أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حفصة بوحدو - يوم مقداره ألف سنة














المزيد.....

يوم مقداره ألف سنة


حفصة بوحدو

الحوار المتمدن-العدد: 3822 - 2012 / 8 / 17 - 02:01
المحور: الادب والفن
    


اليوم يصغي للمدرس باهتمام غير مسبوق ،أو على الأرجح هكذا يبدوا الأمر لمن ينظر اليه... غير أنه رغم أنفه المشدود الى هيكل المدرس ،و أذناه اللتان تقولان لا أنصت لغيرك و عيناه تقولان لا أرى غيرك رغم كل هذا تشعر بأن هناك خطبا ما... هكذا جند اليوم حواسه لتكون متأهبة متنبهة ،و مركزة بشكل غير مسبوق، تغرورق عيناه بالدموع و يمسحها خفية ... في داخله يركز على أمر واحد :أنا لا أسمعكم ،أنا لا أراكم ، أنا لا أكثرت لكم أكثر مما يركز على المدرس ...
يقصد زملاءه من أبناء الطبقات الأيسر حالا اللذين من عليهم الله بملابس جديدة بمناسبة العيد،و بهذه المناسبة الكريمة يتفاخرون و يتباهون بما اشترو و سيشترون
يقلدون تعالي آبائهم و تكبرهم ،و سخريتهم من من هم اقل حظا ،لم تصلهم المنة
لا يكفون عن استفزازه و سؤاله :ماذا اشتريت ، ليس بعد ...متى اذن؟
العيد يأتي دوما مرفوقا بمرارة ،هو يتمنى لو أنه لا يأتي ،الأعياد للأغنياء ،فمن أين للفقراء بالملابس الجديدة و الخرفان التي يجب ذبحها تيمنا بابرراهيم اللذي كان أوشك أن يذبح ابنه ،يقول في نفسه دوما :لكان ذبح الابن أمكن و في يد أكثر الناس من أبناء هذه الأمة الولودة، و يتراجع حين يتخيل رعب الموقف ، أب يحمل سكينا ليذبح ابنه ؟؟ يتخيل نفسه هو الذبيح ،فيقشعر جسده رعبا وخوفا من الأحكام التي تنزل من السماء حين تأمر بحمل السكين .
يصدق القول و ليس فيه مبالغة ان قلنا أن الألم الذي يسري في روحه بسبب تمسخر زملاءه عليه ...
يهرول بعد انتهاء الحصة الى البيت متجنبا نظراتهم و كلماتهم ،يصرخ باكيا في وجه أمه مباشرة بعد أن فتحت الباب:أريد ملابس جديدة مثلي مثل كل الأطفال ،ان كنت عاجزة عن مصاريفي ما كان لك ان تلديني لأصبح مسخرة للناس... تدمع عيناه بسخاء
تستجمع هي قسوتها و تجره للدخول :يا ابني نحن اناس فقراء لا نملك حتى قوت يومنا فما بالك بالملابس....
ينسلخ من بين يديها و يجري الى ركن مستتر من البيت الذي توشك جدرانه على الانهيار ، ينزوي في ركنه يفرغ خاطره من الألم ،و ينقش على الجدار ملامح أولى خيباته و سخطه على الحياة... تقترب منه أخته الأكبر بقليل ،تمسكه بقوة من كتفيه و تجعله يقف بعنف ، تنظر في عينيه بنظرة ثاقبة ، تخترق بدنه الهزيل و تسري الى روحه المتألمة: هل أصبحت تريد تقليد أبناء الأجبان و اليوغورت ؟ تلك الدمى الفارغة سوى من التفرعن و التكبر ...هؤلاء االلذين لم يرو من الحياة الصعاب و القسوة ،وجدوها باسمة ،أرضها مفروشة مريحة ،قف أمامهم و اصرخ :أجل يا أوغاد أنا لم و لن أشتري ملابس العيد !لكنني أشرف منكم وأشجع منكم ،نفسنا عزيزة و رأسنا دوما مرفوع لن يطأطئه القدر ،قل لهم لا أرى تلك الشراوط التي ترتدونها تجعل منكم أكبر شأنا ،نحن هكذا أقول لك ، لا ننكسر مهما هوت علينا سياط الزمن و قسوة العيش ، نحن هكذا ،دوما رأسنا مرفوع
انسلخ من بين يديها و فتح باب غرفة أمه :
وجدها تبكي بصوت مكتوم بمرارة ، تحمل في يديها بتردد بضع دراهم كانت ادخرتها لتعيدها الى صديقتها ،بعد ان أعارتها اياها ،لم يرها في مخلوق من قبل ، و لا هو رأى امه منكسرة كما اليوم ، تمسح دموعها ،و تشد على وشاحها بتألم ... و تبكي ،انها تبكي ...
أصبح كل الحزن الذي كان يعيشه هزيلا أمام هذا اليوم ،يوم مقداره سنوات...
أمي أمي أمي



#حفصة_بوحدو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حضن الزمن البارد
- نحن هكذا أجمل !
- قبل و ضفاضع
- نخبكن! نخب التحرر من التناقض ...


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حفصة بوحدو - يوم مقداره ألف سنة