أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - القرنُ السادس عشر والسابعُ عشر العربيان














المزيد.....

القرنُ السادس عشر والسابعُ عشر العربيان


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3772 - 2012 / 6 / 28 - 09:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يستطع العربُ دخولَ عصر الثورة الصناعية، إنهم يعيشون فيما قبل ذلك، لكن بشكلٍ مختلف عن الغرب، بدرجةٍ أرقى من جانب البنية التحتية وأكثر تخلفاً في جانب البنية الفوقية.

تصنيعُ الموادِ الخام لم يتحْ تثويرَ البُنى الاجتماعية، فإيجاد صناعاتٍ صغيرة ومتوسطة غالبةٍ لم يَقم بهذا الدور، فيما الصناعاتُ الحكوميةُ العامة هي مراكزُ تصنيعِ الموادِ الخام وبثُها على القواعدِ السفلى.

رغم ذلك فإن الاقتصادَ مماثلٌ لاقتصادِ أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر، من دون تدفقِ الذهبِ القادم من أمريكا المُكتشَّفة حديثاً، وبدلاً منه تدفق الذهبُ الأسودُ من الجزيرة العربية، لكنه لم يستطع الدخولَ في الصناعات بل توجه للربح السريع في العقارات والمعاملات المالية والسياحة.

فيما كان سيلُ الذهبِ والتدفقاتِ المالية في الغرب وقتذاك يتوجه نحو الصناعات البازغة، مرحلة المنيفاكتورة، ونحو مرحلةِ الصناعةِ الآلية المبكرةِ المتسارعة التي أحدثت الثورةَ الصناعية وكل الحضارة الحديثة الراهنة.

سبق لأوروبا إنشاءَ حركةٍ ثقافية نهضوية منذ القرن الثالث عشر وما بعده، وجاءت مرحلةُ التصنيع فيها وقد انتشر التنويرُ وتنامت الطباعةُ ومئاتُ الآلاف من نسخ الجرائد اليومية الناشرة للأدب والفكر، وخرجتْ النساءُ للصناعة، وجاء عصر الديمقراطية في نهاية القرن الثامن عشر الأوروبي.

تعددتْ الموادُ الخام وصناعاتُها وأغنتْ أمريكا الموادَ الخام بشكل أكبر وخرج مهاجرون كثيرون وأصبحت الصناعات بين قارتين، مما جعل مصطلحَ الغرب الصناعي يتكون ويخرج للغزو وجلب المواد الخام الأكثر والأكثر تنوعاً.

العالمُ العربي وهو يعيشُ على مادةِ خامٍ واحدة أو على موادٍ خام قليلةٍ فينحصرُ في بُنى اجتماعية محافظة تقليدية، ويفتقر على مستوى تنوع خامات الصناعة وعلى مستويات العاملين فيها، ومن هنا هو يعيش بين مرحلةِ التنوير الفاشلة ومرحلةِ التثويرِ العائدة للوراء.

البُنى المحافظةُ الاجتماعية، ومستوى الثقافة (النصوصية) السائدة تجعلهُ غيرَ قادرٍ على تثوير المواد الخام، والانتقال للصناعة الآلية والتقنية الواسعتين.

ولذا يغدو مستوى معالجته لفهم الأديان مستوى نصوصياً، بمستوى الحفظ وتجزئة الفقرات وتصعيد جمل مقطوعة من سياقاتها، والتركيز على أحكامٍ تعود لعصورٍ خلت، بدلاً من الغوص فيما وراء النصوص وإدراك السببيات العميقة لها.

فهو غيرُ قادر على استثمار ثروته البشرية السكانية الواسعة، لكي تعالجَ موادَهُ الخام معالجات عميقة، فتجعله صناعات متطورة، ودقيقة، ومتغلغلة في الأسواق العالمية، فهو يعيشُ على كفاف الطبيعة مرةً تعطيه قطناً يحوله الآخرون لصناعاتِ نسيج تتطور بشكل مستمر، ومرةً تعطيهِ نفطاً فيصدرُهُ للآخرين يحولونه لثروات صناعية وتقنية متقدمة.

يجعلُ ثروتَهُ السكانيةَ معطلةً بأشكال مختلفة، مرةً على هيئةِ نساءٍ محبوسات في عصر الحريم، ومرةً على هيئةِ رجالٍ ونساء متكدسين في الوزارات الحكومية المختلفة، ومراتٍ على هيئاتِ شباب عاطلين وضائعين وعنفيين.

إضطرابُ العالم العربي بين التنويرِ التحديثي والتثوير السحري نتاجُ هذا الاقتصاد الخام، لم يكوّن الصناعات الثورية التي تجعل جماهيره قادرة على الدخول في عصر الديمقراطية، فدخوله للديمقراطية يجري عبر الاستبداد الديني، فربما أدتْ الديمقراطيةُ السياسيةُ القائمة على الطائفية والمحافظة الاجتماعية وغيرُ القائمة على ديمقراطية المصنع والمعهد العلمي والعلمانية إلى رجوعه للوراء وتخريب ما صنعه السابقون.

حداثةٌ وديمقراطيةٌ من دون تصنيع متطور واسع، ومن دون كسر سيادة المادة الخام والخرافة الناتجة عنها والذكورية والقبلية وأخواتها المعششة في الأبنية الاجتماعية، هي مرادفة لمرحلة المانيفاكتورة الأوروبية في تلك القرون التحضيرية للثورة الصناعية الديمقراطية، فكانت قريبة من العصور الوسطى وتجاوزتها، والتي لم تنتقل إليها إلا عبر الصناعة الآلية الجماهيرية.

وحتى الانتقال للصناعة الآلية يحتاج إلى تطورات كبيرة في حقوق الإنسان وثقافة الجماهير ومن هنا نحن نقترب من الدخول في العصر الحديث، لكن عبر قيادات طليعية ديمقراطية تقرأ بموضوعية أسس التطور الاجتماعي الحديث وتدفع باتجاهها لا أن تخالف المسار البشري العام.

لكن بدلاً من ذلك يحدث العكس!

فتجد القوى التقليدية جمهوراً أكبر مؤيداً لها في العمليات السياسية، لكن من أجل أن تكرسَ كسلَهُ وتقليديته وسيطرات متخلفة فيه، فتستغلُ أصواتَهُ لبقائهِ في أوضاع يريد أن يتجاوزها لكنه لا يعرف كيف، ويدركها عبر نصوص دينية مُبسّطة الفهم لديه، فيريد أن يحصل على تطور ومعيشة جيدة من دون أن يتغير بعمق في عاداته العملية وقراءته الفكرية وأصواته السياسية.

هذا الجمهور هو الذي يحدد التطورَ القادم وهو يعيشُ في الماضي، فيجرب في بلدانه وحياته.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتقالُ الصراعِ المصري داخل الدولة
- النشأة المبكرة للتحديث
- الدولةُ والدكتاتوريةُ الروسية( ٢-٢)
- الدولةُ والدكتاتوريةُ الروسية (١-٢)
- الصراعُ بين التقليديين في ذروتهِ بمصر
- تطور مشترك للديمقراطية في المنطقة
- مناضلون بلا قواعد
- الزلزالُ السوفيتي والانهيارُ العربي
- الاشتراكيةُ من حلمٍ إلى كابوس (٢-٢)
- الاشتراكية من حلم إلى كابوس (١- ٢)
- مصر والعجزُ عن تشكيلِ طبقةٍ وسطى حرة
- من رأسماليةِ الدولةِ إلى الرأسماليةِ الحرةِ
- الماديةُ والعلوم (٢-٢)
- الماديةُ والعلوم (١)
- إلتقاءُ الطائفيين ب (اليساريين)
- رأسمالياتُ الدول العالمية
- الاستعمارُ والديمقراطيةُ (٢-٢)
- الاستعمارُ والديمقراطية (١-٢)
- التحديثُ من قلبِ المدن
- هل هي ثوراتٌ أم غزوات؟


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - القرنُ السادس عشر والسابعُ عشر العربيان