الحملة الأمريكية الصهيونية على الربيع العربي

حسين عوض

الحوار المتمدن-العدد: 3687 - 2012 / 4 / 3 - 02:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

إن الحملة الأمريكية الصهيونية على المنطقة العربية ليست جديدة, وإنما ازدادت عنفا وتوسعا بعد رياح التغيير التي هبت على المنطقة العربية لإسقاط واقتلاع الدكتاتوريات المستبدة في العالم العربي, التي قدمت الكثير من الخدمات المجانية إلى امريكا وإسرائيل على مدار عقود, وكان ذلك على حساب الشعوب العربية وبشكل خاص حقوق الشعب العربي الفلسطيني التي تآمرت عليه.
تتضح هذه الحملة من خلال السياسة الأمريكية الداعمة لإسرائيل بكل ممارساتها العنصرية ضد حقوق الشعب الفلسطيني في داخل الوطن وممارسة الخداع في المفاوضات العبثية التي لم نجن منها سوى تمزيق الأرض, وقد عملت إسرائيل على تقطيع اوصال الضفة الفلسطينية وتحويلها إلى كونتونات, وصادرت آلاف الدنمات من الأراضي الزراعية...الخ.
تسيطر إسرائيل على 85% من الأرض الفلسطينية بالإضافة لاحتلالها اراضي عربية في (شبعا اللبنانية وهضبة الجولان السورية) وفرضت سيطرتها على بعض الأراضي الأردنية التي استأجرتها اسرائيل لمدة 99 عاما من خلال اتفاقية وادي عربه عام 1994, وحسب الاتفاقية يحق لإسرائيل استثمار نهر الأردن والمياه الجوفية في وادي عربه... الخ.
لقد مارست إسرائيل الإرهاب والقتل ضد الفلسطينيين وارتكبت العديد من المجازر البشعة في فلسطين ولبنان, ومن أبرز جرائمها في القرن الحادي والعشرين ما جرى في غزة (ديسمبر 2008 ويناير 2009) وتم ذلك بالدعم الأمريكي الغير محدود والصمت الأوروبي وتخاذل النظام الرسمي العربي.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد ارتكبت ابشع الجرائم الإنسانية في بداية القرن الحادي والعشرين بغزوها واحتلالها للعراق عام 2003, وارتكبت أبشع المجازر بحق الشعب العراقي, ونهبت خيراته ودمرت كل ما يمت بالحضارة العراقية التي تمتد إلى سبعة آلاف عام, وقتلت العلماء وسجنت مئات الآلاف من العراقيين, وهجر ما يزيد عن اربعة ملايين عراقي إلى امريكا وأوروبا الغربية وبعض دول الجوار, كل ذلك تحت مسميات واتهامات لا صحة لها وبمساندة ودعم أوروبي وتواطئ عربي لم يسبق له مثيل, بالإضافة إلى حربها في افغانستان تحت شعار محاربة الارهاب ودورها في تقسيم السودان, ودعمها اللامحدود لإسرائيل...الخ.
تستهدف الحروب الأمريكية نهب وسرقة خيرات العالم العربي والعمل على تفتيت وتقسيم الدول العربية وتجزئتها إلى دويلات تخضع للهيمنة الأمريكية والأوروبية لتعيش إسرائيل بأمن وسلام, لقد صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس في تل ابيب في حزيران 2006 حول مشروع (الشرق الأوسط الجديد) هذا المشروع الذي يتناسب مع المصالح الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة, ويتم ذلك من خلال تقسيم بعض الدول العربية التي تشكل خطرا على إسرائيل, وأرى أن هذا المشروع من الصعب فرضه على العالم العربي الذي يعيش اليوم مرحلة التغيير (الربيع العربي) في حين تعاني الولايات المتحدة الأمريكية من أزماتها المالية.
لقد اعتبر الرئيس الأمريكي اوباما المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس هي عقبة في طريق السلام, وفي خطابه أمام الايباك في ايار 2011 وبحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو تراجع عن خطابه السابق حول دولة فلسطينية مستقلة وأكد على يهودية الدولة, يقول نعوم تشومسكي حول ثورات الربيع العربي والموقف الأمريكي منها (تبذل امريكا اقصى جهودها لمنع ديمقراطية حقيقية في العالم العربي).
تستدعي مواجهة الحملة الأمريكية الإسرائيلية التخلص من الأنظمة المستبدة التي اعاقت التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في المجتمعات العربية التي باتت بحاجة إلى الحريات الديمقراطية والتعددية الحزبية, والغاء سياسة التوريث, وتوسيع دور منظمات المجتمع المدني, والقضاء على الفساد ومحو الأمية, ومواكبة التطورات الجارية في العالم, وحرية الصحافة وتطوير وسائل الاعلام, كما أن هناك امكانيات اقتصادية وافرة في مقدمتها (النفط) التي تهدر عائداته في مجالات تقاسمها ضمن العائلة الحاكمة وشراء الاسلحة التي تستخدمها هذه الأنظمة في قمع شعوبها, وضرورة سحب الأرصدة العربية من بنوك الدول التي تدعم اسرائيل, وتحويل الاستثمارات الخليجية إلى الدول العربية (السودان والمغرب ومصر...الخ) والعمل على إنهاء التطبيع مع العدو الصهيوني, وانهاء مفاوضات ما يسمى بالسلام مع اسرائيل, والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام من أجل فرض الحلول التي يتم من خلالها احقاق الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني كما اقرتها الشرعية الدولية (دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية على الأراضي التي احتلت عام 1967 مع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الديار التي طردوا منها بالقوة) بالإضافة إلى عودة الأراضي العربية التي احتلت عام 1967 ولا يتم تحقيق ذلك إلا من خلال انتصار ثورات الربيع العربي على الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة والمستبدة.
لقد احرجت ثورات الربيع العربي العديد من الكتاب والاكاديميين السياسيين الذين يعتبرون أن ما يجري في العالم العربي هي مؤامرة وتقسيم من اجل شرق اوسط جديد, ويعود السبب في عدم تفهم الاكاديميين لديناميكية المجتمعات العربية.
يقول الدكتور علي حرب: إن المثقفين لا مصداقية لهم في ما يدعون أو يعلنون من المواقف فهم ضد الاستبداد في مكان, ولكنهم يقفون معه أو يسكتون عليه في مكان آخر...الخ.

#حسين_عوض (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل