|
الاهلاك الجزئى أو التعذيب لقريش مع نزول القرآن الكريم
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 3707 - 2012 / 4 / 24 - 22:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
( 6 ) الباب الأول : (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى الاطار النظرى ) الفصل الأول : ( الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر اسلاميا وقرآنيا ) خامسا : غياب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يعنى هلاك الدولة
الاهلاك الجزئى أو التعذيب لقريش مع نزول القرآن الكريم
خصوصية قريش 1 ـ بينما كانت تموج صحراء الجزيرة العربية بالغارات والسلب والنهب والصراع حول الكلأ وتعانى الحرمان وإنعدام الأمن تمتعت قريش بالأمن والرخاء بسب قيامها على البيت الحرام وعملها بالايلاف ورحلتى الشتاء والصيف : ( لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ). وبدلا من أن يشكروا بنعمة وجودهم حول البيت الحرام فقد كفروا بحجة البيت الحرام ، وخشوا على مكانتهم أن تهتز لدى العرب لو إتبعوا هدى الاسلام :( وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا )، وجاء الرّد بأن الله جلّ وعلا هو الذى جعل لهم هذا الحرم الآمن الذى تأتى اليه الثمرات والخيرات والأرزاق : ( أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ )، ثم يذكّرهم رب العزة بالهلاك الذى حدث للقرى السابقة التى ظلمت ورفضت الرسل ، وأترفت وبطرت معيشتها :( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ) ( القصص 57 : 59 ). 2 ـ وتكرّر نفس الرد عليهم حين كفروا بنعمة القرآن وآمنوا بالباطل ، وكان مفترضا بهم أن يشكروا لمن أعاشهم فى أمن بينما يتعرض الناس حولهم للسلب والنهب والخطف : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ )، ولأنهم إحترفوا الكفر العلمى بإختراع وحى الاهى مزيف مثل ما يسمى بالحديث النبوى والحديث القدسى، يقول رب العزة فى الآية التالية عن أظلم الناس : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ) ثم يقول جلّ وعلا عمّن يواجه هذا الزيف الباطل المفترى : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )(العنكبوت 67 ـ ). 3 ـ وأتاهم التحذير بضرب المثل الذى ينطبق عليهم تماما : ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) ( النحل 112 : 113) . فقريش كانت آمنة مطمئنة فى مكة حول الحرم ، يأتيها رزقها رغدا من رحلتى الشتاء والصيف وممّا يجلبه الحجاج ، ومما يربحه تجار قريش من رحلتى الشتاء والصيف ومن وفود الحجاج . عاشت قريش فى رغد ، وبدلا من الشكر لله جلّ وعلا المنعم فقد كفروا. هى قصة أو مثل ينطبق تماما على قريش خصوصا قوله جل وعلا فى نفس المثل : (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوه ) . يبقى العقاب الذى جاء فى المثل ، وهو فى مرحلتين : الأولى الكفر بالنعمة بدل الشكر : (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ) وكان العقاب : (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ )، والثانية : الكفر بالرسالة والرسول (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ ) فعوقبوا بالعذاب (فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) . جاء هذا المثل تهديدا صريحا لقريش ، فلم تتعظ به . بل إتخذوا سبيل العناد والجدال . الاهلاك وطلب آية حسية 1ـ فى تعليل رفضهم للقرآن طلبوا آية حسّية عنادا : (وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ) ونزل الرفض بأنّ الله جلّ وعلا قادر على أن ينزل آية حسية ولكنهم لا يعلمون :( قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) مع إشارة الى حقيقة علمية تدل على إعجاز القرآن الذى يرفضونه: ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) ، ومع توصيف لحالهم وضلالهم (وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ( الأنعام 37 : 39 )، ثم جاء التحذير لهم بوقوع العذاب بالهلاك الجزئى أو بقيام الساعة ، وأنهم عندها لن يجدوا غير الله جل وعلا يستغيثون به:( قُلْ أَرَأَيْتَكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ) ، وذكّرهم الله جلّ وعلا بما حدث للأمم السابقة وخطوات إهلاكها : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )، ثم عاد التحذير فى أسئلة للتذكير بحقائق لا مفرّ من التسليم فيها لله جل وعلا الذى يملك سمعنا وأبصارنا وعذابنا ونعيمنا :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ الهَِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ) ( الأنعام 40 : 49 ) 2 ـ وفى رفض طلبهم لآية حسية جاء التأكيد على الاكتفاء بالقرآن وحده : ( وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) وتأكد هذا بشهادة رب العزّة ذاته بأن القرآن كاف للمؤمن : ( قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) وكانوا أيضا يتعجّلون العذاب الفورى مع طلبهم الآية الحسية فجاءهم الجواب بأن العذاب الدنيوى له وقته وموعده وسيأتى لهم بغتة ، وأن العذاب فى الآخرة حتمى ينتظر أصحابه (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( العنكبوت 50 ـ ) 3 ـ وفى كراهيتهم للقرآن كانوا يصممون على تزول الاهلاك الكامل الذى حدث للسابقين ويجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق ، ساخرين من كلام الله ومن رسول الله معرضين عما فى القرآن من كل مثل : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا ) لذا وصفهم رب العزة بأنهم أظلم الناس وأبعد الناس عن الهداية (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ) وأوضح أن لعذابهم موعدا ، كما كان هناك موعد لاهلاك السابقين (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلا وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا ) ( الكهف 54 ـ ). 4 ـ فى استمرار طلبهم ىآية حسّية وعدم إجابة طلبهم كان النبى محمد عليه السلام يشعر بالحزن حرصا منه على هدايتهم فأكّد له رب العزّة انهم لا يطلبون الآية إلا عنادا ، وأنهم فى داخلهم لا يكذبون بالحق ، بل هم يجحدون الحق :( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ) وأن هذا حدث فى تاريخ الأنبياء السابقين ولقد صبروا على التكذيب إلى أن جاءهم النصر ، وأنه لا مبدّل لكلام الله :( وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ )، وأنه إذا استعظم إعراضهم وأراد أن يأتيهم بآية فليتصرف هو بنفسه ، يصعد الى السماء أو يهبط الى قاع الأرض ليحضر لهم آية معجزة :( وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) ( الأنعام 33 : 35 ). هذا بالنسبة لاستحالة نزول آية . ونفس الحال فى موضوع إنزال العذاب ، أمره جلّ وعلا أن يقول لهم أنه يعرف أنه على الحق ، وأنهم يكذّبون بهذا الحق عنادا ، وأنه لا يملك تعذيبهم ، ولو كان يملكه ما تردد فى تعذيبهم حتى ينتهى الأمر بينه وبينهم : ( قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ )( الانعام 57 : 59 ) 5 ـ وعن رفضهم الاستماع للقرآن الكريم واتهامه بأنه أساطير الأولين ، وانهم يستطيعون الاتيان بمثله يقول جل وعلا : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ). ولأنهم يعبدون الله ويقدسون الأولياء يتخذونهم مجرد واسطة تقربهم الى الله جل وعلا زلفى ، فقد دعوا الله جل وعلا على أنفسهم أن يعذّبهم لو كان القرآن من عند الله حقا :( وإذ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ). وجاء الجواب بأنه لن يقع عليهم عذاب طالما لم يخرجوا النبى من مكة،وطالما هم يستغفرون الله:( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )، وأن التعذيب سيقع عليهم إذا هم صدّوا عن المسجد الحرام( وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ )(الأنفال31 : 34 ). وهذا ما حدث فيما بعد ، إذ أخرجوا النبى محمدا عليه السلام ، وصدّوا المؤمنين القادمين من المدينة للحج الى البيت الحرام . عندها وقع عليهم العذاب فى مكة، وليس الاهلاك . يقول جل وعلا لخاتم النبيين عن قومه:( وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )،ثم يقول عن قومه:( وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنْ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ)، ثم تأتى إشارة الى العذاب الذى وقع فيهم:(وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) ( حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) ( المؤمنون 73 : 77). أخيرا 1 ـ وفى النهاية ، فأولئك المعاندون من الملأ القرشى وخصوصا من الأمويين ما لبث أن دخلوا فى الاسلام قبيل موت النبى محمد عليه السلام ، وبعد موته إستغلوا الأعراب في الفتوحات ثم تقاتلوا فى الفتنة الكبرى ، وبها تمّ حكم المسلمين بالاستبداد . وبالفتنة الكبرى يعيش المسلمون إهلاكا جزئيا مستمرا حتى الآن . وهذا التعذيب أو الاهلاك الجزئى يأتى على نوعين : كوارث طبيعية وحروب أهلية:( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ )( الانعام 65 ). ولم يفقه المؤمنون حتى الآن . إذ يعانى مسلمو اليوم من الحروب الأهلية وكوارث الزلازل والبراكين و الفيضانات والمجاعات ..وبهذا تتصدر أخبارهم شاشات العالم ، ليس فى صفحات المجد ولكن فى صفحات الحوادث والجرائم والوفيات . 2.متى يعلنون وفاة العرب يا نزّار يا قبانى ؟؟!!
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنواع آلهة المشركين
-
إنقاذ ما يمكن إنقاذه
-
( 5 ) بين الاهلاك الكلى والاهلاك الجزئى
-
الفكّ المفترس .!!
-
( 4 ) خطوات ومعالم الاهلاك الكامل : المقال الثانى
-
( 3 ) تحذيرات رب العزة لنا بالاهلاك : المقال الأول
-
القرآن والواقع الاجتماعى (21):(وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ
...
-
(6 )تحذير من إهلاك قائم وإهلاك قادم
-
الأغلبية الصامتة نذير هلاك للمجتمع
-
القرآن والواقع الاجتماعى ( 20) : ( وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُ
...
-
التقوى أساس تنفيذ أوامر الشرع فى المجتمع المتفاعل بالخير
-
التقوى أساس القيام بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
-
أهمية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى إقامة مقاصد الشرع ا
...
-
الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر و طبيعة الدولة (إسلامية أو إ
...
-
المطبّ
-
( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ )
-
الدراسات ( السفلى ) فى جامعة الأزهر الحلقة الأولى
-
التأصيل القرآنى لمفهوم ( الفتنة )
-
من علوم القرآن:القرآن والواقع الاجتماعى(19)(وَنَبْلُوكُمْ بِ
...
-
حدود الإلزام في تشريعات الاسلام : ( 4) إلزام السلطة الاجتماع
...
المزيد.....
-
“ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على القمر الصنا
...
-
الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان يعلن تنفيذ 25 عمل
...
-
“طلع البدر علينا” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
إعلام: المرشد الأعلى الإيراني يصدر التعليمات بالاستعداد لمها
...
-
غارة إسرائيلية على مقر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في خربة
...
-
مصر.. رد رسمي على التهديد بإخلاء دير سانت كاترين التاريخي في
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات الاحتلال الاس
...
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي: الكيان
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان: مجاهدونا استهدفوا تجمعا لقوات ا
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: أنتم
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|