|
الجوانب الايجابية و السلبية لسحب الثقة عن المالكي
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3746 - 2012 / 6 / 2 - 01:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الوضع السياسي العراقي يمر باحرج مرحلة له منذ سقوط الدكتاتورية من كافة جوانبه و ما يحتمل الوصول اليه في اية حالة كانت الحراكات الحالية، و من حيث افرازات الصراعات المتعددة المحتدمة و وصلت الى قمتها و الى حال يمكن ان نعتقد بانها على حافة الهاوية و ربما تنزلق في اية لحظة كانت، لاسباب عديدة و اولها عدم الاحساس بالمسؤلية الكبرى التي هي على عاتق من يتحمل ما يحل بالبلد و يجمتع لديه اكثر السلطات كما خوله الدستور و عدم الانتهاء من اقرار القوانين و الفراغات السياسية و عدم ملأ المناصب الحساسة، و الوكالات المخولة لمن اهل الثقة له فقط . هناك وراء الخطوات و النوايا و التدخلات المختلفة لشؤون البلد من قبل القوى الاقليمية المتصارعة، و هذا ما دعا و فرض الابواب المفتوحة على مصراعيها لكافة الاحتمالات الخطرةالاخرى ايضا. ما يتمخض في اية حالة و ما هو المنتظر باي شكل وقع فان احلاهم مر، سواء سُحبت الثقة ام لاء . ان كان الدوافع ماوراء المطالبات ما يمكن ان نسميها متطلبات الصراع الاقليمي فهو الشر بعينه، و ان جاء مابعد المالكي اي كان و ما سيحمل من العقلية و العقيدة و التوجهات و التاريخ، لانه يتسلم واقعا في الحضيض اصلا و يستسلم للامر الواقع بما فيه و لن يتمكن من السيطرة على الاوضاع مهما كان قدرته و مهارته و كفاءته . لا نريد هنا الاسهاب في بحث ما تفرضه الاطراف او الاحرى الجبهتان المذهبيتان الاقلميتان على العراق وفق ما تفرضه مصالحهما، و لكن علينا ان نتفهم ما يفرضه الواقع الاجتماعي السياسي العراقي الداخلي و ما وصلنا اليه من محاولة الاطراف كافة من الحصول على قطعتها الكبيرة من الكعكة. فالتفرد المفرط للمالكي في العديد من امور السلطة التي ارادت ان تكون كافة مفاصلها تحت امرته و المجموعة الصغيرة من حوله، و ما خطط من بناء الاساس الحديدي له و لحزبه متخطيا كل ما تفرضه ظروف العراق الجديد، مهمشا و مهملا لما يفترض ان يكون الصمام الامان للعملية وهو التوافق الذي يفرضه الموزائيكية التركيب للمجتمع، وفارضا توجهاته متجاوزا العلاقات التي فرضها التاريخ و التراكمات و الخصوصيات مستغلا السلطات الممنوحة له من قبل الدستور، بعيدا عن القوانين الاساسية التي يمكن ان تدير له الامور و ترشده في المهمات الحساسة ، محاولا بكل جهده الهيمنة على كافة المواقع الحساسة مبنيا توجهاته على نظرته القديمة الجديدة من احتمال فقدان السلطة الذي هو نقطة الضعف فيه، في الوقت الذي يحسب له بالحذر، و مذعورا من المستقبل الذي يفكر فيه وهو يتصرف وفقا لما يعتقده و يؤمن بهو هو نابع من تلك التخوفات التي يعتقد بانها ستلحق الضرر بمذهبه ايضا لو لم يحسب لها الحساب و المستند على مقولته الشهيرة( ما نعطيها بعد ) و هذا ما عقد المشكلة اكثر و سار بالبلاد الى ما نحن فيه الان و لا يمكن ان يعود الى ما كان عليه من العقلية البراكماتية . رغم الادعاءات الكثيرة التي اطلقها في هذه الفترة من حكمه فانه مؤمن بالمركزية القوية التي هي مشكلة العراق الكبرى منذ العقود المنصرمة، و يستوضح هذا من سياساته العامة و كما اعتاد عليه في حزبه قبل الحكومة و كيف تمكن من ازاحة منافسيه . ارتكب المالكي اخطاءا كبيرة و هو يتعامل مع الجهات عبر ما تفرضه الصراعات الحزبية و المصالح دون النظر الى تراكمات التاريخ و حقوق المكونات، و اتخذ خطوات سريعة ليست في مكانها و استعجل كثيرا في ما كان يخطط له في استراتيجيته وهو ينوي تحقيقها و كشف باكرا ما كان ينويه و ما تخوف دائما المتحالفين معه قيبل المنافسين و المتصارعين معه، و استند على شخصيات متشددة متطرفة في افعاله . الجانب الايجابي في سحب الثقة عن المالكي هو تثبيت عملية تداول السلطة الذي يحتاجه العراق و العملية السياسية و الديموقراطية بشكل عام و بشكل تطبيقي بعيدا عن الوعاضات و الخطابات، و هو يضع للحدود و الموانع امام من ينوي التفرد في السلطة يوماما في العراق الجديد، و هذا ما يفرض التوجهات المرسخة و المجسدة للفدرالية و اللامركزية و التعددية، و يكون مثالا حيا لمن يطمح ان يعيد امجاد القائد الاوحد المغوار والدكتاتورية مهما كان دينه و مذهبه و حزبه و عقيدته و فكره، و يكون درسا للجميع بعد سقوط اعتى الدكتاتوريات و من يحن لها بعد السقوط و باي شكل كان. و يثبت بالعملية ما يتطلبه الانفتاح و احترام الاخر و الاستناد على القوانين فقط لا شخصيات معينة مستندة على الكاريزما، فبسحب الثقة هذا يصبح العرف ان مصير كل من يحيد عن الدستور و القوانين السقوط مهما امتلك من القوة والصراع، و ربما يلجا المتبارون الى تنافس من اجل تقديم الاحسن، ان احسنت الجهات في العمل و لم يكونوا مهتمين لسحب الثقة من زاوية انتقال السلطة اليهم فقط . هناك الكثيرون ممن يمتلكون القدرة و العقلية و الكفاءة لادارة البلاد بشكل سوي و وفق ما يتطلبه و يفرضه موجبات الحداثة و العصرنة و الروح التقدمية و العقلانية المفترض وجودها في القادة، وما يؤمن بمنع عودة اي شكل او مظهر من مظاهر الدكتاتورية، و في المقابل يفرض الاستماع و الاخذ بالراي الاخر و الحساب له، اي تفرض عملية سحب الثقة بعيدا عن ما يخص المالكي او لاء ، تفرض بذاتها رؤية جديدة للعملية السياسية و كيفية حكم البلد بعيدا لاي اعتبار لاي شخص كان و بداية للعملية السياسية ان صدق المجتمعون، ان اخذت العملية بعيدا عن الصراع العقيدي الديني المذهبي، و تكون خطوة مهمة و جادة في المسيرة الطويلة للديموقراطية و ابتعاد الاستناد على الكاريزما و عبادة الاشخاص، وهي بداية بناء المؤسساتية في البلد . و انها المعول الاول لحفر مقبرة الدكتاتورية العادلة التي يؤمن بها اغلبية القادة الجدد في الشرق الاوسط و في العراق بالذات على الرغم من عدم نطقهم بها بشكل صريح، و لكنهم يطبقونها بخطوات عملية و يفكرون بموجبها . الاهم في عملية سحب الثقة مهما كانت النوايا و من وراءها هو استبعاد عودة الحزب القائد وبداية التخلخل في عقلية المواطن من نظرته و ايمانه الى الحزب القائد المستند على التاريخ و الشهرة و الشخصيات بعيدا عن المنجزات العامة للشعب . عمليا يمكن ردم الثغرات الكبيرة الموجودة في الدستور و التي وفرت الفرصة و فرضت توجهات و ساعدت على الانفراد وهو تجمع السلطات العديدة في مركز دونه، و دون توزيعها او فرض تقيدات واقعية علمية عليها . و يمكن بهذه العملية ان يُعاد النظر في الفقرات المبهمة و اعادة توزيع الصلاحيات و اعادة الهيبة الى مجلس النواب و الى العقل الجماعي الديموقراطي و السلطة الحقيقية له لخدمة الشعب . اما اكبر السلبيات الفارزة من العملية هو احتمال تاخر تشكيل الحكومة الجديدة ربما، و استمرار المالكي في سلطته عن طريق حكومة صرف الاعمال بعيدا عن المراقبة و المحددات لصلاحياته، و يمكن ان يتخذ خطوات بردود افعال مما يحتمل في النتيجة ان تاخذ الحكومة و العملية السياسية الى الهاوية، و سيكون عندئذ ابوابا مشرعة على كافة الاصعدة لاتخاذ خطوات خطرة مما يمكن ان تولد منها الحروب الاهلية . اضافة الى انتفاء سلطة البرلمان و عدم تمكنه من تشريع القوانين المصيرية التي من المفروض اقرارها و استبعاد المراقبة على الحكومة يوصلها الى ضفاف الفوضى العارمة من الفساد، ان لم يخطط المتحالفون على سحب الثقة في كيفية انبثاق الحكومة الجديدة في وقت قياسي بشكل سلس . في كل الاحوال، ان العملية السياسية تتاثر و هي الان متراجعة خطوات ، و الديموقراطية تراوحت خلال هذه الفترة القصيرة اكثر في مكانها و انشغلت الناس عن الامور المهمة، و كان بالامكان حل المشاكل لو التزمت الجهات كافة بالدستور اولا و التاريخ الذي يحتم التعامل مع المكونات المختلفة بما تستحقه . و كانت اكبر المسؤوليات على اكتاف المالكي الذي استعجل و كشف سريعا عن نواياه الضيقة الافق و تعامل مع النظام السياسي العراقي كما فعل في حزبه و لم يحسب للفروقات بين الحزب و الشعب، و لم يتعمق مع الحقائق و الاستحقاقات و بنى خطواته على الافرازات و المعلومات اليومية و ما ينتج من الصراعات بعيدا عن متطلبات و ابعاد العصر الجديد. ازداد الطين بلة في العراق بعد التشدد و التوسع و التحالفات و الائتلافات المذهبية التي اصطفت فيها القوى المختلفة العديدة بعد الثورات في الشرق الاوسط و ما اتخذت من الخطوات غير المرحبة بها اقليميا و داخليا . المهم عندنا هو ترسيخ النظام الديموقراطي الفدرالي التعددي و تداول السلطة و عدم احتكارها من قبل شخص او حزب ما، و ليس العراق لما يهم حزب و شخصية ما مهما كان موقعه، و الهدف هو ابعاد الانفراد و ملامح الدكتاتورية و تكون عملية سحب الثقة تجربة امام الاعين لمن ياتي و هو يتعض و يعتبر منها مهما وقعت الصراعات او النتائج النهائية . و لن تكون هناك تحالفات مستمرة الى الابد، و تستبعد التحالفات العرقية المذهبية شيئاما و يبدا زمن فرض المصالح لذاتها على التحالفات بعيدا عما يفرضه المذهب و العرق و ربما يكون بداية النقطة الايجابية للعراق الجديد .
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل اهدر المالكي فرصة تجسيد الديموقراطية في العراق ؟
-
الى متى تستمر الازمات العراقية المتلاحقة ؟
-
حتى الحمار فرض احترامه على الكورد و غيره لم يتمكن !!
-
التخوف من مصير ثورات العصر له مبرراته
-
الوضع العراقي بحاجة الى الحلول الجذرية
-
طبيعة و تركيب الطبقة الكادحة في منطقتنا
-
المطالبة بحق تقرير المصير على ارضية الخلافات !!
-
الزاهد العلماني هو المنقذ
-
هل الوقت ملائم لأعلان دولة كوردستان المستقلة ؟
-
هل مجتمعاتنا تصنع الذئاب لتحكمها دائما؟
-
مايؤخذ على تعميم ارتداء الثياب الكوردية في عيد المراة العالم
...
-
حتمية مرور ثورات الشرق الاوسط بالفصول الاربعة
-
ما هي رهانات الشباب في العراق اليوم ؟
-
بسالة الشعب السوري وصلت الى القمة
-
من كان جزءا من المشكلة لا يستطيع حلها
-
اقليم كوردستان بحاجة الى دستور ديموقراطي
-
ثورات العصر بين تعامل الشرق و الغرب
-
هل يستحق الشعب الكوردي دولته المستقلة ؟
-
هل من تغيير فوري بعد الثورات ؟
-
مواجهة التحديات الانية على حساب الاستراتيجيات!!
المزيد.....
-
سوريا.. ما حقيقة فيديو -البالونات الغازية- للتصدي للطائرات
...
-
السلطات الفرنسية تبحث عن سجين أطلق سراحه عن طريق الخطأ
-
شويغو: الناتو والاتحاد الأوروبي أطلقا برامج لإعداد الغرب لصر
...
-
طبيب عائد من غزة يصف الأوضاع الصحية والإنسانية بالقطاع
-
جبهة الخلاص بتونس تطالب بإيقاف المحاكمات -الصورية- للقيادات
...
-
ترامب: سكان غزة يتضورون جوعا.. وسنساعدهم ليحصلوا على -بعض ال
...
-
عقب ضربة إسرائيل لليمن.. الحوثي يتوعد برد قوي
-
الحكومة الفلسطينية ترفض الآلية الإسرائيلية المقترحة لتوزيع ا
...
-
طرق فعالة لمحاربة إدمان الحلويات
-
ترامب يرجح عقد اتفاق تجاري مع كندا خلال زيارة كارني
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|