أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - على درب القيامة الكبرى في دمشق














المزيد.....

على درب القيامة الكبرى في دمشق


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3796 - 2012 / 7 / 22 - 15:02
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الشعور العام في دمشق أن 18 تموز، يوم سقوط الجنرالات الأمنيين، هو لحظة فاصلة في مسار الثورة السورية. بخاصة أن خسارة النظام بعض مخططي القتل الكبار جاءت بعد 4 أيام من تحول مدينة دمشق إلى جبهة المسلحة الرئيسية.
تتجه أقوى الترجيحات إلى أن النظام سيمضي في ما تمليه عليه غريزته العميقة، القتل، وسيتوسع فيه. هذا بالفعل كان رد فعله المباشر على مقتل الجنرالات. يحتمل أنه سقط نحو 350 شهيدا يوم 18/7، أكثرهم في دمشق، ومنهم 137 على الأقل ضحايا قصف استهدف مشيعين لأحد الشهداء في حي السيدة زينب. وفي اليوم التالي سقط نحو مائتين، أكثرهم في دمشق وحولها أيضا. وهذا بعد أن كان متوسط عدد الشهداء اليومي في البلد ككل أدنى من 100 في الأسابيع الأخيرة.
لكن في الوقت نفسه تتسارع علائم التفكك والانهيار، انشقاقات متزايدة في الجيش، ومعنويات متدنية لرجال النظام، يزيدها تدهورا احتمال أن يكون بشار الأسد هرب إلى اللاذقية على ما تقول معلومات متواترة، ما يعطي رسالة مقلقة للموالين. والأهم تآكل متسارع لسيطرة قوات النظام في الأطراف، وخروج كامل بعض المناطق عن السيطرة في الشمال الحلبي (تواترت معلومات يوم الخميس عن سقوط منافذ حدودية سورية تركية في الشمال الحلبي بيد كتائب "الجيش الحر") والإدلبي والشرق الديري (سقوط منفذ البوكمال بيد الثوار المسلحين) والجنوب الحوراني. سبق أن سيطرت المقاومة المسلحة على كثير من هذه المناطق، لكنها لم تكن قادرة على الاحتفاظ بها. اليوم، ومع تحول دمشق إلى ميدان المعركة الرئيس، لن تستطيع قوات النظام العودة إلى هذه المناطق. وسواء صح أو لم يصح أن هناك وحدات عسكرية تقصد دمشق من درعا ومن جبهة الجولان، فإن الانكفاء إلى العاصمة هو الاتجاه المحتم لحركة قوات النظام. بالنتيجة، الأطراف تتحرر.
هذه كلها عمليات بدأت للتو، ويصعب تقدير مساراتها والمنعطفات التي قد تمر فيها. يعرض الوضع السوري منذ بداية الثورة سمتين متناقضتين: استحالة التوقع على المدى القريب من جهة، والمسار المحتوم ذي الاتجاه الواحد نحو سقوط النظام على المدى الأطول من جهة أخرى. نعرف المحطة الأخيرة يقينا، نهاية "سورية الأسد"، لكننا لا نعرف شيئا عن الدروب التي ستفضي بنا إليها. وما حققه يوم سقوط الجنرالات (ومن المحتمل أن ماهر الأسد بينهم) هو قفزة في تسارع الزمن السوري. صار يقاس بالساعات والأيام، بعد أن كان يقاس منذ بداية الثورة بالأسابيع والشهور، وبالسنوات والعقود طوال أكثر من أربعين عاما من الحكم الأسدي.
وبينما لا يزال واردا أن يتفوق النظام على نفسه في الجنون، ويرتكب مجازر أوسع نطاقا من كل كما سبق، لا يبعد أيضا أن "يفشَّ" مثل بالون منفوخ، وبقدر من المقاومة أقل مما نتخوف. مزيج من هذا وذاك هو ما نرجح أن يحصل.
مشهد دمشق في هذا الوقت يوحي بقيامة صغرى. تجولتُ في شوارع رئيسية في منتصف المدينة بعد ظهر يوم الخميس الماضي. كانت الشوارع خالية أو تكاد، المناطق التجارية في الصالحية والحمرا والشعلان وشارع 29 أيار والبحصة والمرجة والحلبوني مغلقة. المقاهي التي لم أحاذر المرور من أمامها هذه المرة قليلة الرواد، ونسبة حركة المشاة والسيارات في الشوارع في حدود 10% بالكاد. المدينة مضربة، في مزيج من الرغبة والرهبة، الاحتجاج والخوف. أما ميسوري المدنية فقد عبر 20 ألفا منهم إلى لبنان في يوم الخميس نفسه.
مقاتلو الجيش الحر لا يخفون أنفسهم في مناطق متعدد جنوب وشرق المدينة. والمتجول، حسب معلومات ناشطين شبان، لا يكاد يعرف أين ينتهي انتشار قوات النظام ويبدأ انتشار مجموعات المقاومة المسلحة. في العموم تسيطر قوات النظام على شوارع رئيسية، وينحسر نفوذها في داخل الأحياء والضواحي. لكن هذا واقع متغير. بالكاد انقضت خمسة أيام على بدء "معركة دمشق"، وكل ساعة تأتي بمعلومات جديدة، يصعب التيقن من صحتها دوما. لكن الاتجاه العام مؤكد: النظام سائر نحو الانهيار.
نقدر أن يجري في دمشق على نحو ملخص ما سبق أن جرى في حمص وإدلب ودير الزور ودرعا...: تهاجم قوت النظام مناطق الثائرين، تلحق بها دمارا واسعا، تفوز في أية مواجهات موضعية، لكنها تخفق نسقيا في تحجيم الثورة، وتخسر المواجهة الأوسع، وتسير بثبات نحو خسارة الحرب التي فرضتها على المجتمع السوري.
وبينما يبقى توقع الأمد القريب ممتنعا، فإننا نكاد نجزم أن دمشق لن تكون حمص أخرى، ولا دير الزور أخرى. ربما يفكر النظام في تحطيم أحياء في دمشق، الميدان أو برزة أو القابون...، لكنه سيواجه "القانون الحديدي" الذي يتحكم بحربه في النطاق السوري العام، ويإيقاع أسرع: يزج الجيش في المواجهة، فينشق الجيش، وينضم أكثر المنشقين للمقاومة المسلحة؛ يؤذي كثيرا المنطقة التي يستهدفها، لكنه يخلق على نطاق واسع مقاومين مدنيين. وكلما صعد النظام عنفه في مواجهة الثورة خلق مقاومين بعدد أكبر، وباحتقار أكبر له وتشدد أكبر في مواجهته، وبيقين أكبر بعدالة قضيتهم. هذا حصل طوال 16 شهرا من الثورة، وهو في سبيله إلى الوقوع في دمشق بتواتر خاطف. ولم يستطع عقل النظام مجسدا في بشار الأسد وفي جنرالات حربه أن يستخلصوا شيئا أو يفهموا شيئا. فلا هو استطاع إقناع أحد بأن له مبدأ من أي نوع، ولا هو جنح للسياسة في أي وقت. راهن على تحطيم الثورة وإبادة الثائرين، لكنه قاد نفسه إلى الغرق في الدم أكثر وأكثر، وسيموت به.
في مطلع رمضان من العام الماضي، بعد أربعة شهور ونصف من الثورة، صعّد النظام حربه ضد الاحتجاجات السلمية السورية، متسببا بعد قليل في قفزة في المقاومة المسلحة. في مطلع رمضان من هذا العام، يحتمل أن هناك 100 ألف مقاتل مسلح، على يقين راسخ بعدالة قضيتهم، وعزم لا يغلب على الانتصار لها. لا يستطيع النظام فعل شيء حيال هذا. الأمر محسوم.
القيامة الكبرى قد تقع في أي وقت.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا، وضد من يثور السوريون؟
- الثورة السورية وظاهرة -الانشقاق-... أية سياسة؟
- في عالم انفعالات الثورة السورية
- الثورات العربية وصعود الإسلاميين السياسي
- إبطال وظيفة السجن... حوار حول كتاب -بالخلاص، يا شباب!-
- في جذور الحرب وامتناع السياسة...
- صعود العدمية المقاتلة في سورية
- ثلاثي الحرب السورية... دولتان قوميتان وطغمة
- أجساد سورية العميقة وأرواح سورية الظاهرة
- على مشارف الحرب السورية
- من الأبوات إلى الأنوات... جيلان من السياسة والثقافة
- نظام الأسد بلا... أسد!
- صورة -الشوايا- وحال منطقة الجزيرة السورية
- الثورة وإفلاس نماذج التحليل السائدة
- أنا والتلفزيون والثورة
- الثورة والسلاح: خطوط عريضة من القصة
- التجديد لغليون وحال المعارضة السورية
- في تمثيل الثورة السورية وواقعها (الثورة هي السياسة الصحيحة)
- حوار في شأن الثورة والسلمية والعسكرة
- عودة إلى النقاش حول الثورة والعسكرة


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - على درب القيامة الكبرى في دمشق