أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مرسلينا شعبان حسن - مفهوم الهّوية والانتماء -اشكالياتهما والعوامل الأساس في تشكلهما















المزيد.....



مفهوم الهّوية والانتماء -اشكالياتهما والعوامل الأساس في تشكلهما


مرسلينا شعبان حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3817 - 2012 / 8 / 12 - 10:50
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


المشهد الحاضر أمامنا اليوم والذي يشغل بال الناس جميعاً في بلدنا هو مشكلة العنف التي باتت معممة .
المجتمع يواجه مشكلة الانتماء بأقسى صورها ، وهنا السؤال المطروح اليوم للجميع : هل الانتماء للوطن هو ما يجمعنا أم الانتماء للطائفة ، أم الانتماء لا لهذا ، ولا لذاك والمطروح اليوم بقوة وفق المنظور النفس السياسي تحديداً الانتماء للعالم ، وهنا حديث آخر حول مشكلة العولمة وتداعياتها ..
في كل الحالات النموذج الحضاري للإنسان المعاصر بات ينظر إليه اليوم من حيث كم الاستهلاك ، والاستفادة بأكثر قدر من معطيات التكنولوجيا الصناعية لهذا العصر ، لذلك تنمو باستمرار العولمة العنيفة ، وهناك عولمة "mondialisation)
وكذلك تشابه "Homogeneisation" بمعنى أوضح هناك عولمة وتوحيد بالتشابه للاستماع بتوحيد أشكاله ، وهو الشكل الأمريكي بالغالب ، العولمة . لأن المنافسة في العالم كانت من قبل بين الماركسية ، وما بين أمريكا "Representant way in life" ، وهذه الأخيرة هي الاستمتاع بالحياة .
عملت هذه التروية لعمل سياق لطرح المفاهيم ، التي سوف أعمل عليها عذرا للإطالة في مدخلي هذا ..
سوف أنطلق في تناول مفهوم "الهوية" من خلال بعدين أساسين يكمل أحدهما الآخر كمدخل في التعرف على مفهوم الهوية ، ومن بعدها نتكلم عن الانتماء كمفهوم تالٍ لنمو الأنا "الهوية":
1- نمو الذات هو اللبنة الأولى للتكيف مع الواقع والبيئة المحيطة ، و"معيار التكيف" يعتبر أحد أهم المعطيات للصحة النفسية والعقلية .
2- الانتماء لحقبة زمنية ما ، من حيث أن المعاش المعاصر مبني على عدة انتماءات للماضي والمستقبل .
فمفهوم البيئة المحيطة اختلف اليوم ، وبات غير قابل للحصر بفعل الانفتاح العالمي الدولي ، هذا الانفتاح المجتمعي الدولي ، على كل الحدود وكل الاتجاهات ، يعدّ اليوم ، معيارا للتكيف مع العصر الحديث ، وعدم العزلة عن التاريخ ، ويكون التساؤل المطروح لكلّ منا : هل الانتماء لبلد ما ، أم الانتماء للكوكبية الأرضية ، والجواب يكون دائماً جدلي غير نهائي . من حيث أن تطور الحضارة ونشوءها ، لامست الإنسان في اكتشافه لنفسه ولغيره ، ولا يمكن حصرها بشعب واحد ، بل هي نتاج لكل ثقافات الشعوب ، العولمة اليوم تهدد الهوية ، بحيث طالت ثقافة الشعوب وتقاليدها ، التي كانت إلى عهد قريب ، عوالم تكتنفها الغرابة والقداسة والخصوصية .
في أوربا والعالم الثالث : اختلط المفهوم الثقافي ، بالمفهوم الحضاري ردحاً من الزمن ، من حيث أن الحضارة لها بعد مادي ، و الثقافة لها بعد استناري ، وتهذيب للذوق ، وتقوية ملكة النقد والمعايير النقدية ، التي تحتوي على المعارف والمعتقدات والأخلاق في مجتمع ما . بالإضافة لهذا الفرز لمفهومي (الثقافة والحضارة ) التي صنعهما في النهاية الإنسان ، يلزمنا لتوضيح مفهوم الهوية الإنسانية ، الرجوع إلى الأنتروبولوجيا ، والخوض فيما توصلت إليه البيولوجيا ،.
في هذا السياق تأتي النظرية النشوئية ، التي طالت الإنسان في تيارين يتحكمان في تطوره وتقدمه :
الأول : التاريخ شهد على تطورات هائلة للإنسان ، والمجتمع من حيث اعتناق الأديان والمبادئ الأخلاقية ، الذي نقل الإنسان من الظلام إلى النور ومن الجهل إلى العلم ، ومن الهمجية إلى الإنسانية . ومن الأنانية إلى التعاونية . هكذا طوّر الإنسان مفاهيمه وقيمه ، ومعتقداته بتراث تاريخي دون توقف .
الثاني : علم حديث يعتمد على التحوليّة ، والتغير في ضوء المكتشفات العلمية النباتية والحيوانية ، وعلم الفلك والتيار البيولوجي "علم نشوء الإنسان والأحياء" إلى علم الاستنساخ اليوم ، فهذا التطور في المجال البيولوجي ، يأتي كجواب على التغيرات ، التي يمكن أن تطرأ على الكائن الحي دائماً . الفلسفة النشوئية ، تمثل خلاصة التيارات العلم نفسية ، والخضوع لمبدأ الارتباط كل ذلك ضمن علم الأعصاب وعلم النفس / سبنسر/ يشابه بين نشوء الإنسان ، وبين نشوء المجتمع ، إذ يرى : أن هناك تأثير مستمر مابين النفسي والاجتماعي ، فتطور المجتمع لاشك لا يأتي إلاّ بتطور المفاهيم النفسية ، وهنا وعلى رأي "سبنسر" أيضاً تكون الصراعات ما بين الاجتماعي والفردي ، على صعيد الميول والغرائز ، والكف عن أسبابها في سبيل الحفاظ على صور الجماعة .
وهذا المحور هو الأساس في النظرية "الفرويدية" التي غيرت الفهم للإنسان وحاجاته ونموه النفسي ، وكان من اكتشافات في هذه النظرية أربعة أمور هي كما يلي :
1- النظرة القطبية (الثنائية)للعالم والحياة : الشعور واللاشعور ، غريزتي الموت والحياة ، الاكتئاب والاهتياج ....
2- اللغة : للغة موقع أساسي في النظرية الفرويدية ، حيث كان المنهج العلاجي للإمراضية النفسية ، وفق النظرية الفرويدية / التداعي الحر للأفكار المعبر عنها بالكلام ، التي تسهم في تحرر المريض من الأوهام والأرق والقلق ، لأن اللغة في تكوينها وبنيتها تعطي التصور للمصير المشترك الحقيقي للنفس البشرية ، فوفق تاريخ الأديان السماوية الإنسان كليم الله /موسى كليم الله ، عيسى ابن الله التي بشر بالإنجيل والإنجيل الذي يدلل على أنه في " البدء كانت الكلمة"، والنبي محمد(ص) والإعجاز اللغوي الذي نزل إليه ، من هنا أسئ فهم النظرية الفرويدية ، لأنها رجعت إلى الأديان والأساطير واعتبرتها ميراث ثقافي ، لا يمكن إغفاله إذا أردنا فهم الإنسان ، رغم أن "فرويد" أدخل إلى الفهم النفسي من منطلق الفهم البيولوجي والعصبي غناً ، وموضوعية ، إضافة إلى تعمقه بالانثروبيولوجيا ، فكما هو معروف انه كان طبيباً . ولكن الأمر المميز حول "النظرية النفسية التحليلية" كونها أعلت من شأن اللغة بكل أشكالها الشفهية ، وزلات اللسان ، وزلات القلم في فهم اللاشعور البنية الأولية للإنسان ، من حيث هو ثقافي متراكم تختزنه ذاكرة الجسد ، إلى أن الفرويديين الجدد طوروا هذا الفهم للغة لأبعد من ذلك ، ولاسيما المفكر و المحلل النفسي الفرنسي "جاك لاكان" ، الذي قال بأن اللاشعور مبني كبناء اللغة ، وهذا التوجه يزيد من إعلاء شأن اللغة في أساس فهم البنية النفسية ، وكذلك العّلامة "مصطفى صفوان" من أهم المحللين النفسيين في أوربا اليوم ، الذي أكد في كتابه / الكلام أو الموت / الذي ركز فيه على أن امتلاكنا للتعبيروالإفصاح هو معيار حياتنا وفعاليتنا ، لذلك عندما تتعطل لغة الكلام يكون الموت قد حل بالإنسان .
3- المعطى الثالث للنظرية النفسية التحليلية : هو الجنس بما له من أهمية في حياتنا ، والتكلم عنه بصراحة وفق المراحل العمرية أمر هام للغاية ، لأنه يبقى في حقل اللا يقال / الكبت / والكبت الذي ثبت علمياً ، أنه الأصل في كل العلل ..
من هنا كان موضوع التربية الجنسية محور هام التركيز عليه في تنمية المهارات الحياتية من حيث إن الإتقان لأية مهارة يلزم نمو هوية جنسية سوية ، وتوازن في النمو النفسي الاجتماعي ، موضوع التربية الجنسية ، الذي يعمل عليه مبكراً في كل بلدان العالم المتحضر، والتي في بلادنا مازالت في حكم الثقافة المحرمة / التابو/ .
أهمية التربية الجنسية من عمر مبكر ، من كونها تهيئ الناشئة للأدوار الاجتماعية ، التي تنتظرهم في حياتهم ما بعد الدراسة ، فالجنس هو المنطلق الأولي ، من مبدأ الهوية الجنسية ، فنحن نقول لشخص ما هي جنسيتك ، من حيث التعريف على جواز السفر لكل شخص نجد أن "الجنسية" تعني هوية البلد ، سوري ، مصري ، فرنسي ... والكلمة تشير إلى الجنس والتجانس والجنسية ، وكلها تشير إلى الفارق التشريحي الذي يميز الطفل الذكر ، من الطفلة الأنثى ، فهناك العلاقة بين الذات ، والذات الأخرى ، ابتداءً من العلاقة الذاتية ، للإنسان مع نفسه ، فعندما يفكر لوحده ، لا يمكن أن يخرج من أناه في نظر الأخر ، فالأنا الفردية ، والنمو الاجتماعي في اتصال مستمر بين الطرفين .. فلنأخذ الإنسان العربي مثلاً ، ليس عنده تصورات لذاته ، من دون الجماعة الفردية ، والعكس يجعله منبوذاً ، وكل شيء من حولنا يشير إلى هذه المشاركة : الساحات ، الصلاة ، الجامع ، الجمعة ، الأعراس وطقوس الوفاة والعزاء ، وهذه الفلسفة الدينية التي تحيي روح الجماعة ، وتناسي الروح الفردية ، الآن في برامج التنمية البشرية ، من الملاحظ أنه ، يركز عليها من خلال عمل الفريق ، والاستثمارات المساهمة في التنمية المجتمعية ، إلى آخره من الأشكال الأخرى للعمل الجماعي . فالفرد دائماً تواق إلى الأخر الاجتماعي / القيمة الاجتماعية / "جاك لاكان" يسميه الأخر الكبير، الذي هو مصدر شقائنا وسعادتنا ، فلا يمكن تلافيه في أي نظرية نفسية ، لأنه جزء من الواقع النفسي ، من هنا أجد مناسباً أعرض رأي "جاك لاكان"حول مفهوم الآخر بشقيه :
الآخر الصغير /القرين ، الآخر الكبير /الأنا المثالي ، فالذات في اتصال دائم مابين الخارج والداخل ، فما هو داخلي يصبح خارجي مرات ، وما هو خارجي يصبح داخلي ، فهذه النفس متواصلة ، وموزعة إلاّ في علاقتها في حقل الآخر الكبير ، والانفتاح الحاصل ، من خلال التأثير الذي يطال المعتقدات والعادات الثقافية الخاصة بكل شعب ، مما يسبب البلبلة والارتباك سواء على الصعيد السياسي ، أو الاجتماعي أو النفسي .
الخبرة العيادية ، والخبرة الحياتية ، تؤكدان : أن الإنسان إذا تكلم قال أكثر مما يعرف ، ولكن السؤال الذي يجب طرحه هنا من أين تأتي هذه المعرفة التي تعدت حدود الكلام ؟
عند المحللين النفسيين "اللاوعي" مصدر هام لمعرفة تجهلها الأنا الواعية ، من حيث الاستناد إلى التراث والثقافة الموروثة عبر الأجيال ، حيث دراسات "يونغ" عن اللاشعور الجمعي أكدت هذا ،كما أن عالم نفس التحليلي"غريزنجر" كان له رأي مشابه حيث وجد أن : محور الأنا ، أساس للتعامل مع الداخل والخارج فقوة الأنا ، وصلابتها ووحدتها تحدد مدى تعرض الشخص للإمراضية النفسية .. فالأنا وفق وجهة نظر "غريزنج" قابلة للتغيير حسب العمر، والظروف الخاصة والعامة ، كما أن " ماينرت " المحلل النفسي الفرنسي يجد أن : الأنا تظهر منذ الولادة ، من خلال ما يسمى "بالأنا البدائية" ومن ثم تتكون الأنا الثانوية ، التي بحكم الخبرة واكتساب المعرفة يصبح لها قدرة الرفض ، والإبعاد . أي بمعنى أدق يبدو أن "الكبت" مستنداً على قاعدة عضوية ، لهذه الأنا التي مركزها الدماغ ، المكون من خلايا متعددة الأجناس ترتبط ببعضها بسلسلة الظهر الممثلة لمصدر الحركة .
من كل ما تقدم أجد أن العمل على وحدة الانتماء ، تغدو مطلوبة ولها طريقان : إما تأتي بالاتفاق ، وإما تأتي بقوة المدفع ، فإذا كانت بالقوة يعني ذلك أنه ليس هنالك أمل ، لأي مستقبل لبلد ما في العصر الحاضر نظراً لاستفحال المدينة العلمية من ناحية ، واستفحال الأفكار الديمقراطية من خلالها ، من ناحية أخرى فلا يمكن لبلد ، أن يعيش قي الوقت الحاضر، خارج صيرورة الزمان .إذ حركة الزمان دائماً إلى الأمام ، الوحدة الوطنية ، والتغني بها في كل شيء ، بحيث أن المعارض يكون عقابه القتل بالسيف /المدفع .
الفلسفة البدائية ، التي تُشّبه المجتمع بالجسم ، وهناك الرأس والرجلان على الأرض منذ هوميروس في الإلياذة "نسمع ملك واحد لشعب واحد" وهي على صورة جسد رأس يتحكم بباقي الأطراف .
الاتجاه الثاني اتجاه وحدة الفكر الإنساني ، بحيث لن يكون باستطاعة الإنسان أن يتبدى بالعكس أي بالاعتراف بالاختلافات في الواقع ومعالجتها بالتفاوض أو التعايش لا القتل .الاعتراف بالاختلافات والحل الذي يأتي عبر التفاوض .
في مجتمعاتنا يشبهون رجل الدولة برجل العائلة ، رغم أن هذا الأمر ومنذ الفيلسوف النفسي الأول "أرسطو" الذي اعتبره سفسطة غير مقبولة ، من حيث أن الرجل المتمكن من حكمه لزوجته في البيت ولأبنائه ، هذا الشأن ليس مؤشر على أهليته لحكم المدينة ، والعكس بالعكس . حيث في بلادنا الدكتاتور ، لا يحاسب على أخطائه ، ومكرس في الثقافة الشعبية الشفوية : أن زعيم البلد وحده هو المنقذ للبلد ، وأي مخالفة لرأيه تعتبر خيانة فطاعة الحكام سنة ، وهو بنفسه لا يتعلم من هزائمه ، ولا توجد معه سوى الكارثة ، لا يوجد تصحيح ولا تناوب على الحكم طالما نحن مأخوذين بالأب المثالي ، وبفكرة الوحدة في كل شيء ، كاستمرار الرأس يتحكم بالجسد ، وهي الصورة البدائية لسياسة الحكم في بلادنا .
من هنا نجد ان الانتماء يكون للأب ، ولبدائل هذا الأب ، مما يعني أننا سنطالب بدكتاتور آخر ، وهذا الوضع يؤدي بنا كسوريين ، وكعرب أيضاً إلى طريق مسدود ، هزيمة القائد سوف تفتح الباب على مصراعيه ، لكل أنواع الأصولية الدينية .
فكلمة أب تقتضي نظام قرابة ، هو نفسه على قطيعة مع كل نظام الطبيعة ، وليس المفروض بالأب ،هنا أن يكون الأب البيولوجي ، بل إن من يعطي اسمه للابن هذا هو الأب الواقعي ، أوردت هذا التفصيل لأصل إلى أن النظام العائلي العربي ، هو نظام بطريركي بالدرجة الأولى ، من حيث نتائج التغيرات العلمية ، لم تظهر آثارها بعد على مجتمعاتنا العربية ، كما هو حاصل في الغرب نجد في الغرب ، حالات قلق واكتئاب ، أما في الشرق ، فنجد حالات عصابية تقليدية هستيريا ، فوبيا ، وهذا عائد لدور الأب الذي يضعف في العالم كله ، وبالتالي خفت فعالية الزعامة ، فعلماء النفس الاجتماعي ، لديهم شبه إجماع على تضاءل دور الأب الواقعي في الحياة الاجتماعية ، إلى جانب تكامل وتعاظم دور الأم في التنشئة والرعاية ، وبذلك من الملاحظ تدهور دور الأب ، تحت وطأة الخطاب العلمي .الدور الواقعي في الحياة الاجتماعية ، بسبب سيطرة القانون / بديل الأب الرمزي ، إلى جانب تكامل ، وتعاظم دور الأم في حضورها ، من حيث مسؤولية التنشئة الموضوع المركزي للأسرة ، إن تدهور الأب تحت وطأة الخطاب العلمي ، حيث باتت الدولة تأخذ دور الأب المثالي والواقعي ، في نفس الوقت بمعنى أنه إذا أراد شخص ما ، شيئاً يطالب به الدولة ، وليس أباه وإذا ما صفع أب ولده ، يحق للأخير أن يقدم شكوى ضده ، أي أن هناك رقابة ونوعاً من الحق المعطى للأب ، على أن الدولة تعطي أوامرها للأب الواقعي ، وتفرض عليه نموذج تربية أطفاله ، من هنا إن تراجع دور الأب في العائلة العربية ، من حيث أن الأبناء يقومون بما كان الأساس في صميم مسؤولية آبائهم ، الفهم الراسخ للأبوة : أن على الأب حماية الابن ، وبالتالي هزيمة الأب على الصعيد الرمزي ، والواقعي في آن واحد ، تحدث فقدان تام للثقة بكل ما هو مشروع أبوي سواء في السلطة أم خارجها ، فبتنا ندركه من حيث نقمة الأبناء على فعل آبائهم في الزمن الماضي ، وإعطاء السطوة لتدمير البلد ، بدون مقاومة تُقنع ، من هنا نجد إصرار شباب الثورة السورية اليوم ، على تحد الأبوة بكل مقاييسها .
، لذلك بقدر ما يكون الأب ، على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه أمام الطفل ، في محاولة المطابقة مع صورة مثال الأنا ، تصبح خيارات الطفل ، تحقيق هذا المثال في الشخصيات التي يقبلها في المجتمع ، هناك عدد كبير من الشبان الذين يطابقون "مثال الأنا" في الواقع مع شخصيات غير متوازنة أو غير سوية ، وهذا عائد إلى خلل في عمل الأب داخل الأسرة ، وكذلك إلى خلل في الحياة الاجتماعية ، في كل ظروفها لدى الطفل ، بحيث إن ظهر الأب مغلوب على أمره ، فهذا يزيده الطلب على الأب المثالي ، وهنا ندخل في طلب لا نهاية له ، لذلك هزيمة الحكام العرب ، شكلت نكسة عند جماهيرهم ، لأن أساليب حكمهم كانت غير كافية لكي تنقذ شعوبهم .
من هنا بدأ يتخلخل نظام الحكم نفسه ، بحيث يمكن أن ينزل الناس إلى الشارع. وكل ما كان يحصل في حال نزولهم الشارع ليهتفوا ، أو ينددوا أو يتهجموا ، ثم يعودوا أدراجهم إلى منازلهم ، فإن لم تفرق جموعهم بالقوة والعنف الذي يسبب ضحايا ، وفي أحسن حال إن لم تواجه المظاهرات بالقوة ، سوف يستفرد بهم النظام القائم كلهم ، واحداً تلو الآخر ، ويضعهم في السجون كما هو معروف للجميع .
بذلك نجد أن الناس في بلادنا ،لا يملكون في الواقع تجربة الدفاع الجماعي ، عن مصالحهم فمثلاً الطالب عندنا ليس عضواً في لجنة الدفاع عن حقوق الطلبة ، وليس الأستاذ عضواً في نقابة الدفاع عن حقوق المعلمين فغياب هذه التجمعات المدنية ، فتحت باباً واسعاً أمام الحاكم لكي يمارس طغيانه دون روادع ، بالمقارنة نجد الغرب كله عبارة عن جماعات تدافع عن حقوقها ، أما في مجتمعنا فتجربة التضامن للدفاع عن المصالح غير موجودة . و من هنا تأتي الخطورة التي تهدد الانتماء هي إن هزيمة الحاكم ، مع غياب نظام آخر للحكم الديمقراطي ، على اعتبار أنها تُعاش كهزيمة للأب ، قد تزيد من حدة الجنون في المطالبة بالأب أو الحاكم المثالي / الدكتاتور ، لذلك نتيجة هزائمنا يتجه الناس نحو الدين بمعنى رجوع نحو الأب المثالي ، الذي لا يغدر بهم ، لذا نجد اليوم أو في الفترة الأخيرة موجة إسلامية عمت العالم العربي أجمعه ، من خلال الفرد قدرته على التمييز ، وأصبح أسير الطقوس ، فلا يستطيع التحرك إلاّ بإذنها ، حيث فقد حريته الشخصية ..
لذلك في الواقع ،هناك حاجة شعوبنا للحرية ، فهذا أمر طبيعي ، ولكن حقيقة إنها تعيش في حداد مستمر على الحرية منذ عهود ، وواقع الحال هذا ، لا يمكن إنكار وجوده في العالم العربي ، بحيث بات لا مجال للمعارضة إلاّ عن طريق الدين ، أو طلب الحقوق الدينية ، فالمسلمون استغلوا هذا الموقف إلى آخر المدى ، وبالتالي أخذ العنف شكلاً باسم المقدس ، تبعاً لوجود إسرائيل من كونها دولة حكم قائمة ، تبعاً لمعتقداتها الدينية ، حيث بدت تغذي هذا العنف المقدس ، لأنها قامت على أسس دينية ، من جراء ذلك حصل فعل وردة فعل ، وإذا رجعنا للوراء ، نجد أن جميع حروب العرب ، كانت حروب قومية ضد الأجنبي ، أما اليوم لم تعد هذه الحروب ، تؤدي دورها وتثير الجماهير بالحماس الوطني لها ، إذ هذه الروابط حولت الثورة في بلادنا العربية من وطنية قومية إلى دينية ، كما نلمس، ومثالنا تجربتي / تونس ومصر ، وهنا السؤال هل الإسلام تعدى الأهداف التي حددت له في البداية ، فبدلاً أن يكون وسيلة أصبح منهجاً معمماً ، وحتى مفروضاً على الجميع ، فاللجوء إلى الإسلام أو انتشاره يبقى الحاجة الوحيدة ، التي يجد فيها الناس ، العلامة التي تفرق بينهم ، وهذه العلاقة نحاول إقصاؤها لذلك يجب ابتداع طريقة ، ما أو تكتيك جديد لهذا كان هذا السبب للتجانس الإسلامي ، هو نتيجة التجانس العالمي ، اليوم لم يعد مجال بمعنى الانفراد ، ولو نحصله كعلامة تمييز الواحد من الآخر ، إذ أسميناها شحطة أو واحداً نراها ، تتحول إلى كرة ثلج تتعمم ، أكثر وبازدياد دائم ، وممكن أن تتحول إلى سلطة الأنا الأعلى ، وتتحكم بالمجتمع ، ومن هنا نجد أستاذ الجامعة يلجأ للبسملة ، لكي يعطي نفسه الإذن في الكلام ، وإلاّ قد يرتبك في الكلام . لأنه لم يستأذن إرادة عليا ، إرادة الرب ، وهذا مؤشر الإفلاس المعاش اجتماعيا ..
في السنوات العشرين سنة الأخيرة ، ظهرت رؤى ودراسات مختلفة حول النظرة للعالم وصراع القوى ومحكات الانتماء ، وهنا لابد من ذكر "هنتيغون" الذي تكلم عن صراع الحضارات ، وقال إنها ناجمة بالفعل عن صراع الحضارات ، انطلاقاً من عولمة النموذج الأمريكي ، والخصوصية التي تفتش عنها الشعوب النامية ... إقبال الحضارات أو الثقافات على الصراع ، هو في الصميم صراع قوة ، "هنتيغون" تكلم على أن الحضارات بما هي كذلك تتصارع .
وهذا كلام ممكن أن نجد له تفسير من وجهة النظر النفسية التحليلية ، من كون النظر لما يحصل ويعاش ،يتمثل بأن الصراع ، هو صراع قوي وضعيف ، وتتوقف على ذلك جميع أوجه الحياة بما فيها الوجه الحضاري والثقافي والمعتقدات .
حيث إن القوة التي نراها ليس فقط العسكرية ، إنما تتسلح بامتلاكها الخطاب العلمي ، لأن المسلمين اليوم يواجهون أزمة ، بالنسبة لتخلفهم في هذا المجال ، فهم غير قادرين على صنع سيارة أو هاتف جوال أو ...فالملاحظ أنه ليس هناك صراع بين رجال الكنيسة ورجال الدين الإسلامي ، في (مكة والأزهر وقم) ، لأنهم لو اجتمعوا سوف يتفقون
، وبذلك المشكلة الجوهرية التي علينا إبرازها ، ورؤيتها بوضوح إن العالم العربي لم يتحصل على قوة السيطرة على الطبيعة بعد ، و الفلاسقة العرب القدماء لم يفكروا في السيطرة على الطبيعة ، هذه الفكرة لم تأت إلاّ مع بداية الثورة الصناعية ، وهذا هو سبب القوة التي امتلكها الغرب علينا ، من هنا نجد أن الصراع ليس صراع بين ثقافة وثقافة
، بل يفرض الواقع اليوم علينا أن لا نغفل عنه ، هو أن هناك تطور علمي لم يحصل في مجتمعنا ، وهذا أعطى للغرب قوة ، وأدى إلى قلب مقاييس القوة ، لاسيما بعد اختراع البارود مما عزز سلطة الملوك ، وهذا أتى نتيجة لتكوين الولاء ، للملك أو الرئيس مما أدى في واقعنا العربي إلى تكوين دول ترضخ لسلطة الحاكم ، وهذه لم تكن لتحصل لولا اختراع المدفعية والبارود وامتلاك هؤلاء الحكام له ...
إن أول اختراع للعالم "جاليلو" واستخدام لنظرياته كانت حسابات تصويب المدفع لإصابة أهدافه ،حسب أنبوب التصويب ، فالعالم كرّس نفسه لخدمة القوي منذ اليوم الأول لهذا الاختراع .
فاليوم وحيث نرى فيه أنفسنا ، في مجتمع ليس به أي موضوع يعبر عن إنتاجنا ، أو عن رغبتنا لنرى أنفسنا فيه ، من هنا ينكر علينا الاعتراف عن طريق الإنتاج "reconmaissan" ، فعندما لا يكون الاعتراف بإنتاجنا ماذا يبقى ، سنبقى بذلك نستمد قوة بقاءنا وانتمائنا من فكرة الهوية الوفاء لذاكرة جوفاء من هنا ، يأتي اليوم الدولار كديانة جديدة "طوطم جديد يتم التوحد عليه في ثقافة عولمة الاستهلاك ، والمتعة . من كون الدولار العملة النقدية الامريكية ، قد تعدى قيمته المادية ، وأصبح له هالة قدسية ، لأنه يجسد الوعد على الأرض ، وإذا حصل الفرد عليه ، لا يعود يشعر بغربة في أنحاء هذا الكون ، فهو يؤمن لمن يمتلكه كل سبل الرفاهية في الحياة ، ومن هنا نجد أن الدولار أصبح كطوطم جديد ، من أنه دخل في مزاحمة مع الدين ، ولاسيما الإسلامي كمثال يخص الشريحة الأكبر في مجتمعاتنا العربية ، بحيث نجد في مجتمعاتنا العربية تزاحم على استقطاب المتعة الحقيقية ، وهذا ما صوب العداء للأمريكان على اعتبار أنهم وجدوا "بالدولار" محسوساً مادياً يتنافى مع الروحي ..
وسادت ثقافة الاحتكار "احتكار الهي مصدره الجنة ، من حيث أن الجنة ملذة دائمة يطالب بها الشخص ، حسب مستوى امتلاك الدولار في جيبه من كون الجنة أصبحت ملك يديه ،
من هنا العنف اليوم يغدو ظاهرة عالمية ، ومرهون بالاحتكار فهي حالة واقعية مهما تعددت أشكالها ونسبها ، فالعنف في بلادنا ظاهرة بارزة ، من كون الشعب في حالة حرمان ، والحكام بعيدين الصلة عن شعوبهم ، والمعارضين لهؤلاء الحكام مصيرهم في السجن أو القتل ..
ومن هنا الملاحظ أن ثقافة البلد تدمر والانتماء بالتالي يتشوه ، اليوم نحن في رمضان نستحضر مشروباتنا التقليدية من "خروب وعرق سوس وتمر هندي " كديكور و كجزء من طقسية ولكن بالمقابل المشروبات الحديثة العالمية هي الغالب لها حضورها كالبيبسي ، وهذه الامور في معاشنا اليومي ، يعمق شعورنا بالاغتراب ، و نجد أننا نعيش في مجتمع ليس فيه أي موضوع يعبر عن روحانيتنا ، وقيمنا حيث الأصالة باتت تهمة ، والخشية اليوم في بلادنا أن العملية النفسية الحاصلة من خلال التماهي ، أصبحت تعكس الوقع الجغرافي على الأرض ولما كان ضروري لفهم الأخر ، ولمحاكاة حضارية أن يتلاقوا بها مع الآخرين على هذا الكوكب ، من ذلك علينا التذكير إن مبدأ المطالبة بحقوق الإنسان لبشر يختلفون عنا في اللون والشكل والوطن والطبيعة واللغة ، لا يمكن أن تتحقق من دون التماهي بهذا الأخر ، وبفضل هذا التماهي ، لذلك فعند إدراكنا لهذا المبدأ يمكننا عندها أن نتحسس لألام الإنسان ومعاناته ، ونتفهم الظلم والضرر الذي يلحق به .
ومن هنا أبوح لكم بتساؤل يراودني كثيرا ما مدى استطاعة السوريون انطلاقاً من مناطقهم الجغرافية ، بما تحمله من قيم عقائدية مختلفة التماهي ببعضهم عندما يسمعون بمجزرة أو مصيبة حدثت على طوائف ومناطق مغايرة 0000
هذه الحالة تسمى في علم النفس التحليلي مثال /الأنا/ التي تمثل نقطة ارتقائية يتوجه نحوها أفراد الجماهير لتشكل هذه النقطة في النهاية القوة المحركة ، والتي لا يمكن الوصول إليها دون تخطي الحواجز النفسية الداخلية ، التي إليها تصب في الأنا الذاتية ، ولمصلحة هذه الأنا والمعروف أن هذه النزعة ، تشكل عقبة كبيرة في العمل السياسي 0
كما أن الحواجز العائلية ومصلحة القرابة وحواجز الهوية والطائفية
حيث الخيار قائم بين الوطن والطائفية ، وحيث هنا يطرح ما يطرح" أن يدين المواطن لوطناً على قياس الطائفية ، فيضحي بالوطن الكبير، وإما يريد وطناً يحتوي الطائفية ، بمعنى الانتماء الطائفي يلغي الوطن ، ولكن الانتماء للوطن لا يلغي الانتماء الطائفي . من هنا تبرز الإشكالية في التجاذب والتناحر بين الأنا والآخر ، من خلال تشويه صورة الآخر وإقصائه أو الصراع معه جهراً كان أم خفية ، حين نريد تعزيز صورة ذاتنا ، من كون الاحتفاء بالذات وتحقيقها لا يمكن إلاّ بحفر قبر للآخر خاصة المختلف عنا ، ألا آن الأوان نعي بأن كينونتنا لا تتشكل إلاّ بوجود هذا الآخر ، ووفقاً "لأريكسون" المحلل النفسي الشهير الذي يؤكد : أنه بدءاً من الطفولة الأولى ومراحل النمو النفسي والاجتماعي التي ميزهما وفق ما يلي :
مراحل النمو الزمني والجنسي إلى النفس اجتماعي ، وأثرهما على نمو الأنا كما يلي :
- في السنة الأولى من العمر تسمى المرحلة الفموية من حيث النمو النفس جنس – وتسمى مرحلة الثقة أو عدم الثقة من حيث النمو النفس اجتماعي وهنا الأنا فن حيث فعالية النمو تعيش الأمل
-المرحلة الشرجية والنمو الاجتماعي المقابل هو الاستقلال مقابل الشعور بالخجل والفعالية المقابلة هي الإرادة
- الأوديبية القضيبية وتتمثل بالمبادرة والشعور بالذنب وفعالية الأنا هنا غرضية
مرحلة الكمون من 3-6سنوات من حيث النمو النفس اجتماعي يعاش كفاية مقابل الشعور بالنقص والفاعلية المقابلة القدرة
مرحلة المراهقة من 10-18 المراهقة ويقابلها نمو الهوية أو اضطراب الدور وهنا تفاعل الأنا يتمثل بالتفاني .
شباب مبكر متمثل بالمودة والألفة والعزلة وفعالية الأنا تتمثل بالحب
أواسط العمر المتمثل بالإنتاجية مقابل الركود وفعالية الأنا هنا تطلب الاهتمام
- مرحلة الرشد المتأخر، ومقابله في النمو النفس اجتماعي ، هو تكامل الذات مقابل اليأس ، وهنا فعالية الذات تعيش الحكمة .
- تفكك الهوية يحصل نتيجة لغياب كل من الأزمة والالتزام ، بحيث يخبر الشباب درجة من الشعور بعدم الكفاية والسلوك الجامد ، وعدم القدرة على اتخاذ قرارات سلبية ، لافتقادهم الثقة في ذواتهم . والضغط والجناح لتعاطي المخدرات ، واضطرابات النفسية
- باسكل يؤكد أن للأنا خاصيتان :
1- مضايق للآخرين من حيث انه يريد استبعادهم ، فكل أنا هو عدو ويريد أن يكون هو المسيطر على الكل .
2- كل خارج عني هو عدوي : الضد بالضد يعرف ، مطلب الإنسان الواعي هو المعرفة ،
3- لماذا نحارب ما هو ضد ما نحمل من قناعة ؟
4- بقراءة لما حولنا نجد انه : إذا ما خالف الفرد أهدافه جماعته ، فإنه يواجه الإقصاء والإبعاد عن السرب .
5- الذات لكي تكتمل وتحقق وجودها ، لابد أن تعي مفهوم الذات الجمعي ، وتحاول الانسجام معه ومع معطياته " كارل بوبر / الحس المشترك .
6- تصعيد الوعي الجماعي ، هو من دواعي الصحة النفسية .
من هنا أجد أن العمل على مفهوم الوطن بوضوح لدى الناشئة ، لابد من وضع مثال الأنا ، أي النظر بعيداً عن الانتماءات الضيقة ، وهنا ليحصل ذلك لابد من إتمام عمليتين نفسيتين على صعيد التماهي ، هما التماهي مع الجيش والتماهي مع رجال الدين .
المعروف أن بنية مؤسسة الجيش ، بنية هرمية تبدأ بالقاعدة وتنتهي برأس الهرم ، وبذلك تماسكها يعود إلى تيار ذي قوة عامودية ينتهي برأس الهرم ، وقوة أفقية تربط الأفراد فيما بينهم ،.
فدور الجيش في أذهان السوريين أصبح بصورة عامة دور مزدوج ، من خلال حماية الوطن من الاعتداء الخارجي ، وحماية المواطنين من أنفسهم إذا اختل النظام ، وحلت الفوضى .. فهذه المهمة الثنائية للجيش الدفاعية ، والتوجيهية . فالخدمة العسكرية ، لا تقتصر على التدريبات الميدانية .، الجيش يستقي قوته من التراتب الهرمي ، الذي يجعل القائد في قمة الهرم يوزع المحبة بالتساوي ، والتسلسل الأبوي من القاعدة ، فكل قائد هو بمثابة أب للعساكر ، وهو نموذج يتماهون به ، لأنهم يعتبرونه قدوة ، وفي الوقت نفسه يضمر لهم الحب ولا يغامر بهم ، بل يتحمل مسؤوليتهم عند تعرضهم للخطر . العلاقة الحبية تتلخص بالتنازل عن الأنانية ، ومراعاة شعور الحبيب فوجود هذه العلاقة العاطفية ، هو أكبر ضمانة لتماسك المجموعة ، وصمودها ضد أخطار التفرقة ، وهي أكثر دواماً من العلاقات القائمة ، على المصالح المشتركة ، فبمجرد أن تنتهي تصبح التسوية ملغاة وتتفكك المجموعة .
وتبعاً للمنظور النفسي التحليلي "إن العلاقة العاطفية المعتمدة على التماهي المشترك ، مجردة من أي نزعات جنسية فهي مبعدة ،لأن "اللبيدو" الطاقة التي تربط الأفراد ببعضهم مكفوفة ، ومجردة من أهدافها الجنسية ، من هنا يبدو التفاني والتضحية ، والتخلي عن حب الذات والأنانية ، هذه الصفات الشاملة من صفات الجيوش ، ومن صفات تعاليمها من هنا يبدو إبعاد الجنس إلى خارج المؤسسة العسكرية من الضروريات لأن التماسك يستمد منه قوة ، وهو ما يسمى بالتسامي "sublimation"
فكرة أو مبدأ التسامي ، هي ما أحب أن أختم به حديثي إليكم ، علنا بالاستناد إليه نؤسس بذور المصالحة الوطنية ، في الزمن القريب القادم مؤسساً على انتماء لجغرافية المكان المتسع للجميع لمكان الذي هو سجل للذاكرة القديمة والمعاصرة ، والحالية المضمخ بالدماء الذكية لكل فئات الشعب السوري بكل التلوينات الدينية والعرقية ، حيث "إن كان الجسد هو قدر الإنسان فالجغرافيا هي قدر الشعوب" ، وسوريا قدرنا الجميل ، وهنا أكرس الدعوة للانتماء لهذا الأصل ، لتنتفي من ثم كل الانتماء للفروع ....
وختاماً تحية سورية ثائرة على جميع الانتماءات المضللة لروح العصر وقيم التاريخ ...



#مرسلينا_شعبان_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الهّوية والانتماء -اشكالياتهما والعوامل الأساس في تشكل ...


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مرسلينا شعبان حسن - مفهوم الهّوية والانتماء -اشكالياتهما والعوامل الأساس في تشكلهما