أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - ليلة حارت فيها العقول والقلوب 1-2















المزيد.....

ليلة حارت فيها العقول والقلوب 1-2


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 3811 - 2012 / 8 / 6 - 01:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماذا عن ليلة القدر؟ هل هى كما تظُنُ العقول والأفهام بأن ليلة القدر هى الليلة التى أًنزل فيها القرآن؟!! كيف ونحن نعلم ان القرآن الكريم امتد به الوحي على مدار 23 سنة ولم ينزل دفعةً واحدة فى ليلة القدر!!!!!!
فلنحاول إدراك معنى ومغزى هذه الليلة-ليلة القدر-ليلة الليالى-ليلة القدس-غرة أيام الله-قرة عين الابداع-مطلع العصر الأعز الأكرم-مبدأ القرن المبارك الأفخم.

"إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهرٍ تَنَزَّلُ الملائكةُ والروحُ فيها بإذن ربهم من كلِّ أمرٍ سلام هي حتى مطلعِ الفجرِ." سورة القدر آية 1-5

بعض الاصطلاحات الأساسية المستخدمة في هذه الآيات.
أ‌. ليلة القدر
كلمة "القدر" تعني القوة والقدرة والنفوذ والاحترام والقيمة ... الخ. وقد استخدمت هذه الكلمة في سبعة مواضع مختلفة من القرآن الكريم.

ب‌. ألف شهر
لنتأمل جلياً، لماذا استخدم الله تعالى اصطلاح "ألف شهر". لا بدّ من وجود مغزى خاص له لأن الله لا يستعمل كلمة أو حرفاً دون سبب أو معنى. ألف شهر تعادل 83 سنة وأربعة أشهر، وهذه المدة هي المدة التي قضاها الشيخ أحمد الإحسائي وأتباعه وأيضاً سيد كاظم الرشتي وتلاميذه في تحضير وإعداد المسلمين لظهور موعودهم المنتظر.

طبقاً لكتاب "المعجم البهائي الأساسي" ولد الشيخ أحمد في عام 1743 م وتوفي عام 1828 م عن عمر يناهز الخامسة والثمانين عاماً، إذا طرحنا 17 سنة من عمره وهي فترة طفولته وتعلمه فيكون الناتج 68 سنة وهي الفترة التي قضاها الشيخ أحمد في إعداد الناس ليوم الظهور (من 1760 حتى 1828 م) وعندما توفي خلفه أحد تلاميذه وهو السيد كاظم الرشتي.
واستمر السيد كاظم لمدة خمسة عشر عاماً مثل سلفه العظيم في تعليم الناس وتهيئتهم بظهور الموعود. وخلال هذه الفترة استطاع أن يجعل عدداً كبيراً من تلامذته مستعدين لقبول مطلع الأمر الإلهي القادم. وقد توفي السيد كاظم الرشتي في 31 ديسمبر من عام 1843 م. وفي 22 يناير من عام 1844 م رجع أحد تلامذته الممتازين وهو الملا حسين إلى كربلاء من أصفهان وأخذ يشجع تلامذة السيد على الانتشار في جميع الجهات للبحث عن موعودهم ومحبوبهم. وقد وصل الملا حسين نفسه إلى شيراز مساء يوم 22 من شهر أيار (مايو) من عام 1844 م. وخلال تلك الليلة الميمونة كان هو أول من آمن بالشخص الموعود. إن جميع فترات الشيخ أحمد والسيد كاظم والملا حسين قبل إعلان دعوة حضرة الباب يبلغ 83 سنة وأربعة أشهر كالتالي:
 الفترة التي أعدّ فيها الشيخ أحمد الناس 68 سنة.
 الفترة التي درس وعلم فيها السيد كاظم الناس 15 سنة.
 الفترة التي فيها رحل وبحث تلامذة السيد كاظم عن محبوبهم ومولاهم أي من 22 يناير إلى 22 مايو من عام 1844 م. = 4 أشهر.

المجموع = 83 سنة وأربعة أشهر= 83×12شهر+4شهور=1000شهر
ويسمي الذكر الحكيم هذه الفترة ألف شهر. إن نتيجة كل هذه الآلام التي احتملت والجهود التي بذلت خلال الألف شهر هي ظهور السيد علي محمد (الباب) في ليلة القدر. (من دلائل نقلية صفحة 156 D:/Mughrabi/Bahaiwork/Teaching)

أما بالنسبة لذكر نزول الملائكة و الروح في ليلة القدر فإن كلمة ملائكة تعني ملائكة الإلهام و الوحي و كلمة الروح تعني الظهور السماوي و قد جاء في موضع آخر من القرآن الكريم بأن الملائكة والروح سيصطفون معا و سوف لن يتكلم أحد دون أن يأذن له الله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا {سورة النبأ آية 38}
و وردت كلم الروح بمعنى الوحي الإلهي في عدة مواضع: أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {النحل/1} يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ {النحل1/2}
و هنا إشارة واضحة على الأمر الإلهي الجديد واقع و أن الوحي سيستمر و سينزل على من يشاء من عباده. و في موضع آخر: وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الشعراء/192} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ {الشعراء/193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ {الشعراء/194} (سورة الشعراء آيات 192-194) و هنا إشارة لنزول روح الوحي الأمين على الرسول (صلعم) بالقرآن الكريم على الرسول المصطفى الكريم ليكون نذيرا لما سيأتي من بعده. و جاء في موضع آخر: رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ {غافر/15} في إشارة تؤكد أن الله يصطفي من يشاء من عباده ليلقي عليه روح الوحي.
و بناء على ذلك فليلة القدر هي ليلة نزول الوحي و ستشهد هذه الليلة المجيدة نزول الوحي والفيوضات الإلهية من سماء الوحي في تلك الليلة التي لا يعرف احد مدى قيمتها و عظمتها سوى الله تعالى و من اصطفاهم من عباده. وإن تلك الليلة أي ليلة القدر هى نتيجة ألف شهر وأن الله سوف يبعث فيها الملائكة والروح-أي رسالة سماوية-بأمر من عنده وهذه الرسالة سوف تستمر حتى بزوغ الفجر.
التمهيد لليلة القدر-ليلة الليالي
أن العلامة الشهير( الشيخ أحمد الإحسائي) و خليفته(كاظم الرشتي.) و تلميذه الملا حسين علموا و اعدوا الناس لاستقبال الظهور القادم لمدة ألف شهر أو 83 سنة و أربعة أشهر. و في النهاية تشرف الملا حسين بمحضر حضرة الباب و قبل دعوته في ليلة 23 مايو (أيار) من عام 1844م و ذلك بعد ساعتين و إحدى عشر دقيقة من غروب الشمس و أعلن بأنه هو المهدي الموعود الذي انتظره الناس لمدة ألف سنة و في تلك الليلة المباركة انزل حضرة الباب كتاب "أحسن القصص-تفسير سورة يوسف" و استمر في محادثته مع الملا حسين و انزل عدة آيات له طيلة تلك الليلة و عندما إذن المؤذن لصلاة الفجر من مسجد قريب سمح حضرة الباب للملا حسين بالعودة إلى أصحابه. و كل إنسان منصف يستطيع إن يرى مدى وضوح الآيات المذكورة في التنبؤ بظهور حضرة الباب في القرآن الكريم.
عندما أحس الشيخ احمد الإحسائي بدنو اجله جمع أتباعه وقال لهم " ابحثوا بعدى عن الحقيقة بواسطة السيد كاظم , فهو وحده الذي يفهم قصدي " ورغم الألم المحزن والفراق فقد قام السيد كاظم لإتمام العمل الذي أوصاه به وهو على تمام العلم باقتراب الساعة التي يظهر فيها الموعود وبالحجبات التي تمنع الباحثين من إدراك جمال الظهور المستور ومعرفته. وراح يبذل جهده تدريجيًّا وبحكمة بالغة لإزالة تلك الحجب والعقبات , ويوضح لتلاميذه علامات الظهور وان الموعود ينحدر من نسل شريف من سلالة رسول الله , حديث السِّن وعلمه لدنيّ . وأنه معتدل القامة لا يشرب الدخان وانه فى غاية الاستقامة والصلاح والتقوى. ولم يجد السيد كاظم فيمن حوله من تلامذته أتباع الطائفة الشيخية إنساناً مخلصاً حقاً مستحقاً لسماع كل ما تعلمه من سيده ، فقد كانوا جميعاً متعلقين بشئونهم الدنيوية ، لكنه وبعد طول انتظار وجد شاباً كفؤاً لحمل تلك الأمانة العظيمة، كان ذلك الشاب طالب علم يدعى الملا حسين بشروئى، فأغدق عليه السيد كاظم الحب والاحترام والتبجيل لدرجة أن البعض اعتقد أن الملا حسين هو الموعود، كما بادل الملا حسين السيد كاظم حبه واحترامه العظيمين.
كان الملا حسين لديه مقياسا عزم أن يختبر به كل من يدعى انه الموعود ، ذلك بأن يطلب منه كتابة تفسير لقصة سيدنا يوسف المذكورة في القران الكريم بأسلوب ولغة مغايرة تماما للأصول المتداولة بين علماء ذلك الزمان.
وفى أحد الأيام طلب الملا حسين من معلمه السيد كاظم أن يكتب له ذلك التفسير فامتنع السيد قائلا " ان ذلك الشخص العظيم الذي سيأتي من بعدى سوف يظهره لك دون سؤال ، وسيكون هذا التفسير واحدا من اظهر الشواهد على صدقه" ، فسأله الملا حسين مرة أخرى " لماذا سميت هذه السورة في القران بأحسن القصص " فأجابه " إن الوقت غير مناسب لتوضيح السبب " فألمحت كلماته بكل وضوح إلى أن المستقبل سوف يكشف في طياته النقاب عن هذه الحقيقة.
وقد قُدْرَ للسيد كاظم ان يلقى الباب شخصيا ، ليتعرف فيه على القائم ويعترف به اعترافاً صريحاً. لكنه رفض أن يذيع اسمه مردداً مراراً أمام أتباعه " بأن ضلال هذا الجيل هو بدرجة أنّه لو أشار بإصبعه إلى الموعود وقال: ’هذا هو محبوب قلبي وقلبكم،‘ لأنكروه وما قبلوه " .
إلا انه أشار إلي مجيئه إشارات واضحة لا تترك مجالا كبيرا للشك فقال " أن القدوم وشيك وان القائم نفسه قائم بين ظهرانيهم " ترونه بأعينكم ولكنكم لا تعرفونه " .
ورغم انه ظل طوال حياته يوجه الناس إلى ظهورين إلهيين مرتقبين إلا انه أشعل أشواق تلاميذه وتابعيه في أواخر أيامه قائلا " إن سر هذا الأمر لا بد وان ينكشف وما أعظم المقام الذي ادعوكم إليه ! وما أعظم المهمة التي أعدكم لها.
وأخيرا ألمح السيد كاظم في حديثة مع تلاميذه أن ظهور الموعود الذي يترقبونه موقوف برحيله عن هذا العالم وبمجرد رحيله يشرق جمال القائم.
وهكذا اقتضت حكمة الله رحيل هذا المبشر المخلص النبيل إقتداء بالسنن الإلهية في كل طور من الأطوار الدينية السابقة حيث كان ظهور كل رسول في كل طور من الأطوار الدينية السابقة وإعلان دعوته متوافقا مع رحيل مبشره الجليل ، كما كان رحيل يوحنا المعمدان غيلة بقطع رأسه على يد هيرودس طاغية الجليل إيذانا لبدء إعلان رسالة السيد المسيح ، ومن بعده كانت وفاة ورقة بن نوفل الذي بشر بظهور النبي محمد الأمي في أرجاء الجزيرة العربية تمهيدا لبزوغ شمس حضرة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وفي سنّ الستين من عمره ودّع السيد كاظم هذا العالم " ودفنت بقاياه المقدسة في مقام الإمام الحسين خلف شباك البهو بقبر أمير المؤمنين وقد حفر عميقاً ومائلاً في عمقه نحو مدخل فناء الحرم وخلف وراءه جماعة من الأصحاب المخلصين زهدوا في الدنيا وما فيها، وانتشروا في أنحاء البلاد يبحثون عن الموعود.
بعد مرور أربعين يوماً على وفاة السيد كاظم الرشتى جمع الملا حسين بشروئي ابرز تلاميذ الراحل العظيم باقي رفاقه وسألهم قائلاً " ماذا كانت اعز رغبات السيد كاظم الراحل وآخر وصاياه ؟ فأخبروه أن السيد كاظم كان يأمرهم مرارًا وتكرارًا أن يهجروا منازلهم ويتفرقوا في البلاد في كل مكان بحثاً عن الموعود الذي كان يشير إلى قرب ظهوره.
حثّ الملاّ حسين أقرانه على السفر للبحث عن الموعود، وأنعش بكلماته قلوب زملائه على حين استعد هو لبحثه بالاعتزال وقضاء أربعين يوماً في عزلة وتعبد مستغرقاً استغراقاً عميقاً في العبادة ، ترك بعدها كربلاء عازماً أن لا يتوقف عن بحثه حتى يكون في محضر من يبحث عنه.
فسافر إلى النجف ومعه أخوه محمد حسن وابن أخته محمد باقر ومنها إلى الكوفة ، ثم واصل ترحاله إلى بوشهر على الخليج الفارسي , ولكنه لم يقدر على المكوث في بوشهر وأحسّ أن شيئًا يجذبه إلى الشمال نحو مدينة شيراز.
وصل الملاّ حسين إلى شيراز بعد العصر تقريباً ، فطلب من رفيقيه أن يذهبا إلى مسجد شهير في شيراز اسمه " الإيلخاني " وينتظراه هناك إلى أن يلحقهما وأخبرهما " أن شيئا ما يجذب قلبى إلى داخل المدينة ، ولكن سوف ألقاكما لصلاة المغرب إنْ شاءَ الله. وقبل الغروب ببضع ساعات لمح الملاّ حسين فجأة شابًا وضّاح الجبين يلبس عمامة خضراء يقبل تجاهه وحيّاه بابتسامة ودية وعانقه بمحبة وإخلاص مرحّبًا بوصوله بالسلامة وكأنه صديق قديم ،حتى ظن الملا حسين في بادئ الأمر أن الشاب هو أحد تلاميذ السيد كاظم سمع باقترابه من المدينة فخرج للترحيب به.
ويستعيد الملا حسين ذكرى تلك الليلة التي لا تنسى ولقائه مع حضرة الباب(القائم) فيقول : " إن الشاب الذي قابلني خارج أبواب شيراز أدهشني بإشارات محبته وألحّ في دعوتي لزيارته لأستريح قليلاً من وعـثاء السفر فسألته أن يعفيني من ذلك لأن رفيقيّ قد عملا ترتيبًا لنزولي في هذه المدينة وهما بانتظار رجوعي فقال: ’ إتركهما لحراسة الله فهو لا شك حافظهما ".
" ولمّا تفوّه بذلك أمرني بإتباعه وكنت قد تأثرت جدًّا من اللطف الذي واجهني به أثناء محادثته ، ولم تمض برهة وجيزة حتى وجدت نفسي عند باب منزل ظريف، طرق بابه ففتح له خادم حبشي ولما دخل على العتبة أمرني بأتباعه قائلاً: "ادخلوها بسلام آمنين" .
" وإذ دخلت المنزل وتبعت مضيفي إلى غرفته شعرت بسرور لا مزيد عليه وبمجرد أن جلسنا أمر بالطشت والإبريق وأمرني أن أغسل يداي وقدماي من وعثاء السفر فاستأذنت منه لأغتسل في الغرفة المجاورة ولكنه رفض وشرع يصبّ الماء بنفسه على يديّ. ثم ناولني مشروبًا لطيفًا وجهّز الشاي بنفسه وناولني منه. وبعد أن غمرني بلطفه طلبت منه الانصراف وقلت بأن صلاة المغرب قد اقتربت ووعدت أصحابي أن ألتحق بهم في مسجد الإيلخاني فأجابني بكل احترام وهدوء : " لا بُدّ وأنك تكون قد علّقت عودتك على مشيئة الله ويظهر أنه ما أراد ذلك فلا تخف من خلف الوعد ". وكان بهاؤه واطمئنانه قد أسكتاني وقمت فأعدت وضوئي وابتدأت في الصلاة وأخذ هو أيضًا يصلي بجانبي وأثناء الصلاة ارتاحت نفسي من تحيّرها من غرابة هذه المقابلة ومن البحث الذي تعلّقت به.

"وسلام هي حتى مطلع الفجر":
"وكانت تلك الليلة العشيّة السّابقة على 5 جمادى الأول سنة 1260 هجرية الموافق مساء 22 مايو سنة 1844 ميلادية . ابتدأ مضيفي الشاب يحادثني بعد الغروب بنصف ساعة وسألني قائلاً: ’من ذا الذي تعتبره خلفًا للسيد كاظم رئيسًا لكم وهل أعطاكم معلمكم أوصافًا مفصّلةً وامتيازاتٍ في موعودكم ؟ فقلت: ’نعم فإنّه من السلالة الطاهرة والعترة النبوية ومن ذريّة فاطمة وأما سنّه فأكثر من العشرين وأقل من الثلاثين وعنده علم لدُنّي وهو متوسط القامة ويمتنع عن شرب الدخان وخال من العيوب والعاهات الجسمانية. فسكت هنيهة ثم قال بصوت جهوري: ’انظر هل ترى هذه العلامات في شخصي ؟ ثم عدّد العلامات وأظهر أنها جميعها تنطبق عليه.
فحصلت عندي دهشة كبيرة وكنت في ابتداء طلبي وبحثي قد جعلت أمام عيني علامتين أعرف بهما صحة دعوى الموعود وهما أولاً رسالة ألّفتها تختص بالأمور والأحوال الغامضة والأقوال المتشابهة والتعاليم الباطنية الصادرة من الشيخ أحمد الإحسائي والسيد كاظم وصمّمت على أن الذي يحلّ هذه المسائل أسلّمه زمام أمري وثانيًا أطلب منه أن يُملي عليّ تفسيرًا على سورة يوسف بلغة وطريقة مغايرة للأصول المعروفة في زماننا وبدون أن اطلب منه ذلك.
"وبينما كنت مشتغلاً بحل هذه الأمور في عقلي قال لي مضيفي مرة أخرى: ’أمعن النظر هلاّ يمكن أن يكون الشخص الذي يعنيه السيد كاظم إنما هو أنا ؟ فاضطررت إذ ذاك أن أقدم له نسخة من الرسالة التي كانت معي وسألته هل لك أن تقرأ هذا الكتاب وتتصفحه بعين الرضا وتصفح عما تجده فيه من ضعفي وتقصيري، فأجابني إلى طلبي وفتح الكتاب ونظر في بعض صفحاته ثم أغلقه وابتدأ يخاطبني وفي ظرف بضعة دقائق كشف لي عن جميع الأسرار التي فيه وحلّ جميع معضلاته ولما أتمّ ما أردته في برهة قصيرة فسّر لي أيضًا كثيرًا من الحقائق التي لم توجد في كتابات الشيخ أحمد ولا السيد كاظم وهذه الحقائق التي لم أسمعها من قبل كانت تتلى بصوته في طلاوة مبهجة وقوّة فائقة.
ثم قال لي: ’ لو لم تكن ضيفي لكان موقفك خطيرًا ولكن الرحمة الإلهيّة شملتك فإن لله أن يمتحن عباده وليس للعباد أن يمتحنوه بما عندهم من الموازين " ثم شرع يقول: " والآن حان وقت إنزال تفسير سورة يوسف " حدث ذلك تماماً كما سبق واخبر به السيد كاظم الملا حسين حيث وعده بأن المحبوب في تلك الساعة سوف ينزل تفسيراً لقصة يوسف دون أن يُسأل. وتناول الباب قلمه وبسرعة لا تكاد تصدّق نزلت سورة المُلك وهو الفصل الأول من تفسيره لسورة يوسف " المعروف بقيوم الأسماء " وتنبأ في هذا الكتاب عن استشهاده، وزادت رخامة الصوت الذي صاحب الكتابة الذي كان يكتبها من قوّة تأثير كلماته المهيمن ولم يقطع لحظة واحدة تدفق الآيات الجارية من قلمه ولم يتوقف ولو مرة واحدة حتى تمّت السورة.
ويحدثنا الملا حسين عن تلك الليلة فيقول: - " جلست مسحوراً بحديثه غافلاً عن مضى الوقت وعن أولئك الذين كانوا في انتظاري وفجأة أيقظني المؤذن من النشوة التي غرقت فيها وكان يؤذن لصلاة الفجر!(وسلاماً هى حتى مطلع الفجر) وفى تلك الليلة يبدو أنني فزت بكل النعم والألطاف التي ذكرها العلي القدير في كتابه ( القران الكريم ) وأعدها لأهل الجنة . ولقد جافاني النوم في تلك الليلة وغمرتني موسيقى ذلك الصوت الذي كان يعلو حين ينزل آيات " قيوم الأسماء " ويهبط بنغمة حلوة أثيرية إذ يتلو المناجاة التي ينزلها وعقب كل مناجاة كان يكرر هذه الآية : " سبحان ربك رب العزة عما يصفون, وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين " .
ويقول الملا حسين " وأخيرًا قمت وأنا أقدم رجلاً وأؤخر أخرى واستأذنت منه في الانصراف فأمرني بابتسامة بالجلوس قائلاً: ’إذا انصرفت على هذه الحال فإن كل من يراك يقول أن هذا الغلام قد فقد رشده. "
" ثم التفت إلي وخاطبني بقوله : ’يا من هو أول من آمن بي حقًا إنني أنا باب الله وأنت باب الباب ولا بُدَّ أن يؤمن بي ثماني عشرة نفسًا من تلقاء أنفسهم ويعترفون برسالتي وسينشدني كل واحد منهم على انفراد بدون أن يدعوهم أحد أو ينبّههم إليها وعندما يتمّ عددهم يجب انتخاب أحدهم لمرافقتي إلى الحج إلى مكة والمدينة وهناك أبلّغ الرسالة الإلهيّة إلى شريف مكة ثم أرجع إلى الكوفة "
" وعليك الآن أن تكتم عن أصحابك وعن كل شخص آخر هذا الأمر واحذر أن تُظهر مكنون هذا السِّر من سلوكك أو هيئتك ، ولمّا أتمّ هذه الكلمات أمرني بالانصراف " .
وأخيرا انتهى بحث الملا حسين الطويل ، ولعل كلماته هي خير ما يصف عمق تلك التجربة الفريدة إذ قال " لقد صرت مبهوراً من بهاء هذه الرسالة الجديدة وغمرتني قوتها الساحقة ، وغلب على مشاعري احساس بالغبطة والقوّة والشجاعة لا يقدر العالم بأجمعه على مقاومتها ".

ونتابع معاً الجزء الثاني والأخير من ليلة القدر يوم الثلاثاء القادم بمشيئة الرحمن................



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعصّبات هادمة لبنيان العالم الإنساني
- الحرية في الاعتقاد
- التعصُّب نار تحرق العالم
- العدل الإلهي
- الإسراء والمعراج من منطلق العقيدة البهائية
- السلام يا أهل الأديان
- إنقاذ العالم بالعرض الإلهي لا بالنهج السياسي
- الوحدة البشرية هى حجر الزاوية في النظم البديع لحضرة بهاءالله ...
- الخدمة والتضحية من أجل وحدة العالم الإنساني
- البعد الروحاني للوحدة الإنسانية من منظور روحاني
- الوحدة والتكامُل الإنساني
- تأملاتنا الروحانية
- نبذ التعصبات الجاهلية
- عصر ذهبي تنتظره الإنسانية
- غروب وشروق
- المساواة بين المرأة والرجل
- الاتحاد في المجتمع
- بعضٍ من الحقائق الأساسية عن البهائية ومبادئها تَدَارُكًا لما ...
- بعض من الحقائق الأساسية عن البهائية ومبادئها تَدَارُكًا لما ...
- مصيرُ وقَدَرُ العالمِ الإنساني


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - ليلة حارت فيها العقول والقلوب 1-2