أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - مأساةُ الشعبِ السوري بين القوميات














المزيد.....

مأساةُ الشعبِ السوري بين القوميات


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قام السياسيون في سوريا خلال عقود بغرس تيار القومية العربية، ولم يشكلوها من خلال قراءة البنى الاجتماعية وتحليلها، بل كشعارٍ للفئات الوسطى الصغيرة غير القادرة على إنتاج نظام ديمقراطي تحديثي.

وعموماً كانت هذه الفئات تبحث عن القوة، كجزءٍ من تاريخ العرب البدوي، حيث تغدو القوةُ للقبائل هي الوسيلةُ للغزو وتأسيس الدول.

ولهذا فإنه على مدى عقود ومع استمرار البُنية الاجتماعية في طبيعتها التقليدية، صعدَ الجيشُ كأساسٍ للحركة السياسية الاجتماعية، ولم تكن الدعوة القومية العربية سوى ضباب فكري سياسي، لا يقعُ على أرضٍ موضوعية خصبة لإنتاج قومية موحّدة.

رأسماليةُ الدولة الطائفية كانت تعني قطع العلاقات مع تطور الأمة العربية التاريخي المتصاعد، حيث كانت الدعوة القومية بحاجة لتطورات موضوعية وفكرية في شعوب الأمة العربية من أجل أن تتلاقى وتنمو علاقاتها الاقتصادية والسياسية.

البعثيون والقوميون الذين أطلقوا حركةَ القومية العربية لم يقوموا بدرسها موضوعياً، وعبر أدواتِ المادية التاريخية، وتشكيل قواعد من خلالِ التنامي التجاري وبتعاون الفئات الوسطى والعمالية العربية، وقراءة التشكيلة الرأسمالية العالمية وطرق تطورها ومشكلاتها وتناقضاتها، واختيار حيزٍ تاريخي لنمو الشعوب العربية داخلها بشكلٍ مستقل وصناعي متطور وتحديثي ديمقراطي.

كان هذا يتطلبُ أفقاً تاريخياً واسعاً، وخلفيةً فكرية عميقة، وفي ظلِ الحماس والقفز نحو مغانم السلطات، وتكوين العصابات السياسية، فإن عفوية التنظيمات السياسية شكلت القَدر السياسي حسب هيمنة طائفة خاصة من طوائف الأقليات، التي قفزتْ للشعارات التحديثية القومية والشمولية قبل غيرها، مزايدةً نظراً لخصائص التعليم والحياة الاجتماعية.

ولهذا فإن الدعوةَ القومية العربية أُجهضتْ، وكان حكمُ العسكر يعني المغامرات السياسية والعنف، فيما كانت رأسماليةُ الدولة الطائفية تتعرضُ للتآكل التاريخي، تحيطُ بها طبقاتُ العاملين المفلسة في الأرياف والمدن الصغيرة وتعودُ بها للمذهبية السياسية المضادة.

وبدلاً من فضاء القومية العربية الواسع غدت المذهبياتُ وتفتتُ الأوطان العربية، ووجدت سوريا نفسها في الأزمةِ الأخيرة العاصفةِ الدمويةِ بلا قوميتها العربية المساندة، بل وجدت أقطاراً تعيش في سلبياتها وصراعاتها المذهبية السياسية وفي مراجلها التاريخية الخاصة.

القوميتان الكردية والتركية تتصارعان وتؤيدان الثورة السورية من خلال موقفين مختلفين متباعدين، فتركيا أردوغان التي ملأتْ العالمَ صراخاً عن إنقاذ سوريا ودعمها، وجدتْ هواجسَها القوميةَ المسيطرة أقوى من أن تمدَ يدها لمساعدة الشعب المذبوح السوري فهي مرعوبة من الأكراد أكثر من دعمها للعرب السوريين!

فيما يشعرُ الأكرادُ بأن الفضاء التاريخي فُتح لهم، وأن دولتهم القومية بدأت تتشكلُ معالمُ خريطتها على حساب الدول والقوميات الأخرى.

أن أرضها تنزاحُ عنها عساكرُ القوميات المغايرة والبر الكردي تلاقى دون أسلاكٍ شائكة.

ولهذا فإن الحكومة التركية نسيتْ تماماً الشعبَ السوري الذي يُحاصر في مدنه ويُقتل وانطلقت تهدد الأكراد.

تركيا الرأسماليةُ تريدُ أن تهيمن على العاملين التُرك وكذلك تستغل أمةً أخرى تعيشُ بشكلٍ رثٍ في أريافها وتعيشً ممزقة محكومة بهيمناتِ أمم ودول شمولية أخرى.

تناقضُ الحكومة في تركيا بين أن تؤيد ثورة عربية وأن تُجهضَ شعباً كردياً عن الحرية، جعلها تطرحُ نفسها كشرطي أكثر من أن تطرحَ نفسها كصديق للشعوب.

عداؤها للأكراد منع مساعدتها للعرب، وضاعتْ كلُ تلك التهديدات والصرخات بضرب سفاح سوريا، فيما هو مشغول بواجبه القومي في ذبح الأطفال والنساء، وفيما الجيش العربي السوري يقوم بدوره التحرري ويقصفُ الأحياءَ الشعبية ويدكها على رؤوس السوريين، فيما تصرخ تركيا الحكومية صرخات رهيبة في الهواء.

الدعوة العربية القومية كان يمكن لو أنها أثمرت وأنشأت دولاً متعاونة وشعوباً مترابطة ما كان من الممكن رؤية هذه المناظر المروعة بذبح شعب والعالم كله يتطلع بهدوء ويتجادل فيما هي مذبحة أم أعمال روتينية للجيش.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديدُ (عصرنا)
- الثورة السورية.. تفتيتُ صخرةِ الجيش
- الإخوانُ المصريون من الأيديولوجيا إلى الحكم (٢-٢ ...
- الإخوانُ المصريون من الآيديولوجيا للحكم (١-٢)
- تراجعُ الخيالِ الاشتراكي (٢-٢)
- تراجعُ الخيالِ الاشتراكي(١-٢)
- الثنائيةُ الحادةُ
- تحديثٌ عربيٌّ جديدٌ
- نقدُ المغامرةِ التاريخية(٢-٢)
- نقدُ المغامرةِ التاريخية (١-٢)
- بدأَ بالصراخ وانتهى بالصمت
- الحريقُ
- الإخوان المنشأ والتطور
- صعوباتُ التراكمِ في الخليج بالقرن ال ١٩
- صراعُ المحورين والثقافة الديمقراطية
- المقارباتُ الديمقراطيةُ مطلوبةٌ
- بين قطبينِ اجتماعيين مختلفين
- الدينُ والاشتراكية (٢-٢)
- الدينُ والاشتراكية (١-٢)
- ديمقراطيةٌ من دون برجوازية


المزيد.....




- في أمريكا.. سرعة وراحة فائقة تنتظر الركاب مع إطلاق قطارات فا ...
- في -حفرة الماس- بأركنساس.. عروس تعثر على ماسة نادرة لخاتم خط ...
- ترامب يشير لقمة ثانية مقبلة مع بوتين.. وبيان أوروبي مشترك بع ...
- شاهد: ثوران جديد لبركان جبل إتنا في صقلية.. حممٌ تتدفق وتُذه ...
- البرتغال تُفعّل آلية الحماية المدنية الأوروبية لمواجهة الحرا ...
- مظاهرة شعبية في اليمن رافضة لمخطط إسرائيل الكبرى
- عملية عسكرية وقصف إسرائيلي مكثف على قطاع غزة
- مصر وألمانيا تحذران من خطورة سياسات الاستيطان ورؤية -إسرائيل ...
- الاحتلال يجمد الحسابات البنكية للبطريركية الأرثوذكسية بالقدس ...
- ترامب وبوتين على طاولة قمة ألاسكا.. رؤى متباينة لإنهاء الحرب ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - مأساةُ الشعبِ السوري بين القوميات