أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - هل الحل في حكومة الأغلبية؟















المزيد.....

هل الحل في حكومة الأغلبية؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3767 - 2012 / 6 / 23 - 13:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أثبت التاريخ أن الديمقراطية في أي بلد في العالم لم تتحقق بسهولة، بل عبر مخاض عسير، وفي معظم الحالات بعملية جراحية، عن طريق الحروب والثورات والانتفاضات المسلحة، لأن الحاكم المستبد لن يتنازل عن سلطته ونفوذه طوعا، ليمهد للانتقال التدريجي إلى النظام الديمقراطي بسلاسة ودون هزات عنيفة. ولا الشعب المحكوم طوال تاريخه بالظلم والجور قادر على ممارسة الديمقراطية عند ولادتها وتطبيقها بسهولة. لذلك فالمرحلة الانتقالية من الاستبداد إلى الديمقراطية الناضجة لا بد وأن تكون مليئة بالاضطرابات والآلام إلى أن يتدرب الشعب على ممارستها، وتصبح الديمقراطية جزءً من ثقافتها الاجتماعية، وهذا ما حصل في دول الديمقراطية العريقة.

وما يزيد الطين بلة في حالتنا العراقية، أن حكم البعث أعاد الشعب العراقي إلى ما قبل نشوء الدول والأمة، فأحيا فيه القبلية والعشائرية التي أصدرت ثورة 14 تموز شهادة وفاتها بإصدار قانون إلغاء حكم العشائر عام 1958. ولكن باغتصاب البعث للسلطة تم بعث القبلية والعشائرية، وتحويل العراق إلى إتحاد مشايخ، وصار صدام حسين شيخ المشايخ. كذلك وزع البعث ظلمه على الشعب العراقي حسب انتماءاتهم القبلية والأثنية والطائفية، إضافة إلى انتعاش النزعة الدينية، وبالتالي ظهور الإسلام السياسي، فمن الطبيعي في هذه الحالة أن يجد الناس ملاذهم الآمن بالتخندق في القبيلة والعشيرة والطائفة والأثنية. وكل هذه العوامل تعتبر معوقات للديمقراطية.

لقد رأت القابلة الأمريكية التي أشرفت على ولادة الديمقراطية، أن تشرك جميع مكونات الشعب العراقي وكياناته السياسية في الحكم دون أقصاء أو استثناء، وحسب ما تفرزه صناديق الاقتراع. ولكن المشكلة،أن هناك بعض الشركاء شاركوا في العملية السياسية لا لإنجاحها بل لإفشالها. وقد أثبتت تجارب السنوات التسع أن هناك كتل سياسية مشاركة في السلطة، وتهيمن على معظم الوزارات الخدمية، ولكنها في نفس الوقت تعمل على شل عمل الحكومة، ونهب الثروات، وحرمان المواطنين من الخدمات، والعمل على نشر الفساد المالي والإداري بغية إثارة تذمر الشعب ضد الحكومة التي يشاركون فيها بحصة الأسد، وليثبتوا للمواطنين أن الديمقراطية لا تصلح للعراق، ولا يمكن حكمه إلا بحكم البعث المستبد، وقائد سياسي مثل صدام حسين بالقبضة الحديدية.

في الحقيقة، عمل حزب البعث خلال 35 سنة من حكمه الجائر على تأكيد وتكريس هذا الاعتقاد في صفوف الشعب، وذلك بتفتيت النسيج الاجتماعي، والتجهيل المتعمد، ونشر ثقافة العنف، وروح الاستسلام والعدمية، واضعاف النزعة الوطنية، وجعل المواطنين يعتقدون أنه لا مناص لهم من الاستسلام التام لحكم البعث، واعتباره كالقدر المكتوب، وبالتالي لا يمكن حكم هكذا مجتمع متشرب بالعنف إلا بالقبضة الحديدية، وبالتالي لا تصلح الديمقراطية للشعب العراقي.

إن مشاركة جميع الكتل السياسية من مختلف أطياف الشعب دون استثناء أو إقصاء، في (حكومة الشراكة الوطنية الشاملة) لا يخلو من إيجابيات، فهكذا حكومة تضم ولأول مرة في تاريخ العراق، كل الكتل السياسية التي تمثل جميع مكونات الشعب وفق ما تفرزه صناديق الاقتراع. ولكن الجانب السلبي لهذه الحكومة، أن نسبة كبيرة من المشاركين فيها غرضهم من المشاركة هو شل الحكومة وإفشال العملية السياسية وإعادة التاريخ إلى عهد البعث الصدامي وتحت مختلف الواجهات والذرائع.

يقول المفكر الهندي Amartya Kumar Sen ، الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية لعام 1998: "يجب ألا نسأل أنفسنا هل شعب ما مؤهل للديمقراطية أم لا، وإنما يجب أن نعرف أنه لا يصبح أي شعب مؤهلاً للديمقراطية إلا من خلال ممارسته لها. لذلك، فالديمقراطية هي ليست الغاية فقط، بل هي أيضاً الوسيلة لتحقيقها"، أي لا يمكن تحقيق الديمقراطية في بلد ما إلا من خلال الديمقراطية نفسها، وفي هذه الحالة لا بد من وقوع أخطاء، والشعوب تتعلم من أخطائها.

وهذا ما نلاحظه في التجربة العراقية. فمنذ سقوط حكم البعث الفاشي إلى اليوم، وخلال تسع سنوات، ورغم الحملات الإعلامية العربية الظالمة لتضليل الشعب العراقي، والرأي العام العربي والعالمي، وتشويه صورة الديمقراطية والحكومة المنتخبة، إلا إن الأحداث بدأت توقظ الشعب العراقي، فبدأ العراقيون يدركون ما يحاك ضدهم، ويميزون بين السياسيين المخلصين للعراق، وأولئك الذين يريدون الشر به، ويعيدونه إلى العهد البعثي الصدامي وخدمة لمصالح بعض دول الجوار، ولأغراض شخصية وفئوية، وطائفية، وعنصرية على حساب المصلحة الوطنية.
فهؤلاء الشركاء لهم رجل في السلطة ورجل في المعارضة، بل وحتى من له رجل في الإرهاب. وقد أثبتت السنوات الماضية أن هكذا حكومة لا يمكن لها أن تنجح في تقديم الخدمات، وتوفير الأمن والاستقرار والتخلص من الفساد والإرهاب، لأن في هذه الحكومة وزارات تابعة لكتلة معادية للديمقراطية تعمل على شل عمل الحكومة، أي أن نصف الحكومة يشل عمل النصف الآخر، فلا بد في هذه الحالة أن تكون المحصلة صفر. وهذا ما حصل كنتيجة لحكومة تضم جميع الكيانات السياسية، المؤيدة والمعادية للديمقراطية دون تمييز.

ما الحل؟
لا يمكن للحكومة أن تراوح في مكانها لتسع سنوات على حساب المواطن الذي يدفع الثمن، وحرمانه من الخدمات والعيش بكرامة رغم توافر الأموال الهائلة. فطالما فشلت حكومة الشراكة الوطنية الشاملة، يجب تجربة البديل الآخر، وهو حكومة الأغلبية. فالمعروف في الأنظمة الديمقراطية أن لا بد من معارضة ديمقراطية تحت قبة البرلمان من نواب الكتل السياسية غير المشاركة في السلطة، وخارج البرلمان من منظمات المجتمع المدني، و الصحافة الحرة التي تمثل الرأي العام، تراقب نشاط الحكومة والأحزاب عن كثب، وتحاسبها على كل صغيرة وكبيرة.

وما يشجع على تشكيل حكومة الأغلبية والتخلي عن حكومة المشاركة الشاملة، أن هناك عدد غير قليل من نواب كتلة "العراقية" والتيار الصدري، والتحالف الكردستاني، أدركوا ما يحاك ضد العراق من مؤامرات قذرة من قبل السعودية وقطر وتركيا وغيرها، وأن المستهدف هو مستقبل العراق والديمقراطية، فهناك حراك سياسي لإعادة اصطفاف القوى السياسية في تحالفات جديدة. لذلك فشلت محاولات جماعة أربيل بقيادة البرزاني-علاوي- الصدر-النجيفي وبتحريض ومباركة السعودية وتركيا وقطر في سحب الثقة من رئيس الوزراء السيد نوري المالكي كما قرأنا ذلك في رسالة فخامة رئيس الجمهورية السيد جلال طالباني*. لذا فالحل الأنسب، في رأينا ورأي الكثيرين من السياسيين والكتاب، هو تشكيل حكومة الأغلبية.

والجدير بالذكر، أن هناك من يدعي أن (حكومة الأغلبية) هي حكومة تكريس الطائفية، ولكن هؤلاء أنفسهم ملئوا الدنيا ضجيجاً بوصف (حكومة الشراكة الشاملة) بحكومة المحاصصة الطائفية والعنصرية. فهؤلاء هم ضد أية حكومة منتخبة، أغلبية أو شاملة، لأن غرضهم هو إفشال العملية السياسة برمتها وباسم الديمقراطية. ووفق الاصطفافات الجديدة التي يمكن تشكيل حكومة الأغلبية فيها ممثلين عن جميع أطياف الشعب دون استثناء. لذلك، فالادعاء بأن حكومة الأغلبية تعني عزل مكونة أو طائفة معينة إدعاء باطل.

خلاصة القول، إن حكومة الأغلبية المنسجمة تعمل بانسجام أفضل بكثير من حكومة الشراكة الشاملة المتنافرة، نصفها يشل النصف الآخر.

[email protected] العنوان الإلكتروني
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/ الموقع الشخصي
ـــــــــــــــــــــ
* نص رسالة طالباني للقادة المطالبين بسحب الثقة من المالكي
http://almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=65097:2012-06-16-06-36-32&catid=42:2009-05-23-11-31-27&Itemid=214



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة للأزمة العراقية الدائمة
- حول دور الأنصار في إسقاط الفاشية البعثية
- مؤتمر أربيل وثقافة المسدس والزيتوني!!
- هل مؤتمر التجمع العربي لنصرة الشعب الكردي أم لنصرة حكامه؟
- اسباب عداء السعودية للعراق
- هل المالكي مشروع إيراني؟
- حوار مع النقاد حول الموقف من الأزمة العراقية
- قاسم والمالكي بين زمنين، التشابه والاختلاف
- الدعوة للتطهير العرقي جريمة ضد الإنسانية
- حول تزييف التواقيع ومداهمة مقر طريق الشعب
- الإيمو، الوجه الآخر للحملة -الوطنية- لتدمير الدولة العراقية( ...
- حول اضطهاد الحزب الشيوعي العراقي من قبل الاستخبارات العراقية ...
- الحملة (الوطنية) لتدمير الدولة العراقية(1-3)
- هل تعيد أمريكا السيناريو الأفغاني في سوريا؟
- لماذا يغيِّر المثقفون قناعتهم؟*
- حول توزيع الموارد النفطية على الشعب؟
- الشباطيون الجدد.. إلى أين؟
- الهاشمي لعب دور حصان طروادة بامتياز
- الصديق رياض العطار في ذمة الخلود
- دكتاتورية الشيعة وتهميش السنة، وهم أَم حقيقة؟


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - هل الحل في حكومة الأغلبية؟