أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال الهنداوي - صناعة الاصنام














المزيد.....

صناعة الاصنام


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 3718 - 2012 / 5 / 5 - 00:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بتكثيف وتبسيط -بعيدا جدا عن الإخلال-يفصل المفكر الجزائري الكبير مالك بن نبي بين ثلاثة مركبات تؤلف عالم الفرد والمجتمع ويفرزها كـ:"أشياء" و "أشخاص" و"أفكار".وينظر إلى أن الفرد يمر في مراحل نموه المبكرة بهذه المراحل الثلاث المتلاحقة متعرفاً فيها أولاً على "الأشياء" ثم يتعرف بعدها على "الأشخاص" ثم يتعرف أخيراً على "الأفكار"، وبنفس التعاقب تمر المجتمعات في تطوراتها الحضارية بهذه المراحل.وحين يهرم الفرد يمر بحالة نكوص عقلي وتقهقر فكري فيتراجع وعيه عائداً بتعاقب معكوس ليمر في نفس الطريق الذي سلكه ابتداءً, وكذلك تفعل الحضارات حين تجتازها الأيام وتشيخ.
والمتمعن في الحالة العضال للاستعصائية التي تضرب بأطناب دول المنطقة والمشكل الكياني الشامل الذي يمسك بتلابيب الأمة والمستهدف لوجودها , يصل إلى قناعة أكيدة وراسخة آن مجتمعاتنا تمر بمرحلة رجراجة ومتقلقلة مابين مرحلتي الأشياء والأشخاص في حالة نكوص وتراجع من نقطة لم تصل إلى مرحلة الأفكار مطلقاً.
وهذا الإشكال التاريخي ساهم في تشكيل وعي جمعي مأزوم بعقلية ملتبسة أدت إلى الافتقار إلى القدرة على التفريق ما بين المبادئ التي يضعها المجتمع كمثل عليا وما بين الأشخاص أو الرموز الإنسانية التي تجسدها-اوعلى الاصح العناوين التي تدعي تمثيلها- ,وعلى هذا الالتباس الأخطر تم تخليق تقسيم المجتمع الى طبقة من الكهنوت السياسي المحتكر للشعارات التي تؤطر علاقة الأمة بمنتهيات قيمها ومطامحها العليا..وجموع اقرب الى القطيع تدور في حلقات دوامية تهتف للزعيم الاوحد..
وهذا التصنيم شكل تاريخنا كتاريخ أفراد بالمطلق وليس تاريخ شعوب ومجتمعات, وربط كل فصوله وتحولاته بأسماء عضال لخلفاء وحكام ولافتتان الشعوب بزعماء نجحوا في تسويق أمجاد وهمية وانتصارات كلامية سبيلاً وأسلوباً للحكم,وإعاشة الناس في حمى تفاؤلات زائفة عن الزعيم الملهم الخارق لقوانين الطبيعة والقادر على صنع الأمجاد واجتراح المعجزات من اللاشئ والذي سيؤم إخوانه الزعماء العرب وجموع المؤمنين في الصلاة بالمسجد الأقصى بعد ان يفرغ من رمي الاعداء في البحر , ولكن الكيف والمتى تعتبر هنا من التساؤلات المبنية على سوء ظن وطوية لا تمر بخاطر إلا كل من هو مشكوك في انتماءاته أو ولائه للثوابت العربية العظمى .
ولقد أدى هذا الإحلال إلى إلحاق أضرار كبيرة بالأفكار والمثل العليا للمجتمع عندما تصدى لتبنيها أشخاص لم يكونوا أهلاً لحملها. والاكثر سوءاً من خلال إلحاق القيمة أو المثال الأعلى للمجتمع بحكام وزعماء انتحلوا خطاب سياسي وإعلامي متماهي مع هذه القيمة أو تلك الفكرة بغض النظر عن السلوكيات والمواقف التي اتخذتها تلك الأنظمة وكان لها وقع تدميري ومأساوي على الأفكار المتبناة ذاتها.
ان كل هذا التأليه والزعيق والاختزال المنظم للوطن في النظام السياسي الحاكم ومن ثم اختزال هذا النظام السياسي في شخص الحاكم الفرد لم تؤدي الا الى سلسلة من الصدمات التي عانت منها الشعوب العربية والى مراكمة للنتائج السلبية التي أحدثتها حالات التجييش العاطفي الممنهج والتي تسببت في هزائم وآلام ونكسات وتراجعات واستلابات للعقل واحتجاز الشعوب في حالات وجد وهمية عبر الترويج لأوهام التقدم والأماني والأحلام وكل التخيلات التي أدت إلى جعل الأمة تبدو اقرب إلى قارب في عاصفة ويعاني من وطأة بوصلة فاقدة للسداد وتشير باستمرار إلى الحاكم كوجهة أحادية ومنفردة للخلاص.
إن طريق الخلاص يبدأ من فصل الأفكار والقيم عن الأشخاص وعدم تحويل ميراثهم وممارساتهم واجتهاداتهم إلى عقيدة سياسية ونموذج لابد أن نحتذيه حذو النعل للنعل ونسير عليه" خطوة بخطوة أو شبرا بشبر وذراعا بذراع "وخصوصا أن الشعوب ما زالت والى اليوم تدفع ثمنا باهظا لامتناع هذه الرموز والزعماء-بالذات- عن إفساح المجال أمام التداول الديمقراطي والسلمي للسلطة والافراط في سياسة قمع جميع أشكال المعارضة بانتظام واغراق وملئ السجون بسجناء الضمير والفكر الآخر ومصادرة الحريات وتقويض حقوق المواطنة .
أن تأليه الحاكم لم يكن بالتأكيد اختراعاً عربياً.ويجب ان نقر بأنه ليس مقتصراً على شعوب المنطقة..ولكن الاستمرارية الشديدة والمتقادمة والمقاومة لأي محاولة للفطام من هذه الزندقة السياسية المؤسطرة للحاكم في الثقافة العربية , حولت هذه الشخصانية المفرطة الى اشتراط حتمي لمستلزمات الحكم في النظام العربي وتكريسها كأسلوب عبادة مستمرة ودائمة لزعيم خالد عصي على التغيير..



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس هذا من الديمقراطية في شئ..
- البحرين..العزف النشاز على هدير المحركات
- لا بديل عن التعايش.. لا بديل عن الحوار
- الجهاد ضد كوفي عنان
- عصر الحرية المفتوح
- وثيقة ابو سفيان
- تساؤلات على هامش القمة
- هدم الكنائس..وما الجديد؟؟
- بلاغة القرضاوي لا تكفي
- حلبجة الشهيدة
- مقاربة متأخرة لاعلام دولة فاعل..
- الرئيس اوباما يقلب الطاولة..
- حاكم جائر طيب..حاكم جائر شرير
- الأسلمة في مواجهة الشعوب الحرة
- النووي الخليجي
- الانتخابات بين الوعود والمصداقية
- دعك من العراق يا سميرة رجب
- تصريحات الظواهري..طوق نجاة لنظام الاسد
- ما للقوم و-نيتشه-يا كاشغري
- أسلمة الربيع العربي والديمقراطية


المزيد.....




- أوباما: الولايات المتحدة -قريبة بشكل خطير- من الاستبداد
- نتنياهو: لدينا القدرة على ضرب كل المنشآت النووية الإيرانية و ...
- ترامب يُحدد المدة الزمنية قبل اتخاذ قراره بشأن التدخل العسكر ...
- من الصين وروسيا إلى باكستان.. هل تصمد تحالفات طهران أمام الح ...
- صاروخ سجيل.. ما مميزات السلاح الذي أطلقته إيران لأول مرة على ...
- ترامب لبوتين: -توسط في شؤونك الخاصة-.. ردا على عرضه التوسط ب ...
- إسرائيل وإيران: هل تتّسع دائرة التصعيد بعد الضربات الأخيرة؟ ...
- تحرك طائرة -يوم القيامة- الأمريكية
- وفق القانون الدولي - تنسيق أوروبي أكبر لمكافحة -أسطول الظل- ...
- صحة غزة: 84 شهيدا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال الهنداوي - صناعة الاصنام