أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - رحيل راوية شاتيلا أم ناظم الغائبة اليوم الدائمة الحضور














المزيد.....

رحيل راوية شاتيلا أم ناظم الغائبة اليوم الدائمة الحضور


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 3605 - 2012 / 1 / 12 - 07:58
المحور: الادب والفن
    



فجأة قفزت إلى مخيّلتي تلك الأيام والليالي التي قضيتها مستمعاً إلى أم ناظم تحكي لي تاريخ شاتيلا والمجزرة.

فجأة، تذكرت أمي الثانية، ووضعها الصحي السيئ الذي تركتها فيه.

فجأة، جاءني هاتف ليخبرني أن المرأة / الراوية / المناضلة أم ناظم باتت في ذمة الله.

عوّدتنا الحياة على الخسارات ولم تعوّدنا ولو مرة كيف يكون الربحُ، فالطريق ما زالت ممتدة والليل، ليل الغربة طويل، وللموت إيقاع يشدُّ المرء إليه ويعصف به. فإذا كان الزوال ضرورة لكل الكائنات الحيّة فما تركته أم ناظم هذه الأم إنما هو دفاع ضد التلاشي. وما يبقى في ذهن المناضل الفلسطيني هو الأم المجاهدة المقاتلة المضحية والضحية. تلك ذخيرة وفرادة نجتاز بها صحراء القيظ والزمن المحدود للأحياء ليبقى فعلاً فاعلاً.

ما أقسى أن يموت الإنسان بعيداً عن وطنه وغريباً عنه.. وهو شاهدٌ على عصره ومؤرخ لأحداثه وباعثُ الجذوة في صغاره، فعناد المقاتل لا تتسع له الحدود وليس للخوف أو التردد فيه شك ولا مجال.

إن الحديث عن شخصية من هذا النوع ليس بالسهل، إنها أشبه ما تكون بالحكواتي، فتاريخ فلسطين التي قطّعت أوصالها وشعبها الذي توزعت قبور أبنائه في أصقاع الأرض تجدها حكايا طرية على لسانها، فكم حدثتني عن فلسطين، حكايتها ظلت عالقة كالوشم في ذاكرتي.

سمية أحمد إسماعيل (أم ناظم) 1936 مواليد الكابري - قضاء عكا، لم تجلس على مقاعد الدراسة يوماً، ولا تجيد القراءة والكتابة، منحتها الطبيعة ميزة امتلاك موهبة فن الخطابة، نقدها حاد، لذلك كانت تخشاها معظم القيادات الفلسطينية. تحتفظ بذاكرتها الشابة الطرية باثنتي عشرة سنة الأولى من عمرها فقط.

سميّة أحمد إسماعيل (أم ناظم)، تلك التي ما بخلت يوماً على الثورة الفلسطينية فقدمت ثلاثة من أحبائها شهداء (محمد في تل الزعتر عام 1976، أحمد في حرب المخيمات عام 1985 في شاتيلا، وفيها كذلك خسرت زوجها صالح هاشم). انتظرت 29 عاماً كي تكتمل فرحة العمر برؤية ولدها ناظم العائد من سجون إحدى الدول العربية، لكنها رحلت دون أن تراه!.

كانت نموذجاً للمرأة الكادحة المناضلة، التي تفتخر بانتمائها للشعب الجبار العظيم صاحب التضحيات، شعب فلسطين. كرمها مركز الشباب الفلسطيني - مخيم شاتيلا عام 2007 مع المناضل حافظ على عثمان (أبو هشام) ابن مجدالكروم.

غادرت إلى مثواها الأخير يوم الأربعاء 9/1/2008 في مخيم شاتيلا بعد إصابتها بمرض عضال في الحنجرة، ودفنت في مقبرة الشهداء في شاتيلا وعيناها تنظران إلى الأفق صوب فلسطين، الوطن المسروق.

لم ترضَ لنفسها العلاج وهي المريضة التي تستحق ذلك، لأن كلفة العلاج لا يمكن أن تسدّ حاجةً ومطلباً ملحاً، فماتت وهي تعرف أن هذا الطريق لا بد أن تسلكه يوماً دون خوف ولا تردد. إن يكن أحد قد خسر في موتها شيئاً، فالشعب الفلسطيني وأهل شاتيلا وجدوا في موتها الخسارة التي من الصعب تعويضها في زمن التهافت هذا. لم تتخلف مرةً عن المشاركة في أحزان الفلسطينيين ومصائبهم، كانت هي القاسم الأعظم في ذلك. فمن بدء النكبة إلى الهجرة إلى حرب المخيمات كانت شاهد عصرها على ما يدور خلف كواليس السياسة وكيف تباع الضمائر وتشترى
لا الدمعُ بعدك يجديني ولا الالمُ
ما فاتَ فاتَ فماذا ينفعُ الندمُ

المجد والخلود لابنة الشعب الفلسطيني.. وداعاً أم ناظم، لن ننساكِ أبداً!



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في أوراق ضائعة
- ناجي وعلي / لو غابوا او تغيبوا !!! من يمسك الريشة والقلم


المزيد.....




- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - رحيل راوية شاتيلا أم ناظم الغائبة اليوم الدائمة الحضور