أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - رحيل رجل كبير : البابا شنودة الثالث (1923-2012).














المزيد.....

رحيل رجل كبير : البابا شنودة الثالث (1923-2012).


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 3672 - 2012 / 3 / 19 - 19:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ساد هدوء كبير في العلاقة بين القيادة السياسية فى مصر ( جمال عبد الناصر ) وقيادة الكنيسة المصرية ( البابا كيرلس السادس ) طيلت فترة باباوية البطريرك رقم 116 ( كيرلس السادس ) من مايو 1959 إلى رحيل جمال عبد الناصر فى سبتمبر 1970 . وبعد أقل من نصف سنة من رحيل جمال عبد النصر ، رحل أيضاً البابا كيرلس السادس ( يوم 9 مارس 1971 ). ويرجع هذا الهدوء في المقام الأول لعقلية جمال عبد النصر التي كانت لا تسمح بإختلاط الشأن الديني بالشأن السياسي . وقبل نهاية السنة التالية لموت جمال عبد الناصر ( أي في 1971 ) كان الوضع فى مصر جد مختلف . فقد جاء لحكم مصر رئيس إرتكب من اليوم الأول خطيئة اللعب السياسي بالدين . فقد أطلق أنور السادات على نفسه تسمية " الرئيس المؤمن " كما أطلق على مصر تسمية " دولة العلم والإيمان ". وهي الخطيئة التي ستكلف مصر وتكلفه هو شخصيا) بعد ذلك الكثير ( ومن بين هذه التكلفة مصرعه هو برصاص جماعة من الإسلاميين). في هذا الجو والمناخ العام المختلف تماماً عن سنوات حبرية البابا كيرلس السادس جاء للموقع الأول في الكنيسة المصرية أكثر رجال الدين المسيحي في جميع الكنائس الشرقية ثقافة وإهتماما بالشأن العام ، ناهيك عن حيوته الإستثنائية. فالبابا الجديد ( شنودة الثالث ) كان قبل انخراطه في سلك الرهبان ( 18 يوليه 1954 ) خريج كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول وصحفياً وشاعراً ومدرساً وسياسياً من الشباب المقربين للزعيم التاريخي مكرم عبيد زعيم الكتلة الوفدية وقتئذ . وهكذا وضعت الأقدار البابا الجديد في مواجهه حتمية مع قيادة سياسية إختارت ان تلعب بالدين لعبة سياسية شديدة الخطورة . في ظل هذا المناخ العام بدأت ثم تصاعدت أحداث الفتنة الطائفية طيلة سنوات حكم أنور السادات . وخلال هذه الفترة قام إسلاميون بخطف وإعدام وزير الأوقاف الشيخ الذهبي كما قاموا بعد ذلك بإغتيال رئيس الدولة نفسه ( يوم 6 أكتوبر 1981 ). ولا شك عندي ان السادات هنا كان يتماهي مع السياسة الأمريكية التي كانت تعتقد ان كون الإسلاميين أعداء طبيعيين للتوجهات الماركسية واليسارية ، تجعلهم بالضرورة شركاء لاعداء الإشتراكية (وفى مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية). وهذه النظرية الحمقاء ( نظرية عدو عدوي بالضرورة حليفي ) هي التي كانت خلفية الكثير من الأحلاف السياسية الكبرى في عدة مناطق من العالم كانت مصر من بينها . ولا شك عندي ان البابا الجديد ( شنودة الثالث ) لم تكن أمامه مسارات غير المسار الذي إختاره في مواجهة " الرئيس المؤمن " وتيار الإسلام السياسي الذي شاع وذاع في مصر مع توجهات خليفة جمال عبد الناصر . وطيلة العقود الأربعة التي كان البابا شنودة الثالث . خلالها على رأس الكنيسة المصرية فقد كان همه الأول الدفاع عن الخصوصيات الثقافية للمصرين الأقباط في مواجهة ريح عاتيه تحاول ان تفرض لونا واحدا من ألوان الطيف الثقافي على مصر ومجتمعها وأبنائها وبناتها. وقد أتاحت لي صداقة شخصية عارمة بالبابا شنودة الثالث استمرت طيلة السنوات الثلاثين الماضية ان ألمس بنفسي ان هذا التحدي كان هو همه الأكبر الذي سار بمحاذة هم أخر شغله منذ ان كان أسقفا للتعليم ( منذ 1962 ) ، وأعني رفع المستوى التعليمي والثقافي والمعرفي لمعظم رجال الكنيسة المصرية من رهبان وكهنة . فبعد ان كان عدد كبير من الرهبان من غير المتعلمين ، فقد توفى البابا شنودة الثالث تاركاً الكنيسة المصرية في يد ألاف الرهبان والكهنة من خير أبناء مصر المتعلمين والحاصلين ( معظمهم ) على درجات علمية عالية في معظم التخصصات العلمية.



· وقد أتاحت لي الظروف قضاء مئات الساعات مع البابا شنودة الثالث وأن أتعرف عن قرب على تكوينه المعرفي الثري وعلى رؤيته الإستراتيجية للعديد من الأمور ، ناهيك عن إبداعاته الأدبية الشعرية التي قل نظيرها في واقعنا الثقافي المعاصرالذى يتسم اليوم بالسطحية والتهافت وقد لعب هذا التكوين المعرفي الثري دوراً كبيراً في المجالاين الأكثر أهمية طيلة حبرية البابا شنودة الثالث وأعني المحافظين على الخصوصية الثقافية لأقباط مصر والإرتقاء برهبان وكهنة الكنيسة المصرية .



· ولولا التكوين المعرفي الثري للبابا الراحل شنودة الثالث ، ولولا معرفته الدقيقة والعميقة بعواقب حدوث صدام بين الأغلبية المسلمة والأقلية المسيحية ، لصارت مصر نحو انفجارات مجتمعية لا تبقى ولا تذر، , وأفدح بكثير من كل الأحداث المؤسفة التى حدثت خلال فترة حبريته والتى تكرر فيها العدوان من طرف لا يتغير بذات الطرف المعتدي عليه فى كل مرة.





أردت بهذه الكلمة العجلي ان ألقي الضوء على اثنين من أكبر التحديات التي تعامل معها البطريرك العظيم البابا شنودة الثالث (الأشد والأكثر تميزاً بين بطاركة الكنيسة المصرية) خلال أربعة عقود كاملة ( 1971- 2012 ) . أما الذكريات العديدة لعشرات اللقاءات والحوارات حول الكثير من المواضيع السياسية والثقافية والأدبية ( وبالذات الشعرية ) فستكون موضوع العديد من كتاباتي المستقبلية عن البابا شنودة الثالث صاحب واحد من أعلى القامات المصرية في تاريخ مصر الحديث ... هذا العملاق الذى إنتمي لمادة خام من مواد العبقرية كانت متوفرة فى مصر إبان حقبة تألقها الثقافي ، ولكنها اليوم شديدة الندرة.



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من -دانات- طارق حجي ...
- 7 دانات.
- نابغتان : نازلي فاضل ومي زيادة ...
- دانات (عن تراجيديا الحادث اليوم بأم الدنيا) ...
- دانات ... بمناسبة إرتداء مصر للجلباب القصير !!!
- هل تخلي الإخوان المسلمون عن العنف ؟
- خواطر ... عن العقل المسلم الأحفوري.
- ثلاث دانات لندنيات ...
- دانة الدانات !
- سلامة موسي : النجم المنير
- دانات ... فى زمن العته !
- ست دانات ....
- كلمة طارق حجي التى أذاعتها ال BBC (الإذاعة) بالعربية يوم 10 ...
- بمناسبة الجرائم التى يقترفها النظام السوري فى حق أكراد سوريا ...
- بمناسبة أحداث القطيف الحالية : -لو كنت سعوديا شيعيا- ...
- أَين الدليل ياسادة ؟
- المسؤلية التاريخية للاغلبية الصامتة.
- عن العنف والكراهية ...
- رجال ونساء عرفتهم (1)
- نصف دستة (دزينة) دانات رمضانية ...


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - رحيل رجل كبير : البابا شنودة الثالث (1923-2012).