أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - المسيحيون في شرقنا ليسوا أقلية. إلا في الحسابات الطائفية.















المزيد.....

المسيحيون في شرقنا ليسوا أقلية. إلا في الحسابات الطائفية.


هايل نصر

الحوار المتمدن-العدد: 3678 - 2012 / 3 / 25 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ساهم المسيحيون العرب والأكراد والأرمن والشركس وكل من يطلق عليهم أقليات دنية أو عرقية بالمعنى غير البريء, في إضاءات الشرق, شرقنا, منذ القدم و إلى يومنا هذا. أغنوه فكريا وعلميا وفلسفيا وأدبيا وحقوقيا. ساهموا في فتحه على العالم, وكانوا رسلا من الشرق للغرب نقلوا حضارة منه واليه. في كل حركة نهضة كان لهم دور وريادة. عميقة جذورهم في مشرقنا. مسيحهم, مسيحنا, شرقي. قبل الإسلام كانوا. وعايشوا نزوله وانتشاره, وساهموا في نشر قيمه وحضارته. لم يجبرهم نبي الإسلام على تغيير دينهم. و لا فعله الخلفاء طيلة تاريخهم. لم يعادوا الإسلام. ولم يشهروا سلاحا في وجهه. لم يتقوقعوا على أنفسهم. لم يتنكروا لأوطانهم, لها كان دائما الانتماء والولاء. كانوا حربا مع المسلمين بطوائفهم على الاستعمار الغربي لمنطقتنا. لم ينصروه ولم يُخدعوا بالتحريض الديني. فهموا معنى الوطنية والمواطنة بعمق وتمثلوه: الدين لله والوطن للجميع.
كانوا وما زالوا غنى للمجتمعات المتواجدين فيها. عاشوا عاداتها وتقاليدها فتأثروا بها وأثروا فيها. نسيج متجانس ومتكامل في الكل. لم يقتتلوا فيما بينهم مذهبيا, رغم تعدد مذاهبهم. لم ينشروا ثقافة الكراهية والرعب والإرهاب. تعايشوا فيما بينهم على أساس التسامح, وتعايشوه مع غيرهم. اختلفوا في لبنان سياسيا, ولم يتقاتلوا فيما بينهم دينيا, اختلفوا مع غيرهم وكانوا يجدون معهم وسائل التفاهم في كل صراع وبعده. دافعوا عن أوطانهم في حروب الجيوش العربية النظامية ضد إسرائيل. وقادوا حركات مقاومة شعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي, قدموا التضحيات في فلسطين والأراضي المحتلة , وفي الدول المجاورة لها. الأسماء كثيرة, والقادة أعلام في الحرب والسياسة. عانوا مثلهم مثل غيرهم من اضطهاد الأنظمة الدكتاتورية الشمولية والقمعية. من المكونات الأساسية لمجتمعاتنا كانوا وما زالوا. ليسوا من الملائكة وأنهم ككل البشر.
ومع ذلك يرى غلاة المتطرفين من المسلمين ممن ترسخ نهائيا في عقولهم, أن قتل المسيحيين الكفرة, والكفرة من كل الطوائف الإسلامية من غير طائفتهم, يضمن للقاتل مفاتيح أبواب الجنة. ولا يهم إن كان المقتول الكافر طفلا أم بالغا, رجلا أم امرأة, شيخا يقترب من قبره أو على حافته. ليس القتل جريمة وإنما تقرب من الله ومن اجل الله ولإعلاء كلمته في الأرض. وكأن الله عجز عن إعلاء كلمته فتكفلوا هم بالمهمة. وكأنه خلق بقية البشر خطأ أو على أمل أن يهتدوا, وعليه فرض لاحقا على أحبته, فرض عين, إصلاح الخطأ وفرض الهداية .
غلاة المتطرفين ممن رأوا في القتل والاستئصال جهادا في سبيل الله. وفي والتكفير الذي يسبق ذلك, ثقافة ومنهجا, يريدون الله لهم وحدهم لا يشاركهم به أحد. لا يرون نعم الله و"الملذات" إلا في الجنة. ملذات جنة ومتع كلها حسية . وعليه وفي دنايانا الزائلة كل ما يبدعه الإنسان بجهده وفكره وعقله الذي منحه الله له وجعل فيه قدرات غير محدودة على الإبداع والابتكار والعطاء, هو وهم زائل و باطل. الأدب باطل. الشعر باطل. الفن باطل. الموسيقى باطلة. الفلسفة كفر والتنظيم القانوني الوضعي خروج عن القوانين الإلهية, والعدالة ضلال وظلم وابتعاد عن العدالة السماوية. الرسم. الرقص, الغناء, التمثيل, من ابتكار وإغراءات الشيطان لإلهاء الإنسان. هؤلاء لا يكتفون بالنقد , أو النصح بعدم الإقبال على هذه المنكرات, والمبتكرات التي تدخل في العلمانية, وإنما ملاحقتها لاستئصالها واستئصال مبتكريها و المعجبين بها, أو المشاركين بترويجها, وهو فرض عين وواجب ديني .

ومن سوء حظ العلمانيين المسيحيين أن لهم في هذا باع طويل, حتى أنهم يعزفون الموسيقى في كنائسهم, وفيها يشربون الخمر على مسؤوليتهم دون تحميل ذلك لأحد. ويأكلون لحما ليس حلالا, وحتى لحم الخنزير. ومع ذلك إن قبل الله إمهالهم لعقابهم يوم الدين, فالمهلة لا تلزم غلاة المتطرفين يريدونه عقابا حالاّ, دنيويا, بأيديهم وبالوكالة, فلهم هامش تقدير وتفسير وتقرير. و الوكالة ملزمة للوكيل.

عزاء المسيحيين أنهم ليسوا وحدهم محل سخط غلاة المتطرفين الجدد, وإنما, وربما بسخط اشد, كل العلمانيين الملحدين الذين لا يُقبل منهم أي دين, من أية طائفة كانوا, وحتى لو كانوا من إسلام وسط, أو أبناء لهم من صلبهم.
هذه الإضاءات المطلوب إطفاؤها في شرقنا هي كل تنويري أو متنور من أي دين كان أو أية طائفة كانت. كل صاحب فكر حر وقلم حر. كل متسامح. كل متدين يقبل الغير. كل علماني. أو موصوف بالعلمانية. كل كاتب وشاعر وموسيقي ورسام وفنان. كل سياسي يؤمن بالديمقراطية كنظام حكم. كل من ينادي بحقوق الإنسان والحريات الأساسية. كل من يطالب بجمعيات مجتمع مدني حرة. كل من ينادي بالمساواة بين الرجل والمرأة. كل من ينادي بدولة القانون والحق. كل من يقول أن الدين لله والوطن للجميع.
من هذا التطرف أخذ النظام السوري , وعليه طويلا بنى. خوّف وأخاف, وأجاد لعبة استيراد وتصدير أفكار وأفعال غلاة المتطرفين كلعبة سياسية محلية وإقليمية ودولية. واليوم وفي زنقته يلعبها, فينصب نفسه, علنا, حامي المسيحيين والمسيحية (بابا الفاتيكان). حامي الأقليات وراعيها ومنجيها. يريد منها إن لم تشارك في قتل الشعب السوري واضطهاده, أن تسوقه في الداخل والخارج, وتبرر جرائمه وتنسبها لسلفيين ولعصابات مسلحة بيد غلاة المتطرفين. أو على اٌلأقل أن تصمت ولا تشهد على الجريمة شهادة حق وبضمير.
يريدها أن تفضل الاضطهاد والعبودية على التحرر والحرية. وان تبادله رضوخا بحماية. وتنازلا عن الكرامة مقابل أمان. وان لا ترى في الثورة ومطالب الثوار إلا هبة سلفية لسحق الأقليات الدنية والعرقية.
وكانّ الإنسان لم يخلق قبل الأديان. وكان الإنسان ليس اخو الإنسان في الإنسانية. وكان المواطن لا يسعى للمساواة مع مواطنه للوصول إلى حقوق وواجبات المواطنية, ولا تعنيه قيام الدولة الحديثة دولة القانون والمؤسسات والديمقراطية... وكان الأديان جميعها, بما فيها طوائفها ومذاهبها ــ باستثناء غلاة متطرفيها ــ لا ترفض القتل ولا تدعو للكرامة وصيانة حياة وحقوق الإنسان. وكان لسوريا موقعا خارج الكرة الأرضية. وكأنّ ما يوصف بالأقليات مصابة بحول جعلها لا ترى فيما يجري إلا مؤامرة كونية بأيدي عصابات سلفية.



#هايل_نصر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطفولة الموءودة
- يُصرّون على الرعوية كهوية.
- الدساتير ليست للمناورات السياسية
- صلف روسي يتعدى الصفاقة
- أين كنا وأين أصبحنا
- تقرير دابي بامتياز !!!.
- الثورات تمنح الألقاب وتسقطها
- المالكي. مشعل. من رسل العربي للتعقل في القتل
- في اللجوء
- على أبوب عام جديد2012
- ومع ذلك ما زال يُقتل في وطننا الإنسان
- الدستور السوري المنتظر
- في استعادة السلطة
- فيكتور هيجو يعتذر لثوار سوريا
- العرّاب والورقة.
- أعياد سورية تسبق العيد, و-الأضاحي- بشرية
- سوريا تعيد صناعة تاريخها 2
- بين وئامين
- سوريا تعيد صناعة تاريخها
- نحن أو الفوضى!!!.


المزيد.....




- الكشف عن قائمة أفضل المطاعم في العالم لعام 2025
- شركة الكهرباء الإسرائيلية: ضربات إيرانية تتسبب بانقطاع في ال ...
- طاقم CNN يشهد قصفًا إسرائيليًا واسع النطاق في طهران أثناء ال ...
- الضربات الأميركية تصيب البنية النووية الإيرانية.. ماذا عن ال ...
- صور أقمار اصطناعية تشير لأضرار بالغة بموقع فوردو والشكوك قائ ...
- لقاء في حزب الوحدة الشعبية بمناسبة الإفراج عن الرفيق د. عصام ...
- خبايا صراع الظلام بين إسرائيل وإيران
- إعلام إسرائيلي: الضربة الأميركية غير كافية وإيران قد تصنع قن ...
- ضربات ترامب لإيران.. بين حسابات الردع وضغوط الحلفاء
- هكذا سيهيمن الذكاء الاصطناعي على المهن بحلول 2027


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - المسيحيون في شرقنا ليسوا أقلية. إلا في الحسابات الطائفية.