أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زكرياء الفاضل - استخدام الدين لأهداف سياسية أو لماذا أعدم الحلاج؟














المزيد.....

استخدام الدين لأهداف سياسية أو لماذا أعدم الحلاج؟


زكرياء الفاضل

الحوار المتمدن-العدد: 3667 - 2012 / 3 / 14 - 00:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا المقال، الذي أضعه بين يدي القارئ، سبق ونشر منذ حوالي خمس سنوات مضت في الجريدة الإلكترونية المغربية "هسبريس". وقد ارتأيت إعادة نشره لاعتقادي أنه لا يفضح استغلال الدين فقط، من طرف البرجوازية، لأهداف سياسية بل ولتشابه أحداث تاريخية مضت منذ قرون مع ما يحصل اليوم ببلادنا.
هناك شخصيات فذة استطاعت نفوذ طبقات الزمن و توصيل فلسفتها و نظرتها في الكون و المجتمع إلينا رغم كيد أعداء النور و التنوير و محاولاتهم لإخماد شعلة فكرها الحر و إطفاء مشكاة علمها و هزم عزيمتها و تشويه سمعتها. شخصيات سجنت روحها في بدنها فضاقت بها الدنيا و تاقت إلى الحرية الحقة حيث الرجوع إلى الأصل بين الأزل و الأبد و سُجن بدنها لكنها بقيت حرة و هي وراء القضبان لأن حريتها مصدرها نور قدسي داخلي لا يعرف المجاملة و لا يقبل المساومة.
من بين هؤلاء الرجال الأشداء رجل تناقضت الأقوال فيه فمن قال بجهله و هو صاحب ستة و أربعين كتابا و من قال بتناقض شخصه لأنه كان يحث الناس على قتله فلما داهمه الخطر هرب و اختفى و من قال بكفره نظرا لعمق فكره و فلسفته و غموض كلامه لأنه عارف و العارف لا يفهمه إلا العارف. و قد احتار المؤرخون في إسمه الحقيقي إذ عرف له إسمان و لا يعرف السبب في ذلك:
1 – الحسين بن منصور
2 – محمد بن أحمد الفارسي.
و حتى كنيته اكتشف أن له ثلاث:
ا – أبو المغيث
ب – أبو عبد الله
ج – أبو عمارة.
و قد اشتهر الحسين بن منصور أو محمد بن أحمد الفارسي بلقب الحلاج لأنه حلج القطن في صباه ثم حلج الفكر فيما بعد ذلك. و عرف هذا الشيخ الصوفي و الفيلسوف نهاية شنعاء لا تليق بدولة كثيرا ما يصورها أنصارها على أنها قمة في العدالة و الحرية، إذ قُطعت أطرافه و صُلب بعد ذلك كالمسيح، ربما تكفيرا عن خطايانا، ثم ضُربت رقبته في اليوم التالي فأحرق جثمانه. إن كانت هذه هي العدالة و حرية الرأي فكيف يكون الظلم و القمع؟؟؟ كل هذا لأنه أحب الوطن و رغب بشدة في إصلاح أحوال الأمة في زمن كثر فيه الظلم و انتشر به الفساد و تفاقم الفقر المتفشي بين أفراد المجتمع بينما عاش الوجهاء في غنى فاحش غير مكثرتين بآلام أمتهم مما جعل نار الفتن تشتعل و سُم التفرقة يتسرب و يتوغل بسرعة في شرايين الدولة فالقرامطة يثورون و يفلحون في تكوين دولة لهم باليمن و أجدادنا الأدارسة ينشقون عن الخلافة بالمغرب و الشيعة يتربصون و يتحينون الفرصة للإنقضاض على الخليفة و حاشيته. في هذه الظروف العصيبة للدولة وقف أهل العلم و التنوير مواقف مختلفة فمنهم من انحاز للبلاط طمعا في العطاء و منهم من انكمش على نفسه و زهد في المجتمع. و ما وقف في وجه الظلم و الجور إلا القلائل من أمثال أبي العباس ابن عطاء الحنبلي و .. و الحلاج و قد تعرض الرجلان للسخط و العقاب. و بالرغم من المحن التي تعرض لها هذا الصوفي الورع فإنه ما فكر في نهج التغيير عبر سياسة العنف و التطرف بل على العكس من ذلك سعى إلى تغيير سلمي أي "ثورة صوفية لا تهرق فيها دماء و لا يشوه جمالها سلب أو نهب أو سبي: ثورة بيضاء أو بالأحرى انقلاب ثوري يحظى بتأييد تلقائي من الأمة جمعاء فيزيل الضغائن و يُنسّق المصالح و يُوحّد الرجاء و يستنبط من اليأس غبطة.." لأن الحلاج كان يعرف و يحق أن العنف لا يورث إلا العنف و الفتن و الفوضى و يجعل البلاد و العباد عرضة لمخاطر داخلية و خارجية. إلا أن أفكاره السلمية هذه ما نجّته من كيد الأعداء حيث تآمروا عليه و لفقوا له التهم كي يتخلصوا من ضمير عصرهم و أمتهم. فالمحكمة الصورية، التي ترأسها حامد بن العباس وزير الخليفة العباسي المقتدر و عدو الحلاج، و جهت له و من دون خجل تهمة الفسق و هو القائل:
أ تفرح بالذنوب و بالخطايا و تنساه و لا أحد سواه؟!
فتب قبل الممات و قبل يوم يلاقي العبد ما كسبت يداه!
و ما اكتفوا بهذا بل اتهموه بالكفر و هو الشيخ الصوفي الورع يقوم الليل و يصوم الأربعينات زاهد في الدنيا و نفسه تواقة للقاء الحق و الخلود:
أنا سقيم عليل فداوني بدواك
أجري حشاشة نفسي في سفن بحر رضاك
أنا حبيس فقل لي: متى يكون الفكاك؟
حتى يظاهر روحي ما مضّها من جفاك
طوبى لعين محبّ حبوتها من رؤاك
و ليس في القلب و الل بّ موضع لسواك
كل التهم كانت واهية لا تستند إلى حجج و براهين و لكن رغبة حامد بن العباس في القضاء على الحلاج كانت أكبر من القضاء و العدالة فحكم عليه بالإعدام.
و من هو حامد بن العباس هذا وزير مرتشي عُرف ببيع مناصب جهاز الدولة و كان يرمي في مطمورة ألف دينار كل يوم حتى إذا امتلأت حفر غيرها و هكذا بينما كان الإنسان البسيط من فلاح أو عامل قد تمر عليه السنين و لا يعرف شكل الدينار الواحد. هذا هو من حاكم الحلاج و طارده حتى أمسك به ولفق له التهم أما الأسباب الحقيقية فلم تذكر أثناء المحاكمة الصورية و أذكر منها هنا سبب واحد فقط هو أن الحلاج كان يدعو بالرضا لآل محمد. إذا هو شهيد فلسفته و فكره صبر على الشدائد و تلقى الموت ببسالة لا مثيل لها مرددا:
يا معين الضنى عليّ، أعني على الضنى
هذا هو الحلاج الصوفي و الفيلسوف و المصلح و الضحية باختصار شديد.



#زكرياء_الفاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرة أخرى عن الشعبوية البنكيرانية
- التغيير في منظور عبد السلام ياسين
- محاكم التفتيش في ظل الربيع الإسلامي
- تازة تكشف عن عورة حكومة بنكيران
- نستمرّ أو لا نستمرّ؟ هذا هو السؤال
- المديونية ووعود حكومة العدالة والتنمية
- بنكيران وإخفاقات سياسته الشعبوية
- عربون دار بنكيران من تشكيلتها
- البابا نويل المغربي مرآة للوضعية الاقتصادية الحقيقية ببلادنا
- أيها الرفاق دولتنا تعوض المعطلين بمليار سنتيم
- كواليس قرار انسحاب العدل والإحسان من حركة 20 فبراير
- سرّ فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المغربية
- ربيع الحياة الجديدة
- اليسار وتحديات الربيع العربي
- انتصار العدالة والتنمية واستراتيجية السلطة المخزنية
- الديمقراطية في خدمة الإمبريالية لنكن حذرين
- المهاجر
- ليبيا ودلالات شذوذ التوجه
- الربيع العربي والآفاق الغامضة
- الربيع العربي في معادلة الشواذ


المزيد.....




- هاجروا نحو -الجنة- في أوروبا... أسر تونسية تبحث عن أبنائها ب ...
- تهديدات -كاذبة- تطاول 3 معابد يهودية في نيويورك
- تهديدات -كاذبة- بوجود قنابل تستهدف معابد يهودية ومتحفا في ني ...
- الكنائس الفلسطينية: منع وصول المصلين لكنيسة القيامة انتهاك ل ...
- مطبوعة عليها يد النبي محمد.. جدل على مواقع التواصل بشأن وثيق ...
- ألمانيا: مظاهرة لمجموعة متطرفة طالبت بـ-تطبيق الشريعة وإقامة ...
- الكنائس الشرقية الفلسطينية تقصر الاحتفالات بعيد الفصح على ال ...
- -من يخالف يعاقب-.. الأوقاف المصرية تحذر الأئمة وخطباء المساج ...
- بوابة الأزهر الإلكترونية.. نتيجة مسابقة شيخ الأزهر بالرقم ال ...
- بوتين يهنئ المسيحيين الأرثوذكس بعيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زكرياء الفاضل - استخدام الدين لأهداف سياسية أو لماذا أعدم الحلاج؟