أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - ستيفانو كياريني: إكليل غار على جبين فلسطين














المزيد.....

ستيفانو كياريني: إكليل غار على جبين فلسطين


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 3627 - 2012 / 2 / 3 - 20:55
المحور: الادب والفن
    


صباح السادس عشر من أيلول/سبتمبر من العام 2000، كانت الوفود تتزاحم حول نقطة التجمع عند مدخل مخيم شاتيلا الشمالي. انطلقت المسيرة عبر شارع شاتيلا الرئيسي مروراً بشارع الشهيد (أبو حسن سلامة) وصولاً إلى المقبرة الجماعية لشهداء مجزرة صبرا وشاتيلا قرب محطة الرحاب جنوب المخيم.

في طليعة المسيرة رؤساء الجمعيات الأهلية التي نشأت وترعرعت في المخيم، يزاحمهم على الصف الأول قادة الفصائل الفلسطينية، بينما تراجع أهالي الضحايا إلى الصفوف الخلفية مفسحين المجال لأصحاب الوجاهة كي ((يأكلوا الجوّ)). من بين الوفود حضر وفد إيطالي مميز، فيما غابت الوفود العربية، مع أن الدم الذي سال في صبرا وشاتيلا له ذكرى وذاكرة!
بدأ الاحتفال وتوالت الكلمات المنددة والشاجبة والمستنكرة للمجزرة ولمرتكبيها. ثم ألقى كلمة الوفد الإيطالي رجل ذو لحية شقراء يتخللها الشيب، ملامحه شرق أوسطية؛ فقدّم اعتذاراً لعوائل الشهداء وقال: ((لأننا نسيناهم لفترة طويلة، ولأننا خلال 18 سنة عشنا حياتنا بشكل طبيعي. بينما كان هناك أمهات وأبناء وشعب يتذكر بحزن وألم هؤلاء الشهداء.. هؤلاء الشهداء لم يدفنوا بكرامة كما دُفن الكثير من الشهداء في العالم..)). كان صوته مدوياً وله وقع الصاعقة على رؤوسنا، كان وفياً لشهدائنا ولدمائهم الزكية.
اقتربتُ منه بصعوبة من شدة الزحام، هو لا يتكلم العربية وأنا لا أتكلم الإيطالية، رغم ذلك كنت أشعر بأن ثمة رابطاً قوياً يجمعنا، كنت أشعر بأنه يقدم لي العزاء والصداقة الأمل، عرفت من عيونه أنه يعرف معنى الفقر والحرمان، ومعنى عذاب اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، ويعرف معنى أن لا يكون للإنسان وطن.
إنه الصحافي الإيطالي ستيفانو كياريني محرر صحيفة ((المانيفيستو)) الإيطالية.
يومها، غادرت الوفود الأجنبية المكان يرافقها عدد من القادة الفلسطينيين لاستضافتهم في المطاعم الفخمة والمآدب العامرة في العاصمة بيروت. أما أهل الضحايا فعادوا أدراجهم إلى الأزقة الضيقة التي لا تسمح إلا بمرور شخص واحد فقط في معظم الأحيان، وإلى البيوت المتداخلة التي لا تدخلها الشمس حتى في وسط النهار حيث لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات صحية.
بغياب ستيفانو فقدت فلسطين صديقاً ومناصراً ومناضلاً وفلسطينياً شريفاً عمل من أجل حق الشعب الفلسطيني بأرضه وكرامته.
ستيفانو كياريني، أنت صاحب ضمير إنساني، ومناضل وصاحب مبادئ، أنت إكليل غار على جبين فلسطين. نحن لا ننسى من لا ينسى شعبنا، ونعاهدك على أن نستمر في الكفاح حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني، لتشرق شمس الحرية.
وداعاً ستيفانو.. لن ننساك أبداً!

من هو ستيفانو كياريني (Stefano chiarini)؟

من مواليد أيلول/سبتمبر 1951. ارتبط اسمه باسم فلسطين، وهو صديق فلسطين، مؤسس لجنة ((كي لا ننسى صبرا وشاتيلا))، وهو من كان ينظّم كل عام حملة التضامن في صبرا وشاتيلا، ويعتبر من أبرز المناضلين الأمميين الذي لا يهاب في مواقفه أي ضغوط قد تمارس عليه. كان يكتب يومياً عن فلسطين ومعاناتها، عن العراق ولبنان، حتى قيل فيه: ((أينما وُجدت المقاومة تجد ستيفانو وقلمه المخلص الصادق)). هو الذي جاب إيطاليا طولاً وعرضاً متحدثاً عن فلسطين، ومديناً للاحتلال وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وكان من المبادرين لتأسيس منتدى فلسطين في مدينة روما.
عمل كمراسل لصحيفة ((المانيفستو)) الإيطالية من إيرلندا وفلسطين والعراق وأماكن كثيرة في العالم على مدار خمسة وعشرين عاماً. متزوج من السيدة إِلينا (Elena) وله منها توليا (Tullia) وعمرها 12 عاماً ولوسيو (Lucio) وعمره تسع سنوات. نجا من محاولة اغتيال بعد أن ألقيت قنبلة على مكتبه في مبنى جريدة ((المانفيستو)) بمدينة روما.
توفي، بصورة مفاجئة في روما في 3-2-2007 إثر جلطة حادة، بينما كان يداعب أحد أطفاله بعد أن انتهى من كتابة مقالة عن العراق.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيل راوية شاتيلا أم ناظم الغائبة اليوم الدائمة الحضور
- قراءة في أوراق ضائعة
- ناجي وعلي / لو غابوا او تغيبوا !!! من يمسك الريشة والقلم


المزيد.....




- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...
- اليوميات الروائية والإطاحة بالواقع عند عادل المعيزي
- ترامب يدعو في العشاء الملكي إلى الدفاع عن قيم -العالم الناطق ...
- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - ستيفانو كياريني: إكليل غار على جبين فلسطين