أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة ودورها، والعلاقة مع الأحزاب اليسارية - - بمناسبة 1 ايار- ماي عيد العمال العالمي 2012 - علي اوعسري - بمناسبة فاتح ماي 2012: أراء حول تركيبة الطبقة العاملة، دورها وعلاقتها مع الأحزاب اليسارية















المزيد.....


بمناسبة فاتح ماي 2012: أراء حول تركيبة الطبقة العاملة، دورها وعلاقتها مع الأحزاب اليسارية


علي اوعسري

الحوار المتمدن-العدد: 3709 - 2012 / 4 / 26 - 21:12
المحور: ملف - المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة ودورها، والعلاقة مع الأحزاب اليسارية - - بمناسبة 1 ايار- ماي عيد العمال العالمي 2012
    


1- كيف أثر التطور التكنولوجي، ثورة الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات على تركيبة الطبقة العاملة كما ونوعا؟
ج: مفهوم الطبقة العاملة في نظرنا مفهوم كلاسيكي ينتمي إلى أدبيات مرحلة الثورة الصناعية التي عاشتها اروبا خاصة في القرن التاسع عشر، وبروز أعمال مفكرين كبار لعل أبرزهم كارل ماركس الذي تطرق في معرض تحليله للوضع الاقتصادي في اروبا من حيث هو نتاج تناقض علاقات الإنتاج الرأسمالية السائدة آنذاك وتطور قوى الإنتاج. هذا التناقض الذي هو السمة الرئيسة لتطور نمط الإنتاج الرأسمالي يجعل من قوة العمل سلعة ضمن السلع التي يحتاجها ويشتريها كل رأسمالي للشروع في عملية الإنتاج والمنافسة في الإنتاج وتطويره. من هذا المنطلق الماركسي النظري "الجدلي" فان الطبقة العاملة هي صانعة فائض القيمة الذي يستولي عليه ذلك الرأسمالي في غفلة عن العمال. هذا المنطق النظري يبدو لنا متكاملا من حيث هو المنطق الوحيد تاريخيا الذي فكك ميكانيزمات عملية الإنتاج الرأسمالية مبرزا فيها ذلك التناقض الرئيس الذي حرك ولازال يحرك كل تناقضات النظام الرأسمالي حتى في لحظتنا الراهنة "العولمة". هذا من الناحية النظرية. للإشارة فقط إذا لم نتفحص شروط تطور الواقع التاريخي بما هو صيرورة هذا التناقض فعليا، أي في ظل شروط سياسية واقتصادية وثقافية محددة، إذا لم نتحلى بهذه القدرة على التمحيص والبحث العلمي التاريخي وبقينا في دائرة التحليل النظري فسنكون عندها غير قادرين على النظر ليس فقط في أثر التطور التكنولوجي، ثورة الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات على تركيبة الطبقة العاملة كما ونوعا، بل وهذا هو الأهم سنكون غير قادرين حتى على تمثل مفهوم "الطبقة العاملة" في لحظتنا التاريخية الراهنة. أية طبقة حتى تكون طبقة بالمعنى الاجتماعي على الأقل ينبغي أن تتوافر لها في ظل شروط تاريخية محددة ذلك الوعي الذي ينقلها من التفكير في ذاتها إلى التفكير من أجل ذاتها. دون ذلك لا نجد سوى ذلك الوصف العميق لماركس حينما أكد على أن العمال إن لم يتملكوا هذا الوعي السياسي العميق فهم ليسوا سوى أكياس من البطاطس في إحالة واضحة منه –هذا في اعتقادنا- إلى أن "الطبقة العاملة" ليست معطى جاهزا "جوهرا" بل هي ثمرة نضال وتنظيم للعمال حتى يتمكنوا من بناء أداتهم النقابية التي من ناحية النظر الماركسية ليست سوى تلك المرحلة الانتقالية من اللاتنظيم العمالي الى تملك هؤلاء العمال أداتهم السياسية الطبقية، "أي الحزب السياسي الممثل للطبقة العاملة". هنا في نظرنا تتشكل الطبقة العاملة من الناحية النظرية.
من الناحية التاريخية هناك تعدد الرؤى في التجارب التي عاشتها الكثير من الدول سواء تعلق الأمر بكومونة باريس، الثورة البولشفية، التجربة اليوغوسلافية وغير ذلك من التجارب التاريخية... هذه التجارب كلها كانت ذات صلة بالفكر الاشتراكي في مستوياته وتمايزاته المتعددة. لكن في نظرنا وباطلاعنا المتواضع على مجموعة من التجارب يضل التجربة اليوغوسلافية تجربة متميزة من حيث أنها شكلت النموذج الماركسي الأمثل نحو الاشتراكية في مقابل الثورة الفرنسية التي تضل في نظرنا التجربة المثلى والنموذجية في بناء الدولة البرجوازية المرتكزة الى الأسس الليبرالية المعروفة تقليديا. إذن ما نود التركيز عليه من خلال هذه الإحالات هو أن "الطبقة العاملة" تاريخيا لم تستطع إقامة دولتها "الاشتراكية" في أفق "لادولتها الشيوعية" كأعلى أفق بشري كما تراه الماركسية الكلاسيكية. وهذا سببه بسيط جدا ويكمن في كون هذه "الطبقة العاملة" حتى في اروبا (وهي مهد الطبقة العاملة) لم تتمكن تاريخيا من التحول من طبقة في ذاتها الى طبقة من اجل ذاتها.
بعد هذا العرض النظري التاريخي المقتضب نتساءل هل هناك ما يسمى "الطبقة العاملة"، بهذا المعنى الذي أوردناه، في "العالم العربي"?، أو قل على وجه الدقة هل تشكلت الطبقة العاملة تاريخيا في هذه البلدان?. شروط تشكل "الطبقة العاملة " في هذه البلدان هي هي شروط مرحلة التحرر الوطني بما يعنيه ذلك من تعقد شروط الصراع الطبقي-الوطني وتمكن العناصر البرجوازية الوكيلة (الكولونيالية بتعبير مهدي عامل) من "قيادة" حركة التحرر الوطني، الشيء الذي زج ب"الطبقة العاملة" التي لم تستكمل بعد تشكلها حتى إن أردنا القول في ذاتها، في متاهات ومنعرجات تاريخية أفضت بها في أخر المطاف الى خارج هياكل ومؤسسات ما سمي "الدول الوطنية" بعد الاستقالات الشكلية. بالمناسبة لم تعد هناك دول وطنية اليوم خاصة بعد "الربيع العربي"، هناك اليوم ساحات للاقتتال الطائفي والعشائري والمذهبي في ظل صعود القوى الاسلاموية (أفة العصر). هذا الواقع كله اذا نظرنا اليه مليا نجده يتطور في عكس استكمال تشكل الطبقة العاملة اليوم. بمعنى أخر لو تشكلت الطبقة العاملة في هذه البلدان لما انزلقت الى ما هي عليه اليوم من ساحات للاقتتال والتناحر بما يفيد أنه لا أفق واضح للطبقة العاملة ينجلي في المدى المنظور.
وعليه يمكن القول أن "الطبقة العاملة" ليست بعد طبقة تمارس صراعها السياسي من أجل تحررها التاريخي من أغلال النظام الرأسمالي المقيد لكل طموحاتها. اذا كان هذا الوضع الهلامي هو وضع الطبقة العاملة منذ أن تشكلت هجينة في إطار مراحل التحرر الوطني، فإنها اليوم في ظل التطور التكنلوجي لم ترقى الى وضع خاص بها يمكنها مما تتيحه وسائل الاتصال الجديدة من خدمات وقدرات عالية على التنظيم.
إن الثورة المعلوماتية وهي تشكل فرصة تاريخية من أجل وعي متقدم للطبقة العاملة، تضل بالمقابل ذلك العائق الأساس في تشكل طبقة عاملة واضحة المعالم. تطور نمط الإنتاج، بما في ذلك الثورة المعلوماتية، لا يزيد سوى في تقسيم العمل ومع تنامي هذا التقسيم تتزايد الفئات العمالية، لكل منها وظائفها ومن ثم مطالبها، أي بمعنى أدق تنظيماتها الفئوية. حينما نكون غير قادرين على قراءة المتغيرات التاريخية والاجتماعية كتلك التي تحصل باستمرار في تركيبة الطبقة العاملة، حينها نتوجه بالقذف والشتم ونعت الفئات العمالية ب"الانتهازية" و"الفردانية". نقول هذا ونحن ندرك جيدا أن كثير من "المناضلين" النقابيين اليساريين عوض أن ينكبوا على فهم الواقع وصيرورته تراهم يصفون كل من خالفهم الرأي بالبيروقراطية والمخزنية في وقت هم مسئولون عما آلت اليه وضعية الطبقة العاملة وتشتتها التنظيمي والفئوي اللذين أضحى السمة البارزة اليوم ل"الطبقة العاملة". من هذا المنطلق نرى اليوم العديد من الفئات التي باتت تناضل بعيدا عن النقابات لأن هذه الأخيرة لم تتمكن بسبب من جمود خطها الإيديولوجي وقصره عن النظر الى الواقع في ديناميته الخاصة والعامة والى ما يفرزه من مطالب اجتماعية فئوية ليست سوى نتائج حتمية وموضوعية لذلك التقسيم للعمل وليس نتائج ما يصفه بعض النقابيين بالانتهازية والمصلحية الى غير ذلك من الاحكام الجاهزة.
2- هل ترى-ين تراجعا لدور الطبقة العاملة التقليدية في عملية الإنتاج، في مقابل تنامي دور شرائح اجتماعية وسطى وتحلل الحدود الطبقية القديمة؟
ج: هذا ما نحن بصدد تناوله بالتحديد؛ الطبقة العاملة تاريخيا وكما وضحنا هي طبقة ترتبط ارتباطا وثيقا بالعملية الإنتاجية، ولما كانت كذلك فنحن نميز بين هذه الطبقة العاملة والفئات الأخرى التي تقوم بأدوار ليست ذات صلة مباشرة بعملية الإنتاج. لذا نحن ضد تصنيف موظفي الدولة ضمن الطبقة العاملة لسببين اثنين رئيسيين: أولهما أن موظفي الدولة ليسوا في علاقة مباشرة بعملية الإنتاج، ثانيهما أن موظفي الدولة هم ممن تحصلوا على مستويات علمية قد لا نجدها في الطبقة العاملة التقليدية، وبهذا المعنى هم يصنفون ضمن الطبقة الوسطى أو قل البرجوازية الصغيرة.
الإشكال التاريخي الذي لم يحل بعد الى حدود اللحظة الراهنة والذي في نظرنا يطمس كل مطالب الطبقة العاملة، هو وجود هؤلاء الموظفين من البرجوازية الصغيرة على رأس النقابات العمالية. إن هذه الطبقة بالتحديد، ولكونها تحصلت على وعي خاص بها نتيجة تعلمها عكس العمال، تعمل كوسيطة بين الحكومات والطبقة العاملة، وهي وفي وساطتها هذه لا تحقق سوى مطالبها الخاصة تلبية لطموحاتها البرجوازية الصغيرة. وما مثال "الربيع العربي" ببعيد عما نقوله في حق هذه الفئة المسيطرة على النقابات العمالية. ففي أوج الحراك الجماهيري مثلا في المغرب هرولت جل النقابات في شخص هذه الفئة الى التوقيع على اتفاق 29 ابريل 2011 الذي لم ينجز منه الكثير للطبقة العاملة المنتجة، بل ما وقع هو الزيادة في اجور موظفي الدولة.
في اعتقادنا ليس المشكل في تراجع ما لدور الطبقة العاملة التقليدية في عملية الإنتاج، فعملية الإنتاج هي دوما في إطار النظام الرأسمالي في حاجة الى عمال يبيعون قوة عملهم، باعتبارها سلعة، للرأسماليين. ليس المشكل في كون العمال هم من يرتدون البذلة الزرقاء أو شيئا أخر، بل الإشكال الحقيقي هو ما اذا كان العمال يتحصلون من عملهم على ما يكفيهم من العيش حياة كريمة وفي رفاهية مثلهم مثل كل الفئات الأخرى التي تجني أموالا طائلة من وراء عمل هؤلاء العمال. لذا لا يمكن القول ببساطة أن هناك تنامي دور شرائح اجتماعية وسطى وتحلل الحدود الطبقية القديمة. لم يحصل في التاريخ أبدا أن كانت الحدود الطبقية واضحة ومحددة حتى تتحلل اليوم لسبب بسيط شرحناه سابقا يتمثل في عدم قدرة "الطبقة العاملة" على صيرورتها طبقة من أجل ذاتها (أي منظمة اجتماعيا وسياسيا) وهذا يرجع الى أن من يحملون الوعي الطبقي الى هذه الطبقة هم من خارجها أي من البرجوازية الصغيرة المتعطشة الى التسلق الطبقي. هذا هو مجرى التاريخ، ما دون ذلك هو مفاهيم نظرية هل طبقت في الواقع التاريخي أم لا هذا? هو المختلف فيه.

3- البطالة آفة اجتماعية واقتصادية كبيرة جدا في العالم العربي، كيف يمكن مواجهتها وإيجاد الحلول المناسبة لها؟
ج: البطالة اليوم هي ظاهرة عالمية ولم تعد تقتصر على "العالم العربي" وهذا يرجع بالأساس الى مأزق النظام الرأسمالي الذي بالتعبير الماركسي لا يكف عن توليد الجيش الاحتياطي للطبقة العاملة، هذا الجيش الاحتياطي من العاطلين/المعطلين (هذا فيه نقاش) كان في السابق سمة بارزة بالدول المتخلفة بسبب من عدم قدرة هذه الدول على نهج سياسات عمومية واضحة الأهداف وبسبب من سيطرة العائلات الحاكمة في هذه الدول على كل مفاتيح الاقتصاد وسيادة نوع من الريع وتهريب الأموال الى الخارج ....
أما اليوم فالعالم كله يعاني البطالة. من هذا المنطلق لم يكن يخامرنا أي شك في كون "الربيع العربي" سيأتي بما فيه الفائدة على الطبقات المحرومة التي لن تجد حقوقها الا في دول ديمقراطية ومدنية لا في دول اسلاموية انما هي في طور التشكل ليس لتحقيق مطالب العاطلين بل للحفاظ اساسا على اسس النظام الرأسمالي وايجاد الظروف "الوطنية" الملائمة لاعادة انتاج هذا النظام نفسه الذي لن يعمل في المستقبل الا على تفريخ جيوش احتياطية أخرى للطبقة العاملة. فبعد سنوات من اعتناقنا ل"الحلول الاشتراكية" ونضالنا في هذا الطريق سنين طويلة (خمس سنوات مثلا في الدكاترة المعطلين بالمغرب) بدأنا نتحلى بنظرة واقعية لإشكالية العطالة التي تفوق بكثير اشكالية خريجي الجامعات الى عموم الكادحين والمعدمين. فاذا كانت الدول عاجزة عن توظيف تلك النسبة القليلة من المواطنين خريجي الجامعات فما ذا نحن فاعلون ازاء عموم الكادحين. هل سنحل المشكل برفعنا لشعارات طوباوية من قبيل "الحل الاشتراكي" المبني على التوزيع "العادل" للثروات أو من قبيل الحل الاسلاموي المبني على الحكامة الجيدة. لا التوزيع العادل للثروات المنهوبة أصلا ولا الحكامة "الجيدة" ومحاربة الفساد سيحل المشكلة.
لن تحل اشكالية العطالة الا من خلال ثلاث مداخل أساسية في نظرنا: أولا أن تتم الزيادة في الإنتاج الوطني وهذا يستدعي ثورة ثقافية بالضرورة وثورة ديمقراطية ليست بكل تأكيد هذه التي تمخض عنها "الربيع العربي". لا ننسى أن الصين المتخلفة والتي نهض بها ماوتسي توتغ قامت فيما بعد بثورة ثقافية لها ما بعدها على المستوى الإنتاجي والاقتصادي. أما الثورة الديمقراطية والتي لا أرى مقدماتها في المدى المنظور فهي القمينة بتحقيق توزيع عادل للثروات الوطنية طالما تمكنا من الحفاظ عليها وتراكمها. ثانيا أن كل هذه الزيادة في الإنتاج الوطني لا يمكن تحقيقها من دون حل اشكالية التبعية الاقتصادية بما هي تأخر تاريخي مزمن تعاني منه كل دول "الربيع العربي". حتى نكون واضحين لا يمكن بجرة قلم حل اشكالية التبعية ونحن ندرك بعمق تاريخي أن كل الأنشطة التي تقوم بها الدول المتخلفة هي من تصميم ومشاريع الدول الرأسمالية. بهذا المعنى لا يعني حل اشكالية التبعية القطع الفوري مع هذه الدول (هذا وهم) بل يعني أن تعمل كل القوى الحية (وهذا ليس ولن يكون قصرا على اليسار لوحده) على تثبيت مشروع حد أدنى وطني مستقل ومتوافق عليه، سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتعليميا، من أجل الدخول في مفاوضات شراكات عادلة مع الدول الرأسمالية. ما نراه للأسف لا يسير في هذا المنحى. كل تناحر واقتتال وتصدعات مذهبية وطائفية باسم "الثورة" هو يؤخر هذا المشروع الوطني الذي بدون لا أفق لحل اشكالية العطالة. ثالثا تغيير المناهج التعليمية والرفع من مردوديتها مما يمكن من خلق أجيال جديدة من الخريجين يستطيعون ليس فقط الاندماج في اقتصادهم الوطني بل في الاقتصاد العالمي نظرا لكون العالم اليوم اضحى قرية صغيرة اقرب من أي وقت مضى الى تحقيق شروط "يا عمال العالم اتحدوا".
4- لماذا لم تحقق الثورات العربية أهدافها لصالح الطبقة العاملة والجماهير الكادحة التي كانت القوة الرئيسية لتلك الثورات؟
ليس المجال هنا ملائما للدخول في مفهوم الثورة وما اذا كانت الأحداث الجارية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط ثورات أم لا? كل ما كتبناه منذ اندلاع هذه الأحداث كنا نؤكد فيه على التريث في استصدار الاحكام، أما مصطلح "الربيع العربي" فنحن نعتقد انه مصطلح تم ترويجه من طرف دوائر رأسمالية بمساعدة من وسائل الإعلام الرجعية الخليجية الاخوانية، فتلقف صداه ذلك الجمهور وتلك النخبة التي لم تجدد مفاهيمها الى باغتتها أحداث ذلك "الربيع العربي".
حتى إن افترضنا جدلا ما وقع هو ثورات فان في الأمر نقاش يتعلق بطبيعة أهداف هذه الثورات وبقياداتها ومن هم المستفيدون منها (الاسلامويون والسلفيون والتكفيريون وجميع فصائل الرجعية المحنطة منذ قرون). أكثر من ذلك هل مصطلح "الثورات العربية" هو شامل أم أنه جاء يبين تلك النزعة العروبية الضيقة التي لا تعترف لباقي مكونات شمال افريقيا والشرق الاوسط بحقوقها الاساسية والهوياتية. أن تحمل هذه الثورات اسم العربية هو في حد ذاته شأن غير ديمقراطي ويغيب الديمقراطية من حيث هي في جوهرها قبول بالتعدد لا بالهيمنة. لا نريد هنا الدخول في نقاش أخر بل كل ما نود التركيز عليه هو عدم قدرة هذه "الثورات العربية" على تحقيق أهداف استراتيجية لصالح الطبقة العاملة والجماهير الكادحة لأنه بكل بساطة ما سمي ثورات ليس يمت بصلة الى الثورة في شيء.
فالثورة قبل كل شيء هي تغيير للبني الاجتماعية والثقافية السائدة قبل أن تكون تغييرا لرأس النظام؛ ما وقع هو تغيير في رأس النظام في مقابل وصول فصائل الرجعية المحنطة الى السلطة، إنها مأساة حقا. في المدى المنظور والبعيد لن تستفيد الطبقة العاملة والجماهير الكادحة من أي شيء، في ظل السلطة الاسلاموية المتحالفة عضويا مع الرأسمالية العالمية (ليس وصول أعضاء القاعدة أمثال عبد الحكيم بلحاج الى السلطة في ليبيا سوى احدى تمظهرات ذلك الترابط العضوي بين الاسلاموية والرأسمالية).
ان بعض القوى اليسارية، بسبب من أصوليتها الفكرية لم تستطع وهي في هذيانها جنبا الى جنب مع الاصولية الاسلاموية، لم تكن تستشعر خطورة ما ستؤول اليه هذه "الثورات العربية". كتبنا ذلك في حينها واعتبرنا البعض نشازا، فها هي الأمور واضحة اليوم. قانون الإضراب في المغرب الذي لم تستطع كل الحكومات المخزنية المتوالية منذ الاستقلال على تمريره، ها هي حكومة الاسلامويين تحاول جاهدة تمريره لخنق الاضراب. اليسار يتحمل مسؤوليات تاريخية في ما الت اليه الأوضاع وهذا راجع الى جموده الإيديولوجي والعقدي وعدم مسايرته لتطور المجتمعات التي كان يناضل من اجلها. اذن تبدو لي الأمور طبيعية لا شيئ يؤخذ هكذا مجانا. ان لا تحقق الطبقة العاملة والجماهير الشعبية أي شيء من هذا الذي جرى ويجري هو طبيعي لكون هذه الأحداث لم تكن من قيادة هذه الطبقة ولا من تصميمها. لقد دخلت الطبقة العاملة معترك هذه الأحداث بدون اهداف وأجندات وقيادة قادرة على ترجمة مصالحها على ارض الواقع فخرجت خاوية الوفاض. هذا هو المنطق المادي الجدلي.
5- كيف تقيم-ين العلاقة بين الأحزاب اليسارية والطبقة العاملة ومنظماتها ونقاباتها، وهل لعبت تلك الأحزاب دورا في تقوية النقابات العمالية؟
ج: ان معظم الأحزاب اليسارية هي أحزاب تقودها عناصر من البرجوازية أو البرجوازية الصغيرة، وهذا لا يعني عناصر من الطبقة العاملة هي منظمة في هذه الأحزاب. كذلك هي نقابات ومنظمات الطبقة العاملة. باختصار شديد مادام الوعي الطبقي للطبقة العاملة يأتي من خارجها، أي من عناصر برجوازية صغيرة ليست من تركيبتها كما وضحنا سابقا، ما دام الأمر كذلك فان العلاقة بين الأحزاب اليسارية والطبقة العاملة ومنظماتها ونقاباتها ستبقى ملتبسة تختلط فيها المصالح السياسية الحزبية الفئوية الخاصة مع المصالح العامة للطبقة العاملة. ان هذا يحيلنا بشكل عام الى علاقة تبعية النقابي (ومعه الطبقة العاملة) للسياسي (الأجندة الحزبية) وهذا إشكال ينبغي الحسم فيه فلا مجال للانتظار. بينت التجارب التاريخية انه كلما كانت النقابة في تبعية للحزب فان الطبقة العاملة تكون هي الخاسر الكبير في هذه العلاقة.
لا أفهم لماذا، ورغم كل التضحيات الجسيمة التي قدمتها الطبقة العاملة في البلدان العربية طيلة سنوات الاستقلال، لم تحقق هذه الطبقة حتى الحد الأدنى للأجور. ان المشكل ليس في الطبقة العاملة المناضلة بطبيعتها جراء ظروفها العملية والمعيشية، بل المشكل في من يمثلها من نقابات وأحزاب للأسف تدعي الاشتراكية واليسارية وهي من ذلك بعيدة كل البعد.. الشرط العالمي والكوني اليوم لم يعد يسمح باستمرار تلك العلاقة الملتبسة بين النقابي والسياسي، لا بد أن يستقل العمل النقابي عن العمل السياسي وهذه ضرورة ملحة لا محيد عنها. ان فك الارتباط بين العمل النقابي والسياسي هي احدى تمظهرات الحداثة التي لم نلجها بعد.
نتمنى من صميم قلبنا الخالص ان يحمل هذا العيد الاممي للعمال مؤشرات ايجابية اليهم وان يجري نضالهم التاريخي في صالح الطبقة العاملة لا في صالح تجار الطبقة العاملة. هذا هو كل أملنا ومتمنياتنا. وكل عام والطبقة العاملة بألف خير.




#علي_اوعسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكاترة المعطلون بالمغرب والسؤال السياسي/الثقافي
- الوضع العربي في ضل الهجوم الاسرائيلي على غزة


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة طعنه وما دار بذهنه وسط ...
- مصر.. سجال علاء مبارك ومصطفى بكري حول الاستيلاء على 75 طن ذه ...
- ابنة صدام حسين تنشر فيديو من زيارة لوالدها بذكرى -انتصار- ال ...
- -وول ستريت جورنال-: الأمريكيون يرمون نحو 68 مليون دولار في ا ...
- الثلوج تتساقط على مرتفعات صربيا والبوسنة
- محكمة تونسية تصدر حكمها على صحفي بارز (صورة)
- -بوليتيكو-: كبار ضباط الجيش الأوكراني يعتقدون أن الجبهة قد ت ...
- متطور وخفيف الوزن.. هواوي تكشف عن أحد أفضل الحواسب (فيديو)
- رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية -لا يعرف- من يقصف محطة زا ...
- أردوغان يحاول استعادة صورة المدافع عن الفلسطينيين


المزيد.....

- هكذا تكلم محمد ابراهيم نقد / عادل الامين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف - المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة ودورها، والعلاقة مع الأحزاب اليسارية - - بمناسبة 1 ايار- ماي عيد العمال العالمي 2012 - علي اوعسري - بمناسبة فاتح ماي 2012: أراء حول تركيبة الطبقة العاملة، دورها وعلاقتها مع الأحزاب اليسارية