أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - الرقص على لحم عارى














المزيد.....

الرقص على لحم عارى


عبدالله صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3730 - 2012 / 5 / 17 - 22:04
المحور: الادب والفن
    


كنت مدعوا ذات يوم فى حفل عرس , وكان هذا الحفل فى أحد الفنادق الكبرى ,ومنذ أن وطأت قدماى صالة الرقص, شعرت منذ أول وهلة بأن قدماى ليسا فى وضعهما الطبيعى , وأنى أشعر بشئ غريب يسرى فى أوصالى , فأتزانى ليس كما هو , لآنى لم أعتاد على تلك الآماكن , سألت نفسى هل هى رهبة المكان أم الخوف ؟ القشعريرة , زهول المكان , لم أعرف بالضبط ما هو هذا الشعور الذى تملكنى .

موسيقى هادئة , أناس سكارى , أناس حيارى , أناس سهارى , كلها تعبيرات تدور فى خلدى , عطر المكان كان يفوح , وكأننا فى مقام سيدنا الحسين , مع الآختلاف فى المكان والمقام , أجسام حريم شبه عارية , وأنا شاب فى العقد العشرين , وهذه الآجسام تغرى الشيطان , يا إلهى من سمح لهؤلاء النسوة بالخروج من المنزل بهذه الصورة والهيئة المريبة . الجسد يكاد لا يكسوه إلا بضع من القماش , اللحم عارى , والنفوس عارية , والكلام شبه عارى , لابد وأننى قد دخلت هذا المكان خطأ , أو أنى إنسان من عالم أخر , الله يسامحك أيها الجار على هذه الدعوة .

هذا الذى أراه لم أراه إلا فى الآفلام الآجنبية , الضحكات عالية سواء من الرجال او الحريم , أعلى من صوت الآذان وصوت أجراس الكنائس , الغمزات والهمسات واللمسات واضحة وضوح الشمس , لكنى ولله الحمد متماسك أمام هذه المهازل التى أراها بأم عينى لآول مرة فى حياتى , أكيد أنا فى عالم أخر . الليلة أمنت وصدقت بكل ما رأيته وسمعته فى الآفلام العربى , حقا إنها حياة مترفة وغريبة , لكنها تحتاج الى فلوس لهذا البذخ الغير عادى .

ظللت قابعا فى مكانى أشاهذ ما يجرى وما يحدث , أعترف بأنى كنت كالقروى الذى حضر الى الدينة لآول مرة فأبهرته الآضواء فتاه فى زحامها ولم يستدل على قريته . ظللت أنظر حولى مليا وإذا بها تحملق فى العبدلله وغمزت لى بطرف عينها , وإذا بى أسمع وقع دقات قلبى تشبه دقات الطبول الآفريقية العالية , وكاد يغمى على , يا إلهى إنها رائعة الجمال , ياربى أهى فتاة أم إمرأة , تسمرت قدماى مكانى ولم أستطع المسير إليها , أبتسمت صاغرا حتى لا أكسفها , ولكن وجدتها تحضر الى طاولتى الفارغة من أى شخص فيما سواى , مدت يداها الخالية من العظام , يدان تشبهان العجينة الملساء , كانت هى المبادرة بالسؤال والكلام , لكنها لاحظ الخيبة المرسومة على وجهى وقالت صراحة : الظاهر إنك خام , رديت عليها وقلت أنا خام إبن خام ورخام كمان .

جسم مرمرى لا أقوى على النظر إليه كنت أغلب الآوقات أنظر الى الآرض من خيبتى وخجلى , هى ياربى أجرأ منى , ماذا تعلمت إذن بعد أن تخرجت من الحامعة ! تعلمت الخيبة يا عبدالله ... نعم إنها تربية أمك لك , جعلتك لا نقوى على النظر لآنثى !
حدثتنى نفسى ,وصراع مرير مشوب بالحذر فى تعاملى مع هذه الكائنة التى هطلت على من السماء , يا ربى كيف أتخلص من هذه الآنثى الرائعة الجمال , سألتنى عن أسمى وعملى ,وفى العادة الرجل هو الذى يسأل , لكن الآمور تغيرت , لازالت القشعريرة المريرة تجتاح جسدى النحيل , ولكنى حاولت أن أستجمع قواى وفجأة قلت لها : مالى أراكى من غير فستان ... ذات جسم مرمرى عريان ؟ ! , فلم ترد وضحكت ضحكة عالية وصلت لعنان السماء .

أيضا حدثتنى نفسى المضطربة , كيف بإنسان ساذج مثلى يتعرف على مثل هذه العارية ... والله لو جدث وتعرقت عليها وشاهدنها أمك لفضحك أمام الجيران , ظللت أقاوم نفسى فى الصد لآغرائها لى بالرقص معها , فقد طلبت منى أن أراقصها , فرفضت بأدب جم , وقلت لها أنا لا أجيد الرقص لآنى طوال عمرى ما رقصت فى حياتى , قالت لى : أعلمك . قلت يا سيدتى أنا أنسان بسيط , من أسرة على قد حالها, فأنا أغسل قميصى من أول النهار وفى منتصفه ألبسه دون مكوى , نحن البسطاء لا نعرف الرقص , نحن إذا أشتدت علينا الخطوب نكمل يومنا نوم حتى نهرب من مأسى الحياة .

أنتم أصحاب الطبقة الراقية تستطيعون أن تدفعوا فلوس من أجل أرضاء نزواتكم وملزاتكم ... لكننا ندور طوال النهار كالنحلة كى نبحث عن رزقنا وربما هذا الرزق لا يكفى يومنا , ولكننا نعرف الفضيلة ولكننا راضون وقانعون , مدت يدها لى محملة بكأس من الخمر , لكنى قلت لها : أنا لا أجيد تناول مثل هذه الآشياء , فأنا أحب شرب الماء العذب من الصنبور لآنه يريحتى , وكوب من الشاى والقهوة العربى أم هيل .

سيدتى قولى على أى شئ , قولى أنى متخلف أو جاهل أو رجعى لكنها الحقيقة التى لا أستطيع الهروب منها , لكنى مفتنع بما أفعله وأجيد عمله , وكفى على شرب سيجارتى , ولا أجيد الآشياء التى تخصكم , فنظرت لى بنظرة أستحقار , وفى النهاية ذهبت لتبحث عن زبون أخر يكون أكثر سذاجة وغباء .



#عبدالله_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآنتخاب بإرادة شعبية
- ثورة قامت على الرشوة
- مصر التى فى خاطرى
- لماذا هم غيروا كلامهم؟
- سياسة التكويش
- الحرية وعلاقتها بالمخلوقات البشرية
- خايف على نفسى
- دورة عسكرية لآبادة المسلمين
- معنى الثورة
- حكاية بنت أسمها حنان
- ضربة فى الرأس
- فتاة البستان
- عادل إمام الفنان والآنسان
- اليوم مثل أمس
- الآيادى البيضاء
- يا جماعة أعقلوا
- هل هؤلاء هم شباب الثورة ؟
- العبث بأمن الوطن
- الحرية لها ثمن
- مكتوب مفتوح لكل الناس


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - الرقص على لحم عارى