هل بدأ قرع طبول الحرب الأهلية في سوريا؟!!

أسامة ابوديكار

الحوار المتمدن-العدد: 3770 - 2012 / 6 / 26 - 02:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هل بدأ قرع طبول الحرب الأهلية في سوريا؟!!
دأب السوريون على اختلاف انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية، على رفض الفكرة القائلة بأنهم قادمون على حرب أهلية، وبالطبع رفضوا بشدة فكرة من يعتبرهم يعيشون حرباً أهلية حقيقية، ففريق يعتبر أن الحرب الدائرة اليوم هي حرب النظام على الشعب ـ كل الشعب ـ الذي انتفض من أجل كرامته وحريته، ولم يجد هذا النظام سوى الحل القمعي طريقاً لبقائه. وفريق آخر يعتبر أنها حرب ضد إرهاب "العصابات المسلحة" التي تتحرك وفقاً لمؤامرة خارجية تريد ضرب "سوريا الممانعة والمقاومة".
لكن لا هذا ولا ذاك يقبل بأن ما نعيشه، أو كحد أدنى ما نحن قادمون عليه، هو حرب أهلية توفرت معظم شروطها الشريرة لتبدأ بحريق البلاد والعباد.
ولو صدقنا ما يقوله الفريقين، فكيف يمكننا تفسير مقتل أكثر من خمسة عشر ألف سوري، بينهم أطفال ونساء، وكيف نفسر وصول عدد المعتقلين لأكثر من مئتي ألف معتقل، وكيف لنا أن نفهم ظاهرة النزوح نحو بلدان الجوار، أو النزوح الداخلي، الذي وصلت أعداده إلى مئات الآلاف من النازحين، تحت وطأة القصف والتدمير والقتل العشوائي؟!!
والأدهى من ذلك، كيف لنا أن نفسر مذابح المدنيين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، وهل ما حصل في الحولة والقبير، يندرج تحت أي مسمى مختلف عن الحرب الأهلية القذرة والقبيحة؟!!
وهل يعبّر هذا "الانتقام الهمجي" إلا عن حالة قطيع من الخنازير أوغلت في دم ضحاياها من الأبرياء؟!!
العالم المتفرج على مأساتنا، يحذرنا اليوم من مخاطر الحرب الأهلية، يرانا ننزلق يوماً إثر آخر نحو القتل والقتل المضاد.. "ينصحنا كما الأفاضل" ألا ننساق وراء نهر الدم الوطني، الذي يخترق البلاد من أقصاها إلى أقصاها.. يقدم لنا "الدروس" أن الكثير من الشعوب لم تتنبه إلى ما وصلت إليه من الخراب والتدمير، إلا حين أصبحت في قلب الحرب الأهلية.
العالم يحذرنا وهو يسمع طبول هذه الحرب من بعيد.. وربما يستمتع بها ويرقص على إيقاعاتها العنيفة؟!!
ورغم عدم احترامي للمواقف الدولية من الأزمة التي وصلنا إليها، إلا أنني أخشى أن يكونوا على صواب فيما يقولونه، وبأننا لن نشعر بفداحة ما نخسره حقاً، إلا حين نصبح في قلب نيران الحرب الأهلية، التي تأكل الأخضر واليابس، وآنذاك لن يفيدنا الندم، لأننا سنجهد كثيراً لنستعيد سوريا العظيمة بأهلها وشعبها المدني الواحد، وربما لن يتاح لنا الوقت لنجلد ذواتنا على "صمت القبور" الذي مازال يعيشه الكثيرون، إزاء نكبة الشام ومحنتها.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات