|
من الاجدر بروسيا ان تدعم البديل العلماني للنظام السوري
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3801 - 2012 / 7 / 27 - 19:34
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
ليس بخاف عن احد ان الثورات المندلعة في الشرق الاوسط و منها الثورة السورية، بانها تضم خليطا كبيرا من الاطراف و العاملين فيها، و هي الثورة التي استهلت بداية من اجل تحقيق اهداف انسانية سامية و احلام مختلفة و بداية العتق و التحرر من القيود، لانه عاش اكثر من غيره في ظل حكم كان يتصف يفرض الكبت و القهر و القمع و التعسف على الشعب، وكان الظلم سيد الموقف في ظل غياب الحرية و الديموقراطية و انعدام العدالة الاجتماعية و في ظروف حياتية سياسية تعمقت انغماس مخالب الدكتاتورية في كيان و جسد الشعب . و هذا ما دفع الجميع الى ان يعتقد بان هذه الثورات هي المخلص و المنقذ . و لكن من استغل ما يحدث و تدخل و دفع بالمسار و انحدره لصالحه، كلام يمكن الاستطالة في تحليله بما حدث من التغييرات غيرالملائمة و غير اللائقة ايضا على ارض الواقع بعد الثورات، و يجب تقييم هذا الموضوع بناءا على ما استنتجه الشعب في هذه المدة القصيرة، ولو ان الثورات و ما تفرضه مستمرة في اكثر من بلاد و موقع . الواقع الاجتماعي و الوعي العام و المستوى الثقافي و طبيعة و سمات المجتمع و الاهمال و الخلل في النخبة و الصفوة و اسبابه و التي دفعت الى ان تضللت بما تجري . كما ان احتساب الانظمة السابقة على العلمانية و بما كانت تدعي بانها تمتلك خصائصها و تعمل وفقها و العلمانية الحقيقية منهم براء . وجراء الخلط و الفوضى، اخذت ردود الافعال من قبل المتتبعين تفعل ما تشاء و تؤثر على الراي العام في غضون مجريات الثورات، وهذه الشعوب بشكل عام كانت تلتزم بصمت و هدوء بما تؤمن به و تفهمه من العقائد و الاخلاقيات و تتمسك بالسهل دائما كما هو حال كافة الشعوب من حيث الفكر و الفلسفة . اما على الصعيد الخارجي، فان القوى الخارجية و المسيطرة منها بالاخص من الراسمالية العالمية و انظمتها هي الملمة بما كانت تجري و تصرف جل جهدها بحماس كما هو المعلوم، و لم تدع ما يجري ان ياخذ مجراه الطبيعي، و تدخلت و فعلت بكل قوتها ما يخدم توجهاتها و ثقافاتها و اهدافها و مبادئها العامة ان كانت تتسم بها ضمن تلك الحدود التي تنساب لصالحها بشكل مطلق، على الرغم من ادعاءاتها الكثيرة من قبيل الحقوق الانسان و الحرية و الحداثة و التقدمية . و بناءا على ما تهم هذه القوى، فان ما سارت عليه قوى الاسلام السياسي بما تحمله من الفكر و الفلسفة و الشعارات و السياسة على الارض لم تتعارض مع جوهر الثقافات و التوجهات و الافكار التي تعتمدها النظام الراسمالي العالمي، لا بل تتوافق مع البعض في اكثر المجالات و منها الاقتصادية و السياسيية و النسبة العالية جدا من النظرات الفلسفية . لذا نرى القوى الغربية لم تعارض بل تسند احلال الاسلام السياسي بديلا للانظمة السابقة المهترئة لان وجودهم لا تعارض مسيرة تحقيق و تامين الخطوات التي تقع لصالح الاستراتيجيات البعيدة المدى لهم في المرحلة الحالية ايضا . لم تتقاطع السياسات المتبعة مع الثقافات و الخطط التي رسمتها الجهات الغربية للمنطقة، و لم يعاد البديل الموجود ما يعمل به الغرب من ابقاء التوازن المذهبي الديني السني و الشيعي لخير تطبيق الخطط و السياسات المطلوبة تنفيذها في هذه المرحلة . هذه السياسات و ما يدور في العمق معلوم للجميع، و لكن لابد ان يذكر اي متتبع بشكل جيد ان القوى الداخلية للبلدان الثائرة لم تتطلع جميعها الى هذا البديل بل تفاجات العديد منهم، و اختلط الامر كثيرا و به اعتلت قوى على حساب اخرى مضحية في الكثير من البلدان . لو نختصر الكلام على سوريا فقط، فان البداية كانت مستبشرة و الجماهير بكل مكوناتها هي التي استيقضت و صحت و طلبت التغيير ، و لم تستجب طلباتها من قبل الدكتاتورية مما استطالت من عمر الثورة و ادخلت الشكوك في قلوب الجميع لما يمكن ان يحل البديل المناسب للشعب، و انتقلت الحال الى ايجاد البديل من خضم العمليات العسكرية الدائرة لحد اليوم . و بعدما تعقدت الامور، شكٌت القوى العلمانية جميعا اينما كانوا من ما يجري و انسحبت قطاعات واسعة منها شيئا ما ليس حبا بالنظام و انما استنكارا لما يجري من تعكر الاجواء و انعدام الشفافية و سيطرة جهات بعينها و ما رافقت العمليات تدخلات خارجية مصلحية واضحة، و به تعقد امر الثورة و اخذ مسار الثورة اتجاهات لم يكن العديد من المشاركين يتوقعونه، و لم يكن الشعب يعتقد بان يصل الى ماهو عليه اليوم قبل السقوط و ما تشهده البلاد من الدمار و الانحطاط . فان كانت الدكتاتورية لا تهمها الدولة و ما فيها بقدر ما تريد من البقاء على كرسي السلطة و الحفاظ على مصالحها فليس من المعقول ان تتدخل افكار و اعتقادات و مذاهب بحد ذاتها في عمق الصراع و بدوافع عقيدية دينية مصلحية بحتة فقط، و لم يكن ما يهم الشعب محسوبا لديها مما يجري الان . بعد تعقيدات الامور اكثر فاكثر، عندما تصارعت القوى الكبرى ايضا بكل ما لديها على الثورة السورية بشكل خاص، و كان بالامكان اجتناب ما يحصل لو استحضر البديل المناسب داخليا و بدعم القوى جميعا بعيدا عن المصالح الخارجية المسيئة للثورة من قبل القوى الاقليمية و العالمية . لكن استمرار الثورة و تعنت النظام الدكتاتوري و عدم تنازله اضر بنفسه و الشعب معا، و اليوم الجميع متيقنون بان عليهم ان يختارون مابين الامرٌين . النظام السوري ساقط بكل المقاييس و فقد كل ما يبقيه على سدة الحكم بماء الوجه من كافة الجوانب، الا ان الدعم الروسي الذي يطيل من عمره، و يزداد يوميا بعد اخر سفك الدماء جراء ذلك و لم يتروى او يهدا الغرب بل لم يعتمد على الحل الوسط حتى اليوم لاسباب و عوامل مصيرية لديهم . فعلى روسيا قبل غيرها ان تعيد ثقة هذه الشعوب اليها بالنسبة المعقولة و المفيدة لسياساتها الخارجية المستقبلية، و ان تحاول ان تعيد نظرة البلدان اليها كما كانت قبل الثورات على الاقل . ان لم تقدر، فعليها ان توضح ما لديها من الاسباب التي تمنعها من ترك النظام السوري على ان يتهاوى في وقت قصير، و ربما تكون مبرراتها معقولة نتيجة ردود الفعل لما حدث خلال و بعد ثورات العصر في البلدان الاخرى و خوفها من مستقبلها في المنطقة بشكل كامل، و يمكن ان تكون مواقفها و ارائها و حججها لصالح الشعوب و لم يكن لديهم وسيلة لتفهمها من قبل، و لابد من استيضاح الامور من جهة، اما من جهة اخرى لابد ان تدعم روسيا البديل المناسب للنظام السوري بالشكل الذي يحفظ كرامة اى مواطن و يعيد لروسيا الثقة و التواصل مع هذه الشعوب و باي طريقة كانت . كما اعتقد، ليس هناك بد الا ايجاد خارطة عمل وبرامج متفقة عليها و الخطوات التي تسهل الانتقالة السلسة للنظام قبل ان تنجح القوى الظلامية من تحقيق ماليس لصالح الشعب و المنطقة بشكل عام و يكون المتضرر جميع الشعوب و المهتمين و في مقدمتهم روسيا ايضا . الشعب السوري له مكوناته المختلفة وله سمات و خصائص و مميزات تختلف تمام مع الشعوب الثائرة الاخرى، مثلما يحتسب الغرب لهذا العامل بشكل خاص كما هو واضح على الارض كثيرا، لابد لروسيا ان تستقرا الوضع و المواقف و تتعامل مع الموجود بمستجدات العصر و بالارضية الجديدة . اي البديل العلماني المناسب للشعب السوري و الذي يمكن التوافق عليه عالميا و داخليا هو المطلوب قبل ان يخرج الامر من الايدي المهتمة و تحل الفوضى العارمة، انها لفرصة اخيرة للحل الملائم و الوصول نسبيا الى بر الامان في فترة معينة، و يمكن ان يفيد الحل سوريا و المنطقة و مصالح الجميع بشكل عام جيدا على حد سواء، و الدفاع المستميت عن النظام السوري المتهالك يضر بروسيا و بالجميع و يمهد لوصول بديل غير ملائم في الوقت غير المناسب، كما يتمنى العديدون من اصحاب المصالح الضيقة.
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يتحمل وزر ما يحصل في سوريا
-
اي موقف للمهتمين يقع لصالح الثورة السورية ؟
-
احذروا من التلاعب في كوردستان الغربية
-
لماذا التشاؤم من نتائج الثورات ؟
-
ما يعتري الثورة السورية من الشكوك
-
الاكتشافات العلمية و تاثيراتها على العقلانية في الفكر و الفل
...
-
موقع الكورد عند الصراع الروسي الامريكي في هذه المرحلة
-
كيف تُستنهض العلمانية في منطقتنا ؟
-
ما بين مليونية ساحات التحرير و الكربلاء و الكاظم
-
مصر، أُم الثورات، الى اين ؟
-
السكوت المطبق لمثقفي العراق!!
-
كيف يخرج الكورد من الازمة العراقية معافيا بسلام
-
الجوانب الايجابية و السلبية لسحب الثقة عن المالكي
-
هل اهدر المالكي فرصة تجسيد الديموقراطية في العراق ؟
-
الى متى تستمر الازمات العراقية المتلاحقة ؟
-
حتى الحمار فرض احترامه على الكورد و غيره لم يتمكن !!
-
التخوف من مصير ثورات العصر له مبرراته
-
الوضع العراقي بحاجة الى الحلول الجذرية
-
طبيعة و تركيب الطبقة الكادحة في منطقتنا
-
المطالبة بحق تقرير المصير على ارضية الخلافات !!
المزيد.....
-
حزب العمال اليساري يفوز بالانتخابات العامة في أستراليا
-
غزة تنادي في اليوم العالمي لحرية الصحافة: أوقفوا إبادة الصحف
...
-
أستراليا: حزب العمال الحاكم يفوز بالانتخابات العامة وزعيم ال
...
-
م.م.ن.ص// 10 سنوات مرت على جريمة مبنى النقابات في أوديسا.
-
الحزب الشيوعي الفيتنامي هيئة سياسية تختزل تاريخ دولة
-
الأمن الفيدرالي الروسي يكشف قتل بريطانيا ما بين 7000 و12000
...
-
كلمة الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد ال
...
-
بيان للحزب الاشتراكي يكشف ما دار بين الشرع وجنبلاط
-
أغنياء وأقوياء ضد فقراء وضعفاء؛ ترامب يعولم الصراع الطبقي!
-
الصراع على سوريا… مجدداً
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|