علي عبد الكريم حسون
الحوار المتمدن-العدد: 3778 - 2012 / 7 / 4 - 20:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في (( المشاهدة )) يجري قتل من يعزف الموسيقى ........
وفي (( الشعلة )) يفجّر محل الحلاق وبيت العائلة المعوقة .....
كتابات عن الوضع الأمني وتداعياته السياسية .
علي عبد الكريم حسون
الحادثتين أعلاه , حدثتا في أواخر شهر حزيران الماضي . فقضاء الطارمية الواقع شمال بغداد , يشهد نشاطا وتواجدا لقوى القاعدة وربيبتها ( دولة العراق الأسلامية ) , ومنطقة المشاهدة تقع ضمن رقعتها الجغرافية , فقد تم قتل مواطن أمام أنظار عائلته بحجة أنه يعزف على آلة موسيقية . و حيث تستعرض المجاميع الأرهابية قواها وبشكل علني ,ففي يوم 19 حزيران الماضي , كان إستعراضهم العسكري أمام الناس , تحديا وجسارة وصلفا , وإعلانا بوجودهم ضمن المنطقة التي شهدت أيضا توزيع المنشورات التي تهدد عناصر الشرطة والصحوة .
الحادثة الثانية , حادثة الشعلة الواقعة شمال غرب بغداد , جرت وقائعها يوم 27 – 6 – 2012 بين أحد فصائل البيت الشيعي ( عصائب أهل الحق ) حيث قامت مجموعة عصائب مدينة الحرية بالهجوم على مجموعة عصائب مدينة الشعلة المجاورة , حيث دارت المعركة في شارع 60 في الشعلة , وتحت أنظار قوات الشرطة والجيش التي لم تتدخل . ومنطقة الشعلة ينشط فيها التيار الصدري وجناحه المنشق عنه ( العصائب ) , وحيث جرى في نفس اليوم تفجير محل حلاقة , وعند الرابعة فجرا , تفجير بيت على ساكنيه الأربعة في منطقة الغزالية المجاورة للشعلة . والمفارقة المؤلمة أن الأب وإبنته معوقان , حيث أستشهدا مع الأم والأبنة الآخرى .
يستدل المواطن العادي من قراءة وتحليل الحادثتين , على أن هناك تشابها في الأسلوب بين المختلفين مذهبيا , وأن إعلان الوجود وإشهار التواجد , يتم عبر القتل والترويع , وأن الرسائل المراد توصيلها للآخرين تتم أيضا عبر إنهاء حياة الناس البسطاء .
والغريب أيضا أن شهر حزيران وبالتحديد يوم الثامن والعشرين منه , شهد تفجير ثلاث سيارات مفخخة , كان خط سيرها من جسر المثنى بإتجاه الكاظمية , وبنفس إسلوب تفجير سوق الشعلة قبل أيام , بسيارة محملة بالخضر والفواكه . وكانت حصيلتها هدم أجزاء من خمس عمارات في ( جرد آلبو عبود ) في منطقة شاطيء دجلة , وتضرر أكثر من خمسين محلا ودكانا , وأكثر من مائة بيت . ويوم أمس الثلاثاء الثالث من تموز الحالي حدث تفجيرا الديوانية وكربلاء بنفس إسلوب سيارات نقل الخضرالمخخة والمتجهة لسوق الفواكه والخضر .
وإسترسالا في عرض تسلسل الأحداث , جرى في نفس الفترة الزمنية , وفي منطقة شاطيء دجلة تفتيش بيوت الطائيين بحثا عن السلاح , وهم المشهود لهم بالتصدي للأرهاب والأرهابيين , حيث كان نصيب منطقتهم 83 قذيفة خلال سنتي 2006 و2007 وسقوط عدد منهم شهداء وجرحى .
وضع أمني هشّ , وقوات وسيطرات مخترقة , وأجهزة تتحرك ببطئ السلحفاة , تتواجد بعد الحدث , تقطع الطرق وتعيق حركة الناس بنقل جرحاهم , حيث تتأخر سيارات الأسعاف بالمجيء وكذلك سيارات إطفاء الحرائق .... الكل متورطون , والكل مساهمون ومشاركون بالتدهور الأمني . سواءا بالتخطيط أو التنفيذ أو الأهمال واللامبالاة ... وإلاّ كيف يفسرّ إتهام مدير شرطة مرور الرصافة بالأهمال والتواطؤ أو التغافل عن حركة السيارات المفخخة . وما معنى قتل محامية في مدينة الحرية وتفجير سوق مفتن في حي الوشاش , إن لم يكن لزعزعة الأمن الذي هو متزعزع أصلا , وكرسي حكام العملية السياسية لايتزعزع ....
أما آن , لساكني المنطقة الخضراء , أن يترجلوا لاسيرا على الأقدام , فذاك بعيد المنال , بل بسيارة عادية ليتجولوا ليس بعيدا عن قصور الطاغية المقبور التي سكنوها غصبا بعد أن إغتصبها صدام وحاشيته , من سكان منطقة العباسية في كرادة مريم . أقول ليتجولوا في علاوي الحلة والكريمات والشواكة وباب السيف والصعدة ومحلة الذهب وسوق حمادة , وليشاهدوا الناس في حياتهم اليومية . أليسوا هم نوابهم الذين وصلوا للمجلس بأصوات من بكى ولطم وندب مأساة الأمام الحسين ومأساته الشخصية , وهم الآن يعيشون العوز والحرمان والفاقة وإنعدام الخدمات وتفشي البطالة ... هذا المواطن البسيط , والذي عضّ أصابع بنفسجية , ندما , على إنتخاب ستة عشر نائبا وصلوا للمجلس بالقاسم الأنتخابي فقط من أصل 325 , أوصلتهم أصوات كتلهم الطائفية والأثنية والعرقية والمناطقية والجهوية .
رب العائلة وجد نفسه أمام هرولة غير مجدية , وراء حاجيات بيته الغذائية , فما عادت ألوف الدنانير التي تتسرب من بين يديه , تسديدا لفواتير الكهرباء والماء والمولدة الأهلية وتطبيب أفراد العائلة , كافية في ظلّ تضخم ينهب مافي اليد القابضة على دريهمات معدودة . ووعد حكومي بائس بمكرمة رمضانية تتضمن خمسة كغم من الطحين نمرة صفر وحبيبات عدس , ولسان حكومي جرى إبتلاعه عن قرب تجهيز المواطن بسلة غذائية متكاملة ومتعاقد عليها مع شركة أجنبية , في محاولة باهتة للقضاء على فساد مستشري في وزارة التجارة , المحكوم على وزيرها السابق الهارب , بالسجن أخيرا وبدون مذكرة قبض معممة على الأنتربول .
المواطن البسيط وإبن البلد الشريف , لم يعد معنيا بإسطوانة مشروخة , عن سحب للثقة أم إستجواب , من المستجوب ومن المسحوب عنه الثقة ؟ رئيس الوزراء , أم رئيس مجلس الوزراء ؟ ... حوار للأصلاح , أم تهديد بفتح ملفات ؟ ياترى مالذي تضمه هذه الملفات الشيطانية من فساد وإجرام ؟ ولماذا تجميعها عبر السكوت عنها سنينا ؟ ثم التلويح بفتح صندوق بندورا الذي يضمها .....
الأفق مسدود , والمستقبل معتم , مادام هؤلاء المتحاصصون والمتوافقون أصلا على الأقتسام للمغانم والمكاسب والأمتيازات , ممسكون بتلابيب السلطة , التي جعلوها فيئا لهم , حلالا زلالا فتوردت خدودهم وأصبحوا في نعيم يرفلون بالسحت الحرام , مكتنزين الأموال والعقارات والأرصدة والأبراج في أبو ظبي ودبي وعمان وبيروت التي ( تكرشوا فيها فعادوا بلا رقبة )
تجارب العالم تقول لنا بأن مسؤولا ما في دولة ما , إستقال والسبب ليس فضيحة مالية أو فساد أو إستغلال منصب فقط . وإنما لأسباب المحاباة أيضا . وأن دولا في العالم لاتنتظر إنتهاء الدورة الأنتخابية , لكي تأتي حكومة أخرى , بل تسقط الحكومة أو تستقيل أو تسحب الثقة عنها فتجري عندئذ الأنتخابات مجددا . أما عندنا فالمسؤول الأول والثاني والعاشر ومن هو في الصف الأخير ( خانة الشواذي ) لايتزحزح من كرسيه الذي قد حباه به الله والنبي والأئمة الأطهار . فهو ظلهم على الأرض , والمصطفى من كل البشر لأتمام الرسالة الألهية , ولأتمام برنامجه الحكومي , الذي عرقله ويعرقله الحاسدون والمتصيدون في الماء العكر ....
#علي_عبد_الكريم_حسون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟