|
فلسطين تشكل برمزيتها الهوية والأرض
عباس الجمعة
الحوار المتمدن-العدد: 3685 - 2012 / 4 / 1 - 18:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بكل تأكيد كل عام يختلف إحياء ذكرى يوم الارض عن العام الذي يسبقه حيث أن المتغيرات السياسية تلعب دورًا هامًاً في إحياء وتفعيل فعاليات هذه الذكرى، وتحيى وفق طقوس ومنظور الفلسطيني للأرض وللهوية، فقد اكد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة 1948 انه ما زال متشيثا بأرضه مقاومًا لكل محاولات اقتلاعه منها، وتهويده اجتماعيًا من خلال تأكيده على هويته الوطنية الفلسطينية، وتجديد وعده وعهده للأرض وللهوية، رافضًاً اقتلاعه وتغريبه في أرضه، ووطنه، وحقوقه المشروعة، ويزداد تلاحمًا بالأرض جيلا تلو جيل هذه الأمانة، وهذا العهد دون أن يخذل حتى هذه الذكرى، بل يزداد تماسكًا وتلاحمًا بأرضه وهويته سياسيًا، وثقافيًا، واجتماعيًاً، ويزداد صلابة في مواجهة المحاولات التي تبذلها حكومات الاحتلال لعزل الفلسطيني من محيطه وانتمائه العربي والفلسطيني. أما الفلسطيني الذي غادر الأرض على أثر النكسة والنكبة معًا فإنه لا زال يحيي هذه الذكرى بتجديد الأمل بأن العودة آتية وحتمية مهما أسودت صفائح الاحتلال، ومهما مرّت السنوات، فقطع الوعد على البقاء بالأمل صوب فلسطين الأرض والهوية، متخندقًاً في غربته الطارئة حتى يَحزم حقائب العودة، وها هو قد طور من أساليب إحياء الأمل، ,وما الاحتفال بقلعة الشقيف القريبة من حدود فلسطين والتي رسمت بمعالمها الدماء العربية ، بحضور حشد كبير من الشخصيات اللبنانية والعربية والعالمية الا باعثًا الأمل في داخل الأجيال التي شاركت في الاحتفال والتي قالت أن هناك لنا وطن، ولنا أرض، ولنا هوية لا تنتزع بمرور السنوات أو بفعل الغربة ومآسيها، وهي كانت رسالة للعدو ومن يسعى الى تذويب هويته، إن العودة لا تسقط بالتقادم، وأن حق العودة تقرير مصير ليس بأيدي قادة أو زعامات أو اتفاقيات، إنما هو عهد بين الفلسطيني وأرضه وهويته، عهد ووعد لا يسقط أبدًا، ولا يمتلك أحد التنازل عنه ، وها هي الجماهير الفلسطينية في الاردن ومصر وسوريا وتونس واليمن والعراق ومعها الجماهير العربية واحرار من العالم اكدوا بأضعف الإيمان الوقوف بتجديد الوعد والعهد بأننا عائدون حتمًا، وباقون على الوعد دومًا، كما اعلن اهلنا وشعبنا في ضفة الصمود وغزة الشموخ وقدس الاقداس وفلسطين التاريخية بان لا يمكن لاي جهة محو الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية والارض الفلسطينية وان العهد هو بالاستمرار حتى نصنع راية الحرية والاستقلال والعودة . نعم منذ ان تكونت الأرض كانت فلسطين.. ومنذ ان فتش الانسان عن أول مسكن له كان في فلسطين .. الأرض شكلت نموذجا ، فكانت الهبة الشعبية العارمة في يوم الأرض، حتى يعرف الاحتلال انه مؤقت على هذه الارض، وان الفلسطيني هو صاحب الارض وانه سيدافع عن شجرة الزيتون التي ستبقى صامدة رغم انف الاحتلال ، وعلى هذه الارضية شكلت الهبة الشعبية في مواجهة الاحتلال في قلنديا وغزة والقدس وبلعين ونعلين وكفر قدوم والمعصرة وبيت لحم واراضي عام 1948 نقطة تحول هامة فكانت صرخة الشعب الفلسطيني من البحر الى النهر ومعها الجماهير العربية والمتضامنين من احرار العالم ان فلسطين ستبقى ارض الاباء والاجداد . ان الشعب العربي الفلسطيني الذي يبرهن اليوم للعالم ، انه احب شجرة الزيتون والبرتقال فيزرعها حتى تثمر رغم محاولات الاحتلال والاستيطان منعه من الوصول إليها، ولكن هي تكبر ويكبر الهم ويزداد العدو قوة ونزداد نحن ضعفاً وتمزقاً نتيجة انقسام مدمر، وهو يزحف على مزيد من أرضنا ومقدساتنا يحتلها ويتوسع فيها ونحن نتراجع ونتضاءل، نقاوم باللحم الحي وإرادة الحياة الدبابةَ والرصاص ، ونصرخ بوجه أمة العرب قد آن الأوان يا عرب، تعلموا وتوحدوا وتحرروا وتقدموا وواجهوا قدركم المقدور، فلا يحك جسم المرء مثل ظفره، ولا ينفعنا في قضيتنا الاعتماد على الآخر الذي يتاجر بالحرية والعدالة والإنسان ولا يعنيه من الحرية والعدالة والإنسان إلا ما ينفعه ويعود إليه بالمكاسب والنفوذ والقوة والهيمنة، فالزمن لا يحل قضية لا يضعها أهلها في مقدمة ما يعنيهم من قضايا الوجود في كل زمن، والعدو يزداد بغياً وقوة وتوسعاً وغطرسة، صرخنا وصرخنا وصرخنا،ولكن الصوت كان يذهب مع الريح، ويدوي في وديان سحيقة ينشغل أهلها بأهلها عمن يهددها ويهدد أهلها، وتأكلهم جميعاً الأحداث ويتآكلون على مرِّ السنين. ومن قمة عربية إلى أخرى كانت تصدر قرارات عن دعم فلسطين وتبقي قراراتها حبرا على ورق، رغم ان صراعنا مع هذا العدو هو صراع وجود وليس حدود ، فنحن أهل الأرض والحق، بينما البعض يريد النزاع على حدود ، فلسطين قضية العرب المركزية ، كانت تفرض على كل عربي أن يقاتل عدوه من أجل الأرض والمقدسات والحقوق ، حيث يكتب الفلسطيني بالدم، والدم العربي مباح ومستباح، وخنجر الأخ في قلب أخيه. نحن نزرع الزيتون الذي نحبه، نعم نزرعه في بعض ما تبقى لنا من أرض ونرويه بما في عروقنا من دم، ونقول للعالم كل العالم، أنظروا، إننا نحمل أغصان الزيتون، ونريد السلام، وأن تكون أرضنا خضراء مثمرة، وأن نعيش فيها بأمان، بينما الآخر، العنصري البشع، يقتلع أشجار زيتوننا المعمرة، ويقتلع معها مقومات حياتنا ليبيدنا بإبادة مقومات الحياة، ويقتلع جذورنا العميقة من أرض الآباء والأجداد، ويعمل على أن يقتلع حضارتنا التاريخية من وطننا، انظر أيها العالم إننا نزرع ويقلعون، ونبني ويهدمون، وننادي بالحق والعدل والسلام وينادون بالموت والعنصرية والعدوان والتوسع والإبادة، وانت تسمع وتنظر ، وفي موقفك ذاك ذلك العار، حيث يدفع الإنسان الفلسطيني المقهور لقمة عيشه ومقومات وجوده وأمن نفسه وأطفاله إلى خوض غمار الاستشهاد طلباً للحياة التي جوهرها عدل وحرية وأمن من احتلال وجوع وخوف. نحن اليوم نزرع الزيتون في الأرض تذكيراً بيوم الأرض الذي سجلنا حروفه بدم شهداء أهل الأرض ، ونأمل أن يكون يوم الأرض رسالة تحرك مشاعر الارتباط بالأرض والانتماء للأمة العربية، ونرى الانسان الفلسطيني يزرع صموداً وتجذراً في الأرض ومقاومة وكفاحاً مستمراً، ليبدأ مسيرة استرداد الأرض التي تحيا به ويحيا فيها، نعم هكذا اراد الشعب الفلسطيني في يوم الأرض أن يحرك الشعوب وحشد القوة وبذل الجهد لاستعادة الحق ، ونحن ندرك بأننا في وضع سيء، ولا يقبل الا الوحدة الوطنية. إن يوم الأرض هو يوم العدل والحرية والإرادة، يوم العزة والكرامة.. والأرض التي نحتفي بها وبيومها ليست أرضاً مجردة في فضاء التفكير والتعبير، وليست لفظاً في اللغة، إنها فلسطين.. كل فلسطين ، كما هو يوم الجولان المحتل واجزاء من اراضي جنوب لبنان، هو يوم الأرض العربية التي احتلتها الصهيونية بدعم القوى الاستعمارية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية.. وهي أرض الإنسان العربي، وإن الفلسطيني المعذب بانتمائه وهويته وقضيته ، المؤمن بحقه ومستقبله، من خلال عدوان الة البطش والقهر في غزة والضفة الغربية والقدس، الذي يتصدى لها بارادته الحياة ومقاومته لعدوه توصف" إرهاباً"، وتزور أهدافه وممارساته المشروعة في الدفاع عن أرضه ومقدساته وهويته وتاريخه، إنه ذاك المنكوب بالاستيطان واغتصاب الأرض . الأرض والإنسان عنوان لقضية واحدة، والشهادة والإرادة عنوان لأداة فاعلة، ونحن نواجه مرحلة مستجدة من مراحل الصراع الذي ينبغي أن يبقى كما كان صراعاً عربياً صهيونياً، وهو صراع قام أصلاً من أجل الأرض والدفاع عن الوجود بوجه استعمار استيطاني يستهدف الأرض والوجود، وعلينا ان نحلم، ونتعلق بالمستقبل، وأن نرفض انهزام الأعماق بعد انهزام إرادات وسياسات ، وبأن ننظر إلى التاريخ ، فالتاريخ تكتبه الشعوب، وكل شعب يكتب صفحاته بنضاله ووعيه وإيمانه وانتمائه ومعرفته وجهده في الحياة. ان تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، هي سلاحنا الامضى في مواجهة مشاريع ومخططات الاحتلال ،ومن هذه المعاني الخالدة ليوم الارض، يتوجب على الحالة الفلسطينية بكل مكوناتها، تحويله إلى محطة للمراجعة السياسية، للمكاشفة، وماذا أفرزت التجربة ، واين برنامج الإجماع الوطني، وبلورة استراتيجية سياسية جديدة، والابتعاد عن الرؤية الأحادية، وعدم ربط الخطوات الوحدوية بميزان تقاسم الحصص، ورسم استراتيجية وطنية بديلا لخيار المفاوضات، ومغادرة سياسة الانتظار والمراهنة على نتائج وتطورات.. هذا ما تحتاج له القطاعات الشعبية المختلفة، ونقول أن هنالك تبدلات سياسية في المواقف والوسائل، ما يتطلب إظهار أعلى درجات الاهتمام بقراءة هذه التبدلات وتجييرها بما يخدم النضال الوطني الفلسطيني، خاصة وأن هنالك عملية فرز حقيقي تعيشه المنطقة العربية، لجهة التصادم مع المشروع الصهيوني- الامريكي أو الاصطفاف في خندقه. أن بيان قمة بغداد فيما يتعلق بقضية العرب المركزية فلسطين لم يختلف عن بيانات القمم السابقة رغم ما احتوى على الكلمات الخطابية ، نحن نطالب وندعو الى وقفة ضمير عربي في وقت تستوجب صعوبة المرحلة أن تصدق النيات تجاه الشعب الفلسطيني في مساندته لاستعادة حقوقه المسلوبة وكف الكيان الاسرائيلي الغاصب عن استمراره في عدوانه بحق الشعب الفلسطيني ، الذي يتطلع إلى استعادة حريته وحقوقه وسيادته وهذا لا يتحقق إلا في ظل الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس وإجبار الكيان الاسرائيلي على الاعتراف بهذا الحق. لذلك لم نعول على قمة بغداد لاننا نعتبرها تكرارا لقمم سابقة الجديد فيها تغير الأسماء والوجوه وغياب الأعضاء المؤثرين على الساحة العربية. إذن فذكرى يوم الأرض لهذا العام كانت الرد على إسقاط كل من يحاولون شطب فلسطين أو القفز على الثوابت الفلسطينية التي لا يمكن أن تسقط بالتقادم مهما كان، بل تعيد الحياة لها مع كل مناسبة وطنية، ما دام هناك شعب حي يقدم التضحيات، ويتمسك بحقوقه وثوابته وهويته. كاتب سياسي
#عباس_الجمعة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ستة وثلاثون عاما على انتفاضة يوم الارض
-
المرأة الفلسطينية والعربية تشكل نموذجا في العطاء والنضال
-
الواقع الراهن والانتظار المرتقب للقاء القاهرة
-
المفكر المناضل حسين مروة هو أحد كبار الماركسيين الحقيقيين ال
...
-
لنتحدث بكل صراحة فلتتوقف المفاوضات
-
عام مضى نستخلص منه الدروس من اجل حرية فلسطين
-
اجتماعات الفصائل في القاهرة انجاز مهم يتطلب تطبيق عملي
-
الرئيس القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات ملأ صفحات كثيرة ليؤكد
...
-
العمل السياسي بين المفهوم والممارسة والتعصب الحزبي الذي يضر
...
-
اشراقت شمس فلسطين وانتصرت الارادة الفلسطينية رغم الضغوط
-
محطة الاستحقاق الفلسطيني هي حلقة من حلقات النضال
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|