|
من وحي تجربتي الذاتية في المدارس
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 3675 - 2012 / 3 / 22 - 14:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
...ألقيت العديد من المحاضرات في مدارس المطران ومارمتري وعمر بن الخطاب التابعة لرياض الأقصى،محاضرات طابعها توعوي وتثقيفي حول القدس والانتماء والوعي والحرية،وشملت تلك المحاضرات صفوف ابتدائية وإعدادية وثانوية،وكان الوضع بالنسبة لي صادماً إلى أبعد حد،حيث هناك ليس فقر ثقافي ومعلوماتي،بل هناك جدب وقحط،ومن هنا أدركت معنى وعمق كلمات المفكر والكاتب والأديب المصري الكبير الراحل يوسف ادريس في قراءاته النقدية لروايات الأديب،الكاتب،المناضل غسان كنفاني،حيث قال "يا شعب فلسطين،أقرؤا كتب غسان مرتين،مرة لتعرفوا أنكم موتى بلا قبور،قبور الثقافة بلا ثورة،والثورة بلا ثقافة"،نعم أصاب إدريس كبد الحقيقة،فالوضع التعليمي في مدارس القدس بمختلف مظلاتها التعليمية(بلدية ومعارف،خاصة وأهلية،أوقاف إسلامية،وكالة غوث ولاجئين،ومقاولات)وبنسب متفاوتة،وصل مرحلة الكارثة وتجاوز كل الخطوط الحمر،وهنا يجب التفكير جلياً وعميقاً من كل الجهات صاحبة العلاقة إدارات مدارس ومؤسسات وهيئات،وحركة وطنية وأحزاب وتنظيمات،وسلطة،بأنه لا يجوز ولا يحق لنا أن نستمر في اجترار نفس العبارات و"الكليشهات" والاسطوانات،بأن الاحتلال يعمل على نشر التخلف والتجهيل بين أبناء شعبنا وطلبتنا،فالاحتلال هذا دوره وهذه مهمته،ونحن بالمقابل على صعيد المجابهة والمواجهة والتصدي،ماذا أعددنا ؟؟ ما هي خططنا وبرامجنا،وما هي استراتيجياتنا؟، فمن خلال قراءاتي البسيطة أنا أتفق مع القائلين بعقم المنهاج التدريسي،أو أنه بحاجة لتطوير ومواكبة التطورات والتغيرات العلمية والتكنولوجية،ولكن قد يكون المنهاج واحد من الأسباب،ولكن هناك خلل آخر هو في الهيئات التدريسية نفسها،والتي يتوقف عليها الابتعاد عن العملية التلقينية والحفظ والنمطية في التدريس،والتركيز على التعليم القائم على الإبداع وتفجير الطاقات وترك مساحة واسعة للتفكير،والمسائل لا تقاس بحجم المادة المنجزة من المنهاج،بقدر الفائدة المتحققة من المادة،وكذلك هناك تساؤلات حول إدارات المدارس والهيئات التدريسية ودورها في هذا الجانب، فهل من المعقول أن تجد طلبة في المرحلة الإعدادية والثانوية لا يعرفون مدن الضفة الغربية؟،عدا عن عدم معرفة مساحتها،أو أن القدس مدينة محتلة عام 67،أو معرفة مخيمات الضفة الغربية ومواقعها،أو معرفة عام النكبة او يوم الاستقلال،ناهيك عن الفقر المدقع في كل ما له علاقة بالوطن والقضية والقدس،وهنا أرى ان مسؤولية الأهل والهيئات التدريسية هي الأساس في هذا الجانب،ولكن بالمقابل هناك غياب للمؤسسات واللجان الطلابية،ناهيك عن ان الحركة الوطنية غائبة عن هذا الدور والجانب،فهي تهتم في الاحتفالات والأنشطة الشكلية اكثر منها التي تركز على التوعية والتثقيف،ومن هنا نرى تراجع برامجها الثقافية والفكرية ودورها في التأطير والتنظيم. إن هذه المحاضرات كشفت لي عن الكثير من العيوب والأخطار المحدقة بطلبتنا،وواضح أن الاحتلال يتقدم في خططه وبرامجه واستراتيجياته،ونحن نتراجع وننكفئ،وأيضا فان الاحتلال يحقق نجاحات واختراقات ليست بالقليلة في احتلال واختراق وعينا،وإذا ما تنبهنا إلى ذلك وأدركنا مخاطره،فنحن أمام كارثة حقيقية،كارثة تضرب العصب السياسي في المجتمع،تضرب وتستهدف الجيل الشاب والحي في هذا المجتمع،فأي جيل هذا الذي لا يعتز بانتمائه لوطنه ولقضيته وبلده ؟أي جيل هذا الذي يجهل الأساسيات والبديهيات عن هذا الوطن؟،يجب ان يعاد النظر في المنهاج بشكل جدي،ويجب كذلك ان يكون هناك دورات وتأهيل للمعلمين قبل غيرهم في القضايا المتعلقة بتاريخ فلسطين وجغرافيتها والهوية والوعي والانتماء،ويجب التركيز على الأبحاث وأوراق العمل،وكذلك الرحلات المدرسية،يجب أن يعاد النظر في أهدافها والغرض والغاية منها، وان يتم كذلك خلق حالة من التواصل والفعاليات بين طلبة الضفة الغربية والقدس،حالة من التواصل عبر لقاءات وبرامج ثقافية ورياضية وتراثية وتربوية،فهناك حالة من القطع والاغتراب والشعور بأن الطرفين ليسوا بأبناء شعب واحد،وهذه مخاوف لها ما يبررها على ارض الواقع وليست مجرد هواجس او وجهة نظر شخصية،وهناك من يغذي تلك الفكرة بقصد او بدونه. أيضاً يجب أن يكون ذلك ناقوس خطر للحركة الوطنية الفلسطينية بمختلف ألوان طيفها السياسي،فلا يعقل أن يتحدث طلبة في المرحلة الثانوية عن أن رفح أو غزة من مدن الضفة الغربية،أو يافا او حيفا من المدن المحتلة عام 1967 وهي جزء من الضفة الغربية،أو لا يعرفون عام النكبة أو يوم الأرض،وأين يعيش اللاجئين الفلسطينيين في الخارج؟،والانفضاح والانكشاف كان أكثر وضوحا في قضايا الأسرى في سجون الاحتلال،وبما يدلل أن قضية أسرانا في سجون الاحتلال لم تتحول الى قضية جماهيرية وشعبية،أو قضية كل بيت فلسطيني،فهناك جهل ليس فقط بمعرفة بإعداد الأسرى في سجون الاحتلال وأسماءهم،بل حتى الذين خاضوا وما زالوا يخوضون إضرابات مفتوحة عن الطعام وبشكل أسطوري مؤخراً خضر عدنان وهناء الشلبي،قلة قليلة عرفت أسماءهم او عرفت أو سمعت عن إضرابهم المفتوح عن الطعام،ولم يشارك أو يبادر أي مهم لمشاركة في أي فعالية تخصهم أو تخص الأسرى،ولذلك أرى ان يكون جزء من وقت حصص التربية الوطنية أو التاريخ أو الجغرافيا لقراءة عناوين وأخبار مهمة في الصحف المحلية والتعليق عليها،أو يتم طرح مثل هذه المواضيع في الإذاعة الصباحية،فلا يجوز هذا الفقر والجدب الثقافي بنا كشعب تحت الاحتلال،ونحن نتشدق بأننا أوعى الشعوب العربية،علينا أن نعترف بأننا أمام أزمة حقيقية وجدية،ازمة يستحيل الحديث عن بناء دولة او مجتمع مدني في ظل استفحالها وتفاقمها،بل نعيد إنتاج مجتمعات قائمة على الجهل والتخلف وثقافة الدروشة،ثقافة تقدم الانتماءات العشائرية والجهوية والقبلية والطائفية على الانتماء الوطني،يعني تكريس لتشظية المجتمع وتفكيكه،فهل نحن كحركة وطنية متنبهين الى مثل هذا الخطر الداهم؟،خطر من شأنه ضرب نسيجنا المجتمعي وتفكيكه. التوعية والثقافة أولا وعاشرا،فبغياب الثقافة والوعي،لا مجال للحديث عن حرية او بناء مجتمع عصري،أو دولة لكل مواطنيها،دولة تسودها التعددية الفكرية والسياسية،تصان فيها الحريات والكرامات،والوعي يجب أن يقترن بالممارسة على الأرض وبين الناس،فالنظرية والأفكار بدون تطبيق مثل الشجرة اليابسة لا تثمر،وهي كذلك العملية التعليمية بدون توعية وفهم،هي غير منتجة ومثمرة،بل تخلق جيل مشوه الثقافة والوعي،غير قادر على النهوض والبناء وتحمل مهامه ومسؤولياته.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لمصلحة من تفتي يا قرضاوي ...؟؟
-
في الذكرى السنوية السادسة لاختطاف القائد المناضل احمد سعدات
...
-
شتاء اسلامي وفتاوي بالجملة ..؟؟
-
لماذا التصعيد الاسرائيلي الآن ..؟؟
-
توحيد الأداة الوطنية التنظيمية/ شرط أساسي للانتصار في معارك
...
-
دور قطر و-الجزيرة المشبوه وإعادة تأهيل حماس ..
-
القدس ليست بحاجة لقرارات جديدة..
-
مؤسسات القدس أزمات داخلية وعلامات أستفهام كبيرة ..
-
أيها المقدسي .....قف وفكر...؟؟
-
لا ثورات عربية....ولا ربيع عربي ....؟؟
-
الأسير المناضل خضر عدنان وغياب الأداة التنظيمية الوطنية المو
...
-
إغلاق المؤسسات المقدسية شكل من أشكال التطهير العرقي ..
-
لماذا يهدم -ثوار- الناتو تمثال الزعيم الخالد جمال عبد الناصر
...
-
الاسير المجاهد خضر عدنان بوبي ساندز فلسطين
-
نحو تثبيت هيئة العمل الاهلي- الوطني كمرجعية شعبية مؤقتة للقد
...
-
الاتحاد الأوروبي المطلوب :- خطوات عملية وليس تقارير وبيانات
...
-
تحت المجهر/ لمصلحة من يجري تصفية شركة كهرباء القدس...؟؟؟
-
-ترويكا- عنصرية بحق المقدسيين ..
-
-تغول- التطبيع ..؟؟
-
المطلوب :- تعميم سياسة الفوضى الخلاقة عربياً ..
المزيد.....
-
حطم الباب وهرب.. خروف يكسب حريته بعد فراره من جزار بطريقة اس
...
-
فيديو منسوب إلى حفيدة الخميني نعيمة طاهري.. ما حقيقته؟
-
-إسرائيل الكبرى-.. الأردن يرد على تصريحات نتنياهو: خطاب تحري
...
-
قبيل لقائه به.. ترامب يهدد بوتين بـ-عواقب وخيمة - ويحاور قاد
...
-
صدام حفتر نائبا لأبيه .. مشروع توريث يعقد المشهد الليبي المن
...
-
صحفيو جنوب أفريقيا يرفعون صوتهم من أجل غزة وينعون شهداء الحق
...
-
بالفيديو.. الحرائق في سوريا تعود مجددا
-
تعرف على مستويات الحماية الثمانية في أجهزة آبل
-
لبنان يعيد رسم معادلة السلاح خارج الدولة
-
قنبلة -إسرائيل الكبرى- التي ألقاها نتنياهو
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|