أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - إوعى الأجنحة تكون صيني ؟














المزيد.....

إوعى الأجنحة تكون صيني ؟


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 3780 - 2012 / 7 / 6 - 18:48
المحور: الادب والفن
    




منذ شهر تقريبا ، حكي لي ابن خالتي وهو محاسب شاب كيف شاهد النيران وهي تشتعل في أتوبيس قبل مزلقان إمبابة ولم تترك السيارة إلا وهي هيكل محترق . أحسست بالقلق . ألم يكن هناك احتمال أن أكون أحد الموجودين داخل السيارة المشئومة ؟. لم ينقض أسبوع إلا وطالعت تقريرا بمجلة البحوث البيئية يفيد أن عدد حوادث المرور في مصر يصل إلي نصف مليون حادثة سنويا تخلف ستة آلاف قتيل، واثنين وعشرين ألف مصاب! عاهدت نفسي" لن أركب الآتوبيس بعد ذلك أبدا . مترو الأنفاق وسيلة آمنة سأعتمد عليها في مشاويري". وحين دعاني أحد أقاربي إلي عرس ابنته في الزقازيق نصحني جاري المخلص وأنا أهبط على سلم العمارة ألا أركب القطار . قال لي بنبرة خبير " احذر القطار . ألا تذكر حادثة قطار قليوب ؟ مات فيها 56 مواطن غير المصابين ! ثم لا تنسى صدام القطارين في شبين القناطر ! وتذكر أن مصر شهدت ستين حادثة قطار خلال أربعة أعوام ؟ واجب علي أن أنصحك لأنك جاري وصاحب عيال! " شكرت الرجل فواصل صعوده على السلم وقد أضاءت السعادة وجهه لأنه عمل خيرا وله عليه ثواب . قلت لنفسي " لن أحضر العرس والبركة في برقيات التهنئة " .
بعد ذلك بأيام زارتنا حماتي ومعها كيلو موز، وقالت لنا أثناء العشاء إنها تعتزم الحج في أقرب فرصة . باركنا قرارها ، وخطر لزوجتي أن تسأل بالتليفون جارنا الناصح الأمين عن أسعار بطاقات السفر لأنه ممن يتابعون أسعار كل شئ . لكن الرجل الشؤم قال لها إن حديثا بهذه الأهمية لا يصلح بالتليفون ، فالمسألة أخطر من ذلك وأجل شأنا . وجاء إلينا بنفسه وجلس وهو يحكم عباءته على جسمه . وقال لي موبخا : يا راجل ، عاوز الست الكبيرة تسافر بالطيارة ؟ قلت : ليه لاء ؟ . سحب رقبته للخلف وزام بلوم العارفين : يعني يا أخويا لحقت تنسى الطائرة التي تحطمت من أول ما طلعت من مطار شرم الشيخ ؟ ده كلام ده ؟ تخلي الست الكبيرة تسافر بالطيارة ؟ يعني بذمتك لو أنت اللي مسافر كنت ح تسافر بطيارة ؟! . دقت حماتي على صدرها فزعة وقالت : بلاش الطيارة . أسافر في البحر . هز جاري الواعي رأسه بدهاء قائلا : بحر ؟ طب والعبارة يا ست الكل ؟ عبارة السلام 98 التي غرقت في فبراير 2006 ومات فيها أكثر من ألف مواطن؟ . ونظر الناصح الأمين إلي نظرة اتهام قائلا " يعني بذمتك لو أنت اللي مسافر كنت ح تسافر بعبارة برضه ؟ " . شهقت زوجتي مذعورة " بلاش العبارات يا ماما والنبي " . سألته محتدا " إمال تسافر إزاي ؟ " . قال وهو ينهض " ده مش شغلي . أنا شغلي أنصحك وبس " . وانصرف الرجل وقد أضاءت السعادة وجهه لأنه قدم خيرا وله عليه ثواب . قلت لنفسي "جار الشؤم عنده حق " وبالمرة قررت ألا أركب الطيارات والعبارات إضافة إلي الأتوبيسات والقطارات . الحمد لله أن مترو الأنفاق موجود وآمن وجدير بكل تقدير واحترام . المشكلة أنني سمعت منذ أيام وأنا جالس في المقهى أن المترو تعطل داخل نفق محطة السيدة زينب ! المترو ؟! وسمعت أيضا أن الركاب ظلوا محبوسين كالقطط داخل العربات في عتمة النفق ساعة يصرخون من قلة الهواء إلي أن قاموا بتحطيم زجاج النوافذ والخروج ، لكن بعضهم جرح خلال التدافع .
صراحة وقعت في قبضة يأس عميق متسائلا " طيب .. ماذا أركب الآن ؟ " . لاحظ أحد الرجال الطيبين في المقهى أن لون وجهي قد تغير فهمس لي وهو يسحب نفسا من النرجيلة " لا تحزن " . قلت " كيف ؟ ولم تعد وسيلة للمواصلات آمنة ؟ " أجابني " في الشارع المجاور قرب محل العصير عمك فرغلي يبيع أجنحة!". صحت مندهشا " أية أجنحة ؟ " قال مبتسما " وكيف يذهب الناس إلي أعمالهم؟". سحبت نفسين من النرجيلة التي بيد الرجل فامتلأ صدري بعطرها الفواح ونهض الرجل الطيب وسار أمامي بهدوء وأنا أتبعه إلي أن وصلنا لعم فرغلي . كان الرجل العجوز جالسا على الأرض وبجواره قفص . سألني عم فرغلي عن مقاس الأجنحة المطلوب ثم ناولني جناحين . وأعطاني كتيبا صغيرا وهو يقول " احفظه عن ظهر قلب لأن به إرشادات النجاة " . وضعت الكتيب في جيبي ، وجربت الجناحين ، ثم استفسرت من الرجل الطيب " لكن الطيران سهل ؟" . طمأنني " كلنا كنا خائفين مثلك أول مرة . في البدء ستجد حركتك مضطربة . لكنك سرعان ما ستتحكم في جناحيك ، وتشق طريقك وسط السرب " .
صباح اليوم التالي ، كنت أطير إلي عملي في العباسية ، وفوجئت بالكثيرين يحلقون بين السحب عن يميني ويساري ، وأخذت أنظر بدهشة للأرض المزدحمة تحتي . الأكثر من ذلك أنني وجدت إشارات مرور تصادف أننا توقفنا عند واحدة منها فترة حتى اقترب رجل بجناحين فاخرين من الشاويش وغمزه بجنيه ففتح لنا السكة . حينئذ آمنت أننا شعب من الملائكة . وواصلت الطيران إلي عملي سعيدا .
عدت من شغلي بعد الظهر وهبطت على سطح المنزل وقبل أن أخلع أحزمة جناحي الاثنين رأيت جاري الناصح الأمين يضرب الهواء بجناحيه هابطا بجواري وقبل أن تستقر قدماه على سطح المنزل قال لي " إوعى تكون الأجنحة اللي عندك دي صيني ؟! لأن بتفك وأنت طاير !! "



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى رحيل سعاد حسني
- انتخبوا أنفسكم !
- جلباب أزرق
- انتخابات الرئاسة بمصر - الانقاذ الوطني مهمة عاجلة
- لماذا تقف الثورة وحيدة عزلاء في الانتخابات الرئاسية بمصر ؟
- نداء إلي مرشحي اليسار والديمقراطية في مصر
- عبد الرحمن الخميسي .. والدي .
- سعد القرش وكتابه - الثورة الان -
- رحمة - قصة قصيرة
- رؤوف نظمي .. رحيل فارس مصري
- في الأدب تجد نفسك كاملا
- الطابق الرابع - قصة قصيرة - أحمد الخميسي
- رأس الديك الأحمر - قصة قصيرة
- وداعا للقذافي الطاغية .. مرحبا بحلف الناتو !
- - باب مغلق - قصة قصيرة
- ماهو أدب الثورة في مصر ؟
- لوزير العدل المصري .. سجل أنا مع الشغب !
- ثورة يقودها أعداؤها !
- يوسف إدريس .. عشرون عاما على الرحيل
- - أحب ساراماجو - - قصة قصيرة


المزيد.....




- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - إوعى الأجنحة تكون صيني ؟