أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - سوريا: من ينصف هؤلاء؟















المزيد.....

سوريا: من ينصف هؤلاء؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3840 - 2012 / 9 / 4 - 12:59
المحور: حقوق الانسان
    


سوريا: من ينصف هؤلاء؟
نضال نعيسة
لا يكاد يمر يوم دون أن تتحفنا، وسائل ما يسمى بالإعلام السوري، وعلى نحو استفزازي وجارح، بأخبار بالعفو عن "مئات" ممن شاركوا بالأحداث الأخيرة، ولم تتلطخ أياديهم بالدماء، حسب الإعلام إياه، وتبقى هذه الجملة لغز الألغاز، فإذا كان هؤلاء بريئين فعلاً فلماذا تم اعتقالهم بالآلاف المؤلفة، من الأساس، ومتى أدينوا، وكيف تمت تسوية أوضاعهم بسرعة البرق في قضاء مشهور بالترهل، والفساد، والبطء، والكسل، والبيروقراطية في البت في قضايا الناس؟ ومع ذلك، فلا بأس، وصحتين على قلوبهم، وعفا الله عما مضى كما يقال، رغم أن بعض من هؤلاء، وكما نقل واتضح، عاد وحمل السلاح وحارب الجيش الوطني النظامي وأطلق النار.

ولكن، وبنفس الوقت، فالقضايا الإنسانية كل لا يتجزأ، ومعاناة البشر وآلامهم واحدة في كل زمان ومكان، ودرجة احتمال البشر للألم والعذاب واحدة، بمعنى أنه لا يوجد بشر في العالم يعانون ويتألمون ويتعذبون أكثر من بشر آخرين حين يخضعون لذات الظروف وذات الشروط الاستثنائية والصعبة، وبشر لا يشعرون ولا يحسـّون ولا يشعرون. وبالتالي فإن الحلول المقترحة للتخفيف من عذابات البشر، إن كانت فعلاً عادلة وموضوعية وصادقة وترمي لمصالحة شاملة كما هو معلن، فيجب أن تتوجه نحو الجميع، وبنفس الدرجة والسوية، ومن دون استثناء. وطالما أن هناك الكثير من القضايا والحالات الإنسانية العادلة والمنسية الأخرى في سوريا، والأشد وطأة وقهراً وضغطاً وإلحاحاً من قضيايا "العراعير(1)" والعفو عنهم، فلا بد من تسليط الضوء على كوارث إنسانية وعائلية قاسية ومرة وضاغطة يعيشها، ولعقود طويلة، عشرات الآلاف من النشطاء والكتاب والحزبيين والسجناء السياسيين السوريين السابقين المحرومون من الكثير من الحقوق الإنسانية لمجرد رأي وموقف سياسي، إذ كان العرف والقانون السائد المعمول به أمنياً في الفترة السابقة أن يقصى، ويهمش وكل من لديه اهتمام وهمّ وطموح سياسي ويضيق عليه بشتى الأشكال ويمنع من ممارسة أي نشاط ويبعد نهائياً عن كعكة البعث الدسمة ووليمة المناصب التي تقاسمها الرفاق والمحظيون والأزلام والأتباع.

وقد كشف الحدث السوري مفارقات مرّة ومؤلمة لا يمكنك إلا أن تتوقف عندها، ومخاباة ومحاولات استرضاء فجة ونافرة وناتئة لتيار بعينه، ولذا لا بد من أن تشير لذلك إنصافاً وتضامناً مع سوريين آخرين عانوا على مدى عقود من تضييق وحصار واضطهاد ونكران ولم تسو أوضاعهم حتى الآن. فقد كان من ضمن شروط الحل المقترحة للأزمة السورية، ومن بنود خطة عنان الستة، هو إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الأحداث، وهذا أمر جيد وطيب طالما أنه يصب في مصلحة واستقرار البلد ويحل الأزمة بالطرق السلمية ويخفف من حدة الاحتقان السائد، وحتى لو كان لكثيرين بعض التحفظ على هذا الأمر فلا بأس.

ومقابل هؤلاء النشطاء والمتظاهرين "السلميين" الذين طالبوا بإسقاط النظام وتدخـّل الناتو، وحملة السلاح والفارين من الجندية، والمنشقين ...إلخ، هناك اليوم داخل سوريا وخارجها، أرقام غير محددة، ولا يوجد بالضبط أحصائية معتمدة عن طابور طويل عريض من نشطاء وكتاب وإعلاميين ومعارضين وطنيين سلميين فعلاً هذه المرة، ولم يرفعوا السلاح في وجه الدولة ولا يمتلكون سكين مطبخ ربما، ولم يهتفوا بسقوط النظام أمام الكاميرات ولم يظهروا، يوماً، هم يسكبون غلهم وحقدهم الأصفر المسموم أمام شاشات القنوات "المغرضة"، ولم يدعوا الناتو للتدخل وقصف سوريا، وسجناء رأي سابقين ممن طردوا من أعمالهم وصودرت جوازات سفرهم وحجزت رواتبهم وحرموا من أبسط الحقوق الآدمية المتعارف عليها دولياً كحق العمل وحق السفر وحوربوا في لقمة عيشهم ومصدر رزقهم ورزق أطفالهم وضيـّق على منهم داخل سوريا بالمأكل والمشرب وقطعت أرزاقهم وما تزال "أضابيرهم" وملفاتهم جاثمة، ونائمة في مكتب "الغبن" القومي، بانتظار قرار سام، ولفتة كريمة، واهتمام ورأفة، كالرأفة المباغتة والغريبة التي تظهر على "العراعير"، كما يسميهم البعض.

وما دامت طاقة ورزمة الحلول الشاملة للأزمات السورية المستعصية انفتحت على أبوابها فلماذا لا يكون هناك لفتة ونظرة إنسانية وإنصاف وتسوية لأوضاع هؤلاء المساكين الذين لم يشملهم على ما يبدو السيد عنان برحمته، ويبدو أن المعنيين بالأمر لا يهتمون كثيراً بآلامهم وعذاباتهم ومعاناتهم مع أسرهم وأطفالهم كاهتمامهم ورأفتهم، وما شاء الله، على العراعير.

ويتكلمون اليوم في سوريا، وبصوت عال، مع تغطية وإبراز رسمي وإعلامي، وبشيء من البروظة والإبهار والحماس عن مصالحة وطنية، و"عملوا" لها وزارة بحالها، وعيـّنوا لها وزيراً، ما شاء الله وكان عليه، "وبيشيل الزير من البير"، مفوهاً ومتحدثاً لوذعياً لا يشق له غيار لم يأت أبداً على ذكر هؤلاء وجل اهتماته واختصاصه الطبي، على ما نعتقد ونظن وكل الظن هنا إثم، هو بمعاناة وآلام وأوجاع العراعير، ويا حرام، فلماذا لا تسوى أوضاع عشرات الآلاف من هؤلاء الكتاب والنشطاء والإعلاميين والعلمانيين والتنويريين وأهل اليسار المنبوذين، هكذا مع صفقة المصالحات وعلى "البيعة" كما يقال، والذين لا زالوا يعاملون بتمييز فاضح وكالأيتام على مائدة اللئام ومنهم من كان قد "تختخ" بالسجون سابقاً لكنهم اليوم يقفون مع سوريا قلباً وقالباً(2)؟ ولماذا لا تعاد لهم حقوقهم المسلوبة والمغتصبة، بدل البحث والمطالبة بحقوق حماس واللاجئين الفلسطينيين ورفع شعار "المئيومة" والتحرير عالياً كما يقول إمبراطور الإعلام السوري الشهير اللبناني ناصر قنديل؟ ولماذا لا يتم الاعتراف بهم ويدمجوا اجتماعياً وسياسياً ويتم التصالح معهم، وتتم إعادتهم لأعمالهم، وصرف رواتبهم المحجوزة منذ عقود، أم أن المصالحات وتسوية الأوضاع مع العراعير فقط، وهؤلاء يجب أن يبقوا خارج كل الحسابات والتسويات والمصالحات؟

لسان حال كثيرين من هؤلاء يقول اليوم، وبكل أسف، يا ليتنا كنا "عراعير"، أو كما يقول سمير غانم في مسرحية المتزوجون في حديثه الشهير واسفه الظاهر على موت الصرصار، "ليه يا رب ما خلئتناش عرعار"؟ والسلام.

(1)- لفظة سورية مستحدثة تطلق للدلالة على أتباع الشيخ السوري عدنان العرعور المقيم في السعودية، وهم المعنيون اليوم فقط بالمصالحة الوطنية وإطلاق سراحهم وتسوية أوضاعهم بسرعة البرق المذهلة.
(2)- من هؤلاء مثلاً القيادي في حزب العمل فاتح جاموس الذي لم يعاد إلى عمله ولم تسو أوضاعه ولم تصرف رواتبه المحجوزة، ومثله أمثال عرمرمة، وقد كتب عن معاناته هذه مقالاً منشوراً في موقع الحقيقة الذي يرأس تحريره المعارض السوري المعروف نزار نيوف.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاشية البعثية
- سوريا المعادلات المستحيلة
- حكى مرسي
- أردوغان الطبل الأجوف
- السيد وزير التربية: توقفوا عن مناكفة الشعب السوري
- رياض حجاب: مجنون يحكي وعاقل يسمع
- حلب: سحق بالجملة للميليشيات الأطلسية- الأردوغانية-الخليجية
- فقاعة رياض حجاب
- عن أية دولة علوية يتحدثون؟
- انشقاق رياض حجاب: متى سيسقط النظام السوري؟
- جرائم آل سعود من ناصر السعيد إلى محمد السعيد
- دموع التماسيح الأطلسية
- العرب والغباء الاستراتيجي
- الإعجاز العسكري الكبير ومحرقة القاعدة في سوريا
- مناف طلاس قادم إليكم
- خيار وفقوس: أبناء الجارية وأبناء الست
- سوريا: متى يضغط الروس على الزر الأحمر؟
- آصف شوكت: فارس من هذا الزمان
- سوريا: هل يفلح سلاح الانشقاق؟
- المثقف والجنرال: فن تصنيع الأعداء


المزيد.....




- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - سوريا: من ينصف هؤلاء؟