الربيع الاوتوقراطي

محمد شفيق

الحوار المتمدن-العدد: 3747 - 2012 / 6 / 3 - 22:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يحث الربيع العربي الخطى بجدارة ليتحول الى ايديولوجية طاغية في العالم، فبعد سلسلة التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها المنطقة في غفلة لتسفر عن سقوط أعتى الأنظمة الدكتاتورية، وصلت عدوى أو حمى هذا الربيع الى مختلف بلدان العالم، إذ اعلنت عشرات مدن وعواصم العالم عن اطلاق تظاهرات ومسيرات للتنديد بالازمات المالية والاقتصادية لبلدانهم وحالات التقشف التي فرضت عليهم قسراً . وكانت حركة "احتلوا وول ستريت" المناهضة للرأسمالية وسياسات التقشف التي تتبعها منطقة اليورو مهد الاحتجاجات في العالم. وحتى قبل أيام احتفل العالم بالذكرى الأولى لانطلاق ربيعهم، وانطلقت تظاهرات ومسيرات حاشدة في اسبانيا واليابان وروسيا فرقتها قوات الأمن .
لكن يبدو ان عدوى الربيع العربي لم تقتصر عند المطالبين بالتحسن الاقتصادي والاصلاح السياسي بل تعدى كل هؤلاء ليصل هذه المرة الى الانظمة الاوتوقراطية التي ادخلها الربيع العربي في خريف مزمن. هذا الربيع الاوتوقراطي أعلنت عنه القمة الأخيرة لما يسمى دول مجلس التعاون الخليجي الذي بحث امكانية اتحاد كل من البحرين والسعودية تمهيداً للانتقال من مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد، مبررين ذلك بذات الاسطوانة المشروخة الا وهي التهديدات الايرانية، وهذا ان دل على شيء يدل على فشل هذه الانظمة بعدم ردع التهديدات الايرانية المزعومة ويدل في الوقت نفسه على النجاح الخارق والاسطوري الذي اعترف به الاعداء للنظام الإيراني الحالي الذي يعاديه الغرب والشرق وهو يستطيع برغم مشاكله الداخلية والخارجية ان يهدد أمن الخليج بكامله، بل وتتعدى نواياه العدوانية ويقوم بنشر خلايا تجسس في لبنان، ويمد المسلحين في اليمن بالأسلحة، ويتدخل في الشأن العراقي والى ما لا نهاية من التدخلات الايرانية! وأخشى ما أخشاه ان يأتي يوم نكتشف فيه ان ايران هي السبب في ازدياد حالات الطلاق والعنوسة في العراق والخليج !!.
أقول كلمة وقلتها سابقا: لو كنت مكان الجمهورية الايرانية لوضعت جدارية لكل حاكم من حكام العائلة السعودية المالكة في أشهر شوارع طهران، لانهم باعلامهم المزيف الذي يرمي كل بلية من بلاوي الأمة برأس ايران جعلوا منها دولة عظيمة تنافس كبرى بلدان وأنظمة العالم تقدماً وازدهاراً ويكفي دليلاً برنامجها النووي والتقدم الذي يحققه يوماً بعد آخر واحتلالها المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية في طباعة ونشر الكتب، حيث احتلت المرتبة الثانية في التصنيف العالمي في العام الماضي بطباعتها 68 الف كتاب، متفوقة في ذلك على فرنسا التي جاءت ثالثا بــ 63 الف كتاب .
ان سعي الانظمة الدكتاتورية في الخليج الى اعلان اتحاد ليس دوافعه التهديدات الايرانية المفترضة من قبلهم، فحتى تقرير شريف بسيوني الشهير بشأن احداث البحرين اثبت انه لا يوجد دليل على ان ايران تقف خلف الاحداث والمطالبات الاحتجاجية التي شهدتها المملكة منذ آذار العام الماضي. ولا حتى عملاً بالحكمة التي تقول "في الاتحاد قوة" فالعرب اتفقوا على ان لا يتفقوا، لكنه الخوف من الربيع العربي واستباقه بربيع مضاد نستطيع تسميته بـربيع الاوتوقراطية وكأن لسان حالهم يقول (قبل ان يتعشى بنا الربيع العربي نتغدى به) بعد ان جعلتهم الثورة البحرينية التي فشلت كل محاولات وأدها، وبعض الحركات الاحتجاجية التي تنشط يوماً بعد آخر في السعودية في ذهول وحيرة وبتعبير احد علماء الاجتماع السياسي (ان السعودية تكاد تموت خوفاً ممّا تمر به المنطقة من تطورات) .
والسؤال المطروح اليوم، هل يولد الربيع الاوتوقراطي في قمة المنامة المقبلة في العام المقبل بعد فشل ولادته في قمة الرياض، وهل يستطيع ان يزيح خطر الربيع العربي عنه ؟.
[email protected]

#محمد_شفيق (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل