أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - الذكرى السنوية لرحيل ندى كلّم














المزيد.....

الذكرى السنوية لرحيل ندى كلّم


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 3661 - 2012 / 3 / 8 - 08:54
المحور: القضية الفلسطينية
    


عن وداع أمّ من بعيد «حين تغفو العين وتظل بانتظار الحلم»
يغادر الفلسطيني حزنه العام الى حزنه الخاص , يفارق الاهل والحياة وهو بانتظار الامل . حين تودع الام في غربة الليل ,فلا فراق ولا نسيان ويكون الدمع رحيقا للموت وتغفو العين وتظل بانتظار الحلم .

نحن إزاء عالم صلدٍ متماسك يكاد يطبق علينا إلى حدّ الاختناق، يعصرنا ولا نملك إلا أن نقاوم.

ما أقسى أن تنغلق الأبواب باباً بعد بابٍ في ذلك البيت العزيز وهو يرتمي بعنادٍ فوق رابيةٍ، يصابحُ الجليل ويماسيه، ويحتضن نهر القرن من أمامه، يردّد أغاني الرعاة ومواويلهم. وتنغلق النوافذُ، نافذةً بعد أخرى، وتُسدل الستائرُ ويتعاقب انطفاء الأضواء في هدوء الليل، ويطوف ناسُه غرباء بلا زادٍ أو هوية.

ما أقسى أن تنعدمُ الأصواتُ صوتاً بعد صوتٍ ويلفّ الضبابُ بالحزن ساكنيه، وتستحيل الأرضُ التي كنّا ندبُ عليها إلى غيمةٍ من الشوق والدموع، غيمةٍ متبخرةً من دمانا ومن صور وشظايا السنوات الماضية.

ما أقسى أن تتحول الذكريات إلى كومة رمادٍ تذروها الرياح في صحراء الهزيمة والقهر، وأن نتحول إلى أشباح تخشى النور وضوء الشمس، تبحث عن وطن أو مبتغى.

ما أقسى أن يعطينا الوطن ظهره، ونعطيه ظهورنا، ثم نمضي كعاشقين قد اختصما، كلٍ في اتجاه، كخيطٍ من الدم قد اختصم، إلى الشمال، إلى الجنوب، ذلك إنكفاء مرُّ وقاتل.

ما أقسى أن يتحول الأخ إلى خنجر، تُخيّر أين تتلقاه؟! في الصدر وأنت تواجهه؟! أم في الظهر وأنت تفرُّ من عينيه.

ما أقسى أن تدبَّ الكآبةُ كالخدر في النفوس ويتلوى شعرها المحلول فتحيل الألوان وبريق العيون إلى لون الرماد وتكفّ الفراشات عن الطيران، وترفض تقبيل خدود الزهر، ويغيّر نهر القرن في الجليل مجراه، وتخرس أصوات الرعاة وتشيخ مزاميرهم، ويتلوّى الليلُ كأفعى، وتشرق الشمسُ باهتة الألوان تعاني إنكساراتٍ تثقلُها هموم الناس، وينفرط عقد الأصدقاء كما انفرطت حبّات سبحةٍ كلّ في إتجاهٍ وصوب.

ذلك الألق المشع في البيت انطفأ اليوم..

تبدّلت وجوه ساكنيه وتلاشت إلى الأبد حركة الأقدام في باحته برحيل ندى لافي موسى كلّم 1933، فتاة النكبة من عرب السمنيّة، ابنة عكا في فلسطين المحتلة، رحلت شاهدة من غير أن تسجّل شهادتها وتوثق أحداث فترة كانت فيها هي الشاهد والراوية.

كان لديها مخزون من المعرفة برغم أمّيّتها والحسّ الوطني فيها. لم يثنها الخوف ولا التردد ولا تقاطع المصالح عن أن تسجل احتجاجاً على ما رأته تفريطاً وخيانةً.

ما أقسى أن يموت الإنسان بعيداً عن وطنه غريباً عنه.. وهو الشاهد على عصره والمؤرخ لأحداثه وباعثُ الجذوة في صغاره. فتاريخ فلسطين التي قُطعت أوصالها وشعبها الذي توزعت قبور أبنائه في أصقاع الأرض تجدها حكاية طرية على لسانها، فكم حدثتني عن فلسطين وعن الجليل وعن نهر القرن، حكاياتها ظلت عالقة كالوشم في ذاكرتي.

. كانت نموذجاً للمرأة الكادحة المناضلة، تفتخر بانتمائها للشعب الجبار العظيم صاحب التضحيات، شعب فلسطين.

زارها الموت في مدينة صور فجر يوم الاثنين 9 آذار 2009، بعد أن غرقت في الصمت، ودفنت على عجل دون ضجيج في مقبرة جمجيم – أبو الأسود. كانت حياتها خزاناً من الحزن الدائم مملوءاً بأمل العودة إلى أرض الجليل. لم تخف من الموت يوماً، ذلك شأن الكثيرات من أمهاتنا، فليس الموت ما يقلق الأنسان ويخيفه، إنما الخوف من الرحيل بصمت في عالم يغفو على صوت المدافع وهدير المجنزرات ويصحو، ذلك أقسى أنواع الموت، رحلت ندى ولم تُمسك بطائرها الوردي، العودة والدولة.

المجد والخلود لابنة الشعب الفلسطيني..وداعاً ندى، لن ننساكِ أبداً!



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشائر قضاء عكا : طرْدُهم من أراضيهم بدأ خلال الانتداب البريط ...
- جندي مجهول آخر عمل لفلسطين
- ستيفانو كياريني: إكليل غار على جبين فلسطين
- رحيل راوية شاتيلا أم ناظم الغائبة اليوم الدائمة الحضور
- قراءة في أوراق ضائعة
- ناجي وعلي / لو غابوا او تغيبوا !!! من يمسك الريشة والقلم


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - الذكرى السنوية لرحيل ندى كلّم