أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رأفت عبد الحميد فهمي - اللازم والملزوم وصوت الأطيط المنطقي















المزيد.....

اللازم والملزوم وصوت الأطيط المنطقي


رأفت عبد الحميد فهمي

الحوار المتمدن-العدد: 3695 - 2012 / 4 / 11 - 07:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اللازم والملزوم وصوت الأطيط المنطقي
النص القرأني شئنا أم أبينا هو خطاب لغوي ذو سقف معرفي يتميز بالشروط الحتمية لإنتاج الدلالة .. هذا الخطاب يمكن رصد التصورات الذهنية التي انبثقت عن جدلية العلاقة المنطقية بين اللغة والإدراك العقلي . ونظرا لأنه خطاب ًيتخذ اللغة وسيطاً أبستامياً عن طريق الإلتزام بشروط الإستدلال و القياس بين المقدمات ونتائجها المنطقية وجب أن يخضع لقانون اللازم والملزوم بغية الإبانة والوضوح وبلوغ المعاني الحقيقية لرسالة السماء .
وتعريف اللازم لغة هو ما يمتنع انفكاكه عقلا ًعن موضوعه إذا استحضر العقل موضوعاً كالنار مثلا ً( الملزوم ) فإن للعقل ألية استحضار اللازم وهو الحرارة الناشئة عنها . ولنا أن نتساءل لماذا وأد الفقهاء تداعي اللوازم العقلية وأغفلوا التصورات الذهنية اللازمة عن موضوعات أتى بها النص القرأني عيانا ً بيانا ًو نادوا بالتوقف وعدم الخوض في النصوص و دعوا الى الإكتفاء بالتصديق دون عقل ودون نقد أو تحليل والإيمان بها رغم أنها تضم من المعضلات و الإشكاليات ما لا يمكن اغفاله أو تجاوزه .
فها هو إمام دار الهجرة أنس بن مالك رفض أن يقول كلمة واحدة في تفسير استواء الرحمن على العرش عندما قال : الأستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة .لكنا سنواجه تلك المصادرة لنحلق في فضاء تداعي التصورت الذهنية لخطاب ديني يذخر بالتجسيم والتشبيه ونتقصى اللزوم المنطقي الذي سكت النص عنه .انظر الى الأيات التي ذكرت العرش وهي :" الرحمن على العرش استوى" (5 طه ) و" وترى الملائكة حافين من حول العرش "(75 الزمر ) "وكان عرشه على الماء" (7 هود ) و" يحمل عرش ربك يومئذ ثمانية "( 17 الحاقة ) . هنا يظهر العرش كسرير المٌلك وكرسي جلوس الحاكم الأعلى من خلال جدلية الملك والرعية ولأن العرش أعظم المخلوقات و" أن الله خلق كل شيئ فقدره تقديرا" ( 2 الفرقان ) لذا نطرح سؤلاً وهو ما هي الدواعي والأسباب التي أدت الى خلق العرش ابتداء؟ من المؤكد أن له دور ووظيفة عليه القيام بها وإلا جاء خلقه عبثاً لا طائل وراءه وكما صرحت الأيات فأن وظيفته الأساسية هي استواء الرحمن عليه ليدبر الأمر واعتلاء يوم فصل القضاء كما جاء " ثم استوى على العرش يدبر الأمر" ( 3 يونس ) إذن العرش جسم مادي له أبعاد محددة القياسات من طول وعرض وارتفاع تتناسب مع خصائص الجالس عليه كما أن له كتلة و حجم ووزن وشكل ذو تصميم هندسي ومادة مجهولة خلق منها قادرة على الوفاء بتحمل الضغط الواقع عليها كما يجب أن تخضع تلك المادة لقوانين الجاذبية فقيمتها غير منخفضة كجاذبية القمر و لا هي فائقة القدر عن جاذبية الأرض وذلك كي تتم عملية الإستواء و الاستقرار فوقه بسلاسة و سهولة كما عرفنا أن لهذا العرش خصائص التأثر والمراوحة في المكان حين أصابه الإهتزاز لموت الصحابي الجليل سعد بن معاذ فرحا ً لوفاته من دون خلق الله أجمعين ( حديث مسلم رقم 2466- فضائل الصحابة ) كما روى الحافظ البزار في مسنده المشهور وعبد بن حميد وبن جرير في تفسيرهما والطبراني وبن أبي عاصم والحافظ الضياء أن الرسول قال عن الله : ( إن كرسيه وسع السماوات والأرض وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد من ثقله ) ( تفسير بن جرير صفحة 358 لسورة البقرة). و أط الرحل يعني أصدر صوتاً كصوت الطقطقة والأطيط هو صوت الأقتاب فوق الأبل وأطيط الرحل بالراكب يكون لقوة ما فوقه وعجزه عن احتماله .هنا جمحت التصورات بالمفسرين وأثبتوا أن لله حيز و ثقل وكتلة وحجم عندما يأط العر ش من تحته أي يصدر صوتاً وينوء من ثقل الحمل الضاغط فوقه عدا المبالغات والتهاويل عن اتساعه الأسطوري و عن قوائمه وزواياه وقناديله وقبته وأن سقف العرش يعلو الجنة كقول حديث رسول الله "كان الله ولم يكن شيئ وكان عرشه على الماء ثم خلق السموات و الأرض وكتب في الذكر كل شيئ "لكن شطط المفسرين جعلهم يتمادون في هلاوسهم ويقولون أن الملائكة الحاملة للعرش على صورة الأوعال ( الوعل هو التيس الجبلي ) و هي أوعال ضخمة هائلة الحجم والتكوين بين أظلافهن وركبهن مثل م بين سماء وسماء أو مسيرة سبعين عاما للطائر المسرع وفوق ظهورهن العرش ذكره القشيري في تفسير( الطبري ج10 ص 6746 ) وتلك هي اللوازم المنطقية التي تفتقت عنها تصورات المفسرين الذهنية . لكن الإشكالية تزداد تعقيداً إذا انتقلنا الي أية : "وكان عرشه على الماء "( 7 هود ) والتي تدل على أن خلق العرش والماء كان قبل خلق الأرض و السماء ثم خلق الريح فجعل الماء على متنها ثم وضع العرش على الماء وقد سأل الصحابة ابن عباس : على أي شيئ كان الماء ؟ فقال بمزيد من الثقة : كان الماء على الريح ( تفسير القرطبي ج5 ص 3236 ) هنا فقدنا اللازم المنطقي لخصائص الماء الفيزيائية من سيولة وكثافة وحجم وضغط وطاقة حركة وطاقة وضع وأمواج وتيارات السطح والأعماق عدا الأهم وهو أنه لا يوجد هناك ماء في المطلق بل يلزم له حدود تحده ووعاء يحتوي صفته السائلة فيصبح حتما له قاع و قرار وسطح ساكن أو مائج حتى يطفو العرش فوقه تحقيقاً لمدلول الأية وحتى تستقيم لنا المفاهيم نحن أولي الألباب .
لكن هذا الطفو لن يدوم أبداً حسبما ما جاء في سورة الحاقة لأنه في يوم حساب الخلائق سوف يحمل العرش ثمانية من الملائكة كصريح الأية " ويحمل عرش ربك يومئذ ثمانية " ( 17 الحاقة ) ولا ندري هل مازال الماء محتفظاً بمكانته الأولى أم تم التخلص منه أم أن الحاملين رفعوه مسافة ما فوق الماء كما نجد أية "وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة " (48 الكهف ) وكلمة جئتمونا دليل صريح على أن الله يحضر في هذا المكان ثم يعرض عليه الناس ( تفسير الرازي ج4 ص 327 ) هنا انتقلت التصورات الذهنية الى مستوى أكثر تجسيماً وقد أتخذت لوازمه المنطقية أبعاداًهندسية و ميكانيكية عندما تم تحديد عدد الحمالين بالعدد ثمانية فهم لا سبعة ولا تسعة هذا التحديد الدقيق قد راعى قوى الأحمال و حساب الشد ومقدار العزوم بين القوى الرافعة و تأثير الثقل الضاغط على كاهل الحمالين مع الأخذ بعين الإعتبار أن مستوى العرش سيكون أفقيا متزنا ومستقرا أثناء الحمل ويكون عموديا على محور الحمالين الثمانية وليس من الهراء أن نسأل هل كان العرش خاليا في زمن ماقبل الإستواء عليه لكن من البداهة سيكون العرش مشغولا ممتلئا بالله الذي استوى عليه و اعتلى أبعاده الفيزيائية بعد خلق السموات والأرض كما تشير الأيات صراحة بدلالاتها القطعية والثابتة .
في هذا العرش المحمول بالله ( الملزوم ) من قبل الملائكة الحمالين واجهتنا تعقيدات جمة في استحضار لوازمه المنطقية والتي أثارت الرعب لدى أصحاب التنزيه العقلي نظراً لأن مأزق التجسيم سيدمر فكرة الوحي برمتها ويثير الشكوك في صلب العقيدة لذ وجب اللجوء الى التأويل والمجاز لإنقاذ النص من التهافت والعياذ بالله . والحمالون الثمانية يتمتعون بخصائص فيزيائية لا مناص من تعقبها وهي صفات أتى بها النص القرأني واضحاً لا لبس فيه ولا يمكن أن يعد من المتشابه المحظور الإقتراب منه فهي كائنات ذات أجنحة مثنى وثلاث و رباع كصريح الأية "جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثَنى و ثلاث و رباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيئ قدير"( فاطر-1 ) وللأجنحة دور فعال في الطيران والإنتقال من مكان الى مكان إذن فهي حوامة تطير بسرعة عبر الفضاء الخارجي حيث تعرج الى السماء وتنزل محملة بالأوامر الإلهية فهي دوماً في حركة دائبة صعوداً و هبوطاً لكن للطيران خصائص علمية وهندسية بالغة التعقيد أهمها كلازم منطقي للطيران ضرورة عمليتي الإقلاع والهبوط وحاجتهما الى قوائم ارتكاز حاملة للجسم الطائر و مدرج أرضي يتميز بالصلابة فليس هناك من يظل طائراً محلقاً أبداً وخاصة حاملو العرش هل هم وقوف في ثبات أم هم محلقين في الفضاء أبداً بلا أرضية تتحملهم وهم متراصون صفا صفا تحقيقاً للأية " وجاء ربك والملك صفا صفا "( 22 الفجر ) . ربما بالغوا وقالوا أن لجبريل ستمائة جناح ثلاثمائة ترفرف على كل جانب .
لذا نرى أن المشبهة المجسمة لم يتطرفوا في تصواراتهم لأنهم قد وافقوا المأثور المقدس الذي نطق بأيات صريحة قطعية في دلالاتها واستبعدوا التأويل بالمجاز في خطاب قصد البيان و الحكمة . هذا الخطاب هو المشبه والمجسم وفق لازمه وملزومه وفق استحضار العقل لتصوراته الذهنية والتي يظهر الله كأنه إله إنساني لا أكثر و لا أقل له وجه ويدان ورجلان وعينان وأذنان وقبضة يد ومشاعر ذات طبيعة إنسانية من غضب ورضى وحب و مقت والرغبة في الإنتقام وأرادة وأفعال وجلوس وسمع وبصر واستواء على عرش محمول بملائكة تطير كل هذة الصفات جاء بها النص صريحا فالنص هو المشبٍه وهو المجسم وليست عقولنا نحن المتدبرون للفهم ولتقصي اللازم المنطقي في خطاب لغوي ذو سقف معرفي محدد الدلالة .



#رأفت_عبد_الحميد_فهمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكمة الكامنة وراء ثالوث الإنتحار والقتل والموت
- التزاوج الميمون بين الإستبداد والمشيخة الدينية
- الموسوعة الدينية لكشف الشياطين
- جدلية الجائز والضروري في الفكر الإنساني
- التشخصن الذكوري الغلاّب
- معضلة التعميم ( كل) معضلة مقدسة
- الإشكالية المنطقية في علة الخلق والخليقة
- أزمة السكن الإلهية
- طرائف عن مباهج العورة وهاجس السوءة
- الفضائل شأن إنساني محض
- باب تكليف الشياطين وحفظ أعمالهم
- هل للأصنام مسؤولية جنائية؟
- تأملات يوم الخندمة يوم فر صفوان وعكرمة
- عن التكتيك السماوي والتكتيك الأرضي
- البينة المفقودة والغائبة
- القضية المغلقة و الوقوع بين محالين
- الغيب المقروء هل يصمد الغيب طويلا
- اشكالية الصفات الحسنى والأسماء غير الحسنى
- بين مكة وجرينتش يا قلبي إحزن
- الأعتداد في أحكام المعتدات


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رأفت عبد الحميد فهمي - اللازم والملزوم وصوت الأطيط المنطقي