أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - توفيق الحاج - ذبحتني يا سالم..!!














المزيد.....

ذبحتني يا سالم..!!


توفيق الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 3736 - 2012 / 5 / 23 - 06:57
المحور: القضية الفلسطينية
    



عذرا..!!
في شهر ذكرى النكبة الرابعة والستين ..،ولمجرد المصادفة .. سأتخلى في هذا المقال فقط عن طبعي الساخر.. ،واستبدله بما تيسر من قطيفة الإعجاب الموشاة بحزني الفاخر..!!
لفلسطيني مغترب أكتب.. ،وهل رونق الكلمات بعد الصمت يليق بالوجع المسافر..؟!!

قبل 15 سنة تقطع مذيعة الفضائية اللقاء مع العبد الفقير..بصفته شاعرا ،وتتلقى اتصالا من أمريكا..!!
كان صوته البدوي ،وحماسته ..يعبقان في الاستوديو برائحة عروبية ممزوجة بنكهة القهوة في مضارب النقب..
اخذ رقم تليفوني من الكنترول ،وسرعان ما اتصل بي..
عرفته (سالم الهزيل).. حفيد الشيخ سلامة المشهور بكرمه ،وزيجاته ،وتلك الحكمة التي حافظت على بقاء أهلنا متجذرين في ارض ال48.. !!
تواصلت المكالمات ،وزادت عمقا في الانتفاضة الثانية.. كان سالم بأسلوبه الخاص ..يتحرق شوقا لمعرفة أخبار غزة من غزة ،ويتألم بشدة من الأنباء التي تحمل دم الضحايا ،ومعاناة الأهل تحت البساطير الوحشية للاحتلال..
حاول الرجل قدر استطاعته أن يترجم قلقه إلى أفعال في توأمة أسرية.. طلب أشعاري ، وقدمها إلى صديقه المغترب لتصدر بالعربية ،والانجليزية معا .. لكن المشروع ذهب مع الريح كما ذهب الصديق..!!

في عام 2004 أرسل لي سالم الجزء الأول من كتابه (رحلة الأماني) وهو سيرة ذاتية لبدوي عشق تراب السبع ،وهواء الناصرة ...وحملهما معه في طريقه إلى أمريكا ... ضحكت في البدء من رحلة ذكرتني قبل أن أتصفحها بفيلم محمد هنيدي (صعيدي في الجامعة الأمريكية)..!!

قرأت ..فأبكتني كلماته ،وصوره الفطرية العميقة عن وداع أمه الصابرة ،فتخيلتها أمامي تحتضنه في مشهد تراجيدي صامت...،وهي تتذكر أخاها الشهيد..!! وعن وداع أبيه القاسي الذي ذاب في دمعتين ،وكلمتين.. تكشفان عن موقف إنساني نادر.. جمع حنان الدنيا كلها في قلب اب..!!
كنت الهث ،وأنا أتابع المشهد تلو المشهد في رحلة هذا ال(سالم ) الغريب..!!
السائق المصري (يوسف) الذي نقله من ميناء نيويورك ورفض أن يأخذ الأجرة لما عرف انه فلسطيني..!!
مدرس التاريخ ( مسترسميث) الذي تلقى درسا بليغا في الحافلة عن مأساة فلسطين بشغف وحب من طالب مرتبك يخطو خطواته الأولى إلى غربة مجهولة..!!..
كلية(يورك) في نبراسكا البادرة جدا.. الناس،والنساء، وأصدقاء التلمذة (كريم وجورج )من الناصرة.. أيقونة المحبة العفوية بين المسلم ،والمسيحي في قالب انساني شديد الخصوصية.. كرم الفلاح الأمريكي ،وطقوسه على المائدة.. ،ومشاركة سالم بقراءة الفاتحة ،ليقول الحضور المسيحي امين..!!
كنت في مكالماتي القليلة معه أتمنى عليه دائما ،أن يدركني بالجزء الثاني من رحلة الأماني.. حتى نسيت السؤال عن مصير اشعاري..!!
في هذا العام وبعد 8 اعوام كاملة.. فوجئت بطرد منه فيه كتابان له .. الأول :عن صدام حسين.. عليه صورته وهو يقف بحانب نصبه التذكاري في جنين..!! سالم كما تخيلته تقريبا .. قرأت الكتاب في يوم واحد ، لأنه كتاب متوقع عن مشاعر قومية متوقعة.. ،والثاني : رحلة الاماني.. ج2.. تأملت الكتاب كما لو انه سفينة تايتانيك جديدة.. ،وبدات الابحار على أرض يابسة من نبراسكا الى كاليفورنيا وأنا اشعر مع سالم بالتحول من جهامة الثلج ،وقسوته الى زهو الربيع ،وخضرته.. ،واسافر عبر نفسيته الممزقة بين الحنين الى الصحراء ،واهلها ،ووجع الغربة ..تذكرت ،وانا اقرأ وأتصور غربة ابني البكر شادي مع الفارق طبعا ،لكنها تبقى الغربة بمعانياتها ومراراتها..!!

كان سالم الهزيل صادقا معنا ،ومع نفسه .. لم يرسم لنفسه أبدا صورة البطل ..!! ولم يزيف الصورة لتبدو اجمل .. ،بل تعمد ان يكون سالم الانسان الذي يستجيب لغرائزه ،وشهواته ،فياخذنا معه الى مرقص (... )ويغرينا بمداعبة الأمريكيات الفاتنات ،ويسوق بنا السيارة عائدا وهو مخمور..!!
شدني هذا البدوي العنيد الى لحظة من الفقر والياس والجوع..استلقى فيها على فراشه مستسلما .. ليسمع صوت ابيه هاتفا..( قوم يا سالم .. )..!! ويقوم سالم ليبحث من جديد ، ويجد عملا..!!

كان (هوميروس ) الهزيل يغترب منذ أوائل الستينات في مسار محاذ لحركة المد والجزر في وطننا العربي.. ،وتتمزق روحه باستمرار مع تسارع الأحداث ،والأخبار.. ،ويصل الألم إلى منتهاه في محطتين .. هزيمة 67 ،وظلالها التي انعكست عليه، وعلى رفيقيه بالاكتئاب ،والانطواء ،والخرس .. ،ووفاة عبد الناصر المفاجئة التي لم تترك له ،ولرفاقه الا الذهول والبكاء ، وقد عمق ذلك الدم الفلسطيني المباح في عمان..!!
ذبحتني.. يا سالم ..!!
هتفت بها باللهجة البدوية القح بين دمعتين نافرتين ،وأنا أضع الكتاب قرب راسي مع الكتب التي اعتز بها..
،ويتوقف بنا ابن السبعين عند تلك الليلة وليسكت عن الكلام المباح وقد ادرك عاشق الارض الصباح.. على وعد بتقديم الجزء الثالث من رحلة الاماني للقراء في المستقبل القريب.
نعم لقد استطاع ابن البادية الغريب ان يقدم لنا تاريخنا في ميلودراما عربية على ارض أمريكية قاحلة سياسيا حرثها اللوبي الصهيوني وبذرها بالاكاذيب والافتراءات فحصد ما اراد وسط غياب عربي بليد..
واستطاع (سالم) بوحي من غربته ،أن يعمق ارتباطه الأبدي بالأرض الفلسطينية بزواجه من غزية فاضلة أنجبت له أسامة وآخرين.. ،وبالاصرار على تزويج أبنائه ،وبناته في (راهط).. ،وكاننا امام اليكس هيلي جديد يقدم لنا وجها اخر ل (الجذور)..!!
ويقول رغم مرور 64 سنة على النكبة ..بصوته البدوي القوي( شعب فلسطين حي ).!!



#توفيق_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاذبون.. في معمعة اضراب السجون..!!
- عربي دروش...عربي انجن...!!
- أصول الطفاسة.. في غزوة الرئاسة..!!
- جوال..توكتوك.. لاب..!!
- واحد.. اثنين.. احنا وين..؟!!
- جاي ..يا زلام ..جاي..!!
- الشيخ امام.. والشيخ حرام..!!
- غزة ..تورا بورا..رايح جاي..!!
- أروع ..من شربة زيت الخروع..!!
- لا أهلا ولا مرحبا ..بالبلدية ،وشركة الكهربا..!!
- الملفوف.. والأمر بالمعروف..!!
- الك ايام ...يا ناصر يا لحام..!!
- احنا يبوس.. يابو عقل ملحوس..!!
- ربيع.. في بيتي..!!
- غنيلي..شوي شوي..!!
- ها ي هاي إخوان..باي باي علمان..!!
- ليسوا ثوارا.. وليسوا مسلمين..!!
- الله اكبر.. سكر على زعتر..!!
- دولة للكلاب..!!
- طبق اليوم


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - توفيق الحاج - ذبحتني يا سالم..!!