أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - الخدمة والتضحية من أجل وحدة العالم الإنساني














المزيد.....

الخدمة والتضحية من أجل وحدة العالم الإنساني


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 3732 - 2012 / 5 / 19 - 16:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن الإعتقاد السائد عن مفهوم الخدمة يضعنا في دائرة القلق. فهو ينظر إلى الإنسان فيها، بشكل عام، على أنه خادم أو عبد لشخص آخر في علاقة غير متكافئة. وهناك بالطبع مفهوم آخر للخدمة على أنها عمل وواجب يُؤَدَّى للغير من قبيل الخدمات المهنية، وخدمات الصيانة، أو الخدمات العامة. إلا أن للخدمة في جوهرها تعريفاً آخر. فهي تعني؛ الإحترام والتقدير، التنبُّه والإنتباه، ثم التفاني والإخلاص كما الحبيب لمحبوبته. هذا هو التعريف الذي نعنيه بكلمة الخدمة التي توضع في سياق قدرات الإنسان في المعرفة والمحبة والإرادة. فالخدمة إذن هي استخدام الفرد إرادته في القيام بأفعال تفوح وحدة واتحاداً وصدقاً وأمانة، وهو ما يتطلب درجة عالية من نكران الذات، وإدراكاً عميقاً للأسس التي تقوم عليها وحدة العالم الإنساني، وإخلاصاً مطلقاً لمبدأ الحق والحقيقة. والأهم من ذلك فإن الخدمة هي انعكاس تام لمدى فهمنا وقبولنا لحقيقة ذاتنا وطبيعتها. فبقدر حرصنا ورغبتنا على تطوير صفاتنا الإنسانية وتنميتها يكون مقدار انخراطنا في أعمال تأخذ طابع الخدمة. إن كلمة التضحية باللغة الإنكليزية "sacrifice" لها جذورها في الكلمة اللاتينية "sacrificium" التي تتكوّن من مقطعين "sacer" وتعني "مقدس"، و"facere" وتعني "أن تعمل". فالتضحية إذن هي عمل من أجل التطهير والتقديس. في رحلة حياتنا تجدنا نكتنز الأموال والممتلكات، ونسعى إلى تبوُّئ المراكز والنفوذ بأشكاله والفوز بالمحبة، ثم نصل بكل ذلك إلى درجة التعلق بها فنضعها داخل قلوبنا وعقولنا ونغلق عليها، وكلما ازداد حرصنا وتعلُّقنا ازداد إحكامنا في الإغلاق ونصبح أنانيين تدور حياتنا حول محور ذاتنا، لنجد أنفسنا بعدها فريسة الخوف من فقدان ما نملك فنزداد قلقاً وحرصاً وأنانية. التضحية تتطلب منا أن نكون مستعدين لخسارة أي شيء مطلوب وتركه وراءنا بأي شكل من الأشكال. من الطبيعي أننا لا نستطيع التحكم بوقت وفاتنا، وما يمكننا تقريره والتحكّم فيه هو حياتنا: لماذا نعيش، ولأي هدف، وبأي أسلوب، والنهاية التي نتمناها لأنفسنا. فإذا نظرنا للحياة من هذا المنظور سنجد أن التضحية هي التي تُحيل حياتنا إلى نوعية لا تسبب لنا الحسرة ساعة الموت على ما فرّطنا به من أعمال طيبة طاهرة، ومحبة صادقة مجرّدة تزكّي كل ما لدينا وتجعله طاهراً. هذا هو لبّ التحوّل الروحاني. في صلب التضحية يتربّع عنصر الشجاعة في قول الصدق والحق والحقيقة، والتحلي بالإرادة في إحراز فضيلتَيْ صنع الوحدة مع الآخرين والقيام على خدمتهم. نعلم جميعاً مدى الحاجة إلى الشجاعة في الوقوف إلى جانب الحق والحقيقة، ولهذا نميل أحياناً إلى الكذب الخفيف لأننا نعلم أن الحقيقة تُلزمنا بالتضحية، والتضحية لها ثمنها. قد يسألنا صديق: ’هل معك عشرون دولاراً؟‘ فنجيب أحياناً ’لا.‘ لأننا لا نرغب في التفريط بأموالنا. وقد يسأل شخص أبيض البشرة في جنوب إفريقيا: ’هل تعتقد أن السود أقل درجة من البيض ويستحقون هذه المعاملة؟‘ فيجيبه آخر: ’نعم.‘ مع أنه يعتقد خلاف ذلك وأن البيض والسود يجب أن يكونوا متساوين في الحقوق، إلا أن ذكره هذه "الحقيقة" يتطلب منه الإستعداد للتضحية بمكانته بين أقرانه ولذلك يختار إنكارها. وتسأل الزوجة زوجها: ’هل تُقيم علاقة مع امرأة أخرى؟‘ فيجيب ’لا.‘ ثم تنكشف الحقيقة وتنهار الحياة الزوجية، أو تبقى الحقيقة مستورة ويبدأ الزوج في التصدع داخلياً في استقراره النفسي وطمأنينته. فحتى نقبل التضحية تلزمنا الشجاعة، وبالشجاعة فقط نقف إلى جانب الحق والحقيقة. أو يمكن وضع المسألة في شكل آخر: قول الصدق يلزمه التضحية. والمعنى الثاني للتضحية يتعلق بالنموّ والتطوّر. ففي السعي نحو نفس متكاملة يتطلب الأمر الإتّصاف بفضائل روحانية من قبيل: الصدق والوحدة والخدمة. وحتى نفوز بها يجب أن نكون مستعدين للتضحية بما نحن فيه من تعلق بالجانب الغرائزي من طبيعتنا. وبكلمات أخرى علينا أن نكون على استعداد لتطهير غرائزنا وتزكيتها. ولكن كيف يكون ذلك؟ فلنأخذ مثلاً ثلاث غرائز رئيسية: الجنس، الجوع، الأمان. فالجنس اتّخذ شكله الطاهر، عبر التاريخ وفي جميع الثقافات، بشِرعة الزواج. أما في وقتنا الحاضر، مع ضحالة قيمنا واعتبارها غير هامة، أصبح الجنس سلعة يتاجر بها العموم، وبالتالي فَقَدَ الزواج قدسيته وطهارته، وهوت العلاقات الجنسية إلى الحضيض. فلم تعد عفيفة طاهرة وفَقَدَ الحب أيضاً قدسيته. والجوع يأخذ شكله المقدس إذا جعناه في سبيل إشراك غيرنا من المعوِزين بطعامنا، وكذلك الأمر في إطاعتنا فريضة الصيام. ففيه تقديس لجوعنا وطعامنا في آن معاً، وبه نتنبّه إلى الجوع وكأنه ظاهرة إنسانية جماعية. أما في وقتنا الحاضر فنجد أن الطعام لم يعد بمفهومنا شيئاً مقدساً، إذ نلاحظ في جزء من العالم إفراطاً في تبذيره وتبديده بينما الناس في أقطار أخرى يموتون جوعاً، ويتم هذا أحياناً باسم حماية الوضع الإقتصادي عند أولئك الذين يُتلفون مواداً غذائية، أو من أجل حماية نفوذ سياسي في بعض البلدان الفقيرة. وحاجة الفرد إلى الأمان هي غريزة بشرية، وفي أبسطها يحاول الناس توفيره لأنفسهم ترجمةً لأنانيتهم. فهذا الإتجاه المدمّر في التركيز على الذات يكوِّن موقفاً يؤدي إلى خلق عالمٍ تتكدّس فيه أسلحة فتاكة قادرة على تدميره عدة مرات. فأماننا لا يتحقق بأمان الفرد أو مجموعة معينة، بل بسلام يفرد جناحيه على عموم الجنس البشري – ثمرة وحدتنا. وفي سبيل تحقيق وحدة عالمية علينا أن نضحي بمشاعر الأمان التي توهّمناها بأنانيتنا، وأن نغدو على استعداد لاكتساب فضيلة الوحدة الروحانية أولاً والتي بدورها ستمنحنا الأمان الشخصي.(مقتبس من سيكولوجية الروّحانية)



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعد الروحاني للوحدة الإنسانية من منظور روحاني
- الوحدة والتكامُل الإنساني
- تأملاتنا الروحانية
- نبذ التعصبات الجاهلية
- عصر ذهبي تنتظره الإنسانية
- غروب وشروق
- المساواة بين المرأة والرجل
- الاتحاد في المجتمع
- بعضٍ من الحقائق الأساسية عن البهائية ومبادئها تَدَارُكًا لما ...
- بعض من الحقائق الأساسية عن البهائية ومبادئها تَدَارُكًا لما ...
- مصيرُ وقَدَرُ العالمِ الإنساني
- الجامعةُ المتحدةُ للعالم الإنساني2-2
- الجامعةُ المتحدةُ للعالم الإنساني1-2
- نداء لأهل العالم- وحدةُ العالمِ الإنساني3-3
- نداء لأهل العالم- وحدةُ العالمِ الإنساني2-3
- أرجوك ياشيخ الأزهر الشريف تحرى الحقيقة ( يا أيها الذين آمنوا ...
- نداء لأهل العالم- وحدةُ العالمِ الإنساني1-3
- نداء لأهل العالم -مصائب العالم الإنساني 2-2
- نداء لأهل العالم (3)- مصائبُ العالمِ الإنساني
- نداء لأهل العالم-(2) الدين البهائي وشخصياته المحورية البارزة ...


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - الخدمة والتضحية من أجل وحدة العالم الإنساني