أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حمادي - الله يأمر بسجن النساء !














المزيد.....

الله يأمر بسجن النساء !


رياض حمادي

الحوار المتمدن-العدد: 3748 - 2012 / 6 / 4 - 11:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } البقرة234

" والذين يموتون منكم, ويتركون زوجات بعدهم, يجب عليهن الانتظار بأنفسهن مدة أربعة أشهر وعشرة أيام, لا يخرجن من منزل الزوجية, ولا يتزيَّنَّ, ولا يتزوجن, فإذا انتهت المدة المذكورة فلا إثم عليكم يا أولياء النساء فيما يفعلن في أنفسهن من الخروج, والتزين, والزواج على الوجه المقرر شرعًا. والله سبحانه وتعالى خبير بأعمالكم ظاهرها وباطنها, وسيجازيكم عليها." - التفسير الميسر

وجود مثل هذه الآية في القرآن لا يمكن تبريرها إلا بأنها إحدى مخلفات عصر ما قبل الإسلام السلبية . ولو تتبعت تبريرات المؤمنين بها لوجدت الكثير من اللغو الفائض . فالحكم في الآية الذي يقضي بسجن الزوجة في المنزل بعد وفاة زوجها مائة وثلاثين يوما ليس أكثر من استجابة لقيم الجاهلية الضاغطة التي تعتبر الزوجة جزء من متاع الزوج الشخصي وعليها أن تقدم فروض الولاء والطاعة والإخلاص ليس في حياته فقط بل وبعد مماته . هذه الثقافة لم تكن حكراً على البيئة العربية فقط فهناك من الثقافات من كانت تفرض وجوب موت الزوجة بعد زوجها .

المشكلة ليست فقط في بقاء قيمة جاهلية في سياق قرآني يحمل في جزء من أهدافه هَم منحها جزء من حقوقها بل وكذلك في عدم محاولة القرآن التخلص من هكذا عادة في وقت كان يمكنه التخلص منها, فهو – أي القرآن – استطاع أن يحقق للمرأة بعض الحقوق في قضايا كالميراث والتعدد المحدود للزوجات وغيرها .

عادة غريبة ليس في بقاء وجودها ما يبررها لا في سياق التاريخ القديم ولا في سياق التاريخ اللاحق لها ومنها المعاصر . فما هو مبرر حبس الزوجة كل هذه المدة الطويلة ؟!
على العكس من ذلك يمكن تبرير ضرورة خروج المرأة بعد موت زوجها للتسرية عنها ولتفريج حزنها فهي في هذا الوضع تكون في أشد الحاجة لتنفس الهواء النقي ولنسيان حزنها ولو على نحو مؤقت . هذا إذا كانت العلاقة الزوجية على خير ما يرام وكانت الزوجة محبة لزوجها أما في حالة تعكر هذه العلاقة وبغض الزوجة لزوجها فما حاجتها - أو ما ذنبها - لحبس نفسها كل هذه المدة بعد موته !!

هناك رغبة لدى الأزواج في السيطرة على الزوجات حتى بعد موتهم ولسان حالهم يقول للزوجات : مازلتن خاضعات لسلطتنا حتى ونحن موتى . هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك رغبة لدى هؤلاء الأزواج في حزن زوجاتهم عليهم, والبقاء في المنزل كل هذه المدة تعبير عن هذا الحزن أو هكذا كانوا يعتقدون . أو ربما يكون الأمر مجرد انتقام الأزواج من الزوجات لسان حالهم هذه المرة يقول : كيف تتمتعن أنتن بالحياة والخروج من المنزل ونحن هنا حبيسي القبور. ولو كان الأمر بيدهم ربما كانت أمنيتهم أن تظل زوجاتهم حبيسات البيوت طوال ما تبقى لهن من أعمار.

أضيف إلى ما سبق أن حبس الزوجة كل هذه المدة يمثل ذكرى سيئة يُراد لها أن تظل عالقة في أذهان الزوجات . جدير بالذكر أن كثير من نساء الأرياف والمدن لم يعدن يتقيدن بهذا الحكم في البقاء في المنزل كل هذه المدة ليس لوجود ضرورة للخروج وإنما تعبيرا عن كون هذا الحكم مجافيا لطبيعة المرأة والوضع المعاصر . وأضيف سؤالاً أخيراً :
هل على الزوجات العاملات في عصرنا أن يأخذن إجازة من أعمالهن كي يقرن في بيوتهن طوال كل هذه المدة ؟!

الثقافة الذكورية الأبوية :

لا يمكن للأنف الطبيعي أن لا يشم رائحة الأحكام الذكورية الأبوية في القرآن رغم ما حققه للمرأة من حقوق كانت من قبل في غير متناول يدها. مع ذلك تبقى الصبغة الذكورية سائدة , وهو وضع يمكن تبريره تاريخيا بحكم الظروف المصاحبة لعملية التأسيس والحاجة لسواعد الرجال / الذكور أكثر من سواعد النساء / الإناث في عملية بناء الدين والدولة. هذا من جهة ومن جهة أخرى لم يكن بالإمكان التخلص جذريا من عادات متجذرة في صميم العقلية العربية الجاهلية في مدة وجيزة .
المشكلة إذن ليست في القرآن - فقط - فهو في منهجه يمنح حرية التصرف ويعطي المشرع المعاصر إمكانية التخلص من مثل هذه العادات . المشكلة في اعتبار الأحكام القرآنية أحكاما ثابتة مقدسة دون النظر إلى السياق التاريخي الذي أفرزها . المشكلة في عدم استحضار منهج التدرج المتضمن في القرآن عند علاجه لمثل هذه المظالم والعادات المتأصلة . المشكلة في تثبيت التاريخ واعتبار أن له حركة واحدة هي الماضي وإغفال حركتي الحاضر والمستقبل . المشكلة في عدم التفريق أو في الخلط بين الغاية والوسيلة عندما جعلوا من القرآن غاية وهو في الواقع وسيلة لتحقيق غاية هي الخروج بحلول لمعضلات ومشكلات يفرزها الواقع المتغير. هذا الخلط أو عدم التفريق هو الذي استدعى تثبيت التاريخ واعتبار مشكلاته أو إشكالياته واحدة فجعلوا من القرآن غاية ومن التاريخ وسيلة .

20/4/2012



#رياض_حمادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخضر والغلام المغدور
- قصة الشعر
- إضاءات معتمة
- فرعون الديموقراطي
- نحو إيران در
- المباراة المقدسة !
- القتل في القرآن و السنة (2 – 2 )
- القتل في القرآن و السنة (1 – 2 )
- الوجود والعدم – الذات والموضوع
- - الفتنة .. جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر-
- معادلة النهضة – بين الماضوية و الحداثة
- أكبر عمليات النصب في تاريخ الدين الإسلامي
- موقف القرآن من اللباس - الحجاب ليس فريضة إسلامية
- قراءة جديدة لموقف القرآن من الخمر
- القرآن والحديث – الإنسان كحيوان محرِّف


المزيد.....




- 31 دولة عربية وإسلامية تدين تصريحات نتنياهو وخطة الاحتلال ال ...
- وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية يدينون تصريحات نتنياهو و ...
- -إسرائيل الكبرى-.. 31 دولة عربية وإسلامية تصدر بيانا مشتركا ...
- فلسطين تحذر من هجمة إسرائيلية -غير مسبوقة- على الكنائس
- حركة طالبان الأفغانية تحيي الذكرى الرابعة لاستيلائها على الس ...
- 31 دولة عربية وإسلامية تهاجم تصريحات نتنياهو وخطط الاستيطان ...
- في ذكرى السيطرة على أفغانستان.. زعيم طالبان يُحذّر من أن الل ...
- الرئاسية العليا: الاحتلال يستهدف الكنيسة الأرثوذكسية في القد ...
- إسلاميون أجانب يطالبون الدولة السورية بمنحهم الجنسية
- زعيم طالبان يحذر الأفغان: الله سيعاقب بشدة الذين لا يشكرون ا ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حمادي - الله يأمر بسجن النساء !