أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي عامر حمدالله - فليمضغ الحب ثنايانا














المزيد.....

فليمضغ الحب ثنايانا


علي عامر حمدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3812 - 2012 / 8 / 7 - 17:45
المحور: الادب والفن
    


فليمضغ الحب ثنايانا


في هذه المدينة, خلف بوابتها المعدنية, لا يأكلها الصدأ, بين جدرانها السامقة, الممتدة في الانحاء, على الريح أن تتقن فن المراوغة بين الجدران, والانحناء مع انثناءاتها, لذاك التكيّف صفير أصفر, ذو أنف مدبب, يهوى ما لا يعنيه, الظلال ترتفع عن الأرض, بانية حصونها, وكل ذات تبدو آنفة خلف محيطها, من جدران الظلال, العناق خروج عن النظام البارد, حرارة دخيلة, العناق لا يكون إلّا لظلّين يهربان من ظلّ مجهول في شارع طويل, معتم لغياب النور, والأنوار على الأعمدة ذليلة تنحني لهذا الظلام المهول وسقيعه, الحرارة دخيلة!

الحدود فاصلة كنقطة نهاية السطر, ليس كفاصلة بل أحدّ, تمتاز الأمور, وتظهر الظواهر بخصائصها, كلٌّ شمسه بائنة, وكلٌّ شمسه تنعكس على أقمار الظلال الأخَر, لتلتمع جدرانها بحدة البهار الهندي على اللبن...
هنا الرجل رجل, كامل, خالص, كالمعدن النقي, والمرأة مرأة, في ذاتها دون أي تداخل أو شوائب, كالماء الأبيض في ظهر الرجل, إن اختلط بعض عَرَق الرجل بعطر مرأة قالوا عنها رجلاً, وإن اختلط عطر المرأة بعرق رجل قالوا عنه مخنثاً, والمخنث أنثى وليس برمائي بين المعدن والماء, لا أماكن وسط, يبدو الظهور مطلقاَ ومانعاً, برزخٌ جاف هو مفهوم العلاقات بين الأمور والأشياء.
كهرم مليء بالأسرار يسير الشخوص, بهيئاتهم وزواياهم, افتح يا سمسم تقال فقط للأدراج المليئة بالأوراق الرسمية, والبوح خسارة المكنون, انهداد لأحد جدران الحصن, تداخل بين الظلال, حرارة دخيلة!
يلتفّ الأطفال حول محور, ظهورهم للداخل, وجوههم مبتعدة, كلٌّ له صحنه, وعلبته الصغيرة المليئة بحاجياته, طفلٌ أحمر الوجنتين, اشتمّ يوماً صحن جارته, طفلة جعداء الشعر, وصلت رائحة صحنها خارج حدوده, كانت قوية نفاثة, قاومها, مانعها, كانت قوية دفيئة, مال نحوها, يممّ ميلها, ضعف, خار بعض حدوده, رمق الساعة المعدنية بعقاربها الواضحة, تذكّر وظيفته المعدةّ كصانع ساعات, ساعات لا تذوب مع الحرارة, ارتدّ إلى ذاته, وانقض على الفتاة يضربها حدّ الدم, كانت رائحة صحنها دخيلة! رغبت أن تبكي, ازدحمت بالرغبات, ولكن إرادة ما عليا, تحكّمت, كيف يخرج هذا السرّ من هرمها, البوح هزيمة, انهداد لجدارٍ ما, لملمت دموعها دفينة في شطيرتها وابتلعتها, أضافت قطٌاً صغيراً إلى باحة الهرم الداخلية, قطاً دافئاً دخيلاً!
الشخوص الأكثر غرابة كانوا عادة أطفالاً, أو كباراً ضعافاً, أو مشتاقين لمجهول, أو مؤمنين بالجنة دون أن يروها, من يدندنون بأصوات متواصلة ترتفع وتدنو, تمتد وتقصر في سرّهم, في مدينتنا كان لنا أن نسميها موسيقى...
كان لغرابتهم ميّزة وثمن, أمّا الأولى, فقد كانوا كالباقين يرفضون الدخيل, ولكن كانت أهرامهم مليئة بدخلاء من صنعهم, لا يعرفون كيف يتعاملوا مع ذلك, أين يضعوه, في أي درج, خلف أي قفل, تحت أي عتم, يكتظّون بالدخلاء, ولا يبوحون, لأن البوح هزيمة, كانوا كهرم أقرب منه إلى قربة ماء متخضخضة منه إلى كومة صخر أنيقة, أمّا الثمن, فقد شعروا بأنّهم غرباء, وسمعوا أصواتاً كنّا لنسميها موسيقى, وآلمهم الاكتظاظ المتخضخض...
تلك الفتاة الجعداء, أحلامها أصبحت حرارية, ازدادت ساعات نومها, حرارة الحلم أذابت ساعة الحائط, تشعر به يفترسها, يقاومها وهو ملتصق بها, يحاول أن يحطمها, محاولاً الغوص إلى فيها, يريد تحطيم جدرانها, لانتزاع فتيلة ما في مركزها تضيء على لحمٍ ما على لحنٍ ما وتتمرد الرائحة,و يصرخ أنا رجل أنا لا أريد, أنا رجل أنا لا أريد, وغابت عن مقعدها قربه, ظهرها للمحور ووجهها للبعيد...
هو يشتُم, يلعن ميله, ضعفه, نحو رائحة طبقها, يذكر تماماً ذلك اليوم, كما يذكره كل أبناء عمّه, حين صعد إلى قبر أمه, وأخبرها أنه مشتاق, وتراكمت دمعة في زاوية مقلته, رآه عمّه من البعيد, عاقبوه بأن يذرف دلواً, ويسقيه لدجاجة, ويبتلعها حيّة, ويحبسها في درج الكلاب الجائعة, هناك دفيناَ في هرمه, شتم ضعفه, لعن دهره, حطّم المرآة, حرق صوره يمتطي الخيل الأسود, غاص في جوفه في هرمه, يشتم كل زاوية منحنية, كل جدار مائل, ينقض على كل مومياء تطرف عينها للطير في قفصه, فتح درج الكلاب الجائعة, امتشق الدجاجة, بدأ يمزقها, يأكلها من جديد, يعضّ دمعه, ينتش ريحها, ويأكل لحمها, دفيناً في جوفه لوحده, كان الحبّ بدأ يأكله من الداخل, يفتتح أدراجه, يمزقه, يعضّ لحمه, دفيناً في كل جزء منه, لهيب, أجهز عليه الحب الدخيل الدافئ في مدينة الجدران والسقيع, وبقي متمسكاً بحجرين, حجر هندسي يبقي على هرمه هرماً, وحجر الرشيد لإلّا تُفَكَّ رموز بوحه...
أريد أن أبكي علناً مهما اختلطت مفاهيمكم وظلال شخوصكم, كما أريد أن أصرخ وأرقص وأطلق كل دفائن الهرم إلى ساحات أعراسكم, أنا لست أنا, ونحن لسنا صناديق, نحن نحن, وأنا أحبها, ولا يهم...



#علي_عامر_حمدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انا مش نحن
- حلم
- لماذا أصبحت السادية صفة أساسية في ملامح المجتمع الليبرالي ال ...
- خطاب الأخرق لحياة
- قهر الرجال
- خضراء كلك
- أنا فيه
- حلزونيات ديالاكتية
- الى حبيقتي او صديبتي
- الوعي التأملي


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي عامر حمدالله - فليمضغ الحب ثنايانا