أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى الحميداوي - قراءة في رواية نهار حسب الله (ذبابة من بلد الكتروني )















المزيد.....

قراءة في رواية نهار حسب الله (ذبابة من بلد الكتروني )


يحيى الحميداوي

الحوار المتمدن-العدد: 3760 - 2012 / 6 / 16 - 08:56
المحور: الادب والفن
    


إشارات مقتضبة من لحظات واقعية وخيال ارتكزت عليه الرواية لتصوير واقع مأساوي من خلال رصد الذبابة الباحثة عن الحرية لتلك الفواصل والإحداث, الهروب من اجل الحرية إلى وطن صدرت إليه الحرية مشوهةً ومصابة بالشلل لتكون هذه الحرية وبال ومأساة في أجزاء هذا الوطن,ثمن الحرية ثمن باهض ولابد لها من تضحيات فتلك الذبابة تبحث عن حريتها المفقودة وكان الثمن أنها فقدت الطمأنينة التي كانت تتمتع بها في مختبرها من اجل إن تتمتع بانطلاق أجنحتها راقصة مع الهواء والاستمتاع بالمسافات والإبعاد التي تتحرك بها كما هو حال الشعب الباحث عن الحرية فما كان بالمتربصين واللصوص إلا إن حولوا هذه الحرية إلى جحيم وموت بطيء .
الصورة التي استطاعت الذبابة إن تستجمع ألوانها من خلال عائلة أبو علي التي هي عبارة عن صورة مصغرة لوطن بماساته وهمومه وبما فيه من عذابات وجراح نازفة فكل شخصية في هذا البيت تمثل مجتمع بكل مافيه من الإمراض والفقد والترقب والحاجة للعمل ومشاكل لايكاد يخلو منها بيت في هذا الوطن .
الايحائات التي أخذت إبعاد كبيرة ينسجها القارئ في مخيلته كيفما شاء من خلال صورة أم محمد الجارة الطيبة وعلاقتها الحميمة بعائلة أم علي والترابط العميق بين العائلتين ومحبة أم محمد العقيمة لأطفال المحلة وعنايتهم بها واهتمامها بالجميع تصوير جميل للصلات والعلاقات التي تجمع أطياف الوطن بصورة جميلة خالية من الزيف والتعقيد
(حانة ساعة الصفر ,ساعة الحصاد بالنسبة للشيطان )1
إشارة للحظة البدء بالدمار والخلاص كلاهما صورتين لواقع كأن ثمن الخلاص من الموت الجاثم لن يكون إلا بالدمار الذي يعيث في وطن الأماني كل الشرور والنزيف ,التركيز على الفارق الذي يمكن إن يلاحظ بين البلدين من ناحية مادية من حيث التقدم والتكنو لوجيا والتسليح (والصواريخ التي مزقت سماء بغداد )2
هذا هو الهدوء المزيف الذي يستطيع إن يستشعره القارئ من خلال قراءة ماوراء السطور فبغداد لم تكن سمائها تنعم بالهدوء والاستقرار إلا ماكان من هدوء مقنع ,صمت إجباري وهدوء حذر .
الرواية وإشاراتها التي تلتقطها الذبابة المهاجرة (صباح جديد يحمل في طياته خرابا وجراحا وأفراحا وحمله أحاسيس متناقضة من شخص لأخر )3لقطات مميزة لمشاعر الناس في تلك اللحظات باختلاف ميولهم ومنافعهم وأمزجتهم من ناقم لراقص لمترقب بخوف وحذر ليس للكاتب سوى انه ينقل بعدسته التي اختصرتها الذبابة بنقل مايجري حوله من إحداث من دون إن يتلاعب بتفاصيل الحدث ويحمل اللقطة أكثر من طاقتها في تصوير اللحظة. لم تكن تلك الذبابة إلا آلة إعلامية صادقة لنقل الواقع فهي ما جاءت محتلة ولامحررة وإنما جاءت تبحث عن الحرية ساقتها الأقدار إن تكون في طائرة الاباتشي التي تمطر سماء بغداد بحمم الجحيم .
من خلال الإهداء وقراءة الرواية بتمعن نلاحظ مدى تأثير الفقد على الكاتب والغمامة الحزينة التي ارتدت تفاصيل الرواية كأنها إحزان ومأساة الذات التي يرزح الكاتب تحت وطاتهها في داخلة المشتعل بألم الفراق ليمتزج من واقع مأساوي يعيشه الوطن ليكون صورة معبرة عن مأساة حقيقة جرت فصولها ومازالت ....الخيال الذي استخدمه الكاتب كان من خلال الذبابة التي صورت وقائع حقيقة لما يجري ويحدث في وطن تحيطه المأساة من كل جانب ,حينما تخوض في الرواية تشعر بأنك لست غريب عنها وعن إحداثها ولست كما الذبابة متفاجئ لمايجري من حولك فكلنا عاش المأساة واكتوى بتلك النار وكلنا ترقب الموت والكثير كما أم محمد وحيدة وحزينة تبتهل وتمد اكفها بالدعاء للنجاة والطمأنينة. تفاصيل الرواية تفاصيل سهلة وبسيطة بعيدة عن التعقيد المصطنع المزيف صيغت بأسلوب وإمكانية رصد عالية ودقيقة أسلوب جميل في إدارة تفاصيل الحديث واللحظات الإنسانية التي تختزنها الروح العراقية من خلال الخطاب بين سارة الابنة مع صورة أخيها الراحل الصديق والحبيب معاتبة ومتسائلة وحديث إلام مع الصورة وتعبير عن الذكريات التي تتجلى في لحظة الاشتياق (لقد جهزت لك الحمام الساخن واعددت لك طبقك المفضل من البطاط والبيض التي تحبها
.....................)4


صوت أبو علي هذه الحوارية الجميلة التي تفتح مغارز الجرح والألم ...النهايات الممتدة للحظات التي يعيشها الشخوص في الرواية تعطي بعد خلاق لكي يكون القارئ شريك فعال في قراءة الرواية وتحفيز مخيلته في صناعة النهايات باختلاف الأمزجة والرؤى وهذا مايحسب للكاتب من إمكانية في شد القارئ وسحبه إلى منطقة الحدث والتفاعل ,
حركة الإحداث في الرواية حركة طبيعية غير مسيرة ومزدحمة حتى إن التنقلات الصورية التي تسردها الذبابة في تنقلها من مكان إلى أخر مع ثبات الزمان كحالة واحدة في لحظة معينة مع اختلاف الأمكنة وهي تدور في زوايا البيت لتطلع على التفاصيل تخفت من طنينها وحركة أجنحتها إشفاقا على (أمل)الطفلة المصابة باللوكيميا
خيوط متشعبة وممتدة في أماكن متعددة من المستشفى وتصوير الموتى والجرحى ومدى المأساة إلى الطب العدلي وكأن زاوية الحياة اختصرت في أماكن معينة في زمن ثابت هو لحظة الموت والبحث عن علي ....وقلق يوسف الأخ والصديق ,التغير كحالة انقلابية على الوضع ليس هو الحدث الذي تدور حوله الرواية وانأ يعتبر مادة واضائة يمكن إن تدور حولها اللحظات الإنسانية وما بعد التغير والنتيجة الحاصلة من التغير والإحداث التي تفرزها تلك اللحظة وحالة الفرح التي امتزجت بشيء من المرارة للفقد والضياع في دوامة الموت المباح للجميع بلا رادع أو رقيب ,استطاع الكاتب من خلال الأسلوب (الحوار الداخلي للذبابة )وأمنياتها بالحرية من وضع إشارات وعلامات استفهام متعددة تجعل من القارئ شخص من شخوص الرواية يسأل نفسه أسئلة متعددة حسب ميوله ومزاجيته ..والسؤال المشترك للرواية إلى متى يكون مصير الإنسان العراقي سلسلة لامتناهية من النزف والوجع والضياع والترقب المخيف والإحداث التي تزلزل حياته على الرغم من انه لم يكن يبغي سوى الحرية التي يتمتع بها الكثير ,على الرغم من أن الكاتب يضع النهاية التي يتصورها القارئ قرار ألا انها في سياق تصويرها ماهي ألا تساؤل عن مدى المجازفة التي تحققت من خلالها حرية مجهولة المعالم قد تكون خلقت بهذا التشويه لتكون بوابة لعذابات لامتناهية وغير محدودة .....نهار حسب الله في روايته (ذبابة من بلد الكتروني )يضع أسئلة متعددة ونهايات مفتوحة الغاية منها أشراك القارئ كما تحدثنا أنفا لكي يكون هناك تفاعل خلاق ....أسلوب سردي جميل ولحظات ابداعية غاية في الروعة والجمال تحسب له كقيمة أبداعية وكاتب مميز أستطاع أن يرقى بأسلوبه وكتاباته إلى مراحل متقدمة من الأبداع والرقي .....


يحيى الحميداوي



الهوامش 1-2-3-4مقاطع من الرواية



#يحيى_الحميداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملح ودمع
- هواجس الغرفةالحمراء /يحيى الحميداوي
- مذكرات خائن .....للشاعر توفيق الصكبان
- إمنحيني الدفء .........
- الليلة بعد الموت
- ماهكذا يخلق الحب ....قراءة في نص الشاعرة أبتهال بليبل ...... ...
- ملاذي الاخير
- حبيبتي تبحث عن وطن
- أماني الحصاد قراءة في قصيدة الشاعر كريم الجنديل (حصاد البوس ...
- نبوءات أمي


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى الحميداوي - قراءة في رواية نهار حسب الله (ذبابة من بلد الكتروني )