أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - الفكّ المفترس .!!















المزيد.....

الفكّ المفترس .!!


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3702 - 2012 / 4 / 19 - 20:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من أكثر من عشرين كنت أحذّر من حمّى إنشاء المساجد السّنية الوهابية الأيدلوجية ، لأنها كانت تأكل أموال الناس بالباطل ، وتضل الشباب . وها نحن الآن نرى النتيجة المروعة لمن تخرجوا فى هذه المساجد . نراهم فى مظاهرات السلفيين بالذات ، جماهير شباب غاضبة صاخبة بلا عقل وبلا تمييز ..تعالوا نقرأ هذا المقال الذى نشرته جريدة ( الأحرار ) بتاريخ 16 سبتمبر 1991 . لم يصل صوتنا وقتها .. فهل سيصل اليوم ..
جريدة الأحرار 16/9/1991 . قال الراوي :
الفك المفترس
* زارني بعض الأصدقاء يتحدثون معي حول مقال " تبرع يا أخي لبناء مسجد نفق شبرا " الذي نشرته الأحرار من قبل . وانبرى أحد الأصدقاء يعتب على هجومي على جامعي التبرعات واتهامهم بالثراء لأن بعضهم يقوم بهذا العمل مخلصا ولا يتخذه تجارة ..
وكان عليً أن أوضح لهم موقفي بالتفصيل .
* قلت لهم : لنفترض جدلا بأن هناك من ينقطع عن عمله لكي يظل يقول " تبرع يا أخي لبناء مسجد " طيلة اليوم بدون مقابل مادي ، أقول لنفترض جدلا أنه يقوم بهذا العمل المرهق تطوعا لأن الحقيقة أنه يأخذ مقابلا سخيا تأسيسا على قوله تعالى في توزيع الصدقات ".. والعاملين عليها.." فهم يعتبرون أنفسهم من العاملين على جمع الصدقات ولهم فيها نسبة في المحصول تتحدد حسب الظروف التي لا محل لمناقشتها الآن، ولكن دعنا نغمض عيوننا عن هذه الحقيقة ونقول أن القائمين على هذه المشروعات يعملون متطوعين مخلصين ، حينئذ يكون من حقنا أن ننبه إلى شيء هام وهو أن عدد المساجد في القاهرة ليس قليلا إلي الحد الذي ينهض فيه أولئك الأخوة الأبرار المخلصون في حملة منظمة تستمر سنوات طوالا يجمعون فيها أموال الناس – ومنهم أكثرية محدودة الدخل – وتكون النتيجة أن تتكاثر المساجد إلى درجة تقترب من عدد المصلين . ولا يوجد في القاهرة مسجد يكتمل فيه الصف الأول إلا نادرا . إذن هي كثرة من المساجد تفوق المطلوب ، هذا إذا كانت تلك المساجد للصلاة فحسب ، والواقع أنها مشروعات استثمارية تختفي خلف عباءة الدين.
* وقلت لهم : إن الإسلام في عصوره المزدهرة الأولى لم يعرف هذه الكثرة في المساجد ، إذ كان يكفي مسجد جامع في كل مدينة ، وقد نهى عمر بن الخطاب عن زخرفة المساجد، ورأى أن توجيه تكاليف الزخرفة إلى إطعام المساكين أفضل وأهم.. وفي هذه العصور النقية لم يخرج على الناس أحد الأبرار يقول تبرع يا أخي لبناء بيت من بيوت الله .. وبسبب اقتصار المسلمين في كل مدينة على مسجد واحد يجتمع فيه المسلمون للصلاة كان وصف المسجد بأنه " جامع ".. وغني عن الذكر أن أحدا لم يفكر وقتها في استغلال المسجد لمشروعات استثمارية تجارية لصالح الأبرار وحدهم ..!!
* وقلت لهم : إن القرآن الكريم حفل بالآيات الكثيرة التي تحض على رعاية الفقراء والمساكين وأبناء السبيل ، ومع ذلك لا نجد فيه هذا الاهتمام بإقامة المساجد والدعوة إلى تأثيثها، ذلك أن المسلم يصلي لله تعالى في أي مكان ولكن ينبغي أن يكون مخلصا لله تعالى في عبادته ، وكلمة المسجد في الأصل هي موضع السجود لله على أي مكان طاهر في الأرض، لذا يقول تعالى " وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين: الأعراف 29 ". أي علينا أن نصلي لله تعالى في أي مسجد ولكن ينبغي أن نقيم لله وحده وجهنا مخلصين له الدين . وحين دعا القرآن الكريم لتعمير المساجد بالمؤمنين وصفها بأنها بيوت " في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة : النور 36: 37" فأولئك الرجال لا يجمعون أموال المسلمين بحجة بناء المساجد ثم يقيمون من خلالها مشروعات استثمارية لصالحهم ، ولكنهم رجال من نوع آخر قلوبهم معلقة ببيوت الله يمارسون التجارة خارج المسجد ولكن هذه التجارة لا تلهيهم عن إقامة الصلاة وإخراج الزكاة من واقع كسبهم الحلال من تلك التجارة ، وهم يسبحون لله تعالى في هذه البيوت بالغدو والآصال . هنا تحدث القرآن عن " بيوت " في إشارة لطيفة إلى جواز الصلاة والتسبيح والاعتكاف في أي بيت على الأرض طالما تعمره بالصلاة والخشوع .
* وقلت لهم إن قريش المشركة احترفت التجارة بالدين وكانت تقيم مساجد تعبر فيها أولياء بدعوى أنها تقربهم لله زلفى ، وقد نهاهم الله تعالى عن ذلك وقال " وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا : الجن 18". ولكنهم أصروا على هذه النوعية من التجارة عمروا مساجدهم بالزينة والضجيج وخربوا قلوبهم بالزيف وتقديس الأولياء فقال تعالى فيهم " ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله : التوبة 17: 18 ".
إذن ليس المهم إقامة المساجد وتعميرها وإنما الأهم نقاء العقيدة وصفاؤها .
* وقلت لهم إن هؤلاء أهدروا حق ابن السبيل في عصرنا .
إن " ابن السبيل" هو في الأصل ذلك الغريب الذي يأتي إلي بلد مسلم ، ولا يجد فيها المأوى ، وقد جعل القرآن له حقا في الصدقة التطوعية وفي الزكاة وفي الفيء أي ما يفيء إلي بيت المال ، ومن حق ابن السبيل حتى لو كان غنيا أن توفر له الدولة الإسلامية سائر احتياجاته طالما بقى غريبا . وفي عصرنا الراهن – حيث تقدمت المواصلات وتقاربت المسافات-أصبح المفهوم التقليدي لابن السبيل نادر الحدوث ، فالمسافر إلي مكان يستطيع غالبا أن يعود إلي بلدته في نفس اليوم - وليس مضطرا كما كان يحدث من قبل لأن يقضي أسابيع وشهورا في السفر يكون فيها غريبا وابن سبيل في المدن التي يمر بها ، ومع ذلك فإن عصرنا أتحفنا بنماذج أشد بؤسا لأبناء السبيل الذين لا يجدون المأوى ويعيشون على الكفاف يبيتون على الأرصفة وفي خيام لا تسترهم وفي منازل آيلة للسقوط وفي أعشاش خربة ، هذا بالإضافة إلى ملايين من أبنائنا الشباب والشابات ذوى الأحلام المؤجلة في الزواج بسبب أزمة السكن .. وأولئك جميعا أبناء سبيل لهم علينا كمجتمع وكدولة أن نوفر لهم المأوى.
* وسكت عن الكلام ..وقال أحد الأصدقاء : هيا بنا نصلي في مسجد(...) لتعرفوا الرد العملي في الموضوع .. وذهبنا .. وبعد الصلاة جلسنا . ولفت نظري شخص يجلس ، آسف إنه يبدو مجموعة من الأشخاص قد تجمعوا معا في شخص واحد .. لا تستطيع أن تتبين ملامحه بصعوبة وسط هذا الكم الهائل من الشحم واللحم ..
ولم أكن الوحيد الذي انبهر بهذا المنظر الفريد ، وابتسم صديقنا وقال إنه الأستاذ (...) ويعمل وكيلا لأحد المدارس الثانوية . وقد زاملته منذ عشر سنين فنحن خريجو نفس الدفعة ، وكان في بدايته نحيف القدر والمقدار مثلنا . ولكنه بعد أن تولى أمانة الصندوق في هذا الجامع منذ عدة سنوات وصل حجمه إلى ما ترى.
* وقال صديقنا : إن مرتبه 160 جنيها شهريا ، ولكنه يأكل على الغذاء كل يوم 4 كيلو من الجمبري الفاخر ، ثمن الكيلو منه أربعون جنيها ، أي أنه يستهلك كل يوم وجبة واحدة ما يعادل مرتبه الشهري ، وقلت لنفسي إذا كان هذا الفك المفترس يلتهم هذا القدر من الجمبري كل يوم فكيف به في سائر الأطعمة الأخرى ؟!!
* وقلت لنفسي إنه سيأتي بعون الله اليوم الذي يصحو فيه الناس وتختفي فيه تلك التجارة بالدين وأولئك الناس المترفون ، وحينئذ يعود الفك المفترس نباتيا مثلنا يأكل الطعمية والفول والكشري ..



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( 4 ) خطوات ومعالم الاهلاك الكامل : المقال الثانى
- ( 3 ) تحذيرات رب العزة لنا بالاهلاك : المقال الأول
- القرآن والواقع الاجتماعى (21):(وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ...
- (6 )تحذير من إهلاك قائم وإهلاك قادم
- الأغلبية الصامتة نذير هلاك للمجتمع
- القرآن والواقع الاجتماعى ( 20) : ( وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُ ...
- التقوى أساس تنفيذ أوامر الشرع فى المجتمع المتفاعل بالخير
- التقوى أساس القيام بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
- أهمية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى إقامة مقاصد الشرع ا ...
- الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر و طبيعة الدولة (إسلامية أو إ ...
- المطبّ
- ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ )
- الدراسات ( السفلى ) فى جامعة الأزهر الحلقة الأولى
- التأصيل القرآنى لمفهوم ( الفتنة )
- من علوم القرآن:القرآن والواقع الاجتماعى(19)(وَنَبْلُوكُمْ بِ ...
- حدود الإلزام في تشريعات الاسلام : ( 4) إلزام السلطة الاجتماع ...
- حدود الإلزام في تشريعات الاسلام :( 3 ) الإلتزام الفردى أساس ...
- نداء الى أهل التنوير فى كل مكان : انطلاق صفحة اهل القران علي ...
- القاموس القرآنى : ( وهب )
- حدود الإلزام في تشريعات الاسلام: (2 ) فى العبادة


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - الفكّ المفترس .!!