أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - أسرار الكائن الرمادي: قراءة سيميائية في -أوراق ميت- بقلم د, عبد النور ادريس














المزيد.....

أسرار الكائن الرمادي: قراءة سيميائية في -أوراق ميت- بقلم د, عبد النور ادريس


عبد النور إدريس
كاتب

(Abdennour Driss)


الحوار المتمدن-العدد: 3697 - 2012 / 4 / 13 - 05:53
المحور: الادب والفن
    



إن الوقع الجمالي لنص "أوراق ميت" للقاص البشير أزمي ضمن أضمومته القصصية "الضفة الأخرى" التي أثث بها القاص عالمه السردي، تتكفل به الذات السردية من القرب من عمق الفعل السردي عنده، انطلاقا من نمط البناء الذي يوظف المحاور الدلالية عبر ثنائيات ضدية يتقابل فيها الموت والحياة، والتي يثمنها تقابل الألوان ما بين الأبيض/والأبيض والمصفر/والأسود، إن استعمال أغلب الصيغ الصرفية ابيض/بياض/بيضاء يرتبط بالتسنين الإيديولوجي الذي نحته القاص داخل القصة وهي تحاول أن تعبر بالسارد من حركة الآخر إلى سكون الذات ومن ضفة الآخر على عمق نفسه.
إن الجهاز المضاميني الذي يقوم بتحديد الحالة النفسية للسارد يتوزع ما بين الأبيض والأسود، الأبيض الذي ولد قبل النص ولم يدرك وجوده إلا تحت عدسة القاص الذي ضمنّه أطروحة الموت، الأبيض الذي يتبرأ من نظام إرغاماته. ومن هنا بنى السارد ذاته باعتبارها مركزا مثاليا يشكل فيها البياض نقطة تلوث لا نقطة صفاء قد تخترق الأبيض الثقافي.
من هذا المعطى يمكن الحديث عن خطاب لا متناه للجدلية القائمة بين الأبيض والأسود، وقد وصل القاص في النص إلى التوحيد الميثولوجي بين الأبيض والأسود مما يوحي بأن الخطاب القصصي في "أوراق ميت" ينخرط في جعل الموت أصل خطاب أنموذج، يؤدي دون أن يستوعب الكيفية التي يحاصر فيها النص امكاناته السردية خارج هذا الفضاؤ الدلالي،إن استراتيجية السارد وهو يمثل الأنا الصانية للكاتب قد عززت جارج النص بما هو فيض دلالي إشباعا للفعل السردي باعتباره هنا أجرأة ملموسة لهذا التقارب الحميمي والتحاور العلاماتي للأبيض والأسود.
"الفن أبيض يحوم حولي" (ص. 48).
"الطائر الأسود يحوم قرب النافذة" (ص. 50.
يقود الأبيض من هذا المعنى إلى استشراق كون دلالي منبثق من الذات يؤدي إلى أدلجة العناصر المحيطة بالمتلقي كفضاء قريب إلى عملية موت الذات، وقد يؤدي إلى تشبيك قاعدة البياض التي عمل التسنين داخل النص بربطها بالمرجع السياقي الذي قعد للأبيض خارج النص، فوظيفة الصفاء والنقاء وعافية الفضاء وفهم الذات كبياض دلالي حعلت الأبيض يتكرر 12 مرة في النص، الشيء الذي أدى بالانتشار السردي إلى أن ينغلق على الذات وهي تتجلى في الأمكنة تمارس عشقها مفتوحة على الشياء، الشيء الذي يجعلنا نحس أن تبادل الذات والأمكنة حاضر بقوة بين ستار النافذة الأبيض ولون الحجرة مما يدعو الآخر إلى الانصهار في الذات وهو كأبيض/شيء.
كما أن الأسود وهو يمتح في قصة "أوراق ميت" من فعل التلقي يؤدي إلى استحضار مدى التشظي الذي أثر على امتداداته المعتمة، فالأسود وهو يتكرر 5 مرات يبدو غريبا وغير مألوف ويشكل عالم الضفة الأخرى الخارجة عن الذات ويحوم على غير مدى، يحوم في الساحة و"يحوم حول الشجرة الباسقة" ويحوم قرب النافذة"، وباعتباره الآخر يقترحه السرد عند بشير أزمي كوضعية بدئية وظفت بذكاء لتحديد وضع إنساني عام تقاطع التشكل العفوي مع قصيدة أظن للشاعر أمل دنقل وهو يرسل أوراقه في مستشفى جيكور.
إننا أمام إرغامات سردية تحدد لنا التداول المنتج للدلالة، فللموت أمكنة وألوان وهامات ترزح تحت نقل المعنى ولا يخرج الأبيض والأسود عن التعبير بهما عن الموت والحزن والسكون وكأن المعنى يمتلئ في التصور العام لمعنى الحداد التي ترامت شطئانه بالعالم العربي فتحملت الأرملة به التعبير كقاعدة عن الحداد مرة بالأسود كما في مصر ومرة بالأبيض كما في المغرب.
كان للعنوان الأصلي للمجموعة وهو كإيحاء في تصريح القاص البشير الأزمي "أنا والضفة الأخرى" أن ينفتح على هذا النص المغلق والمتعدد في إمكانية تأويله. فلفكرة الأنا المضمرة هنا الحاضرة كفعل سردي والغائبة قسرا في العنوان أن تنقسم على ذاتها إلى داخل وخارج داخل أبيض/وخارج أسود واللونين معا في انتقالهما من حالة السلب والإيجاب الاجتماعيين إلى حالتي التأكيد والنفي الأدبيين يضعان النص " أوراق ميت" على عتبة المرحلة السيميولوجية التي تذوب فيها المنظومة الأرسطية التي تشطر العالم إما إلى أبيض أو إلى أسود منفصلين.
فالآخر هنا هو الأسود الذي يأتي ليأخذ معه الأبيض وقد يتماثل مع منظومة القدر إلا أنه يخطئ بياض جسد السارد الذي تحول إلى أبيض ملوث ليصيب بياض آخر يتعلق هنا بالطبيب.



#عبد_النور_إدريس (هاشتاغ)       Abdennour_Driss#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الأنا الشعري والأنا الصوفي :قراءة سيميائية في ديوان -الع ...
- عندما ينتمي الاشتهاء إلى دوائر الصمت : قراءة جندرية في ديوان ...
- نساء القصيدة الرقمية : قراءة في ديوان -تمزقات عشق رقمي -للشا ...
- قراءة سيميائية في ديوان معلقة باريس للشاعر عبد الله الطني
- إصدار قصصي جديد للأديب عبد النور إدريس موسوم ب-جمجمتي.. وأنا ...
- المساحات الكاليغرافية للحكي في المجموعة القصصية ورثة الانتظا ...
- قراءة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين أو نهاية المدرسة
- إصدار جديد للدكتور عبد النور إدريس موسوم ب- النقد الأدبي الن ...
- عشيقة رقمية
- خريطة الأخضر-هايكو
- إصدار جديد للكاتب عبد النور ادريس بعنوان الثقافة الرقمية من ...
- بيت الأدب المغربي ينظم حفل توقيع ديوان الشاعر شنوف محمد
- التوازن المُختل بين البعدين السياسي والاجتماعي بالمغرب
- مشروعية الكتابة بالجسد
- فطنة ساردة رقمية
- رعشات عابر سرير
- جمجمتي…وأنا…
- مفهوم الفشل الدراسي مدلولات تعدد التسمية واضطرابها
- قَدَروَمَكْتُوب
- مقاس الروح أو زفرات شاعر في خط الاستواء


المزيد.....




- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...
- صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من ...
- محللون إسرائيليون: فشلنا بمعركة الرواية وتسونامي قد يجرفنا
- فيديو يوثق اعتداء على فنان سوري.. قصوا شعره وكتبوا على وجهه ...
- فيديو.. تفاصيل -انفجار- حفلة الفنان محمد رمضان
- جواسيس ولغة.. كيف تعيد إسرائيل بناء -الثقافة المخابراتية-؟


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - أسرار الكائن الرمادي: قراءة سيميائية في -أوراق ميت- بقلم د, عبد النور ادريس