أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمود محفوري - جدلية الاصلاح والنهضة















المزيد.....

جدلية الاصلاح والنهضة


محمود محفوري

الحوار المتمدن-العدد: 1092 - 2005 / 1 / 28 - 08:00
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


يشغل الهم العام جميع مواطني بلادنا الحبيبة وهذا ما يشير بشكل أو آخر إلى حيوية وديناميكية يمكن البناء عليها من أجل انطلاقة حضارية لا يمكن أن تتم بعيدا عن الناس وبدون مشاركتهم. فالمواطنون هم الأداة الأساسية التي تصنع الحضارة والنهضة، وقبل كل ذلك هم الأداة التي تصنع الخيرات المادية والإبداعات الفكرية والتي تشكل أساس تلك الحضارة. إذن لا بد من توظيف هذه الحيوية في المجرى العام لعملية تغيير عميقة تستجيب لكوامن النفوس التي تجمع على ضرورة الإصلاح والتغيير وحتمية التعاطي بشكل مختلف مع الإدارة والاقتصاد والسياسة.
لكن شبه الاجماع في الرأي العام على تهمة الفساد وانعدام النزاهة لأشخاص يتولون مفاصل ادارية واقتصادية يجعل من الصعب تجنيد المواطنين، عاملين وغير عاملين في الدولة لدفع عملية تفاعلية ايجابية تكاثر الايجابيات وتبني عليها وتضعف السلبيات وتبعدها من الطريق. لكن كيف تشكل هذا الرأي العام السلبي؟. انه لم يتشكل من فراغ وبدون أساس، بل وأساس عميق، لكنه لم يتشكل فقط بسبب الفساد وسوء الادارة وينشأ من استشرائهم، بل له جوانب سياسية، ثقافية، فكرية تتعلق بآلية ادارية تنظيمية قامت في جميع البلاد التي سادت فيها نظم سياسية – اقتصادية شكلت ما سمي بدول حركة التحرر الوطني والدول الاشتراكية في النصف الثاني من القرن الماضي. كذلك تتعلق بتركيبة اجتماعية اقتصادية ثقافية اثنية موجودة في بلادنا.
فانعدام المنبر الرسمي العلني للمجموعات التي لا تقاسم النظام السياسي الذي يروج الاشتراكية الرأي وتعارضه في ذلك وعدم قدرتها على الظهور بشكل علني لتقديم برنامج سياسي تختبره الحياة ويختبره المجتمع، مع كل ما تمتلكه من امكانات مادية ورصيد اجتماعي وسياسي بامتداداته المختلفة داخل البلاد وخارجها، مع ما رافقه من تراكم لمظاهر الفساد والفشل في تنفيذ الطروحات الكثيرة في الاقتصاد والسياسة والمجتمع، مع ما حصل من تغيرات عالمية واقليمية، كل ذلك شكل أرضية لتكوين رأي عام سلبي تجاه كل ما تتخذه السلطات من اجراءات جدية وايجابية، غير مبديا أي رغبة في التعاون لدفع عملية التغيير والاصلاح الى الأمام.
يمكن تقسيم تركيبة هذا الرأي العام السلبي غير المتفاعل مع عملية التغيير الى اتجاهات مختلفة، منها من يأس وفقد الثقة بناء على تجربة خاصة ومنها من لا يريد التعاون كي لا يعطي فرصة أخرى لآلية دامت فترة طويلة ولم تحقق ما وعدت وعملت من أجله، ومنها من لا يريد التعاون من مواقع عدائية لمقولات ومبادىء وممارسات النظام في السياسه والاقتصاد والتي كانت قد أضرت به سابقا، ومنها ومن مواقع مبدأية يتناقض مع النظام. كل هذا معا شكل وعلى مدى سنوات طويلة أساس للوصول الى هكذا رأي عام سلبي، والذي استمر في تقويته وتدعيمه ودفعه الى الأمام استمرار مظاهر الفساد في المفاصل الادارية المختلفة.
لكن كيف لنا الخروج من هذا الطريق المسدود مع علمنا أنه لا يمكن الخروج دون تجنيد الرأي العام وكل طاقات المجتمع الخلاقة قاطبة في اطار عملية نهضوية اصلاحية تعيد بناء الحجر والبشر؟؟؟؟. لا بد أيها السادة من تحويل هذا الرأي العام السلبي الى رأي عام ايجابي، تفاعلي، قوي، علني، جريء وشجاع، بعيدا عن الخوف والتردد. يبدأ هذا من طمأنة المواطن أنه تحت حماية القانون وسلطة القانون ولا سلطة لأحد غير سلطة القانون. فالمواطن والوطن أصل وهدف كل التشريعات والقوانين. والسلطة عملية تعاقدية بين المواطن والدولة تأتي عبر صناديق الاقتراع التي يحدد مضمونها المواطن والمواطن فقط، حيث قناعته وبالتالي مصلحته وضميره هو من يملي عليه ما يقوله عبر صناديق الاقتراع.
فالخطوة الأولى لجعل الرأي العام ايجابي هو اقتناع المواطن أن لرأيه دور وأهمية وأنه تحت سلطة القانون، وما الدولة الا منفذ لهذا القانون الذي صاغة ممثلو الشعب لخدمة المواطن والوطن.
ينتج عن هذه الخطوة الأساسية أن تعبر كل الاتجاهات المذكورة سابقا والمشكلة للرأي العام السلبي لأبناء الوطن، أن تعبر عن ذاتها بعلنية وقانونية عبر منابر سياسية، فكرية، تنظيمية، وتطرح برامجها ومشاريعها الوطنية. ذلك ما يجعل هذه الاتجاهات المختلفة، بعضها بشكل مباشر والبعض بعد تردد، تشارك بايجابية في تناول كل القضايا الوطنية وذلك سيكون رفدا عظيما لعملية الاصلاح ومكافحة الفساد والضغط باتجاه تعميق وتكريس كل الاجراءات الاصلاحية التي تتم والتي يفشل الكثير منها أو لا يحقق مبتغاه بسبب عدم تعاون الرأي العام معها وعدم ثقته بها. ان المجتمع أيها السادة يعرف وبمقدوره أن يعرف ويفهم وبمقدوره أن يفهم كل ما يدور ويطرح ما كان منه همزا أم لمزا.
لا بد أن يقتنع الجميع أن أساس استمرار أي نهج ونجاحه على المدى الطويل يقوم على مدى قناعة الناس به وتعاونهم معه. لذلك نرى أنه لا بد أن يتعاون كل أبناء سوريا الخيرين لبناء نهج وطني نهضوي يقوم على قاسم مشترك لا يختلف عليه أحد منهم وهو بناء دولة القانون واطلاق الحريات العامة - أسوة بباقي دول العالم المتحضرة والتي سوريا من بينهم – واصدار قانون ديمقراطي للأحزاب والجمعيات وتقوية جهاز القضاء وتوطيد استقلاليته وتدعيم الأجهزة الأمنية – التي يرهبها الجميع – بروح احترام الحريات الفردية وحقوق الانسان ووضعها تحت سقف القانون لخدمة المواطن وأمن الوطن والغاء تسييس النقابات وجعلها نقابات وطنية مهنية تدافع عن مصالح منتسبيها واصلاح التعليم وزيادة عدد طلاب المرحلة بعد الثانوية وتوسيع وزيادة عدد الجامعات الحكومية ليكون في كل محافظة جامعة على الأقل عملا بالمعيار العالمي لكل 400 ألف مواطن جامعة والغاء تسييس الجامعات لتصبح مؤسسات وطنية فوق سياسية لأعداد كوادر وطنية مؤهلة لخدمة الوطن والاقتصاد الوطني والعمل وفقا للفضاء الوطني الاعلامي المفتوح بعيدا عن الرقيب السياسي وتحت سقف القضاء المستقل. كل ذلك يمكن أن نعبر عنه بجملة واحدة أن لا بد من اشاعة الحياة الديمقراطية الحقة كما هي الحال في دول تشابهنا معها في المراحل التاريخية القريبة والبعيدة وتماثلنا بمستوى التقدم الحضاري قبل بضع سنوات كتركيا واليونان وقبرص.
لا بد من التأكيد على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص فانعدام العدالة الاجتماعية يهدد السلم الاجتماعي ويجعل الكثير من القوى والافراد تستحضر عداوات الماضي ومآسيه لتعيد نشر ثقافته وفلسفته وأخلاقه العكرة. ان انعدام العدالة الاجتماعية يؤدي الى احتدام الصراعات الطبقية والقبلية والطائفية والمذهبية والاثنية والى موت الديمقراطية.
سوريا أيها السادة، متحف حي غني كغنى باديتنا بالأزهار في ربيع مطير خير، يجب أن نفاخر به ونحميه ونحمي تنوع أزهاره، ويفاخر معنا به العالم. فكم يدخل البهجة إلى النفس ذلك التفرد الذي ظهر عندما عرضت إحدى الفضائيات معهدا في معلولا يعلم لغة كادت تنقرض، لغة تكلم بها السيد المسيح الآرامي– عليه السلام- إنها اللغة الآرامية. إن ذلك لا ينتقص من عروبة سوريا ولا من سوريتها. فتراث هذا الوطن وارثه التاريخي ثروة مادية ومعنوية تمتد لعدة عشرات آلاف من السنين. يمكن لهذا التراث أن يكون جسورا للتواصل والتعاون والصداقة والأخوة عبر الحدود مع كل جيران سوريا الحبيبة. فلنبني هذه الجسور ونوطد هذا التعاون.
الاصلاح أساس النهضة أيها الأخوة. ولا اصلاح دون تعاون كل فئات الشعب معه واعتماده في سلوكه اليومي وممارسته ممارسة حقة. ولا بد من "توريط" كل أبناء شعبنا – بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والمذهبية والقبلية والاثنية - في عملية نهضوية اصلاحية مستدامة تنتقل بالوطن الى آفاق الحضارة العصرية الرحبة بكل أبعادها.
فليكبر الوطن بنا جميعا ولنكبر بسوريا وطنا وشعبا عزيزا شامخا، وطنا لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا، كما كان وطنا لأعظم أجدادنا السالفين.

د. محمود محفوري : رئيس المكتب السياسي في حزب النهضة الوطني الديمقراطي السوري
www.alnahdaparty.com
www.alnahdanews.com



#محمود_محفوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بضع كلمات عن الكرد والعرب وعن الوطن
- نحو بناء رأسمالية جديدة أساسها اقتصاد المعرفة في سوريا
- الوطن أولاً ! فلتكن ايديولوجيتنا حب الوطن
- هل سيشكل العرب قطباً في عالم متعدد الاقطاب
- نحو تحرير ولبرلة التفكير في المجتمع السوري واقامة ديمقراطية ...
- لنوظف الرأي العام السوري في خدمة التنمية والاصلاح
- تقدميون في التغيير الاجتماعي والاقتصادي وطنيون في الانتماء ل ...
- كي يصلح العطار ما افسد الدهر
- الإصلاح والديمقراطية في الشرق الأوسط والدولة الفلسطينية المو ...
- كلمات في الديمقراطية والليبرالية والعدالة الاجتماعية كما يرا ...
- دعوة لتآلف وطني يشمل الجميع


المزيد.....




- زيارة إلى ديربورن أول مدينة ذات أغلبية عربية في الولايات الم ...
- الرئيس الصيني يزور فرنسا في أول جولة أوروبية منذ جائحة كورون ...
- مطالبات لنيويورك تايمز بسحب تقرير يتهم حماس بالعنف الجنسي
- 3 بيانات توضح ما بحثه بايدن مع السيسي وأمير قطر بشأن غزة
- عالم أزهري: حديث زاهي حواس بشأن عدم تواجد الأنبياء موسى وإبر ...
- مفاجآت في اعترافات مضيفة ارتكبت جريمة مروعة في مصر
- الجيش الإسرائيلي: إما قرار حول صفقة مع حماس أو عملية عسكرية ...
- زاهي حواس ردا على تصريحات عالم أزهري: لا دليل على تواجد الأن ...
- بايدن يتصل بالشيخ تميم ويؤكد: واشنطن والدوحة والقاهرة تضمن ا ...
- تقارير إعلامية: بايدن يخاطر بخسارة دعم كبير بين الناخبين الش ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمود محفوري - جدلية الاصلاح والنهضة