أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - النشأة المبكرة للتحديث














المزيد.....

النشأة المبكرة للتحديث


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3770 - 2012 / 6 / 26 - 09:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



خلال قرنين اضطربتْ التطوراتُ في الأمم الإسلامية والشرقية عامة للخروج من التخلف والاستبداد، وانتصرتْ فيها مشروعاتُ التسريع الشمولية ثم أعادتها لنقط البدايات فكأن مائةَ سنةٍ مرتْ في فراغٍ تاريخي، فروسيا تقتربُ من مائة سنة على (ثورة) أكتوبر، والصين تقترب من سبعين سنة ومصر تقترب من خمسين ورغم التحولات الاقتصادية الكبيرة فإن مشكلات السلطات الاستبدادية لم تُحل.

عانتْ هذه الأممُ اليسار المغامر واليمين المغامر، وكلاهما شكلٌ للاستعجال التاريخي، سواء صار ذلك مرة إلى الأمام، أو إلى الخلف، فقضايا السلطات وتوزيع الثروات عبر القوانين الاقتصادية لا السياسية تعقدتْ وتراكمتْ وتشكلُ ألغاماً هائلةً في تطور المجتمعات الشرقية السائرة على النمط نفسه.

حتى لدى كبار مفكري اليسار الغربي الديمقراطي حدثت الإشكالية نفسها في بداية التحول الديمقراطي، ونظراً لتفاوت التطور بين الدول الأوروبية فإن بلداناً مثل إنجلترا وفرنسا وهولندا سارعت في التطور الديمقراطي المتجذر ورفضتْ أحزابُها الثورية مسائلَ الهيمنات الشمولية لأي طرف.

كانت هذه الدول نفسها قد شهدت الصراعات المريرة بين البرجوازية المنتصرة التي حكمتْ وبين العمال، وانفجرتْ حركةُ الشارتيين (الميثاقيين) في سنة ١٨٣٠ بانجلترا وقُمعتْ بقسوة ولكنها لم تكن تطالب سوى بأهدافٍ ديمقراطية مثل حق العمال في التصويت الانتخابي!

لكن هذه الحقوق تم الحصول عليها بعد ذلك وغدتْ بنيةً اجتماعيةً في حياة العمال، ثم تأسستْ حركاتٌ سياسية لهم، عبرَ انخراطِ العمال والشعب عامة في تجذير الديمقراطية والثقافة.

هذا التطور الأسرع لشعوب غرب أوروبا لم يكن هو نفسه لدى شعوب وسط أوروبا، في حين كانت روسيا وشعوب شرق أوروبا بعيدةً كثيراً عن هذين المستويين.

ومن هنا فإن صعودَ الألمان للتحولات الديمقراطية كان متأخراً عن نظرائه الغربيين، وانفجرتْ الحركةُ العمالية بقوة في ألمانيا سنة ١٨٤٨ مثلها مثل شعوب أوروبية أخرى، ولكن البرجوازية الألمانية كانت عاجزة عن تطوير الديمقراطية فقد سارع العمال قبلها للحراك السياسي، فهي غدتْ خائفةً على مصالحها خاصة أن اليسار الألماني رفع شعارات الاشتراكية لذا فضلتْ الاستبدادَ على صناديق الاقتراع.

من هنا تداخلَ في نشأةِ الاشتراكية الألمانية جانبي الدكتاتورية والديمقراطية، ولهذا نجدُ ذروةَ الصرخات الثورية فيها وشعار دكتاتورية العمال معبرةً عن طفوليةِ هذه التجربة وعدم نضجها وعدم حصولها على زمنٍ تاريخي كافٍ للممارسات السياسية، كذلك فإن المسائل القومية ذات أثر كبير غائر فيها، فتمزقُ الألمان بين ولاياتٍ وحكوماتٍ كثيرة خلقَ فيهم الرغبةَ في التسريع الشديد كحالِ روسيا المتأخرة المهددة بكيانها الشائك والصين المهددة بالغزو الغربي وكحال العرب الآن.

شعارُ دكتاتوريةِ العمال الذي كان يرنُ بقوةٍ في كتابات ماركس وأنجلز في سنوات نهايةِ الأربعينيات وبدايات الخمسينيات من القرن التاسع عشر، هو نتاجٌ لفتوة الشبيبة الألمانية العمالية وانفعالها وحين انغمرت ألمانيا في التحولات الاقتصادية الصناعية الكبيرة لم يتصاعد ذلك الشعارُ واختفى، ونشأتْ الحركةُ الاشتراكيةُ الديمقراطية لتفعل ما تفعله مثيلاتها في الدول الغربية الأكثر تطوراً من العمل لتحقيق إصلاحات اقتصادية اجتماعية للأغلبية الشعبية وإيجاد كتل في البرلمانات والمشاركة في الحكومات.

وهكذا فإنه في بلدان شرق أوروبا تأخرتْ في هذه التطورات، وبقيت الشموليةُ صامدةً في روسيا التي كانت هي القوةُ الاستبدادية الكبرى بين الغرب والشرق ولهذا فإن شعارَ دكتاتورية العمال وجدَ له أرضاً خصبة فيها، وكان فصمُ الديمقراطية من حركة الاشتراكية الديمقراطية تعبيراً عن تغلغل الاستبداد في الحركةِ التي صورتْ نفسَها بأنها ماركسية مستعينةً بذلك التردد الألماني الذي جرى في تلك السنوات الشائكة من تطور ألمانيا.

إذا كانت التحولاتُ في غربِ أوروبا احتاجتْ إلى قرون من النهضةِ والتحديث والصناعة لتتردد لحظاتٍ بين الدكتاتورية والديمقراطية، فإن روسيا والصين بعدها ومصر وغيرها من الدول الشرقية ذات البُنى الاجتماعية المحافظة لم تكد تجري فيها مثل هذه التحولات فلم تتردد كثيراً في تقبل الدكتاتوريات المختلفة، لكن هذه القفزات نحو الدكتاتوريات جرتْ من خلال تنظيمات وقوى سياسية قالتْ إنها ثورية، لكنها ألغتْ الديمقراطيةَ من تسميةِ الأحزاب ومن حياتها التنظيمية الداخلية ومن طبيعةِ البناءات السياسية التي شكلتها ومن العلاقات الاجتماعية بين الأجناس والطبقات والقوميات، ومن التعامل مع المذاهب والأديان والتراث عامة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولةُ والدكتاتوريةُ الروسية( ٢-٢)
- الدولةُ والدكتاتوريةُ الروسية (١-٢)
- الصراعُ بين التقليديين في ذروتهِ بمصر
- تطور مشترك للديمقراطية في المنطقة
- مناضلون بلا قواعد
- الزلزالُ السوفيتي والانهيارُ العربي
- الاشتراكيةُ من حلمٍ إلى كابوس (٢-٢)
- الاشتراكية من حلم إلى كابوس (١- ٢)
- مصر والعجزُ عن تشكيلِ طبقةٍ وسطى حرة
- من رأسماليةِ الدولةِ إلى الرأسماليةِ الحرةِ
- الماديةُ والعلوم (٢-٢)
- الماديةُ والعلوم (١)
- إلتقاءُ الطائفيين ب (اليساريين)
- رأسمالياتُ الدول العالمية
- الاستعمارُ والديمقراطيةُ (٢-٢)
- الاستعمارُ والديمقراطية (١-٢)
- التحديثُ من قلبِ المدن
- هل هي ثوراتٌ أم غزوات؟
- العوامُ الخطرون
- فئاتٌ صغيرة تابعة


المزيد.....




- مشاهد تخطف الأنظار لأشجار معمرة على قمة جبلية في سلطنة عُمان ...
- هل وافقت إيران على إنهاء الحرب مع إسرائيل؟
- -بعدما وبخها-.. ترامب: إسرائيل لن تهاجم إيران وطياروها سيلقو ...
- هكذا فاجأ ترامب كبار مسؤوليه بإعلان وقف إطلاق النار بين إيرا ...
- قمة لحلف الناتو لرص صفوف الحلف واسترضاء ترامب
- ترامب -يفجّر مفاجأة- بوقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل.. ...
- أكثر فعالية وأقل كُلفة من القُبة الحديدية: ما هي منظومة الشّ ...
- إيران: تزايد القمع خلال الحرب تحت غطاء -مطاردة الجواسيس-
- بلدة قصرنبا اللبنانية.. موطن الورد ومائه
- التحول العظيم في العالم ونظرية النهايات


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - النشأة المبكرة للتحديث