أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - اغتيال الحريري:اغنيال لمشروع العلاقات المميزة















المزيد.....

اغتيال الحريري:اغنيال لمشروع العلاقات المميزة


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 1117 - 2005 / 2 / 22 - 10:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لقد جاءت واقعة اغتيال السيد رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان السابق، والشخصية الوطنية، والعربية، والدولية المرموقة، كوقع الصاعقة على رؤوس الجميع: من لبنانيين، وسوريين، وعرب، بل تجاوز نطاق الصدمة ليشمل دوائر إقليمية، وعالمية، منشغلة بقوة، هذه الأيام، في شؤون المنطقة، باستثناء أولئك الذين خططوا، ونفذوا جريمة الاغتيال. ليس من باب المغالاة أبدا، إذا قلت، أن جريمة اغتيال الحريري شكلت صدمة قوية للشعب السوري، الذي يكن له كل المحبة والاحترام، فهو بالنسبة له رمز للكفاح والنجاح، رمز للوطنية، رمز للعروبة، رمز للعلاقات المميزة بين سورية ولبنان، المؤسسة على قاعدة الندية والاحترام المتبادل. أقول ذلك من موقعي في المعارضة السياسية والثقافية للنظام السوري، و بصفتي هذه لا يمكنني القبول بفرضية تورط النظام السوري في جريمة الاغتيال. فلو صح ذلك( وهو غير صحيح) لكان النظام السوري قد تجاوز كل الحدود والمحظورات، وقامر بمصيره ومصير سورية الكيان السياسي. والقياس في هذه القضية، إلى وقائع أخرى، لا يصح. مع ذلك فإن جريمة الاغتيال يراد لها أن تؤدي هذا الدور، فالذين خططوا للجريمة، كانوا مدركين أهمية الحريري، ودوره، ليس بالنسبة للبنان فقط، بل بالنسبة لسورية أيضاً، ولعموم المنطقة العربية. وكانوا مدركين أيضاً ما يمثله الحريري من بؤرة تتقاطع فيها وتمر عبرها جملة من العلاقات والمصالح الدولية المتفهمة للقضايا العربية العادلة، والمتعاطفة معها، فجاءت جريمة الاغتيال لتربكها جميعها دفعة واحدة.
اللافت لكل مراقب، أن اشتعال المنطقة الممتدة من اندونيسيا وأفغانستان وباكستان، مرورا عبر إيران، إلى العراق والكويت والسعودية وفلسطين ولبنان والسودان، وعموم الوطن العربي، لا يمكن أن تحجب حقيقة ما يستتر وراء الدعوة إلى الديمقراطية، أو محاربة الإرهاب، التي يراد لنا، أن لا ننظر إلى ما ورائها، حيث تكمن مصالح، واستراتيجيات دولية كبيرة، وخصوصا مصالح الولايات المتحدة الأمريكية. وللحقيقة فإن أمريكا، هي القوة الدولية الوحيدة التي لا تخفي نواياها تجاه المنطقة، بل أعلنتها بكل وضوح في مشروعها للشرق الأوسط الكبير، كصيغة لإعادة ترتيب المنطقة في العمق، ومن منظور استراتيجي، في ضوء مصالحها، ومصالح إسرائيل. ولا يخفى أن هذه المصالح تتعارض في الجوهر، وعلى المدى الطويل، مع مصالح شعوب المنطقة، مع أنها تلتقي معها موضوعياً في جانب مهم منها ، أعني حاجة المنطقة إلى الحرية والديمقراطية. وإذا كنا لا نريد أن نتهم جهة بعينها بجريمة اغتيال السيد الحريري، كما يفعل الكثيرون، وباستسهال لافت، خصوصا وأن هذا الجانب من القضية، لا يزال قيد التحقيق ، الذي أتمنى، وأرغب، أن يكون دولياً، إلا أنه لمن المؤكد أن جريمة الاغتيال قد جاءت في هذا السياق، مما يعني أن هناك قوى كثيرة قد تضررت منها، وهناك قوى أخرى سوف تستفيد منها، سواء بشكل مباشر أو بصورة موضوعية. في هذه المقالة سوف نحاول التركيز على الأضرار التي سوف تصيب سورية وشعبها، بصورة مباشرة، أو عبر نظامها السياسي.
مما لا شك فيه أن من يقف في طليعة المتضررين من اغتيال السيد الحريري، هذا إذا تجاوزنا دائرة عائلته، وأصدقائه المقربين، وشركائه، هو وطنه لبنان. لقد مثل لبنان بالنسبة للحريري، مشروعا وطنياً بامتياز، مشروعاً متجاوزاً للبنان الطائفي، إلى لبنان الوطن، والمواطنية، والوطنية. لقد كان الحريري يدرك جيداً، على عكس الكثيرين، أن الطبيعة الطائفية للبنان الدولة، والنظام، بل المجتمع أيضاً، هي المسؤولة عن جميع مآسي اللبنانيين في الماضي والحاضر، ولم تكن يوماً عنصر قوة لهم، أو مثالاً للتنوع، والتعدد، والتعايش، كما يصوره دعاة الطائفية، والمذهبية وحراسها فيه، ومن خارجه. ولذلك فقد حاول الحريري، واشتغل على تقديم نموذج سياسي متجاوز للطائفية، وكرس جهده لنجاحه، فجاء اغتياله، بمعنى معين، محاولة لاغتيال هذا المشروع الوطني بامتياز.
ولا شك عندي بأن اللبنانيين لن ينسوا ما قدمه الحريري لهم، ولا تزال تقدمه مؤسسات الحريري الخيرية والتعليمية من مساعدات للبنانيين، بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية، أو المذهبية، أو المناطقية، هذا عداك عن دوره الأهم، ومساهمته في إعادة إعمار لبنان، وبيروت خصوصاً، وفي تطور الاقتصاد اللبناني بصورة عامة.
وعلى ذات المستوى أصاب الضرر سورية- الكيان السياسي، سورية -الشعب، الذي يكن للسيد الحريري، كما أشرت إلى ذلك، كل الاحترام والتقدير. لقد كان الحريري بالنسبة للكثير من السوريين مثالا للإنسان الثري الوطني ، نموذجاً لطالما تمنوا على أثرياء بلدهم أن يحتذوا به، فيكرسون جزءا من ثرواتهم، وهم يعملون على تنميتها، لخدمة تطور بلدهم وشعبهم، بدلا من نهبه، وإفقاره، وتهريب ثرواته.
وفي هذا الإطار، وإن كان على مستوى منخفض، فقد لحق الضرر أيضاً بالنظام السوري، من جراء اغتيال السيد الحريري، وعبره امتد الضرر ليطال سورية وشعبها ككل. فالسيد الحريري لم يختلف مع النظام السوري في القضايا الكبرى، بدءاً من ضرورة تلازم المسارين السوري واللبناني، إلى ضرورة دعم المقاومة اللبنانية، إلى ضرورة تنسيق السياسات الكبرى في المجال العربي والدولي، خصوصا تلك المتعلقة بقضايا التسوية، أو غيرها مما هو مشترك بين البلدين..الخ. غير أن الحريري كان ناقدا هادئا للتدخل المفرط للنظام السوري في شؤون لبنان الداخلية، هذا التدخل الذي وصل في قضية التجديد للعماد لحود إلى حد الإملاء. لقد أراد الحريري أن تكون العلاقات اللبنانية بسورية مميزة، وعمل على ذلك باستمرار، فكافأه النظام السوري، بأن سعى إلى حرقه سياسيا من خلال الضغط عليه للتجديد للحود، وهو الذي كان قد أعلن مراراً أنه لن يوافق على التجديد( ولو قطعت يده)، خصوصا بعد تجربته الطويلة معه في الحكم، والتي اتسمت بمجملها بالخلاف.
لقد استجرت قضية التجديد للعماد لحود في منصب رئاسة لبنان لمدة ثلاث سنوات أخرى، تحت ذريعة، إما لحود وإما رئيس موال لإسرائيل، السخيفة والصبيانية، والتي تبين أنها كانت مصيدة وقع فيها النظام بكامل إرادته، وأوقع سورية معه، الكثير من المصائب السياسية لسورية، وللنظام السوري، وصلت إلى حد استصدار، قرار من مجلس الأمن، يخضع للمتابعة، يطالب سورية بسحب قواتها من لبنان، والتوقف عن التدخل في شؤونه. وخسرنا أيضا دعم فرنسا لنا، ومعها الكثير من الدول الأوربية، وبدأ عقد حلفاء النظام في الانفكاك، فخرج جنبلاط ومعه لقاؤه الديمقراطي من تحت الوصاية، وخرجت كتلة الحريري، والحبل على الجرار. حتى جاءت جريمة اغتيال الحريري التي سوف تدفع سورية بلا شك ثمنا سياسيا باهظا لها، وهي قد بدأت بدفع الثمن فعلاً، ليس لأن لها علاقة مباشرة بها، بل لأنها موجودة في موقع الشبهة، من خلال استمرار الوجود العسكري، والأمني في لبنان. وقد قيل في الأمثال " من يضع نفسه موضع الشبهة، فلا يلومن الناس إذا اتهموه".
بطبيعة الحال لو كان الضرر الناجم عن السياسات الخاطئة التي يتبعها النظام السوري في لبنان مقتصرة عليه، لكان الأمر هيناً، ولوجد الكثير من السوريين في استشهاد السيد رفيق الحريري بعض العزاء، غير أن الضرر الذي يبدو موجها نحو النظام، يصيب في واقع الأمر سورية ومصالحها، يصيب الشعب السوري ككل. لا نقول ذلك من باب التشفي من النظام، أو حقدا عليه، وهي التهمة الجاهزة لدى أجهزة النظام، تلصقها بكل مخالف لنظامهم في الرأي حتى ولو كان فيه مصلحته، فنحن كنا قد أعلنا في المعارضة الوطنية الديمقراطية، ممثلة بمثقفيها، أو بأحزابها السياسية، أننا مع التغيير المتدرج والآمن باتجاه الحرية والديمقراطية، والانتقال من طراز الدولة الأمنية، إلى طراز الدولة الديمقراطية، دولة المؤسسات والقانون، وبالتالي رفضنا ولا نزال نرفض أي محاولة لفرض التغير بالقوة من الخارج، أو محاولة حصار سورية، لأن الضرر عندئذ سوف يطال الشعب السوري وحده. من جهة أخرى لا نستطيع السكوت عن السياسات الخاطئة للنظام السياسي في بلدنا، التي يمكن أن تدفع سورية وشعبها ثمنا باهظا لها. في هذا المجال نعيد المطالبة بضرورة مراجعة سياستنا في لبنان، والبدء فوراً بالحوار مع جميع القوى السياسية اللبنانية، والانفتاح عليها، وتشجيع عقد مؤتمر وطني للحوار في لبنان، والعمل سريعاً على سحب قواتنا العسكرية والأمنية منه، تطبيقا لما نصت عليه اتفاقية الطائف، فهي قد أصبحت عبئاً سياسياً على سورية، قبل لبنان. لنعمل على كسب شعب ودولة قوية، بدلاً من حفنة من الرموز الإقطاعية السياسية، الذين يغيرون ولاءاتهم، كما تغير الحرباء لون جلدها.
هل أصبح الوقت متأخرا؟، هل خسرت سورية لبنان؟ هل أضاع نظامنا السياسي فرصة ذهبية للخروج المشرف منه ؟ الجواب هو بالنفي. في السياسة هناك فرص غير مستفاد منها، لكن ثمة دائما فرصاً متاحة، لنبحث عنها، فهي في متناول اليد. أما إذا أصر بعض مسؤولينا السياسيين الاستمرار في تفويت الفرص، وأرادوا أن يذهبوا إلى الجحيم، فإننا نرجوهم أن يتركوا لنا سورية، فليس لنا غيرها.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول محاضرة نائب رئيس الجمهورية العربية السورية السيد عبد الح ...
- كيف ستبدو سورية بعد الانسحاب من لبنان
- مستقبل العلاقات السورية اللبنانية
- ملاحظات على البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي السو ...
- ملاحظات حوا البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي 2
- ملاحظات على مشروع البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماع ...
- حول الإصلاح في سورية: رؤية من الداخل
- الديمقراطية ذات اللون الواحد
- هواجس لتطوير التعليم العالي والبحث العلمي في سورية
- القوانين الاستثنائية في سورية
- نحو وحدة وطنية قائمة على التنوع
- نحو رؤية وطنية ديمقراطية للإصلاح
- لجان إحياء المجتمع المدني في سورية والمسؤولية التاريخية
- سياسة كسب الأعداء
- المياه العربية: الأزمة، المشكلات، والحلول
- أربع سنوات من عمر العهد الجديد: ما لها وما عليها
- نحو نقد للمعارضة لا يخدم الاستبداد
- أثر الاستبداد في الحياة السياسية السورية
- أنا سوري ما نيالي
- (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) د-منطق التاريخ والبديل الديمقراط ...


المزيد.....




- Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
- خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت ...
- رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد ...
- مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
- عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة ...
- وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب ...
- مخاطر تقلبات الضغط الجوي
- -حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف ...
- محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته ...
- -شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - اغتيال الحريري:اغنيال لمشروع العلاقات المميزة