أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم مرواني - عندما تصطدم الحقوق الطبيعية بالتقاليد الاجتماعية














المزيد.....

عندما تصطدم الحقوق الطبيعية بالتقاليد الاجتماعية


نعيم مرواني

الحوار المتمدن-العدد: 3667 - 2012 / 3 / 14 - 02:21
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عندما تنفجر الحرية داخل كائن حي لم تبق للآلهة سلطة على ذلك الكائن – تولستوي-

كانت الفسلفة السياسية للملقب بأبي الليبرالية الفيلسوف والطبيب الانكليزي جون لوك المتوفي عام 1704, كانت اهم ماحفز الثورتين الامريكية والفرنسية في الربع الاخير من القرن الثامن عشر الميلادي. جادل لوك بأن الناس بطبيعتهم يولدون احرارا ومتساوون ضد المزاعم التي تدعي بأن الله فطر الناس على الخضوع الى قائد أو ملك.
وهو أول من قال بحقوق البشر الطبيعية كحق الحياة والتحرر والملكية وهذه الحقوق ,حسب لوك, هي الاساس الذي ينتصب عليه العقد الاجتماعي الذي يبرمه شعب ما مع حكومته الشرعية, يتخلى بموجبه الشعب عن جزء من حقوقه لصالح الحكومة شريطة ان تضمن له الحكومة الامن والاستقرار وتحافظ لافراده على حقوقهم في الحياة والمساواة والتحرر والتملك, ويستبدل الشعب الحكومة متى ماثبت اخلالها بالعقد.
منذ ذلك الحين صارت الحقوق الطبيعية التي نادى بها جون لوك اساسا لنظم الحكم في الديمقراطيات الغربية ومنهلا رئيسيا لمفاهيم ومواثيق حقوق الانسان المعاصرة.
تميزت افكار النصف الثاني من القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين بالنزعة الفردية على حساب الاجتماعية (Individualism vs. Collectivism) واتسع تعريف حق التحرر ليشمل حقوقا اخرى كثيرة منها على سبيل المثال: حق التحرر من التقاليد الاجتماعية, حق الانتماء الى الاحزاب او المنظمات الفكرية او الاجتماعية او الفنية,حق الاختيار بين التدين او الالحاد ,حق تغيير االديانة أو المعتقد ...الخ.

لم تستقبل كثير من الشعوب الشرقية افكار لوك مثلما استقبلتها الشعوب الغربية, لذا نجحت اغلب شعوب الشرق في الحفاظ على نظمها الاجتماعية والدينية, وقد تكون الشعوب العربية اكثر الشعوب الشرقية محافظة واشدها رفضا لكل النتاجات الفكرية والفلسفية الحديثة خصوصا تلك التي تقود الى الحريات الشخصية والمساواة.

فعلى سبيل المثال, رغم انها اقرت عام 1979لازال لدى ثمانية عشر دولة عربية تحفظاتها على معاهدة القضاء على كل اشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) لان شعوب وحكومات هذه الدول لاتؤمن بحق المرأة الطبيعي بالمساواة مع الرجل.

المجتمعات العربية بنيت على اساس جمعي موحد -اذا جاز التعبير- ينبذ الفردية والتعددية لذا فنحن غالبا مانرفض الفرد المختلف من مجتمعاتنا ويتراوح الرفض بين الذم والقدح والمقاطعة والشجب وقد يصل الى القتل في مجتمعات متخلفة لرجال الدين والمجتمع فيها دور اكبر من قدرة الحكومات على كبحه هذا ان لم يكن للحكومات, التي تمنع شرطتها الأنحراف عن التقاليد والعادات الاجتماعية, فيه دورا سلبيا (مثلما حدث للمثليين ويحدث الآن للأيمو في العراق).
يلعب "اللاوعي الجمعي" لدينا دورا رئيسيا في بلورة مواقفنا أواستجاباتنا لقضايا هامة في حياتنا: حدثتني ابنتي (الطالبة في الثالث المتوسط والمولودة في امريكا) ان أحد زملائها يرتدي قلادة تتدلى منها نجمه سداسية كبيرة واشياء او تمائم اخرى يريد ان يظهر من خلالها انه يهودي, فقلت وبنبرة تربوية "لايفترض بالشخص ان يظهر اختلافه عن الجماعة بل عليه ان يظهر مايجمعه معهم فيشعرهم انه مثلهم وواحد منهم" لكنها ردت متسائلة باستغراب "ولماذا تعتقد ان على الفرد ان يتخلى عن اشياء يحبها او يتميز بها خوفا من الاضطهاد الاجتماعي؟" فلم اجبها وتأكدت اننا ننتمي الى مدرستين فكريتين مختلفتين.
غالبا مايعكس النظام السياسي لدولة ما الافكار والممارسات الاجتماعية لشعبها, لذا تكمن الخطورة في نبذ الفردية لصالح المجتمع وتقاليده في انها تقود الى نبذ التعددية الاجتماعية وبالتالي التعددية السياسية, وما حكومات الحزب الواحد التي ابتلينا بها الا احدى ثمرات هذه الثقافة.
يقاوم رجال الدين والمجتمع وبعض رجال الدولة العرب, يقاومون الليبرالية الفردية حماية لمصالحهم لان الفردية تقوض أسس المؤسسات الفكرية "المجتمعية" التي يستمدون منها سلطاتهم, فتراهم يشجبون كل الحركات الثقافية الفكرية التي تنادي بحرية وحقوق الفرد أوتلك التي ترفض التخلي عن الكثير منها لصالح المجتمع.
لايجب ان تؤثر حاجة الانسان الى الجماعة ,لتحقيق الامن والسعادة, على حريته الفردية لان المرء مفطور على الحرية, لذا فهو وان عاش في مجتمعات لاتعترف ثقافاتها بالخصوصية الفردية والتحرر فانه يضطر الى ان يتقمص دورين احدهما علني لارضاء المجتمع والآخر سري لارضاء الذات وبالتالي تفرض ثقافة مجتمعه عليه نفاقا اجتماعيا مبررا.
احترف ,غالبيتنا نحن العرب, النفاق ليس لعلة أخلاقية فينا او لرغبة منا في النفاق من اجل النفاق ولكن اضطرارا منا للموائمة بين رغباتنا الفردية وتقاليد المجتمع, فالمجتمع العراقي على سبيل المثال, لايعترف بشيء اسمه حرية شخصية يمكن تتعارض مع التقاليد لذا يضطر بعضنا الى ان يعيش بوجهين متناقضين, فنظهر عكس مانضمر لاننا ان لم يفعل فسوف ننبذ او نقتل ( شباب الأيمو مثالا).
يمكن القول ان الليبرالية الاجتماعية هي من أهم الامور التي تخيف العرب من العولمة لانها حتما ستكسر(وفعلا كسرت) تابوهات المألوف من ثقافات اجتماعية متوارثة فتطيح بعروش المنتفعين من هكذا ثقافات وتفقد حجة "الحفاظ على المجتمع وتقاليده" جاذبيتها بين افراد المجتمع ومن ثم يتعذر على المنتفعين من الوضع الاجتماعي السائد تعبئة وتحشيد المجتمع ضد ابناءه المختلفين ثقافيا او دينيا.
اي ان سبب رفض رجال الدين والدولة والمجتمع العرب لتمتع الافراد بحرياتهم الشخصية هوان سلطتهم تعتمد على مجموع الحريات والحقوق التي يتخلى عنها الافراد من أجل الله الدولة والمجتمع ولو لم يتخل الفرد العربي عن اي من حرياته وحقوقه لانتهت ثقافة تمجيد "الرموز الوطنية" الدينية والسياسية ولعرف كل حجمه الحقيقي.
ومثلما ان اكثر الحكومات ديكتاتورية هي التي لاتخلو خطاباتها عن التأكيد الدائم على الوطنية وحب الوطن والتضحية من اجله, فان اكثر رجال الدين والمجتمع فسادا واشدهم نفاقا هم الذين تتركز مواعظهم على الحفاظ على الدين والتقاليد الاجتماعية.



#نعيم_مرواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشريح قانون حقوق الصحفيين العراقيين الجديد
- كيف تقضي على الفساد في شهر؟
- التطرف الاسلامي يغزو الاجهزة الامنية في المغرب
- نشوء طبقة وسطى جديدة في العراق
- تحول الجامعات العراقية الى جوامع
- تشريح التشريح
- حيى الله الكورد
- الأختلاف الفكري يستدعي تبني النظام الفيدرالي في العراق
- ديماغوغية الخطاب السياسي العراقي
- قد لايكون تقسيم العراق اسوأ من وحدته
- خطورة تبادل الأدوار بين الغاية والوسيلة
- دورالمؤسسات التعليمية العربية في التخلف والأرهاب؟
- من جمد وظيفة العقل عند العرب؟
- انقذو الاسلام والا


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم مرواني - عندما تصطدم الحقوق الطبيعية بالتقاليد الاجتماعية