أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الشباطيون الجدد.. إلى أين؟















المزيد.....

الشباطيون الجدد.. إلى أين؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3632 - 2012 / 2 / 8 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الذاكرة العراقية صورٌ مؤلمة وبشعة لاسم شباط، فما أن يتذكر العراقي هذا الاسم حتى وتبرز في مخيلته، وأمام ناظريه صور انقلاب 8 شباط 1963 الدموي الأسود، والذي سمّاه أحمد حسن البكر بـ"عروس الثورات"، بينما أطلق عليه شعبنا اسم يستحقه وهو(عاهرة ثورات الردة)، الانقلاب الذي اغتال فيه شذاذ الآفاق ثورة 14 تموز المجيدة، وقيادتها الوطنية، وقتلوا خلال أسبوع واحد نحو عشرين ألف من خيرة الوطنيين من مختلف القوى الوطنية، وأحالوا الشوارع، والساحات، والمنتديات الرياضية في طول البلاد وعرضها وخاصة بغداد، إلى معتقلات مزدحمة، لأن السجون ومراكز الشرطة لم تسع للعدد الهائل من المعتقلين، نساءً ورجالاً، إضافة إلى جرائم الاغتصاب، وهتك الأعراض، والقتل تحت التعذيب من قبل صبيان الحرس القومي الفاشي. وكان أياد علاوي أحد هؤلاء الحرس مع رفيقه صدام يمارسون هوايتهم في تعذيب المناضلين ودفنهم وهم أحياء.

الانقلاب الدموي الأسود الذي قاده البعثيون وحلفاؤهم القوميون العرب، الناصريون وغيرهم من مختلف فصائلهم الفاشستية، وحفنة من الضباط العسكريين الذي باعوا ضمائرهم ووطنهم وشرفهم العسكري والوطني، لقاء دراهم بخسة، فدفعوا ثمن خيانتهم فيما بعد وصاروا لعنة للتاريخ. وكما تفيد الدراسات في هذا الخصوص، أن تآمر على ثورة تموز أكثر من أربعين جهة لا يجمعها أي جامع سوى عداءهم للشعب العراقي لأنه تجرأ بالثورة على التبعية الاستعمارية، وأراد تحقيق السيادة الوطنية الكاملة، والاستفادة من ثرواته الهائلة والخروج من التخلف. وما أشبه اليوم بالبارحة.

لقد أدخل المتآمرون العراق في نفق مظلم منذ ذلك اليوم الشباطي الأسود وإلى يومنا هذا، ولا نعرف كيف ومتى ينجلي عنه هذا الليل البهيم. لذلك صار اسم شباط يثير في مخيلة الإنسان العراقي أبشع الذكريات المؤلمة وأعمق الأحزان الدفينة.
ولكن مهلاً، فالبعثيون يعرفون كيف يزيلوا السخام عن وجه هذا الشهر الدامي، ويدخلوه في دورة تأهيلية يصالحونه مع ذاكرة العراقيين، فهم شطّار ماهرون في توظيف كل شيء لخدمة أغراضهم، بل وحتى تمكنوا من استخدام ضحاياهم اليساريين لتأهيل شباطهم الأسود.

نعم، هناك محاولات لتأهيل شباط و(شباب شباط من الحرس القومي)، إذ نقرأ منذ انتفاضات الربيع العربي ثناءً بلا توقف على شباط، حيث بدأت الحملة في أوائل شباط العام الماضي (2011)، وتم تحديد يوم 25 منه، كتقليد ببغاوي لـ 25 يناير، يوم الانتفاضة المصرية، يوم الغضب المصري الذي لا علاقة له بالعراق. ولكن حاول الشباطيون الجدد تجيير الانتفاضات العربية وتطبيقها على العراق الجديد، متغافلين ومتناسين أن الشعب العراقي سبق جميع الشعوب العربية بعشرين سنة، يوم انتفض الشعب في شهر آذار 1991، وسيطر المنتفضون على 14 محافظة من مجموع 18، وتم ذبح تلك الانتفاضة في حملة قادتها السعودية لأسباب طائفية وعنصرية، لأن أغلب المنتفضين كانوا من الشيعة والكرد، وقد دفع الشعب نحو 700 ألف شهيد خلال ثلاثة أسابيع ودون أن يرف جفن الإعلام العربي والعالمي آنذاك.
واليوم يعيد التاريخ نفسه على شكل ملهاة بعد أن أعيد على شكل مأساة. فها نحن نقرأ مقالات ضمن حملة صاخبة لإعادة تظاهرات شباط 2011، تقودها صحيفة المدى لصاحبها السيد فخري كريم، المعروف بمواقفه وتقلباته الأخطبوطية، إذ كان قيادياً في الحزب الشيوعي العراقي (عضو مكتب سياسي سابقاً)، وارتبط فيما بعد بالمخابرات البعثية السورية بشهادة السيد بهاء الدين نوري، الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي في أوائل الخمسينات، واليوم فخري كريم مقرب من واشنطن بشهادة البروفيسور عباس علي، سنأتي إلى مقاله لاحقاً (1). هذا الرجل الأخطبوطي سخر صحيفته وكتابه السائرين في ركابه، لتدمير العملية السياسية، بحجة محاربتهم لحكومة المحاصصة الطائفية والعنصرية والفساد!!. فقد صعَّد هذه الصحيفة من حملتها ضد السيد نوري المالكي وحكومته إلى حد أنه حتى عندما تحصل عملية إرهابية أو اغتيال صحفي، تسارع بتوجيه الاتهام إلى الحكومة، مثال مقال بعنوان: (ابحثوا عنهم في معطف الحكومة..القتلة.....! بقلم فخري كريم). طبعاً المقصود بالحكومة هنا رئيسها فقط، وليس المشاركين الآخرين فيها من الكتل الأخرى.

ومن مقالات حملة الاستعدادات لتأهيل شباط، وتظاهرات 25 شباط 2011، كتب أحد كتاب المدى، وهو السيد عدنان حسين، مقالاً يوم 2/2/2012 بعنوان (نحو 25 شباط جديد) قال فيه: "في يوم ما من أيام المستقبل، سيضيف المؤرخون المنصفون يوم الخامس والعشرين من شباط 2011 إلى قائمة الأيام المجيدة في تاريخ العراق الحديث باعتباره يوم انتفاضة شعبية على غرار ثورة العشرين ووثبة كانون الثاني 1948 وانتفاضة تشرين الثاني 1952 وثورة 14 تموز 1958وثورة أيلول (الكردية) 1961 وحركة تموز 1963 (حسن سريع ورفاقه)، وانتفاضة آذار 1991 وسواها".(2)

يلاحظ القارئ كيف رفع عدنان حسين تظاهرات شباط 2011 التي كان لفلول البعث وأتباع حارث الضاري دور فعال فيها، إلى مستوى ثورة العشرين، ومن هنا يظهر كيف يجيد هؤلاء التلاعب بعقول الناس وتضليلهم، وتلبيس الباطل بثوب الحق. ففي تلك التظاهرة الشباطية التي يروج لها كتاب صحيفة المدى قام بعض المتظاهرين بحرق أبنية الدولة، وتسببوا في قتل العشرات من أبناء شعبنا، بمن فيهم أفراد من الشرطة. واليوم يسعى السيد عدنان حسين، وأمثاله لإعادة نفس السيناريو، أي حرق العراق. وطريقة عدنان حسين هي نسخة طبق الأصل من طريقة البعثيين، الذين شكلوا عصابة إرهابية باسم "كتائب ثورة العشرين"، وهم في الحقيقة يقومون بقتل أحفاد أبطال ثورة العشرين.

تتزامن حملة الشباطيين الجدد لتأهيل شباط، مع تآمر دولي واسع النطاق تشترك فيه تركيا وقطر والسعودية بالتعاون مع استخبارات غربية، تماماً كما حصل في شباط 1963 الأسود، ليتم تنفيذه على أيدي العراقيين، وما قضية طارق الهاشمي ودوره في العمليات الإرهابية، وتصعيد كتلة "العراقية" حملتها ضد المالكي والعمل على شل العملية السياسية، إلا بدايات لتجميع مكونات العاصفة السوداء ونقل ما حصل في ليبيا، وما يجري في سوريا من مذابح الآن إلى العراق.

ومن المفيد أن نشير هنا إلى مقال الدكتور عباس علي، أستاذ ومدير معهد الإدارة العالمية في جامعة إنديانا، بنسلفانيا، نشر قبل أيام بعنوان: (هل ينجو المالكي من مخططات واشنطن؟). والمقال جدير بالقراءة (الرابط في هامش المقال)(1). ذكر الكاتب أن هناك سخط في واشنطن من تصلب موقف المالكي في عدم استجابته لمطالب واشنطن بإبقاء القوات الأمريكية في العراق، وأن مصدر هذا السخط هم الجمهوريون واللوبي الإسرائيلي الذين انتقدوا أوباما على ذلك. ويؤيد جو بايدين، وهيلاري كلنتون هذا الموقف، لذلك وضعوا خطة ذات أبعاد أربعة لإزاحة المالكي. البعد الأول هو ما تنشره صحيفة المدى، المقربة من واشنطن، حسب قول الكاتب، والبعد الثاني هو إقامة علاقة عسكرية جديدة مع العراق، والثالث، العمل على إضعاف الحكومة المركزية وذلك بتجزئة العراق إلى دويلات عرقية وطائفية ضعيفة، وهذا يخدم إسرائيل في إضعاف العراق، متزامناً مع ما تعمله المخابرات الغربية وبدعم من السعودية ودولة قطر على تدمير الجيشين، المصري والسوري. أما البعد الرابع فهو دعم تركيا في سعيها الحثيث لتلعب دورها بنشاط بالورقة الطائفية في العراق والتدخل في شؤونه.

ومن هنا نجد الحملة الهستيرية التي تقودها صحيفة (المدى) في إعادة تأهيل شباط وبقيادة (شباب شباط) استعداداً لمجزرة شباطية جديدة. ولذلك يسأل الكاتب، هل يستطيع المالكي أن يواجه هذه العاصفة التي في طور التكوين، بصمود ويسلم منها؟ ويجيب قائلاً أن كثيرين في العراق يشكّون بذلك، ولكن الحقيقة هي، أن استسلام العراق لهذا المخطط لن يكون سهلاً. وإزاحة المالكي من السلطة لن يرغم الوطنيين العراقيين على قبول تجزئة العراق. ويضيف، أن الأزمة الحالية في العراق هي التعبير الواضح عن معركة بين الوطنيين العراقيين الحريصين على وحدة العراق، والعيش بحرية وسلام، وقوى أجنبية مدفوعة بدوافع دينية طائفية تريد نشر الفوضى والبؤس في العالم العربي ومنه العراق. والزمن وحده سيخبرنا فيما إذا سينتصر الشعب العراقي على قوى الظلام، ويضمن مستقبلاً زاهراُ للأجيال القادمة في عراق ديمقراطي مزدهر وموحد.

لذلك، نهيب بأبناء شعبنا الشرفاء، وكل المخلصين من القوى السياسية الخيرة، وبالأخص المشاركين في العملية السياسية، أن يكونوا على حذر شديد من هذه المؤامرة القذرة التي يخطط لها الأجانب لتنفذ على أيدي العراقيين أنفسهم، والتي يراد منها حرق العراق وإدخال شعبه في نفق مظلم جديد، إنها مؤامرة شباطية جديدة، فهل سينجح الشباطيون الجدد في حرق العراق مرة أخرى كما يرغبون؟ نحن نثق بقوى شعبنا أنه لن يسمح بتمرير مثل هذه المؤامرات القذرة حتى ولو تحوَّل البعض من ضحايا شباط الأسود عام 1963 إلى شباطيين جدد ينفذون ما عجز البعثيون من تنفيذه.

[email protected]
مدونة الكاتب: http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات ذات علاقة بالموضوع
1- Abbas J. Ali, Can Maliki Survive Washington’s Designs?
http://www.middle-east-online.com/english/?id=50432

2- وداد فاخر: كيف تحول الهتاف الشيوعي لمناضلين أشداء إلى تناغم مع البعث تحت مسمى (شباب شباط)؟
http://www.alsaymar.org/all%20files/my%20articels/my%20articles/08092011myarticle13.htm



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهاشمي لعب دور حصان طروادة بامتياز
- الصديق رياض العطار في ذمة الخلود
- دكتاتورية الشيعة وتهميش السنة، وهم أَم حقيقة؟
- حول ماكنة الدعاية البعثية الغوبلزية في التضليل
- من المستفيد من الإيقاع بين التحالفين الوطني والكردستاني؟
- هل يجوز الحياد بين الإرهاب وضحاياه؟
- الشباطيون يعودون لانقلاب دموي جديد
- محاولة لفهم العلمانية
- العراق وأمريكا، نحو علاقات متكافئة وقوية
- بشار الأسد في نقطة اللاعودة
- فوز الإسلاميين، نعمة أَمْ نقمة؟
- حول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التونسية
- فيدرالية المحافظات وكوارثها المرتقبة
- مخاطر حقيقية تهدد وجود الشعب العراقي
- لماذا المطالبة بفدرالية المحافظات الآن؟
- أيتام صدام يبكون على القذافي
- قراءة في كتاب الأستاذ الدكتور فرحان باقر
- من المسؤول عن المحاصصة (رد على حميد الخاقاني)
- هل كان إسقاط البعث يستحق كل هذه التضحيات؟
- هل النظام العراقي ديمقراطي؟


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الشباطيون الجدد.. إلى أين؟