|
شباب سوريا و أزمة الهوية
هديل بشار كوكي
الحوار المتمدن-العدد: 3836 - 2012 / 8 / 31 - 13:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ولدت و ترعرعت و أبناء جيلي في كنف حكم البعث الذي سبب لنا أزمة هوية و كيان .علمونا في المدارس ان الاب و القائد و المخلص و الوطن و الهوية تعني ثورة الثامن من آذار و الحركة التصحيحية و حافظ الآسد ثم كنت في الصف الخامس عندما افهمونا ان بيل غيتس العصر المنتظر قد جاء جالباً معه الثورة التكنولوجية و الحضارية ليتنعم علينا بها نحن السوريين .. و لم يوفروا مناسبة لا يذكرونا بها بالانترنت و شبكة الهواتف النقالاللاتي تحنن علينا و ادخلها إلينا بشار الاسد، رغم ان الانترنت دخل سوريا بالتزامن مع دخوله للصومال الشقيقة و نظيراتها و نظيراتنا . في بلادي عندما كانت مزرعة للبعث كانوا يبدأون بتحميل الطفل عبء توحيد الامة العربية و القضاء على الإمبريالية و الصهيونية العالمية و تحرير القدس منذ الصف الثاني ...حتى اخر حياته اذا أراد ان يكون الاول على صفه ثم من يدري قد يحصل على بعثة تمكنه من السفر و الدراسة على نفقة الدولة بالخارج اذا كان واعيا و وضع يده بيد حكومته الكريمة و كان مخلصاً أميناً لفسادها و قمعها لادراكهه حجم المؤامرة المسلطة علينا كوننا دولة مواجهة مع العدو الصهيوني و لدينا قائد فذ متمسك بمبادئه المقاومة و الممانعة .نعم قائد فذ ! في كتاب التربية القومية الاشتراكية في بلاد البعث يسمون السفاح الاب والد السفاح الابن قائد فذ ! و هكذا سترت الامور سنة بعد سنة و بشار بعد حافظ ،و بدأنا نكبر في ظل هذه المهزلة . لم يكن يحتاج الشاب السوري الى الكثير من الثقافة و الوعي ليدرك انه فاقد لهويته ، فاقد لحقيقة من هو و اين يعيش و من يحكمه بل فقط قليل من التأمل بالقمع و الفساد المعشش حولنا منذ ايام المدرسة قد يشعرنا بهذا،حيث تحية حماة الديار التي لا يلتزم بها الطلاب أبناء الثماني و التسع سنوات الا بالضرب و التهديد و الوعيد من مدير المدرسة. حيث الانتساب لشبيبة الثورة((ثورة الثامن من اذار طبعاً)) و غالباً لحزب البعث ايضاً قائد الدولة و المجتمع قسري بل و غيبي ، اي تتنسب اوتوماتيكيا بمجرد ان تبلغ السن المطلوب دون ان تعرف حتى انك انتسبت . ثم الفساد و المحسوبيات في الجامعات و قذارة أجواء اتحاد الطلبة حيث الطلاب البعثيين أبناء البعثيين و الذي يكون كل منهم مشروع مخبر في جامعته..ثم ضرب أصدقائنا الكرد و سحلهم في الجامعة بسبب شمعة يشعلوها في عيد النوروز ترحماً على شهداء ال2005 في الجزيرة . و آلاف التفاصيل المشوهة لكل ما افهمونا إياه عن القائد الفذ و الحزب القائد و الاهداف المزيفة في الوحدة و الحرية و الاشتراكية و المقاومة . هكذا فجأة يشعر الشاب السوري بلحظة تراكمت فيها الصدمات من النظام الفاسد على نفسيته بانه يجهل ما يحدث حوله بل يجهل هويته و كينونته . فجأة تتحطم كل الشعارات و تشعر كم كنت تكره حماة الديار و الطلائع و الشبيبة و اتحاد الطلبة فتبدأ متأخراً بالبحث عن هويتك ، تريد هوية حقيقية تجعلك حر في وطنك قبل ان تتحمل أعباء قضايا الاخرين فتخسر حقوقك و تتملص من واجباتك . و بقي شباب سوريا على هذا الحال يبحثون عن هويتهم التي كانوا يعون تماماً ما هي ، لكنهم لم يعرفوا يوما كيف يعبرون عنها مثلما فعلوا في 15 آذار حين اكتشفوا انهم سوريين يحق لهم العيش في وطن حر موحد، يحق لهم ان يصنعوا ثورتهم الحقيقية و يرمون الزيف الذي قبلها في مزبلة التاريخ ، نعم في 15 آذار فقط استطعت ان احدد هويتي , لست سورية أسدية و لا سورية شعاراتية بل سورية حرة عقيدتي حريتي و وحدة سوريتي ، عرفنا هويتنا وعندما عرفناها اصبحنا مستعدين لتقديم أرواحنا فداءاً لها .
#هديل_بشار_كوكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرية في بلادي..ما أغلاها
-
لسنا اهل ذمة ،من سوريا كنا و بها سنبقى
-
أول أيام المنفى
-
اخبار غير سارة !
-
مسيحيوا سوريا ضد مستبد اليوم و الغد
-
همسة في اذن كل صامت
المزيد.....
-
مغامر يوثق سباحته داخل كهف ساحر مخف في لبنان
-
دُمر بالكامل في غضون ساعات.. لحظة اشتعال فندق تاريخي في كالي
...
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعلن حل حكومة الحرب بعد طلب بن
...
-
النائب العام الروسي يلتقي نظيره المصري لأول مرة
-
صحيفة تتحدث عن اختفاء ثلاثة مدانين بالتجسس لصالح روسيا في بو
...
-
مستشار بايدن يزور إسرائيل لتجنب التصعيد على الجبهة اللبنانية
...
-
مسؤول إسرائيلي: نتنياهو يحل حكومة الحرب
-
نتنياهو يعلن حل حكومة إدارة الحرب
-
خارجية سويسرا: بالخطأ تمت إضافة العراق والأردن إلى قائمة الم
...
-
الوقت المثالي للذهاب إلى النوم
المزيد.....
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
المزيد.....
|