أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيزة رحموني - حوار مع الدكتور سعدي عبد الكريم















المزيد.....


حوار مع الدكتور سعدي عبد الكريم


عزيزة رحموني

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 20:09
المحور: الادب والفن
    


سعدي عبد الكريم كاتب ناقد سيناريست سومريّ حتى النخاع مهارته في النقد تشهد برؤاه التخييلية الجمالية الكامنة في قلبه..كتابته نابضة بالحياة ، من تخوم الإنسان فيه ينفتح على الكوني و يُعيد رسمَ معالِم العالَم بحروف تَشربُ من الفرات عِزة و هيبة ...على صفحات النور طالعتُها و استوحيتُ منها أسئلتي ...


الأديب العراقي سعدي عبد الكريم ، في البدء كيف تُقدّم نفسك لقارئك المغربي ؟

أنا نصف اله سومريّ .. صيّره ُ الشعْر حرفا ً نجيبا ً .. وألهمه المسرح فكرا فنيا بهيا ً .. وبُعدا ًفلسفيا ً .. ومناخا ً أدبيا ً .. وفضاء ً متخما بالجنون المؤقت .. ليلج من خلاله الى معالم تأثيث فضاء المشهد المسرحي كتابة ً وتمثيلا .. وإخراجا ً .. .. وامتهنه ُ النقد ملاذا أكاديميا ًجليلا لصياغة معايير تفكيك النص وإلحاقه بنص محاذ ٍ ثان ٍ ..
ربما أنا ممسك بتلابيب القلم منذ خمسة آلاف عام قبل الميلاد .. مع أول مدون ٍ سومريّ خط ملحمة ( كلكامش ) .. ليجعلني ابحث بمعيته عن نبات الخلود .. وفق منظومة العناء التدويني .. الذي يشبه عناء الولوج الى الفردوس .
انا باختصار اعشق ُالترحال .. وامقت ُ المكوث .
أنا رجل متصير ٌ منذ سبعة آلاف عام قبل الميلاد بذاك الكائن الفيروزي المخملي ّ( المرأة ) .. متجذر ٌ بها ومنها .. مثلما يحال الجليد .. الى فسحة ماء باردة .. حين يلامس أول طلعة لضوء الشمس .. هي معتقليّ .. وكياني .. وملهمتي .. وعزائي .. وغبطتي .. وحزني .. وجنوني .. فانا أول عاشق لبغداد .. من خمسين عام ٍ ونيف .
بعدها عشقت اعتراف الضوء لهمسات الليل .. برؤية استاتيكية خلابة تطلع من مآقي استلاب الأسرار من أفواه العرافات .. والشحاذين .. والمجانين .. والشعراء .
احتكمت ُ الى ( المدرك العقلي ) في جلّ تدويناتي الأدبية المختلفة المخاصب .. الفكرية .. والفنية .. والثقافية .. والإعلامية .. لكن ذلك الشبح الجميل .. المدرك الحسي يغازل بافتراء فاضح ملحمتي العقلية .. فيفسد عليّ مهمتي في التحليق نحو السفر الأول للتكوين .. فيوقعني في شباك الهذيان لابقى حالما كبيرا مثل ( عبد الكريم برشيد ) و( صلاح القصب ) لأننا مستمرين في ملاحقة أزمنة الصورة لنحيلها الى ثيمات وإيقونات تراثية .. ذات دلائل سيميائية يقظة .
وربما الكتابة في الدراما التلفزيونية هي متعة مضافة لشقائي التدويني .. لكني اعشقها كما اعشق امرأة .. تقرأ الشعر وتتلذذ بتأويله ...

الى من ينتمي الأديب المبدع سعدي عبد الكريم ؟

انتمي الى أزمنة القحط .. والحروب .. والصعلكة .. وكتابة الشعر بجوار تمثال ابي نؤاس بعد الثالثة والنصف ليلا .
انتمي الى صفحة سيطرت الادلجة المقيتة على رمة الساحة الأدبية والثقافية والإعلامية العراقية لثلاثين عاما خلت ..
الأيدلوجيات تقتل الإبداع في مهده .. وتذبح الأديب على مقصلة التاريخ .. وتحليه الى تابع هزيل .. يفقد جنونه الجميل .. ليصبح سياسيا هزيلا .. حيث يتقزم الحرف في مخيلته ليصبح اضعف من ان يفهم .. لأنه محشوا باللغو .. بدلا من ان يعبأ بسطوة بالالق الحداثوي الملهم .

كقاصّ كيف تغتال الحب ّ مسافة قصة قصيرة ؟

إن مناطق اشتغالي الأدبية والأكاديمية الاختصاصية .. هي الكتابة والنقد المسرحيّ على وجه الخصوص ، والنقد الأدبي بالعموم كاختصاص مجاور .. لكن القصة القصيرة .. تأتي ضيفا متألقا .. جميلا .. يفرض حضوره داخل صومعتي التدوينية ..
أما كيف اغتال الحب في قصة قصيرة .. فهي تجربة إنسانية أردت ُ من خلالها أن أنفذ لعقل العاشق .. لكي انقله من منطقة التفكير بالانتحار من اجل الحبيبة .. الى منطقة الموت إجبارا من اجل الوطن .. وقتله رغم انفه .. وبعبوة ناسفة تلاشى جسده الطاهر بإسفلت الشارع .. بربك ايهما الأسمى .. الانتحار في ليلة اغتيال الحب .. او الاغتيال عنوة من اجل ان تولد فسيلة على قارعة الطريق .. لتكون بغداد أجمل بدماء أبناءها الأبرياء .. هي معادلة صعبة .. وعلى الساسة العراقيين الوقوف إزاء هذه المعضلة بجدية استثنائية وبحزم .. لحلها وباسرع من لمح البصر .. والا ما معنى ان يكون الدم العراقي رخيص لحد الثمثيل به .. ومباح بهذا الشكل المخيف .. والعراقي الذي تجاوز عمره الحضاري والتاريخي سبعة آلاف عام ونيف ( ق.م ) . اصبحت مشروعا للقتل دون أدنى رحمة .. وبايادي خبيثة .. وعقول لا تحفظ بيت شعر واحد للمتنبي .


هل يجيد السيناريست العزف على وتر الغربة؟ و اي المقامات يسكن قلبك ؟

أولى مقاماتي وابتداؤها هي ( المرأة ) لأنها خليط الهي مقدس .. مجبول من تراب الأرض .. ورائحة الجنة !!!
نعم .. اعرف العزف على وتر الغربة .. لأنني أعيش غربة قاتلة خانقة داخل وطني .. وربما داخل صومعتي التدوينة التي أتصالح معها بعنوان غريزي عجيب .. وقلمي أثمن ما املك .. هو وهذا المنحوت السحري الجميل ( العقل ) وذاك المتسامي في العلا ( القلب ) .
إن أول معزوفة لحنتها في زمن الغربة كانت في طنجة .. طنجة كانت مملكتي الكونية الثانية .. بعد بغداد .

سافرت ُ كثيرا ً
أحببت ُ كثيرا ً
لكني لم أر َ عرساً
كعرسك ِ يا طنجة
ولم اعشق مدينة
كعشقك يا طنجة
يا باحةً العشاق
يا روضة المكان
وقبلة الزمان
مشتاقُ لبحرك يا طنجة
وإطلالة أسبانيا
مشتاق ٌ للـ ( زنقة )
وحبيبة قلبي ( فاطيما )

هل تجيد الانتظار ؟

نعم .. في حالة عدم الانتظار فقط !!!
لكن إذا كانت امرأة تشبه لون القمر .. سأغادر المكان حتما قبل الموعد .. لكي لا تغادر روحي جسدي .. قبل لحظة اللقاء .
لكني حتما سأنتظر ام عيالي .. الى حيث انطفاء شمعة العمر .. كي تلهمني ذلك الالتصاق الباهر في الانكباب على الورق .. وتحفيزي على الكتابة .. لأنها عين مبصرة ثاقبة .. تستطيع تميز مناطق التكوينات الجمالية داخل النص .

هل تجيد التحليق ؟

بلى .. أجيد التحليق في البعد الآخر .. الذي يفضي الى المناخات الفسيحة لفحوى المسميات والأشكال التي تسبح في اللامرئي .


هل تعشق الطين ؟

اعشق سيدنا آدم .. لأنه خلق من تراب مجبول بماء .. وفخارة الطين .. لأنها من ارث الحضارة الرافدينية العريقة في القدم .. لكني اكره الإمعات .. لأنها متشدقة بالأذيال .. وتبعث على الغثيان .
...

ثمة َ فخارة من طين ٍ
يتكسر ُ فيها لون ُ الماء ِ
فخارة ٌ من طين ٍ
تنام ُ فوق َ الرصيف ِ
تغطيها إمعات ٌ
قبضتها باردة ٌ
كأنها قبضة من صمت ٍ
أو مجفلة من موت ٍ

للنخل قلب شامخ له عيون وأصابع ، ما الذي يكتبه الأستاذ سعدي عبد الكريم لنخيل كهذا ؟

أتصدقين سيدتي .. بأنني حينما يلوح بصري صوب نخلة عراقية منكسرة .. احني قامتي في حضرتها .. وأجهش بالبكاء كطفل .. لان النخل في معياري التداولي والتراتبي يعني ( العراق ) ويعنى الحضارة .. ويعني هذا العبق الأسطوري الذي يأخذني بعيدا صوب الأزل الأول للضوء .

جميل ٌ هو النخل ُ
مجنونٌ هو الطلع
مفجوعة ٌعند التناسل كل الخيول
فقد شاخ َ عرابها
وها هو قلبيَّ
مثل طفل وديع
يستفيقُ من ميتة ٍ هانئة !!!

للنخل قلب شامخ .. وعيون وأصابع .. انه ينظم الشعر .. انه مُلهِم ٌ كبير .. لكن الحروب تآكلت كبرياءه .. وشموخه ..والقه .. وإلهامه .

لكل الجهات الحان خاصة، ما لحنك المفضل ؟

لكل جهة لحن خاص .. ربما هناك لحن لم نسمع به الى الآن .. هو لحن الاحتضار .. أو ربما لحن الموت .. او لحن نزع القصيدة .. او لحن هول مشهد مسرحي شاكس القلم وبدء يعلب معه لعبة الاختفاء الذهني المؤقت .. ان صوت لحن الحرف .. هو أقسى أنواع التعذيب في ملحمة الإنصات المترامية الأطراف .. أن له جرسية تشبه جرسية الهوس .. او الجنون .. او الحلم .. الحرف ولادة قيصرية .. تمزق أحشاء الذاكرة التدوينية الحية المتقدة .
لكني على أية حال .. انا شخصيا أفضل ُ ان اسمع لحن من الحان طالب القرغولي او سرور ماجد .. ولكن بصوت ناظم الغزالي .. وبشرط أن اسمعه من الجهة الشرقية من قبره المنسي ..

هل يجوز للقبر أن يكون من ماء ؟

إن القبر حينما يتحول الى مصدر من مصادر الاغتيال للشاعر .. حينها سنكون قد علقنا ملهماتنا الإبداعية والفنية والفكرية على حبل تتدلى منه رقاب المبدعين .. لان شرطية الانزياح اللغوي .. يُجوز لنا اعتبارات مثلى .. أهمها القذف بالسائد والمألوف الى حيث الرفوف وركنها بجانب الملفات المحفوظة او المعنونة تحت شعار (( للترك )) .
الشاعر يا سيدتي .. هو سيد للحرف .. والجملة الشعرية في مخياله الشعري ولادة جديدة لمعترك رصين من الفعل الانساني والاخلاقي والادبي .. وحينما يكون قبر الشاعر مسجى على سعف نخل .. طائف ٍ على سطح ماء ٍ .. حين يختاره الموت ضيفا كريما لنواحيه الفاضلة .. تكون الفاجعة اكبر .. والهوة اوسع .. نحن في الوطن العربي .. وللاسف لا نعرف قيمة ادباءنا ومثقفينا وفنانينا .. الا عندما يرحلوا عنا .. حبنها نقيم لهم مأتما رمزيا نقدم فيه التعازي على ارواحهم النبيلة وفاءا منا لمنجزهم الادبي العملاق .. انها مهزلة حقيقية .. لكني اقول حينما يكون عقل السياسي في واد ٍ .. وفكر المثقف والاديب في واد ٍ .. إقرائي على الوضع العربي السلام .
ساجيبك شعرا ان سمحت .. عن فحوى سؤالك .

نحفر ُ في الماء ِ قبرا ً
نواري ( الشاعر ) فيه
نبني فوق القبر ِ مدينة
نعمر ُ على شاطئها
حيـا ً للنوح ِ
وعند َ القبر ِ
نقيم ُعـُرسا ً لرفاته !!!


البردي حامل أسرار و فاضح أيضا ، فهل تُودِعُه مكنوناتك ؟

البردي مملكة من شذرات اصطاد منها متعتي الانصاتية .. محاولا ان اهمس لوجعي المتداخل في اعتقالات الروح ، لأكَوِن َ من خلال ذلك الهمس .. صوتا احتجاجيا عاليا .. يسمعه البردي لينقله عبر الهور الى شاطئ دجله او الفرات .. لأدون من خلاله كتابة لافتاتي التحريضية .. التي تتكئ على جملة من الانصهارات المجتمعية ..

فراشة البردي
كانت تحط على يديّ
في أور
ثم تطير ...
في الأفق الأعلى
تتلاشى
أعدو إليها خجل ٍ
ألف ُ ذراعي
تلامس القصب الناعم
أدنو منها
تترنح مثلي
محتضرة !!!

اما القصب فهو أول قلم كتب به الحرف العربي .. إذن وبالإجمال البردي والقصب وماء الهور هم ايقاضات استلهامية تأخذ على عاتقها تشفير الدلائل الحية ونقلها الى الذاكرة لتفسيرها وإرجاعها الى مواردها الاصيلة لإثبات ان المعادلة القائمة ما بين الإنسان الذي عاش في حضارة أور .. هو ذات الإنسان الذي يعيش في ذي قار الآن المتخم بالإبداع والإلهام والفكر النير .. للمتصور الجمالي الباهر .

للنوء صليل و صهيل و تراتيل ن كيف تغنيه إذا جاش في دواخلك ؟
و إذا صادفتَ عيون المرايا ، بماذا تحدثها ؟

في ليلة ٍ ماجنة ٍ
تتسربلُ أحلامي
وفق محاذيرَ النوء ِ
وأسرار ِ الضوء ِ
صوب َ فضاء العريّ
فاتنة ٌ أنت ِ
جسدكُ البضُ
لوعة ٌ من ذهول ٍ
حدَ زهو الفصول ِ
أو ربما دهشة
كانتشاءِ الفضول ِ
هذا هو صليل النوء وتراتيل النوء شعرا .. وهكذا أُغنيه .. وبصوت مبحوح يحاول أن يكابد الأهوال .. ويعتلي صهوة الألم القتال .. وقمة ابتهاجي هي ملاذات حزني .. وآلامي .. لأنني لا أنوء البتة .. بحمل الأسى .. بل أتجمل فيه .. واختبئ بمحاجره السوداء .. لأني مثل كل الجروح احمل ارثي فوق ظهر الخيول .

هل تحدثنا عن أحلام اليقظة ؟

أنت ِ سيدتي الفاضلة .. تسحبيني الى منطقة فلسفية غاية في الأهمية .. أول من نَظر َ فيها الفيلسوف الفرنسي (غاستون باشلار) الذي يعترف صراحة ً بأنه يمتهن حرفة جدُ متواضعة وبسيطة وهي البحث عن الصورة او الصور التي تحتضن في محيطاتها الارتكازية المعلنة ، قدر من الجاذبية ما يكفي لتثبيت وترصين أحلام اليقظة ، ويبدو انه راح يغازل أحلامه تلك ليس وفق سطحية النظرة الواقفة للبلادة ، والامتثال إزاء مجمل تداعياتها الآنية المؤقتة ، او باستدعاء الماضي للاستلال من حيثياته القديمة ومواطنه الآسرة ، في تحديد ملامح تلك الصورة او الصور ، التي يتخيلها او يفترضها لتحقيق ظاهرة أحلامه اليقِظة .
نهل ( غاستون باشلار ) معارفه الفلسفية من العديد من الفلاسفة الكبار الذين سبقوه أمثال ( ارسطو ) الذي اخذ عنه مفهوم فلسفة العناصر الأربعة ( النار- التراب- الماء - الهواء ) وأخضعها للتحليل من خلال مؤلفاته العديدة ( التحليل النفسي للنـار ) ( والأرض وأحلام الإرادة ) و ( الماء والأحلام ) و ( الهواء والأحلام ) واوجد ( باشلار ) العلاقات المُتخلية ، بين ماهيات تلك العناصر الأربعة .
تعارض مع الفيلسوف ( ديكارت ) في نظرته العقلانيته المحضة , وعرف الروح بشيء من العقلانية المنفتحه والمتطورة والبعيدة عن الانغلاق العقلي.
يُعد ( باشلار ) مؤسسا فاعلا للفلسفة ( الظاهراتية ) (Phenomenology) وقدم أفكاراً متميزة في مجال (الابستمولوجيا) ( Epistemology ) حيث تمثلت مفاهيمه في العقبة المعرفية والقطيعة المعرفية ، والجدلية المعرفية ، والتاريخ التراجعي واعتبر ( باشلار ) الظاهراتية منهجا نقديا للدراسات الأدبية وأبدع في خلق مناخا ديناميكيا مميزا ورائعا في اشتغالاته وفق منظومة ( أحلام اليقظة ) ومن المعروف ان هذا المفهوم يجمع بين الإدراك الحسي وبين الإبداع المعملي ، الذي يجعل العالم في مناخات علائقية متطورة فاعلة بين الفاعل والموضوع ، واخذ عن ( ديكارت ) أيضا فكرة التسامي عبر التأكيد على الطابع المتسامي للخيال المحاذي او الفاعل في حركة التجربة ونجاحاتها وعلى صعيد الجانب النفسي فقد تأثر (باشلار) بالعالم والفيلسوف ( فرويد ) أيما تأثير ، فقد هيمن الأخير على دراساته وبخاصة فيما يخص جانب التحليل النفسي ، وقد برزت قدرة ( باشلار) في توظيف فكرة ( اللاوعي الجمعي ) في حقل التحليل النفسي ذات المناخ الأوسع رحبة من فكرة ( اللاوعي الفردي ) وقد وجدت هذه الفكرة الديناميكية لمفهوم الإبداع في الحياة ، ترحيبا في فضاءاته الفلسفية الحالمة والتي استقاهـا من الفيلسوف ( سي . جي . يونغ ) وطورت تصوراته التي تحولت من الخيال المادي الى الخيال الحركي ، التي تتجاوز نمط المادة الجامد ، لتحيلها الى نمو حركي إبداعي مستمر ومثمر داخل المنظومة الحية لحركة الحياة .
ارجو ان لا اكون قد أطلت عليك وعلى المتلقي بالإجابة .. ان فلسفة أحلام اليقظة هي امتثال حقيقي للتجربة الانسانية الإبداعية التي تستطيع المعرفة من خلالها الوصول الى أعلى درجة من درجات التخيلية الجمالية التي من شأنها ان ترفد العقل البشري المبدع بالهامات تصورية تحليه عبرها الى مفاتن ذات طابع اكتشافي ارتكازيباهر .

و متى تضوع رائحة المسك من قلم المبدع ؟

باعتبار النقد هو محاولة في اكتشاف مناطق القبح والجمال داخل النص .. واحالته الى مناطق التسفير والتاويل .. فانا شخصيا باعتباري مشتغل في حقل النقد الأدبي ، اشم رائحة المسك في النص من اول وهلة .. لان الحرف هو اداة مطاوعة بيراع الكاتب .. يعرف كيف يساوق الثيمة بمعرفية عالية .. ومنجدية لغوية باهرة .. لذا اجد ان الانطباع الاول سيكون حتما مناخا خصبا ومهما للناقد للولوج الى خبايا النص .. لكني اعترف باني اقرأ النص .. ومن ثم اعيد قؤاءته ,, لاكون انطباعي وتحليلي ةتفسيري ومحاولة تفكيك النص عتدي وفق منظومة الاشتغالات السيميائية الحدثية هي من المهام التي اتكأ عليها في استقرائي للنص بجل مخاصبه الفنية .. نصا مسرحيا .. او ديوانا شعريا .. او رواية .. او مجموعة قصصية .. او كتابا ادبيا .. او أية أطروحات أو دراسات فكرية او فنية او أدبية اخرى .. لكي لا أكون جاحدا او ظالما للنص ولذات الكاتب .

بين الفعل و التلقي هل يتوه المسرح العربي ؟

سيدتي الفاضلة .. سجلي برأس الصفحة الأولى .. المسرح العربي بخير .. ما دام هناك ثمة عقول تشتغل على مناطق الإبهار الجمالية التخييلية في تأثيث فضاء العرض المسرحيّ .. التي من فاعليتها المتداخلة في جسد الملهم المسرحي .. وما دام هناك ثمة مواطن الاستجابة الحقيقية الفاعلة من قبل المتلقي العربي .. المكتنز بوعي استثنائي يستطيع من خلاله تميز الجميل من القبيح ..
أرى شخصيا ان المسرح أداة فاعلة في حركة التغيير الجمعي .. ووفق نظرية التلقي .. باعتبار توافر العناصر الثلاثة المهمة داخل صيرورة نظرية التلقي .... ( مرسل + رسالة + متلقي ) .
إن فن المسرح وعبر الفعل المسرحي .. او كما اسميه (الفرجة المسرحية) أو ( العرض المسرحي ) بعافية ما دام هناك توافر إخصابي بين جمالية الطروحات العرضية ووعي المتلقي .
اذن فان نتائج هذا التوافق الخيطي الجمالي بين المتلقي والعرض المسرحي .. ستكون باهرة ومتوازنة مع المستحدث الجديد في المتغير الوعيوي الجمعي العربي .


هل تحدثنا قليلا عن المعيار الجمالي في المسرح العراقي؟
و عن وظيفة البناء التكويني ؟

ان المسرح العراقي .. من المسارح العربية الناشطة والفاعلة في اعتلاء منصات التتويج في جل المهرجات المسرحية العربية .. ووفق المعايير المتقدمة في منظومة الفكر الحداثوي للعرض المسرحي .. بدء ً بالنص المسرحي .. ومرورا بالممثل العراقي المشهود له بالبنان في الساحة المسرحية العربية .. وانتهاءً بالمخرج العراقي الذي قطع شوطا تاريخيا نهما فب مهماته التجاربية المسرحية ووفق النظريات والاسلبة الحديثة .. وامعن في تحويل العرض المسرحي من المالوف والسائد .. الى القفز الى طرائق فنية مبتكرة في تكوين الوظائفي لعملية البناء الدرامي للعرض المسرحي من خلال التفكير الجدي الهام في تمويل الفكر السينوغرافي والاضائي .. بأساليب تشكيلية واضائية جمالية تفضي الى إسناد بناء الفعل المسرحي على خشبة المسرح .
ودور دائرة السينما والمسرح بإدارة مديرها الدءوب الفنان المسرحيّ الدكتور شفيق المهدي .. الذي اخذ على عاتقه رفد الحركة المسرحية العراقية بكل الإمكانيات المتاحة باعتبار أن الدائرة أصبحت الملاذ والمتنفس الوحيد في رفد وإسناد وإثراء وتمويل الأعمال والعروض المسرحية العراقية .
أن جهود الدائرة بهذا الصدد وبشهادة المتخصصين ورغم الإمكانيات المالية المتواضعة المرصودة لها .. فهي لا تشارك في مهرجان مسرحيّ عربي إلا وحصدت الجائزة الأولى في العروض المسرحية .. ناهيك عن العروض المسرحية التي تعرض من على خشبة مسرح الدائرة وبشكل دوري ومتواصل .. وتوافد الجمهور بشكل ملفت للنظر .. رغم الظروف الأمنية الصعبة التي يعيشها العراق في الوضع الراهن .

بكل صراحة، ما وضع الثقافة في الساحة العراقية ؟

الثقافة في العراق محصورة بين نزف حبر المثقف العراقي .. وسندان السياسي العراقي .. المثقف يعيش حالة من التردي بوضعه المالي .. لكنه رغم ذلك ينزف حبرا بلون الدم على الورق .. بينما بعض الساسة العراقيين منهمكين بمغانم الكراسي وما تدره عليهم من أرباح .
ليس هناك ثمة من ينصت لصوت المثقف العراقي من الساسة .. ولو نصت الساسة لصوت المثقف العراقي .. اعتقد بان الأمور ستصبح في أفضل ِ حال ٍ .. وبأرقى جهد ٍ .. وبأكثر ِ الق ٍ .. وبأنجع ِ نتائج ٍ .

كلمة أخيرة ؟

أشكر لك سعة صدرك سيدتي الفاضلة عزيزة رحموني .. واشكر لك بذاخة لطفك .. والق معرفيتك الباهرة .. واسمحي ليّ ان أقول كلمتي الأخيرة شعرا ً .

تفضل أستاذنا ؟

لم نعد ننتظر ُ
من يفك َ لنا طلاسم َ
ما كـُتبَ ...
على الرُقم ِ الطينية ِ
من ملاحم ٍ للحب ِ
ملاحم ٍ للجمال ِ
للفن ِ ...
ملاحم ٍ للضوء ِ
منذ أول نشأ للحرف ِ
لان ( طه باقر ) ماتْ !!!
والحماقات ...
والتفاهات ...
والحروب ...
سرقت أسرار العشاق
المنحوتين من طين الجنة
وارتحلت ...
صوب َ ضفاف ٍ أخرى
ومجامرَ للإسفنج ِ
لان الشاعر والعاشق
سيشرب ُ ...
عصير َ الفاكهة ِ المرة !!!

-_-_-_-_
أجرتِ الحوار : عزيزة رحموني من المغرب



#عزيزة_رحموني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع محمد الصالح الغريسي
- حوار مع سليم عثمان أحمد خيري
- حوار مع منار القيسي
- حوار مع جمال الشقصي
- حوار مع الشاعرة جولييت انطونيوس
- حوار مع الشاعرة ريحانة بشير
- حوار مع المبدع العراقي وجدان عبد العزيز


المزيد.....




- استمتع بأجمل وامتع الأفلام والبرامج الوثائقية على قناة ناشيو ...
- مش هتقدر تغمض عنيك .. تردد روتانا سينما نايل سات وعرب سات 20 ...
- قصة ميشيكو.. كيف نجت فتاة يابانية من القنبلة النووية؟
- -ذاكرة أمّ فلسطينية-.. أدب يكسر قيود الأيديولوجيا
- فيديوهات مخلة.. فنان مصري شهير يتعرض لعملية ابتزاز
- بعد سقوط نظام الأسد.. الفنان دريد لحام يوجه رسالة إلى السوري ...
- اكتشاف كنز من التسجيلات غير المنشورة لمايكل جاكسون
- تعرضوا للخسارة أو شاركوا في القتال.. 5 فنانين تأثروا بالحروب ...
- ورشات الأطلس في مراكش.. نوافذ للمخرجين السينمائيين الشباب عل ...
- الثقافة أولاً .. تردد قناة بابل 2025 الجديد على النايل سات و ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيزة رحموني - حوار مع الدكتور سعدي عبد الكريم