجل الاستهلاك الداخلى المباشر، أو من أجل التبادل، ولن يتمكن هذا المجتمع من تجديد إنتاجه إلا إذ ما كان تحت يده حدا أدنى من (الرأسمال المركم) يمكنه من البدء فى تلك العملية، وبالفعل يبدأ المجتمع العملية الانتاجية بكمية معينة من رأس المال، حاله حال كل مشروع رأسمالى، وفى نهاية المدة، ولتكن سنة، لا بد، ولكى يستطيع الدخول فى عملية إنتاجية أخرى لسنة جديدة، وهكذا، لا بد من أن يجد المجتمع تحت يديه كمية من الرأسمال "والذى أُنتِج فى الفترة السابقة".
يبقى أمر من المتعين معالجته هنا وإنه ليثير الالتباس ربما لدى البعض؛ فلقد قلنا لتونا أن الرأسمالى يتحصل على مكاسبه، على أساس المعدلات المرتفعة من القيمة الزائدة، وقلنا كذلك أن الاجزاء المتقدمة قد تجاوزت الان إنتاج القيمة الزائدة النسبى، وقلنا كذلك أن تلك الصفة وهى إرتفاع معدل إنتاج القيمة الزائدة من الصفات اللصيقة بالاجزاء المتخلفة. فما هو السبيل إلى الخروج من هذا التناقض؟
إن السبيل الممَهد لحل هذا التناقض هو فى النظر إلى التطور الذى لحق النظام الرأسمالى نفسه، ففى المرحلة الصاعدة كانت القيمة الزائدة هى مصدر الربح والتراكم(بجانب النهب والمذابح وحروب الابادة) ولذا كان طبيعياً أن لا يرى ماركس حين صياغته "لقانون ميل معدل الربح للانخفاض" سوى (القيمة/الربح) دون حدود واضحة لكل منهما. أما الان وفى المرحلة الهابطة (والانهيار) تنفرج الزاوية 180 درجة ما بين الربح وما بين القيمة الزائدة، وفى الوقت الذى تتقلص فيه القيمة الزائدة ومعدلات إنتاجها، ومن ثم تأخذ الاجزاء المتقدمة وهى ماضية فى تجفيف منابع القيمة الزائدة(سر حياتها)عبر تخفيض العمالة وإنتاج السلع كثيفة رأس المال والتكنولوجيا، فى طريقها إلى الانحدار شيئاً فشيئاً على الرغم من تلك المليارات والتريليونات لانها فى الواقع أرقام وهمية، غير مؤسسة على قواعد إنتاجية ثابتة!! ومن هنا نقول أن الاجزاء المتقدمة فى مرحلة الهبوط، وما تلك الارقام الفلكية أحياناً سوى نتاج خلق وعى زائف صار فناً رأسمالياً خالصاً، أسمه فن خلق الوعى الزائف، وكما سنرى أن ثقافة الاستهلاك، والتى أمست أيديولوجية، وثقافة الاشياء الجديدة وإلقاء القديم، أيا ما كان، فى سلة المهملات. دائماً هى الثقافة التى تتطيل فى حياة النظام حتى الان، وإنما إلى حين لا أعتقد فى طوله كثيراً ولو حتى جيل أو جيلين قادمين. وفى المقابل، ولأن قروناً تفصل فيما بين الاجزاء المتقدمة والاجزاء المتخلفة، فإن الاجزاء المتخلفة هى الان فى طريقها الذى إجتازته الاجزاء المتقدمة من مئات السنين!! وهى الان فى مرحلة إنتاج القيمة الزائدة!!




#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستبداد السياسى فى أنظمة الحكم العربية
- الاقتصاد السياسى للديموقراطية فى العالم العربى
- ملاحظات على أطروحة محمد عادل زكي عن جدلية القيمة الزائدة
- القيمة عند أرسطو وسميث وريكاردو وماركس
- الاقتصاد السياسى الماركسى
- حول فرضيات جرامشى
- منهجية البحث فى إشكالية التخلف الاقتصادى العربى
- الاقتصاد السياسى للصراع فى السودان
- الفكر الاقتصادى الكلاسيكى؛ السابق على ماركس
- مخطوطة أولية فى جدلية القيمة الزائدة
- الاقتصاد السياسى فى فكر كارل ماركس
- ماركس المفكر لا الأيديولوجية
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ -
- نظرية جديدة فى جدلية فائض القيمة عند ماركس
- إحياء الفكر العربى. فقر الفكر الثقافى؟ أم فكر الفقر الثقافى؟
- الاقتصاد العالمى المعاصر . . . حينما يقود المخبولون العميان
- الاقتصاد السياسى لتجديد إنتاج التخلف (3)
- الاقتصاد السياسى لتجديد إنتاج التخلف (4)
- الاقتصاد السياسى لتجديد إنتاج التخلف (5)
- الاقتصاد السياسى لتجديد إنتاج التخلف (6)


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكى - تجدد إنتاج التخلف