أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - هل تعيد أمريكا السيناريو الأفغاني في سوريا؟















المزيد.....

هل تعيد أمريكا السيناريو الأفغاني في سوريا؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 13:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل الأمريكان حقاً أغبياء؟
كثير من الناس، وبالأخص في العالم العربي، يصوِّرون الأشياء حسب ما يرغبون ويتمنون. فخصوم أمريكا يصفون الساسة الأمريكان بالغباء، وقد نال الرئيس بوش (الابن) النصيب الأوفر من هذا الوصف، ويستشهدون بأقوال من كتاب أمريكيين، خاصة وأن من عادة الغربيين أنهم يتخذون من قادتهم السياسيين موضوعاً للتندر والفكاهة، ولا يرون في ذلك أي إحراج أو الحط من قادتهم، حتى أن الرئيس بوش نفسه شارك في عدد من هذه المناسبات مع ممثل كوميدي يشبهه، ويجيد تقمص الشخصيات إلى حد يصعب التمييز بينه وبين بوش الحقيقي. وهذا تقليد قديم في الغرب لا يقصد منه الإهانة إلى السياسيين، ولكن كجزء من الديمقراطية وحرية التعبير ومن أجل الترفيه ليس غير. ولكن عندنا في الشرق نأخذ الأمور بمنتهى الجدية، ونعتبر هكذا سلوك فيه إهانة للسياسيين.

نسي هؤلاء أن أمريكا، كأية دولة ديمقراطية، هي دولة مؤسسات، لا يؤخذ القرار السياسي فيها إلا بعد دراسات علمية، وهي بلد المنافسات الشرسة في تبوئ المناصب في جميع المجالات، وبالأخص على المناصب السياسية الرفيعة مثل رئاسة الدولة العظمى بحيث لا يمكن لأي مرشح للرئاسة أن يفوز إلا بعد الدخول في سباقات خطابية، ومناظرات حادة تستمر لعام كامل، وإلحاق الهزيمة بمنافسيه، إذ كما قال توني بلير في تقييمه لبوش الابن، أن أي منافس في الانتخابات الرئاسية في أمريكا، إن لم يكن ذكياً وذا مقدرة بمستوى المسؤولية، سينهار بالضربة القاضية في الجولة الأولى من سلسلة المناظرات الشرسة مع الخصم المنافس، ويخرج من حلبة الصراع. فكيف بمرشح استطاع التغلب على منافسيه ليس في حزبه فحسب، بل وفي الانتخابات النهائية، ولدورتين رئاسيتين؟

وعندما تفند أقوالهم حول "غباء" بوش، يلجئون عندئذ للإساءة إلى الشعب الأمريكي نفسه فيصفونه بالجهل والغباء أيضاً لأنه انتخب هذا الرئيس أو ذاك، علماً بأن 70% من الحائزين على جوائز نوبل في العالم هم من أمريكا، ونحو 70% من الاختراعات هي من أمريكا، وأرقى الجامعات في العالم هي في أمريكا أيضاً، ومع ذلك فالساسة الأمريكان والشعب الأمريكي هم أغبياء في نظر الكثير من العرب!!.

ولإثبات "غباء" الساسة الأمريكان يعددون الأخطاء التي وقع فيها الأمريكان في التاريخ القريب، مثل المؤامرات والانقلابات التي خططتها المخابرات الأمريكية ضد حكومات وطنية في العالم الثالث في مرحلة الحرب الباردة مع المعسكر الاشتراكي، والفظائع التي ارتكبتها الإدارات الأمريكية في حرب فيتنام، ومضاعفات تحرير العراق، وما اعترفت به وزيرة الخارجية السابقة، كونداليزا رايس أن الإدارة الأمريكية ارتكبت في العراق أخطاءً كثيرة...الخ

نسي هؤلاء أن أمريكا تتبنى الفلسفة البراغماتية، (الواقعية)، فتعمل وفق سياسة تراها صحيحة في ظروف معينة، وإثناء التطبيق تحصل أخطاء لا بد منها، فيعيدون تقييم سياساتهم هذه، ويصححون الأخطاء. وهذا هو منطق التاريخ في كل مكان وزمان، فالذي لا يخطأ يعني أنه لم يعمل ولم يتعلم شيئاً في حياته، فمن يعمل، وخاصة في عملية معقدة مثل الإطاحة بنظام فاشي قمعي شرس مثل حكم البعث الصدامي، وتعقيدات الوضع العراقي، لا بد وأن تحصل أخطاء وتداعيات ومضاعفات غير متوقعة. وهذا لا يعني أن الذين يديرون الإدارة الأمريكية هم أغبياء وجهلة. فالحضارة البشرية كلها تقدمت طوال مراحل التاريخ عن طريق التجربة والخطأ، والتاريخ كله عبارة نتاج ثانوي (bye-product)، إذ كما قال آدم سميث: "نتائج غير مقصودة لأفعال مقصودة". إن الاعتراف بالخطأ فضيلة وليس بالأمر المعيب، بل العيب هو الإصرار على الخطأ كما هو الحال لدا الأنظمة الدكتاتورية العربية وغيرها في العالم الثالث، وإدعائهم بأنهم معصومون عن الخطأ.

فمن الجرائم التي ارتكبتها الإدارات الأمريكية في النصف الثاني من القرن العشرين، هي تآمرها على، وإسقاطها حكومات وطنية تقدمية في دول العالم الثالث مثل حكومة الدكتور محمد مصدق في إيران، وحكومة سوكارنو في إندونيسيا، وحكومة الزعيم عبدالكريم قاسم، قائد ثورة 14 تموز في العراق، وغيرها كثير من الكبائر التي دفعت الشعوب وأمريكا نفسها الثمن الباهظ. ولكن في نفس الوقت يجب أن نعرف أن مجال السياسة ليس الأخلاق والتمسك بقيمها، فأمريكا ليست مؤسسة خيرية، بل دولة كبرى تسعي وراء مصالحها، وإلحاق أشد الأضرار بأعدائها، وبالأخص في مرحلة الحرب الباردة.

سياسة استخدام العدو لضرب عدو آخر
هناك قول للشاعر الإيراني، سعدي الشيرازي: "أضرب رأس الأفعى بيد العدو". ويبدو أن الأمريكان يتبعون هذه السياسة، ورغم وجاهتها إلا إنها ليست موفقة في جميع الحالات. وتطبيقاً لهذه السياسة ارتكبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة أخطاءً دفعت ثمنها فيما بعد، وهي دعمها بالمال والسلاح والإعلام، لمنظمات المجاهدين الإسلاميين، بما فيها القاعدة وطالبان، للإطاحة بالنظام الشيوعي في أفغانستان، وشن حرب العصابات على الجيش السوفيتي المحتل لذلك البلد، والتي كان من عواقبها غير المقصودة، أحداث 11 سبتمبر 2001 التي غيَّرت السياسات الأمريكية رأساً على عقب، حيث انقلب السحر على الساحر، الأمر الذي فرض على أمريكا إتباع سياسة جديدة لمحاربة دولة طالبان، ومطاردة منظمة القاعدة، وإسقاط الحكومات المستبدة، ونشر الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، فكان أن بدأت بإسقاط أشرس حكومتين جائرتين متخلفتين في العالم، ألا وهما حكومة طالبان في أفغانستان، والبعث الصدامي في العراق، وشن حرب على الإرهاب القاعدي. ولذلك فلأول مرة في التاريخ يحصل تطابق وتوافق في المصالح بين الشعبين، العراقي والأمريكي، في إسقاط أبشع نظام جائر ابتلى به الشعب العراقي. ولكن المشكلة أن هناك من تشبعوا بثقافة الحقد الأيديولوجي ضد أمريكا إلى حد أنهم صاروا يفضلون بقاء حكم البعث الفاشي الجائر جاثماً على صدور أبناء الشعب ويوسع السجون والمقابر الجماعية، على تحريرهم من قبل أمريكا.

والمعروف أن أمريكا، كأية دولة مسيحية، لا يمكن أن تكون متعاطفة مع الإسلام السياسي ومنظمات المجاهدين إلا في حالة توظيف هذه المنظمات لمصالحها، وذلك لضرب خصم أكثر خطورة، وفق حسابات دقيقة أعد لها مسبقاً. وعلى هذا الأساس، فأمريكا "الغبية" تنفذ بالضبط ما قاله الحكيم الفارسي: "اضرب رأس الأفعى بيد العدو". فأمريكا استخدمت الأموال السعودية، ومشايخ الوهابية في دعم ورفد المنظمات الإسلامية "الجهادية" بما فيها منظمتي، القاعدة وطالبان، ومدتها بالمال والسلاح، لشن حرب العصابات ضد النظام الشيوعي والاحتلال السوفيتي في أفغانستان، إلى أن ألحقت الهزيمة بالجيش السوفيتي، وأسقطت الحكم الشيوعي ليس في أفغانستان فحسب، بل ومهدت لانهيار المعسكر الاشتراكي نفسه.

الوضع السوري المعقد والسيناريو الأفغاني
ليس هناك أي ديمقراطي حقيقي يتعاطف مع البعث السوري، فهو كشقيقه البعث العراقي الصدامي، نظام عنصري فاشي قمعي لا بد وأن يرحل، عاجلاً أو آجلاً. ولكن شراسة القتال، وأساليب المقاومة المسلحة، والحرب الأهلية الطاحنة غير المعلنة في سوريا، وباعتراف مسؤولين أمريكان، تحمل بصمات القاعدة. ونحن لا نريد أن يكون البديل عن النظام البعثي الفاشي في سوريا حكم آخر على غرار حكم طالبان الفاشي الإسلامي.

والآن، ومع الأسف الشديد، يبدو أن أمريكا تعيد نفس السيناريو الأفغاني في سوريا، وبنفس المنظمات الجهادية ومنها القاعدة، وبدعم من السعودية وقطر. ودخول (القاعدة) على الخط السوري ليس من قبيل نظرية المؤامرة كما يعتقد البعض من أصحاب النوايا الحسنة، بل حقيقة اعترف بها الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكي في مقابلة مع شبكة سي أن أن ، الذي قال أنه " من السابق لأوانه اتخاذ قرار بتسليح حركة المعارضة في سوريا لأنني أتحدى أي شخص يحدد لي حركة المعارضة في سوريا في المرحلة الحالية" وأضاف: "هناك مؤشرات على أن القاعدة مشاركة (فيما يحدث في سوريا) وأنها مهتمة بدعم المعارضة. أعنى أن هناك عددا من اللاعبين كل منهم يحاول تعزيز موقفه من القضية".[تقرير بي بي سي، الرابط في الهامش](1)

كذلك هناك تقرير مفصل نشرته صحيفة (الديلي تلغراف) اللندنية، المعروفة بدعمها لحزب المحافظين البريطاني الحاكم، والذي كان ناقداً لرئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كامرون، ووزير الخارجية ويليم هيغ، على حماستهما في دعم ما يجري في سوريا، ويحذر من أن أتباع القاعدة هم وراء العنف المسلح، إذ نشرت الصحيفة تقريراً لمراسلها بيتر أوبورن، بعنوان (تحالف واشنطن ولندن مع القاعدة للإطاحة بالحكومة السورية)(2، 3). وذكر التقرير عن انفجار سيارتين مفخختين في دمشق قبل أسابيع الذي قتل العشرات من العاملين في الأمن السوري، وأن المعارضة السورية ومعها الإعلام الغربي حاولوا إلقاء التهمة على الحكومة السورية، ولكن الكاتب يفند هذه التهم ويستشهد بشهادة جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، الذي أدلى أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، أن التفجيرات المذكورة كانت تحمل بصمات القاعدة. وأن القاعدة في العراق دخلت سوريا. ويضيف التقرير أن القاعدة في سوريا صارت حليفة لأمريكا وبريطانيا من أجل تحقيق رغبتنا في إنهاء النظام في سوريا.

لذا، فما يجري في سوريا يشبه في معظم تفاصيله ما جرى في أفغانستان أيام الحرب ضد الحكم الشيوعي هناك، إذ نجد نفس العنف المسلح، مدعوما من السعودية وقطر. ولو كانت هاتان الدولتان (قطر والسعودية) ديمقراطيتين لهان علينا الأمر، أما وأنهما من ألد أعداء الديمقراطية في بلديهما إلى حد أن النظام السعودي القروسطي المتخلف يمنع المرأة حتى من قيادة السيارة ويرغمها على لبس النقاب، لذلك فكيف يمكن أن نكون متفائلين بانتفاضة أو ثورة تقودها القاعدة، وتدعمها السعودية وقطر؟ والجدير بالذكر أن السعودية أرسلت قواتها لسحق انتفاضة الشعب البحريني لا لشيء إلا لأن غالبية الشعب البحريني من الشيعة. ونفس الدور قامت به السعودية ضد الانتفاضة العراقية عام 1991 عندما دعا الرئيس الأمريكي بوش (الأب) الشعب العراقي إلى الثورة على حكم صدام، وأن يأخذ مصيره بيده، فصدقه الشعب، ولما انتفض وسيطر الثوار على 14 محافظة من 18، خاف النظام السعودي من الانتفاضة العراقية لأسباب طائفية وعنصرية، فأقنعوا الرئيس بوش الأب بدحر الانتفاضة، وفضلوا بقاء حكم صدام ضعيفاً يضطهر الشعب العراقي على أن يكون في العراق نظام ديمقراطي، فاستجاب لهم بوش الأب، وسمح لصدام باستخدام طائراته العمودية لسحق الانتفاضة، وبرر بوش وقتها تغيير موقفه من الانتفاضة بقوله: (شيطان تعرفه أفضل من شيطان لا تعرفه)، فتم دحر الانتفاضة تحت ضغط السعودية بحجة الخوف من النفوذ الإيراني. وكانت غلطة كبيرة أرتكبها بوش الأب، إذ لولا هذا الموقف السيئ لانتصرت الانتفاضة، ولما احتاج بوش الابن أن يشن حرباً أخرى عام 2003 لإسقاط البعث الصدامي، والتي كلفت العراق وأمريكا أضعافاً مضاعفة.

من المستهدف من إسقاط النظام السوري؟
منذ الإطاحة بنظام البعث الصدامي عام 2003، راح زعماء عرب مثل الملك الأردني عبدالله، والرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، يرددون عبارة (خطر الهلال الشيعي). فالسعودية من ألد أعداء التغيير في العراق ولأسباب طائفية، وسياسية واقتصادية. لذلك فالمستهدف من إسقاط حكم البعث السوري هو ليس بشار الأسد فقط، ولا من أجل إقامة نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان كما يدعون، بل هو عزل النظام الإيراني، وسحق حزب الله في لبنان، وتغيير الوضع في العراق، تمهيداً لشن حرب على إيران بحجة برنامجها النووي، وتغيير النظام فيها لصالح السعودية وتركيا وإسرائيل.

وكما بينا أعلاه، أنه رغم كوننا لسنا متعاطفين مع النظامين (الإيراني والسوري)، ولكننا نعتقد أن إعادة السيناريو الأفغاني في سوريا وبدعم السعودية، وبالتالي احتمال كبير إقامة نظام في سوريا تهيمن عليه القاعدة على حدود العراق سيكون وصفة لإغراق دول المنطقة في فوضى عارمة من الحروب الأهلية والدولية ستهلك الحرث والنسل، ستعيد شعوبها إلى عصر البداوة والخيام والجمال والحمير، ومن الخطأ الكبير أن تنجر أمريكا على هذا المنزلق باستخدام القاعدة للإطاحة بنظام البعثي السوري.

دور شركات الأسلحة في حرق المنطقة
منذ سنوات والحملة الغربية تتصاعد في إثارة مخاوف الشعوب العربية وإسرائيل والغرب من البرنامج النووي الإيراني، ورغم تأكيدات إيران أن برنامجها لأغراض سلمية وليست عسكرية، ولكن مع ذلك فالحملة مستمرة إلى حد أننا نسمع دق طبول الحرب، وسباق التسلح في دول المنطقة، وبالأخص الدول الخليجية الغنية. لا شك إن المستفيد الأكبر مما يجري من إثارة المخاوف من إيران ودق طبول الحرب هو الشركات الأمريكية والأوربية المنتجة للسلاح، وهذه الشركات لها لوبي سياسي وإعلامي نشيطين في واشنطن وغيرها من العواصم الغربية، وظيفته إثارة المخاوف لتحقيق المزيد من الأرباح من بيع الأسلحة. لذلك فالحملة الآن تتصاعد لتسليح المعارضة السورية. كما وهناك صفقات كبيرة جداً لبيع آخر طراز من الطائرات الأمريكية المقاتلة للسعودية ودول خليجية أخرى. فالسعودية وقطر من أغنى بلدان المنطقة، تمتلكان ترليونات من الدولارات الأمريكية، وبإمكانهما شراء، ليس ذمم إعلاميين فحسب، بل وحتى شراء حكومات ومنظمات وأحزاب.

وفي تقرير آخر، يفيد أن عدداً من القطعات القوات الأمريكية التي غادرت العراق في نهاية عام 2011، عسكرت في منطقة المفرق الحدودية بين العراق والأردن وسوريا. ويفيد التقرير أنه تم جلب أعداد كبيرة من المرتزقة وأتباع القاعدة من ليبيا وبلدان أخرى تحت إمرة الليبي عبدالحكيم بالحاج، إضافة إلى تجمعات تعد لها تركيا على الحدود الشمالية، وكذلك هناك تجمعات على الحدود اللبنانية تنتظر الأوامر من الحلف الأطلسي في الوقت المناسب للدخول إلى سوريا وشن حرب أهلية على الحكومة السورية وإسقاطها.(4)

لماذا القلق من الوضع السوري؟
قد يعترض البعض ليقول لماذا أيدتم إسقاط النظام البعثي الصدامي في العراق بدعم أمريكي وترفضون الشيء نفسه في سوريا؟ الجواب كالتالي: اعتمدت أمريكا في حملتها لإسقاط حكم البعث في العراق، على قواتها وقوات التحالف الدولي، وأقامت فيه نظام ديمقراطي يشارك فيه ممثلون عن جميع مكونات الشعب العراقي، من أحزاب دينة وعلمانية ومستقلين وفق ما أفرزته صناديق الاقتراع، ولم تعتمد على القاعدة وأمثالها، فالقاعدة كانت إلى جانب حكم البعث الصدامي، ومازالت تحارب مع فلول البعث ضد النظام الجديد في العراق، بينما الذي يجري في سوريا هو تدفق أتباع القاعدة بشكل مخطط إلى سوريا والمشاركة في هذه الحرب الطاحنة غير المعلنة والتي تدعمها السعودية وقطر ودول الغرب، وعما قريب ستتحول إلى حرب علنية بشكل وآخر، على غرار ما حصل في ليبيا.

والدول الغربية تطالب روسيا بوقف بيع السلاح إلى سوريا في الوقت الذي تخطط فيه لمد المعارضة (المقاومة) بالسلاح والعتاد، وأن تقوم السعودية وقطر بدفع التكاليف. هذا ما سمعته من مناقشات على راديو بي بي سي. فما يجري الآن هو تمهيد لشن حرب أهلية علنية، تدعمها الدول الغربية والخليجية.

خلاصة القول، لسنا متعاطفين مع النظام البعثي السوري، ولا الإيراني، ولكننا لا نريده أن يسقط على أيدي أتباع القاعدة وبدعم من السعودية وقطر على طريقة إسقاط النظام الشيوعي في أفغانستان، والذي أدى إلى حكم طالبان، الأمر الذي تطلَّب تدخلاً دولياً فيما بعد، بقيادة أمريكا لإسقاط ذلك الحكم السلفي القروسطي البغيض. فهل الشعب السوري محكوم عليه كالقدر المكتوب أن تحكمه، إما دكتاتورية بعثية فاشية، أو دكتاتورية دينية فاشية بقيادة القاعدة؟
إن الوضع السوري معقد للغاية، وهناك استعدادات في الغرب لجر سوريا، ودول المنطقة، ودول الحلف الأطلسي إلى حرب أهلية ودولية لا تبقي ولا تذر لم يسلم منها، حتى الذين يمهدون لها مثل قطر والسعودية، بل يكون المستفيد منها شركات الأسلحة في الغرب وإسرائيل فقط.

[email protected]
الموقع الشخصي: http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراجع البحث، أدناه تقارير ومقالات مهمة اعتمدتُ عليها في كتابة هذا المقال، ولها علاقة بالوضع السوري
1- رئيس الأركان الأمريكي: القاعدة ضالعة في أحداث سوريا والتدخل صعب للغاية
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2012/02/120219_syria_dembsyarms.shtml
2- بيتر أوبورن صحيفة ديلي تلغراف : تحالف واشنطن ولندن مع القاعدة للإطاحة بالحكومة السورية
http://www.alnorani.com/news.php?action=view&id=4219

3- المقال ديلي تلغراف باللغة الإنكليزية
Peter Oborne: Syria s crisis is leading us to unlikely bedfellows
http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/middleeast/syria/9090324/Syrias-crisis-is-leading-us-to-unlikely-bedfellows.html

4- Dr. Christof Lehmann: Attack on Syria likely before March?
http://nsnbc.wordpress.com/2012/02/17/attack-on-syria-likely-before-march/



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يغيِّر المثقفون قناعتهم؟*
- حول توزيع الموارد النفطية على الشعب؟
- الشباطيون الجدد.. إلى أين؟
- الهاشمي لعب دور حصان طروادة بامتياز
- الصديق رياض العطار في ذمة الخلود
- دكتاتورية الشيعة وتهميش السنة، وهم أَم حقيقة؟
- حول ماكنة الدعاية البعثية الغوبلزية في التضليل
- من المستفيد من الإيقاع بين التحالفين الوطني والكردستاني؟
- هل يجوز الحياد بين الإرهاب وضحاياه؟
- الشباطيون يعودون لانقلاب دموي جديد
- محاولة لفهم العلمانية
- العراق وأمريكا، نحو علاقات متكافئة وقوية
- بشار الأسد في نقطة اللاعودة
- فوز الإسلاميين، نعمة أَمْ نقمة؟
- حول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التونسية
- فيدرالية المحافظات وكوارثها المرتقبة
- مخاطر حقيقية تهدد وجود الشعب العراقي
- لماذا المطالبة بفدرالية المحافظات الآن؟
- أيتام صدام يبكون على القذافي
- قراءة في كتاب الأستاذ الدكتور فرحان باقر


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - هل تعيد أمريكا السيناريو الأفغاني في سوريا؟