أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نهاد عبد الستار رشيد - قصة قصيرة بعنوان ( مفاهيم خاطئة ) بقلم : نهاد عبد الستار رشيد














المزيد.....

قصة قصيرة بعنوان ( مفاهيم خاطئة ) بقلم : نهاد عبد الستار رشيد


نهاد عبد الستار رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 17:52
المحور: الادب والفن
    


قبل أن يوشك النهار على الأنتصاف , وصل رمزي الى منطقة العلاوي في بغداد ، قادما من المطار ، وما أن هبط من السيارة حتى سارع في الوقوف على الرصيف ، واضعا حقيبة السفر بين ساقيه . تلفت يمينا وشمالا للتأكد من عدم وجود من يتعقبه .
لم تمض بعد خمس دقائق من وقوفه حتى شرع يلوح بيده لسيارات الأجرة لنقله الى بيته . بعد أن رفض ثلاث سيارات لآرتفاع اجور النقل ، وافق على السيارة الرابعة . حمل حقيبته ، بعناية ، لأدخالها الى السيارة ، فأمسك به رجلان من الأنضباط العسكري ، وطلبا منه أن يرافقهما الى مديرية الشرطة . هدّه الحزن حتى لم يعد يقوى على الوقوف . انقبض قلبه انقباضا شديدا ، لكنه لم يجد في نفسه الجرأة على الهروب أو مقاومتهما ، وأكتفى بالتساؤل عن السبب قائلا :
- وما هي تهمتي التي ارتكبتها ؟ - " هناك سيتم تبليغك . نحن ننفذ الأوامر فحسب " . أجاب أحدهما . أقتاداه الى السيارة العسكرية . ما أن جلس ومسك حقيبته بحذر ، حتى راح يجيل الطرف في وجوه الشباب الجالسين ، فاعتراه خوف شديد . سأل أحد الشباب الجالسين الى جانبه قائلا بتردد : - ما التهمة الموجهة اليك ؟ فأجاب الشاب بايجاز قائلا : - لا أعلم . لم تدر بين الشباب الجالسين ، في الواقع ، أبة أحاديث . فاعتصم رمزي بالصمت ، وكان قلقه يتزايد ، وراح يطلق الحسرات اليائسة ، اذ كانت الصدمة أعنف من أن تطاق. انطلقت السيارة ، واخذت طريقها باتجاه جانب الرصافة عبر جسر الشهداء . كان الأهتياج البالغ قد استبد به ، الا انه قد وطن العزم على الأصطبار . بعد أن دخلت السيارة في مديرية الشرطة ، توقفت في الساحة . ترجل رمزي من السيارة حاملا حقيبته بحذر وتحول بعينيه الى حشد الشباب المتجمع ، ووقف الى جانبهم . كان الجميع يلتزم الصمت في تلك الأثناء ، وكان رمزي أشد بؤسا وأعظم يأسا من أيما وقت مضى ، ووجد نفسه يرزح تحت عبء من المتاعب ثقيل . أخذ قلبه يخفق خفقانا شديدا ، لكنه قال فيما بينه وبين نفسه : " يجب أن لا تسلم أمرك لليأس . " ... وبينما هو مستغرق في هذه الأفكار ، قدم من الباب نصف المفتوح ضابط . شرع يقلب عينيه في وجوه الوجبة الجديدة من الشباب ، فمسك أحدهم بعنف وقال مستهزئا : - لم يبق لك سوى ان تضع أقراطأ ! ... لماذا تطيل شعر رأسك ؟ ثم اندفع يعنفه تعنيفا مفاجئا وسلمه الى الشرطي الحلاق ليحلق كل شعره ، فشرع الآخرون يتهامسون في سخرية ، بينما قال رمزي فيما بينه وبين نفسه : " يبدو أن الموضوع لا يتعلق بالذهب الأيطالي الذي جمعته في صبر العنكبوت يوما بعد آخر ، والذي خبأته في مكان سري في حقيبتي ، و لم تلحظه حتى شرطة الجمارك في المطار .
واصل الضابط تجواله بين الواقفين ، ثم صاح قائلا وهو يشير الى جهة رمزي :
أنت !
التفت رمزي فيما حوله ، فصاح به الضابط مرة اخرى :
أنت ، صاحب الحقيبة ! لماذا تطيل شعر رأسك ؟
فأجاب رمزي مندهشا :
- أنا اطيل شعر رأسي ؟ !
فقال الضابط بلهجة استهزاء ، مفصحا عن امارات نفاد الصبر :
- ومن سواك اذن ؟ هل أنا قمت بذلك ؟
احس رمزي بالظلم والمهانة فأجاب موضحا ، وحذرا من أن كلمة واحدة منه تندّ طائشة من بين شفتيه قد تسبب حجزه عدة ايام :
- سيدي ، أنا لم أتدخل بأي شكل من الأشكال في اطالة شعري . شعر رأسي ينمو ويطول بطبيعته !
تفرس الضابط في وجه رمزي متفحصا ، وأخذت منه الدهشة كل مأخذ ، وما لبث أن قال وقد أفتر ثغره عن ابتسامة مضطربة وفي شيء من الخجل :
- صحيح ! وكيف اعاقبك على ذنب لم تقترفه ؟ !
أنزلت هذه الكلمات في نفس رمزي ارتياحا كبيرا واخذ حزنه يفقد حدته رويدا رويدا . اذ ان الضابط ، على ما يبدو ، ليس نزاعا للعنف ، وقد وجد في كلمات رمزي حرارة الصدق ، فأمر باطلاق سراحه فورا .

نهاد عبد الستار رشيد
بغداد / العراق 1974



#نهاد_عبد_الستار_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في دار السفير الفنلندي في بغداد
- ماذا قالت لي رفيقة ( البرتو مورافيا )
- قصة قصيرة بعنوان : من رحم الآلام تولد الآمال
- قصة قصيرة / التحدي
- ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الر ...
- هكذا عرفت الروائية ابتسام عبد الله
- في لقاء لي مع ( فيو ميري )
- واخيرا التقيت بها


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نهاد عبد الستار رشيد - قصة قصيرة بعنوان ( مفاهيم خاطئة ) بقلم : نهاد عبد الستار رشيد