استراتيجية جديدة للجيش الهندي

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية
(Hichem Karoui)

الحوار المتمدن-العدد: 1082 - 2005 / 1 / 18 - 11:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أشار بيان صحفي أصدره الجيش الهندي مؤخرا، إلى تبني الدولة مذهبا جديدا في "مكافحة الإرهاب" يراهن على "كسب العقول والقلوب". وبتعبير آخر، فإن الجيش مطالب بتأسيس نظرية جديدة لمواجهة تهديدات المقاومة الكشميرية، يتم تعميمها على مستوى الضباط وجنود المشاة. ومن الواضح أنها مهمة صعبة، خصوصا في إقليم جامو وكشمير وشمال شرق الهند، حيث يتمتع عناصر المقاومة والمسلحون بدعم السكان المحليين.
ومن المقرر أن يستلم الفريق سينغ J. J. Singh في الأول من فبراير القادم، منصب قائد جيش الهند. حيث يتوقع أن يقود الجيش الهندي لثلاث سنوات على الأقل. ويخوض الجيش الهندي غمار عملية تطوير وتبني جيل جديد من التكنولوجيا العسكرية مستند على الدقة والسرعة. في الوقت نفسه، يواجه نشاطات مسلحة على حدوده الغربية لا يبدو أنها ستتوقف، مدعومة خارجيا بعناصر مناهضة لسياسات الهند وتتخذ من بانغلادش والنيبال منطلقا لعملياتها، على زعم نيودلهي. وأما في الجزء الشمالي الشرقي للهند، فإن الفريق Singh مطالب بصوغ إجراءات لمكافحة ما تسميه الهند بـ"الإرهاب" أكثر فعالية، ومواجهة ضربات المقاومة الكشميرية.
وقد أفادت التقارير بأن الجيش الهندي وضع إطارا لمذهب عسكري جديد، لاستعماله في الحروب المستقبلية، التي يحتمل أن تكون قصيرة وحادة. ويبرز المذهب العسكري أدوارا وحضورا أكثر للقوات الخاصة، قادرة على الحركة السريعة والضربات الخاطفة، بدلا من امتلاك الجيوش الكبيرة.
ويتناغم المذهب العسكري الهندي الجديد مع فكرة وزارة الدفاع الأمريكية اليوم، التي اشتركت في مناقشات قوية مع الجيش الهندي حول إقامة تحالف إستراتيجي، خصوصا منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول ، 2001. وليس هناك شك في أن عددا كبيرا من المحللين ضمن مؤسسة الدفاع الهندية تأثرت بل وأُعجبت بفكرة وزارة الدفاع الأمريكية.
وقد أعد معهد لدراسات النزاع والسلام، ومقره في نيودلهي، دراسة ينتقد فيها المذهب الجديد، إذ جاء في الدراسة أن المذهب العسكري الجديد يفيد بأن الحروب المستقبلية ستتطلب تطبيقات للآلية الحربية البرية، البحرية والجوية لغمر العدو من خلال استعمال كل القوات الدفاعية بطريقة منسقة، وتوضح الدراسة بأنه إذا كان شن عملية مشتركة سريعة ومنسقة أمكن إنجازها في غزو العراق من طرف القوات الأمريكية، فإن هذه قد لا تكون الحالة في جنوب آسيا، حيث إن خطر التصعيد باتجاه التبادل النووي غير مقبول وغير محتمل.
وتشير الدراسة إلى أن أي إستراتيجية عسكرية في الهند لا يمكن أن تكون مكتملة بدون أخذ في الحسبان التطورات البحرية المتزايدة في المنطقة. وما سيواجهه قريبا الفريق Singh ، هو تحدي الحضور البارز للقوى الإقليمية الإضافية في المحيط الهندي، حيث إن هذه كانت دائما أمرا مزعجا للبحرية الهندية. ويبدو أن الهند قادرة على أن تلعب دورا هاما في المحيط الهندي والدول الساحلية,خاصة وأن منطقة المحيط الهندي تحتوي على ثلث سكان العالم، و40 % من نفط العالم واحتياطيات الغازِ، والمنطقة مرشحة لأن تشهدا نزاعات رئيسية في المستقبل. كما أن منطقة المحيط الهندي أيضا تحتضن أحدث دولتين نوويتين ساحلتين، الهند وباكستان، بالإضافة إلى إيران، الذي يعتقد أكثر المراقبين أن لها برنامجا قويا لاكتساب الأسلحة النووية. ثم إن القسوة المُتزايدة لواشنطن نحو إيران تشير أيضا بأن الضغط العسكري على المحيط الهندي قد يتضاعف، وليس من المتوقع أن ينحسر في المستقبل القريب.
قد يجد الفريق Singh في علاقة الهند المتحسنة بالولايات المتحدة، ما يمكن أن يؤدي إلى قبول حضور القوة البحرية الأمريكية في منطقة المحيط الهندي الشمالية. كما أن أكثرمن 100 بليون دولار من تجارة الصين تمر عبر المحيط الهندي. ويُتوقع بأن الصينيين سيعززون حضورهم في المحيط الهندي، على الأغلب، من خلال الغواصات النووية. ومن المهم بالنسبة للسلطات البحرية الهندية في السنوات القادمة، أن توثق التعاون مع البحرية الصينية، وهذا لإبقاء التدفق الثابت للتجارة البحرية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن توسع أمن إسرائيل وتدخلها الإستراتيجي المتزايد في منطقة المحيط الهندي لا يمكن أن يُهمل. إذ بينما رحبت نيودلهي بتوثيق العلاقات العسكرية الهندية الإسرائيلية حتى الآن، فإنها لا تستطيع أن تغض الطرف عن التعقيدات الأمنية التي تنشأ من حضور قوة أخرى في المنطقة.
والأكثر أهمية، ربما يواجه الفريق Singh ضغطا متزايدا من واشنطن لـدفع الجيشِ الهندي لإنجاز بعض الأهداف الأمريكية في المنطقة. وتشير التقارير إلى أن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد، عرض خلال زيارته الاخيرة للهند رؤية جديدة للأمن الآسيوي. وهذا يتضمن البدء بإنشاء قوات حفظ سلام آسيوية جديدة، تضم الهند، اليابان، أستراليا، سنغافورة، باكستان، وأنظمة الشرق الأوسط "الحليفة"، بما يضمن حماية للمصالح الأمريكية الرئيسية .

#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات