أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ديانا أحمد - العملاق ثروت عكاشة كمان وكمان .. جوهرة فريدة ثمينة فقدتها مصر كجواهر كثيرة دون اهتمام وتقدير لائق















المزيد.....



العملاق ثروت عكاشة كمان وكمان .. جوهرة فريدة ثمينة فقدتها مصر كجواهر كثيرة دون اهتمام وتقدير لائق


ديانا أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3654 - 2012 / 3 / 1 - 19:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العملاق ثروت عكاشة كمان وكمان .. جوهرة فريدة ثمينة فقدتها مصر كجواهر كثيرة دون اهتمام وتقدير لائق



استكمالا لمقالنا السابق :



http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=297150





رحل العملاق ثروت عكاشة ، رحل الرجل والرجل قليل فى زمن "انبطاح الكل للعجل الإخوانى السلفى" ، رحلت الجوهرة الناصرية ، رحل هرم الثقافة المصرية ، فى صمت مريب من الدولة والإعلام والفيسبوك .. الإعلام الذى يطنطن للصغار ويطنطن للظلاميين أعداء الفنون إخوانا وسلفيين. رحل كما رحل عادل شريف وحامد جوهر. ودفنه الظلاميون الرسميون والإخوان والسلفيون فى طى النسيان ودفنوا سيرته ، لأنها خطر عليهم ، لأنها شمس ناصرية تعميهم ، وتذكرهم بأنهم مخلوقات ظلامية مسيخة كريهة ، كما دفنوا من قبل طه حسين وقاسم أمين وحامد أبو زيد وسلامة موسى وعلى مبارك وأتاتورك وبورقيبة ، وكما يحاولون دفن جابر عصفور وسيد القمنى وطارق حجى وفاطمة ناعوت ، وكما يطنطنون بفحيحهم على الفيس بوك حين تذكر لهم طه حسين أو جابر عصفور أو قاسم أمين والخديو إسماعيل وعبد الناصر وسيد القمنى ، أطلقوا فحيحهم بأن هذه الأسماء فى مزبلة التاريخ. بل أنتم أيها الإخوان والسلفيون من تمتلئ بكم وستمتلئ بكم مزبلة التاريخ وبآلهتكم حسن البنا وابن عبد الوهاب وسيد قطب والمودودى والملا عمر وابن لادن وبقية مجرميكم وسفلتكم الأحياء منهم والنافقين الهالكين. ولن يسامح التاريخ ولن تسامح مصر المجلس العسكرى الذى سلم مصر للإرهابيين إخوانا وسلفيين ، كما لن تسامح الممثلين راكبى الموجة هم والإعلاميين وأحزاب الغد والوفد والكرامة وكل منبطح للإخوان والسلفيين. وسيبقى ناصر وثروت عكاشة وجميع التنويريين منارات ومعارج من نور فى الأرض والسماء رغم أنوف الظلاميين. جعلتم الشباب الجديد يترحم على جلال عامر وهو الكاتب الساخر حديث العهد ، ويضع على بروفايلاته صور العزاء له ، ولستُ أعترض ، ولكنهم لم يعرفوا شيئا عن ثروت عكاشة وهو من هو ، ولذلك لم يهتموا بالأمر إلا قليل ، ولم يضعوا صور الحداد له كما فعلوا مع جلال عامر .. لقد محوتم ذاكرتهم الوطنية والثقافية والتاريخية وجعلتموهم يترحمون على ملك فاسد بائد أجنبى غير مصرى وعلى عصر احتلال إنجليزى وعلى علم أخضر عثمانى الأصل والفكرة ، وجعلتم الشعب يقع فريسة للسعودة والأردغنة والأخونة والمسلفة والقطرنة والثقرطة ويختار بنفسه وينتخب من يقسمون بلاده ويدمرونها ويبررون لغزوها أمريكيا وأطلسيا وإسرائيليا .. رحل العملاق ثروت عكاشة حزينا على تحول مصر بواسطة جيشها حامى الحمى إلى دولة ثيوقراطية كاملة كأفغانستان والكيان السعودى منبع القذارة السلفية الإخوانية ومصدرها وممولها ، والصومال والسودان .







الدكتور أحمد عكاشة لـ"الأزمة": والدي كان يقول لي أخوك "ثروت" عاوز يستلفك عشان يربيك بمعرفته.. وعاش آخر أيامه ينعي "المرحلة الناصرية"


كتب: محمد الباز


الخميس, 1 مارس 2012



بحث الجميع عن سيرة ومسيرة الدكتور ثروت عكاشة أحد فرسان ثورة يوليو (1921 – 2012) الذي رحل الاثنين 27 فبراير، عددوا المناصب التي تقلدها والمؤلفات التي كتبها والجوائز التي حصل عليها والدول التي زارها، وذهبت أبحث عن منطقة دافئة وخاصة في حياة هذا المثقف التنويري العظيم، إنها مساحة علاقته بشقيقه أستاذ الطب النفسي الشهير الدكتور أحمد عكاشة.


عانى ثروت عكاشة في أيامه الأخيرة من عدم قيام أعضاء جسمه بوظائفها العادية مع كبر السن، لكن هذه المتاعب الجسدية زادت من آلام الظهر وتسببت في اضطرابات بالقلب والكلى، وهو ما جعله نقله إلى المستشفى ضرورة – كان يعالج بمستشفى الصفا بالمهندسين – لكن فجأة توقفت الأجهزة جميعًا عن العمل، توقفت ضربات القلب التي استمرت 91 عامًا كاملة، في حالة من الرغبة المؤجلة لمغادرة الحياة كلها.


كان الدكتور أحمد عكاشة عائدًا من بيت شقيقه متشبعًا بالأحزان عليه، لم يمهلني فرصة لأسأله، بدأ يتكلم هو، إنه يتخلى هذه المرة عن دور المحلل النفسي الذي يشرح النفوس البشرية، ليتحدث عن شقيق له بمثابة الأب.


قال لي إن والده كان يقول له: أخوك ثروت عاوز يستلفك مني عشان يربيك بمعرفته.


وعندما كان يذهب إليه كان يعاونه بطريقة مختلفة، كان ثروت يكتب وهو يستمع إلى السيمفونيات الموسيقية الشهيرة، وكان يحتاج إلى من يغير له الأسطوانات، ولأن أحمد كان صغيرًا، فقد كان يقوم بهذه المهمة، ورغم أن ثروت كان يعلمه معاملة عسكرية فيها حزم وحسم، إلا أنه كان يمنحه بعض المال، لأنه كان يجلسه إلى جواره ثلاث ساعات كاملة.

رحيل د. ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق


عاش ثروت عكاشة أيامه الأخيرة حزينًا، لم يكن يقرأ الصحف ولا يتعرض لما تكتبه، كان يشعر أن مشروع عبد الناصر تمت خيانته، وأن ما فعله تم إهداره على يد من جاؤوا بعده، وكان يرى أن مشروع عبد الناصر تحديدًا في العدالة الاجتماعية اكتمل لما كانت هناك حاجة إلى ثورة 25 يناير.


يمسك أحمد عكاشة بخيط الحديث عن شقيقه الأكبر الذي يعتبره أبًا روحيًّا له، يقول عنه: كان شخصية مركبة بطريقة غير معقولة، وعندما فكرت سعاد الصباح من خلال دار النشر التي كانت تملكها في إصدار كتاب عنه اسمه "وردة في عروة الفارس النبيل"، وطلبوا مني أن أكتب عنه فأشرت إلى أنه كان تجسيدًا للإدراك المتكامل للتنوير الثقافي.


ويضيف عكاشة: كان ثروت شخصية غريبة جدًّا، فكل واحد فينا لديه فصان في المخ الأيسر مسؤول عن المنطق والواقعية والأيمن مسؤول عن الزمن والتذوق الجمالي، وعادة ما يتميز بتفوق واحد من الفصين على الآخر، لكن الغريب أن الفصين كانا متميزين عند ثروت، فقد كان يعمل في الفن كعالم، وفي العلم كفنان.


يرى أحمد أن شقيقه كان شخصية متناقضة لكن لديها انسجام وهارموني كبيرين جدًّا، فأحد كتبه عن الحرب الميكانيكية، وفي نفس الوقت لديه ترجمة راقية جدًّا لرومانسيات جبران خليل جبران، وتراه يكتب كتابًا عن جنكيز خان، وفي الوقت نفسه يصدر كتاب "مولع بفاجنر" الموسيقي العذب.


عظمة ثروت عكاشة الذي كان موسوعيًّا كتب عن الفن المصري والإغريقي والروماني والقبطي والإسلامي، وفي كل ذلك كان يعيد استخدامات الحواس الإنسانية، فالعين عنده تسمع، والأذن ترى، وبذلك يصل بالتذوق إلى منتهاه.


ظل ثروت عكاشة حتى الأيام الأخيرة من حياته يعمل أكثر من 15 ساعة في اليوم، لم تكن لديه سكرتيره، كان يعمل بنفسه ويطالع المراجع بنفسه، كان يكتب بالقلم الرصاص، متفرغًا لأكثر من 35 عامًا بعد أن ترك الوزارة للعمل فقط، وهو ما جعل البعض يعتقد أنه منعزل أو لا يحب الفكاهة، فقد كان كذلك لأنه كان حريصًا على قوته ألا يضيعه فيما لا يفيد فنه.
دعاه أحمد عكاشة مرة ليلقي محاضرة بعنوان "التطهُّر النفسي من خلال الفن"، رفض في البداية، وعندما أصر الشقيق الأصغر رضخ له، لكنه قال له إنه يحتاج إلى ستة شهور لإعداد هذه المحاضرة، فقد كان يعمل كقديس في محراب الفن.


وقبل أن يقدمه أحمد عكاشة قال لجمهور ندوته إنه لم يعزف على آلة موسيقية لكنه تذوق الموسيقى من خلال ثروت، ولم يكتب الشعر لكنه استمتع به من خلال ثروت، ولم يرسم في حياته لوحة، لكن الفن التشكيلي كان متعة بالنسبة له عبر ثروت.

مصر تودع ثروت عكاشة في جنازة بلا وزراء


لمست في نبرات صوت الدكتور عكاشة مدى حزنه على شقيقه، فهو لم يفقد فيه الأخ الكبير فقط، ولكن فقد الأب الروحي الذي كان سندًا نفسيًّا لأكبر متخصص في الطب النفسي في الشرق الأوسط كله.





****



أخبار موالى



رحيل ثروت عكاشة وزير الثقافة في عهد عبد الناصر


29 فبراير 2012


غيب الموت عصر أمس ثروت عكاشة وزير الثقافة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأحد أهم من كتب عن الفنون الأوروبية باللغة العربية عن عمر يناهز 91 عاما، وفق ما أعلنت عائلته وسيتم تشييعه غدا الأربعاء.

الدكتور ثروت عكاشة هو أحد المثقفين المصريين النادرين بتكوينه الفكري والإنساني، فهو الكاتب المبدع الموسوعي الثقافة والفكر، والعالم المتذوق للفنون جميعها، والمؤرخ والناقد لها.

آمن بالتغيير والتجديد، وسعى إليهما بنظرة مستقبلية متفائلة. عاملاً على إرساء الدعائم الأساسية لنهضة مصر الحديثة، كان رجل الثورة المستنير وصاحب المشروع الحداثي.

تشهد له بذلك إنجازاته الكبيرة التي لا تزال شامخة إلى اليوم، فهو صاحب المبادرة والفضل في إنشاء معاهد السينما والمسرح والباليه وتشييد دار الكتب والوثائق القومية وقصور الثقافة.

وهو صاحب المآثر الخالدة في الذاكرة الإنسانية المتجسدة في مشروعه لإنقاذ آثار النوبة ومعبدي سمبل وفيلة.

وهو إلى ذلك المفكر والفنان الذي لم تشغله المهام والأنشطة الرسمية الكثيرة عن الإبداع في مجالات الأدب والفلسفة والفنون.

إنه، كما يراه الكثيرون، الشخصية الثقافية الأولى في مصر، كان اسمه يتردد صداه على امتداد الوطن العربي الكبير، وفي عواصم الثقافة في أوروبا، وفي أروقة اليونيسكو وقاعاتها الواسعة.

يتحدث عارفوه عن تواضعه الذي لا نجده إلا عند الرجل الكبير في خلقه العالي في منزلته وعلمه، وعن شعوره العميق بالمسؤولية وحرصه على حمل الأمانة وتأديتها على أفضل وجه.



السيرة الذاتية للدكتور ثروت عكاشة :

ولد في القاهرة عام 1921.

المؤهلات العلمية:
- تخرج في الكلية الحربية (1939)، وفي كلية أركان الحرب (1948).
- دكتوراه في الآداب من جامعة السوربون في فرنسا (1951).
- دبلوم الصحافة من كلية الآداب، جامعة القاهرة (1960).

أهم الوظائف التي تقلدها:


- ملحق عسكري في السفارة المصرية في بون ثم باريس ومدريد (1953 - 1956).
- سفير مصر في روما (1957 - 1958).
- وزير الثقافة والإرشاد القومي (1958 - 1963).
- رئيس المجلس الأعلى للفنون والآداب (1963)، (1966 - 1970).
- رئيس إدارة البنك الأهلي المصري (1962 - 1966).
- عضو مجلس الأمة (1964 - 1966).
- نائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة (1966 - 1970).
- مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية (1970 - 1972).
- أستاذ زائر بالكوليج دي فرانس (1973).


1- نشاطه الإبداعي:
- موسوعة تاريخ الفن: (العين تسمع والأذن ترى).
- الفن المصري: العمارة (1971).
- الفن المصري: النحت والتصوير (1972).
- الفن المصري القديم: الفن السكندري والقبطي (1976).
- الفن العراقي القديم (1974).
- التصوير الإسلامي الديني والعربي (1978).
- التصوير الإسلامي الفارسي والتركي (1983).
- الفن الإغريقي (1981).
- الفن الفارسي القديم (1989).
- فنون عصر النهضة: الرنيسانس والباروك والركوكو (1988).
- الفن الروماني (1991).
- الفن البيزنطي (1992).
- فنون العصور الوسطى (1992).
- التصوير المغولي الإسلامي في الهند (1995).
- الزمن ونشيد النغم: من نشيد أبوللو إلى تورانجاليلا (1980).
- القيم الجمالية في العمارة الإسلامية (1981).
- الإغريق بين الأسطورة والإبداع (1978).
- ميكلانجو (1980).
- فن الواسطي من خلال مقامات الحريري ( 1999).

الترجمة:

ترجم الدكتور ثروت عكاشة كتبا كثيرة نذكر منها:
- أعمال للشاعر أوفيد.
- أعمال لجبران خليل جبران.
- المسرح المصري القديم، لا تيني دريونون (1967).
- مولع بفاجنر، لبرناردشو (1965).
- العودة إلى الإيمان، لهنري نك (1950).
- السيد آدم، لبان فرانك (1948).
- سروال القس، لثورن سميث (1952).
- الحرب الميكانيكية، للجنرال فولر (1942).

مؤلفات ودراسات:

- مولع حذر بفاجنر (1975).
- إنسان العصر يتوج رمسيس (1971).
- إعصار من الشرق أوجنكيزخان (1952).
- مصر في عيون الغرباء (1984).
- مذكراتي في السياسة والثقافة (1988).
- سلسلة محاضرات ألقيت بالكوليج دي فرانس عام 1973.

هذا بالإضافة إلى بعض المؤلفات ومجموعة من الأبحاث بالفرنسية والإنجليزية.

أهم الإنجازات الثقافية والحضارية:

- مشروع إنقاذ آثار النوبة ومعبد أبي سمبل ومعبد فيلة.
- معاهد الباليه والكونسرفتوار والسينما والنقد الفني، ثم ضمت هذه المعاهد في أكاديمية الفنون.
- دار الكتب والوثائق الجديدة.
- قصور الثقافة.
- فريق باليه أوبرا القاهرة.
- عروض الصوت والضوء في الأهرام والقلعة والكرنك ومتحف مراكب الشمس.

الجوائز والأوسمة:

- الجائزة الأولى في مسابقة القوات المسلحة (1950).
- وسام الفنون والآداب الفرنسي (1968).
- وسام لوجيون دونير (جوقة الشرق) الفرنسي بدرجة كاموندور (1968).
- الميدالية الفضية لليونيسكو تتويجا لإنقاذ معبد أبي سمبل وآثار النوبة (1968).
- الميدالية الذهبية لليونيسكو لجهوده من أجل إنقاذ معابد فيلة وآثار النوبة (1968).
- جائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الاعلى للثقافة (1987).
- دكتوراه فخرية في العلوم الإنسانية من الجامعة الأمريكية في القاهرة (1995).
- جائزة مبارك في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة (2002).
- جائزة العويس للإنجاز الثقافي والعلمي (2005).

نشاطه العسكري

نشأ ثروت عكاشة في بيئة عسكرية، فقد كان والده ضابطا في الجيش، ثم مديرا لسلاح الحدود حتى تقاعده برتبة لواء، كما كان جده لوالدته أيضا ضابطا في الجيش وتقاعد برتبة أميرالاي.

تخرج في الكلية الحربية في 5 أبريل، والتحق عام 1945 بالدورة التاسعة في كلية أركان الحرب حيث توثقت صلاته بزميليه في الكلية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، ونمت بينهم صداقة حميمة.

شغل بعد تخرجه منصب ضابط المخابرات في القيادة العامة للقوات ا لمصرية في فلسطين، ثم عين في إدارة التدريب الحربي في رئاسة الأركان، وكان مسؤولا عن كل ما يخص تدريب سلاح الفرسان (المدرعات) في ذلك الوقت.

انضم في عام 1948 إلى جماعة ( الضباط الأحرار) وأسهم بدور مهم وتاريخي في ثورة 1952، فقد كان لسلاح الفرسان الدور الأساسي في نجاح الثورة.

وبعد أسابيع من نجاح حركة الضباط الأحرار، عرض عليه الزعيم الخالد جمال عبد الناصر أن ينضم عضوا إلى مجلس قيادة الثورة ممثلا لسلاح الفرسان، لكنه اعتذر لأسباب منها إيثاره لحسين الشافعي لعضوية مجلس قيادة الثورة، فهو يرى أن الشافعي أقدم منه رتبة وكان ممن شاركوا في الثورة مشاركة جادة وفعالة.

تولى في هذه الفترة، بالإضافة إلى مسؤولياته في سلاح الفرسان، وبعد إصدار من عبد الناصر، المجلة التي بدأت تصدرها القوات المسلحة باسمها وهي مجلة "التحرير" التي أراد لها أن تلتزم بالنهج الوطني المستقل، فلا تكون منبرا لليمين أو لليسار.

ونتيجة لخلافات داخل السلطة الجديدة، على السلطة من جهة، على توجه مجلة التحرير من جهة أخرى، صدر أمر بنقله إلى خارج مصر وعين ثروت عكاشة ملحقا عسكريا في سويسرا ثم في فرنسا من بعد، وخلال هذه السنوات التي قضاها ملحقا عسكريا (1953 - 1958) أثبت العقيد أركان حرب ثروت عكاشة إيمانه الراسخ بأهداف الثورة، وأن مجال العمل في خدمة هذه الأهداف أوسع من أن يحدد بمكان بعينه أو وظيفة بذاتها، فأدى واجبه بكفاءة عالية، وتمكن من توظيف علاقاته المتشعبة لتحقيق هذه الأهداف، وتنفيذ المهام التي أوكلت إليه بذكاء واقتدار. ولقد كان حصوله على خطة العدوان الثلاثي ضد مصر بجميع تفاصيلها ختاما رائعا للمرحلة العسكرية في حياته التي كرس كل وقته وجهده خلالها لخدمة وطنه.

لقد أدى الأمانة بكل شجاعة وإخلاص وتفان، وخدم بلاده وثورته بكل وفاء.

عكاشة وزير الثقافة

تكاد الآراء في مصر، كما في العالم العربي، تجمع على أن من بين القرارات المهمة التي اتخذها عبد الناصر أثناء حكمه، والتي مازالت مصر تجني ثمارها الطيبة حتى الآن، اختياره ثروت عكاشة وزيرا للثقافة.

كان ثروت عكاشة أول وزير للثقافة في مصر، تولى هذه المسؤولية لفترتين تعتبران من أهم فترات النهضة الثقافية، الفترة الأولى في عام 1958 إلى عام 1962، والثانية في عام 1966 حتى عام 1970، وفي أثناء هاتين الفترتين استطاع الوزير عكاشة أن يحدث تغييرا جذريا في المشهد الثقافي في مصر أدى إلى نهضة ثقافية حقيقية سواء على المستوى الفكري أو على مستوى البناء.

لقد كافح الوزير ثروت عكاشة من أجل توفير الشروط الأساسية لأي نهضة ثقافية في البلاد وضمان استمرارها.

لقد عمل أولا على أن تتمتع الثقافة بقدر كبير من الحرية التي من دونها لا تكون نهضة، ولا يكون إبداع.

وعمل ثانيا على نشر الثقافة بين فئات واسعة في الشعب وتحويلها من ثقافة نخبة إلى ثقافة جماهيرية.

وعمل ثالثا على تشييد البنية الأساسية للثقافة

لقد استطاع الأدباء في عهده أن ينشروا روائعهم، وأن يقدم أهل المسرح أعمالهم النقدية الجادة، بعد أن كان لهم خير حام وخير مدافع.

وفي زمن وزارته أقيمت ( قصور الثقافة ) ووصلت قوافلها إلى الريف المصري البعيد، وجرى تنفيذ مشروع دار الكتب الجديدة، وفي زمن الخير هذا بدأت نهضة واسعة في المسرح جمعت بين المسرح المصري والعربي والعالمي، فضلا عن مسرح العرائس.

وأنشئت فرقة الفنون الشعبية، السيرك القومي، والمعهد العالي للسينما، وأسست نقابة للمهن التمثيلية والسينمائية.

وفي مجال الآثار، كان مشروع الصوت والضوء في الأهرامات وقلعة صلاح الدين ومعبد الكرنك بالأقصر، والمشروع الضخم لإنقاذ 17 معبدا في النوبة، وغير ذلك الكثير من المشاريع ذات العلاقة بالآثار.

واقتضى التأسيس العلمي للثقافة إنشاء ( أكاديمية الفنون ) لتضم المعهد العالي للموسيقى. والمعهد العالي للفنون المسرحية والمعهد العالي للسينما.

وخلاصة القول إن طموح الوزير عكاشة أن يصل بالنهضة الثقافية إلى أبعد مدى، وألا يكتفي بالإنجازات الآنية والسريعة، أو الإنجازات المحدودة الأهمية والأثر.

موسوعة ( العين تسمع.. والأذن ترى )

يمتاز الدكتور ثروت عكاشة في كتاباته بحس لغوي مرهف، ونظرة عميقة تستبطن وحدة الفنون المرئية والمسموعة، وقد اتخذ من هذه الوحدة عنوانا جامعا لسلسلة من كتبه هو "العين تسمع والأذن ترى" فجاءت هذه السلسلة موسوعة للمعارف الفنية تغوص في تراث الأمم القديمة والحديثة، جامعة في ثناياها المتعة الفنية والفائدة العلمية.

تتعدد موضوعات الموسوعة وتتباعد، ولكنها مع ذلك تبقى نموذجا للتوافق بين التاريخ والفن والعلم، يبحث كل منها في مجال أشبه بالبحر في غناه وامتداده، ويطوف كل منها حول الجمال بصوره المختلفة.

يبدأ ثروت عكاشة موسوعته بالفن المصري القديم، تصويرا ونحتا وعمارة، باعتباره الحلقة الأولى في التاريخ الحضاري للبشرية القديمة.

ويخصص الحلقة الثانية من موسوعته للفن العراقي القديم، فالحضارة البابلية السومرية من أعرق الحضارات القديمة في هذه المنطقة، وهي تشارك الحضارة المصرية في صياغة الفجر الأول للحضارة الإنسانية.

ثم إنه حين ينتقل من العصور القديمة، بعد أن يتحدث عن الفن السكندري والفن القبطي، إلى العصور الإسلامية، لا يقتصر على العربية منها، بل يتناول الإسهامات المهمة للفرس والأتراك.

وكان من الطبيعي لفنان ومؤرخ ذي نظرة إنسانية شاملة، وهو يبحث في جذور الحضارة القديمة ألا ينسى الإغريق، فالمشاركة اليونانية القديمة في الفلسفة والشعر والمسرح كان لها وجهها التشكيلي الشامخ في التصوير والنحت.

ثم يصل بنا إلى عصر النهضة الحافل بالمتغيرات، والمتمثل للحضارات السابقة عليه، ليعود بنا ويخصص للفن الروماني والبيزنطي والتصوير الإسلامي في الهند مجلدات مستقلة مفصلا فيها خصوصياتها الحضارية.

وقبل أن يشرف على نهاية موسوعته المتسامية يقدم لنا دراسة عن "الزمن ونسيج النغم من نشيد أبوللو إلى تورانجاليلا" و"القيم الجمالية في العمارة الإسلامية" و"الإغريق بين الأسطورة والإبداع". ثم يختتم الموسوعة بدراسة تعبر عن ذائقته الفنية فيكتب عن مايكل أنجلو ويحقق "فن الواسطي من خلال مقامات الحريري" كما يحقق "معراج نامة" الأثر الإسلامي الفريد الذي صور الرسول والملائكة والأنبياء وأحداث الإسراء والمعراج ومشاهد من الجنة والنار بمنمنمات ملونة غاية فى الروعة.

وهكذا يقدم لنا د. ثروت عكاشة موسوعة في العربية متخصصة في تاريخ الفنون توحد بين أجزائها رؤية الفنان الفيلسوف وإيمانه بتلاقي الحضارات وبالحوار فيما بينها.

في مجال الترجمة

للدكتور عكاشة إسهامات كبيرة في مجال الترجمة إلى اللغة العربية، فقد ترجم أكثر من تسعة عشر عملا في موضوعات فنية وأدبية وتاريخية متنوعة لعل أهمها ترجمته لأعمال جبران خليل جبران التي عرف بها عند القراء في الغرب وهي: النبي، حديقة النبي، يسوع ابن الإنسان، رمل وزبد، وأرباب الأرض.

وأن يتصدى إنسان لكاتب مثل جبران، متميز في فكره ونزعته الروحية وأسلوبه الرومانسي، وينتمي إلى مرحلة كان لها سماتها الخاصة، ويترجم له أهم أعماله، فإنها مهمة شاقة وعبء ثقيل ليس من السهل النهوض به إن لم تتوافر الإرادة القوية، والأدوات المعرفية من تعمق في اللغة وفي أساليب الترجمة وفنونها، والذائقة الفنية العالية.

ولقد نهض الدكتور ثروت عكاشة بهذا العبء على خير وجه، مانحا قلمه المرونة اللازمة ليدرك بلاغة النص المترجم ويوائم بين لغته واللغة العربية، من دون أن يعبث بأسلوب النص القديم وروح العصر الذي ينتمي إليه، فوازن بين المرونة والأمانة، وقدم لنا هذا التراث الجميل الذي سبق أن قدمه بأسلوب مختلف أدباء كبار مثل الشاعر والمفكر ميخانيل نعيمة.

وتمتاز ترجمة الدكتور ثروت، مع التصرف اليسير الذي قام به برقة التعبير، وشعرية الأسلوب، وحسن اختيار المفردات لتماثل طبيعة النص الإنجليزي عند جبران، مما يبعد عن القارئ الإحساس بأنه أمام نص مترجم أو منقول من لغة إلى لغة.



وهذا رابط الخبر الأخير ويحوى روائع ولوحات معراج نامة خلف مكتب العملاق د. ثروت عكاشة وصورا عديدة للعملاق .

http://www.mawaly.com/news/article/26805.html




****



ثروت عكاشة .. فن تحويل الثقافة إلى ثقافة الشعب والجمهور


داليا جمال طاهر شموس : 27 - 01 - 2012

عز الدين نجيب: أسس البنية التحتية للثقافة المصرية التى نعيش عليها حتى الآن


أسامة عفيفى: ظاهرة ثقافية من الصعب تكرارها




جاءت احتفالية الدكتور ثروت عكاشة شديدة الثراء ورغم أنه أصبح غير قادر فعليا على الحضور إلا أنه كان حاضرا بما قدمه للثقافة المصرية.. كان حاضرا على لسان محبيه الفنان التشكيلى عز الدين نجيب والكاتب الصحفى أسامة عفيفى.. اللذان شاركا فى الندوة.


بدأ الفنان التشكيلى عز الدين نجيب كلمته بأن اعتذر عن عدم حضور الفنان الكبير الدكتور ثروت عكاشة نظراً لكبر سنه.


وقال: يعتبر د. ثروت عكاشة من قادة التنوير فى مصر فى العصر الحديث وأحد واضعى أساس النهضة فى القرن العشرين بل ويزيد عنهم فى أنه صاحب مشروع خاص به تولى قيادته والإشراف عليه عندما كان وزير الثقافة من 1958 إلى 1961 ثم ترك الوزارة وعاد إليها عام 1966 ليخرج للمرة الثانية 1968 إلى مجمل السنوات التى شغل فيها منصب وزير الثقافة ست سنوات فى حياة المصريين لازالت قائمة حتى الآن على الرغم من مرور نصف قرن ولعل البعض يتساءل ما هو المشروع الثقافى.


وأضاف: مشروعه هو حق الجماهير فى الثقافة بعد أن كانت تحتكرها العاصمة والنخبة المثقفة فباستثناء القاهرة والإسكندرية لم يكن هناك معاهد أو مراكز أو قصور ثقافية فى مختلف المدن والمحافظات وكان الدكتور ثروت عكاشة لديه فلسفة أن تنتقل الثقافة من العاصمة إلى باقى المدن الأخرى.


لقد أخذ على عاتقه – الكلام لعز الدين نجيب - بناء البنية التحتية للعمل الثقافى ومنها قصور الثقافة التى لم يخل منها إقليم من أقاليم مصر وشارك فى بناءها أعظم المعماريين المصريين وكان يرى أن قصر الثقافة يأخذ شكل القصر بكل ما فيه من أبهة، ولكن أبهة العلم والمعرفة فالدكتور ثروت عكاشة كان من الضباط الأحرار فى ثورة 23 يوليو وكان عزوفا عن المناصب واختار العمل بالثقافة لأنها الأقرب إلى نفسه.


لقد زار عدد كبير من الدول الأرستقراطية والإقطاعية التى حولت قصور الإقطاعيين إلى قصور ثقافية يستفيد منها الشعب ففعل ذلك كما بنى حوالى عشرة قصور ما بين الوجه البحرى والقبلى وهى تمثل الرئة الثقافية فى هذه الأماكن.


ويستكمل الفنان عز الدين نجيب قائلا: لقد قاد حملة بناء المتاحف القومية ومنها متحف الفن الحديث والمتحف الرومانى وتجديد المتحف المصرى فالدكتور ثروت عكاشة آمن بدور التطور المجتمعى عن طريق البحث عن أصالته وحضارته... فكان مهتما بكل ما هو جديد فى الفن وكان مشهوراً ببناء المؤسسات الثقافية التعليمية كأكاديمية الفنون بالجيزة «البالية - سينما - مسرح - تمثيل - فنون شعبية» وكان لديه مشروع راقى جداً ولكن الظروف لم تسمح بإنشائه وهو مدينة الفنون بالهرم ومساحتها حوالى 16 فدان وكانت مخصصة لبناء مدينة الفنون متكاملة بما فيها الحرف والفنون الشعبية ومازالت أكاديمية الفنون تضخ كل عام متخصصين فى جميع مجالات الفنون.


ومن مشاريعه الضخمة كما يشير عز الدين نجيب إحيائه للتراث المصرى القديم وكلنا نذكر حملته العالمية لإنقاذ معبد فيلة فى أسوان ونقله إلى أبو سمبل لأن بحيرة ناصر وبناء السد كانت ستغرق جميع آثار رمسيس الثانى وهو العمل الذى يعد إعجازا معماريا خاصة أن معبد أبو سمبل محفور داخل الجبل.. ولو نظرنا الآن لما حادث وما أنجز لوجدناه إعجازا فكيف يتم تفكيك المعبد قطعة قطعة ثم تركيبه مرة أخرى وبناء جبل صناعى بما فى ذلك قدس الأقداس وهو آخر جزء فى المعبد والذى فيه تمثال رمسيس الثانى حيث تسقط عليه الشمس فى 22 فبراير و22 أكتوبر يومى عيد ميلاده وعيد تتويجه على العرش وفى هذين اليومين تخترق الشمس جدار المعبد تدخل إلى قدس الأقداس وهى معجزة معمارية أيضا بكل المقاييس استطاع العلماء المصريين أن يتوصلوا إليها وفعلوها كما صنعها أجدادنا الفراعنة قديماً.


وهذه المعجزة صنعها د. ثروت عكاشة فى حملة دولية بالتعاون مع منظمة اليونسكو وتم التبرع من جميع أنحاء العالم لإنقاذ معبد أبو سمبل وهى نظرة بعيدة للدكتور ثروت عكاشة تخاطب الخلود وتؤمن بالعبقرية المصرية القديمة.


ومن بين ما قدمه ثروت عكاشة – الكلام لا يزال على لسان عز الدين نجيب - تأسيس مبان للحرف التقليدية كمبنى الغورى وقصر المانسترلى وبيت السنارى فى السيدة زينب وهذه القصور التاريخية كانت خالية على عروشها فحولها د. ثروت عكاشة إلى ورش فنية تستلهم الفن التقليدى فى جمع بين شيوخ الصنعة وبين الفنانين التشكيليين المعاصرين ولازالت بعض هذه المبانى تقوم بدورها التاريخى والحضارى والباقى طالته يد الإهمال.


اهتم أيضاً د. ثروت عكاشة ببناء الفرق الفنية كالموسيقيين والشعبيين والكونسرفتوار والباليه و يجب أن نعرف أن فرق الكونسترفتوار لم تشهدها القاهرة من قبل إلا على يد د. ثروت عكاشة فكانت أغلب عروضه فى الإسكندرية باعتبارها ذات ثقافة متوسطية كذلك المسرح القومى ومؤسسات السينما والمسرح والفنون الشعبية باعتبار أن الدولة هى الراعى والممول لهذا النشاط وفوق هذا وذاك يحسب للدكتور ثروت عكاشة اهتمامه وتبنيه لشباب المبدعين وقد كنت واحد منهم فكنت مديرا لقصر ثقافة وعمرى 26 عاماً وهذا ما لم يحدث إلا فى عهده فأين هذا الإيمان بالشباب اليوم!!.


لقد كان الدكتور ثروت عكاشة صاحب فكرة تفرغ المبدع لكى يعكف على أعماله ولا يشتت نفسه فى الجهة التى يعمل بها وبين فنه فضلاً عن أنه مؤسس مشروع صندوق الرعاية للفنانين والأدباء وهو يختص بحالات المرض والعجز والوفاة وهو ضمانة مالية تحفظ للمبدع كرامته، وهو واجب أصيل للدولة.


ويضرب عز مثالا على ذلك بقوله: منذ أسابيع قليلة توفى الناقد الأدبى عبد الرحمن أبو عوف ولم يجد أصدقائه قبر يواريه سوى مقابر الصدقة لكى نعرف فى أى عصر نعيش ويعيش الإبداع.


أما عن حرية الرأى فيؤكد عز الدين نجيب أن د. ثروت عكاشة قد تبنى فكرة الحرية والإبداع فلم يدخل فنان السجن رأيه وهو ما يحسب له وقد كان الكاتب اليسارى الكبير محمود أمين العالم رئيساً لهيئة الكتاب وكذلك ألفريد فرج رئيساً لهيئة المسرح بجوار كتيبة من المبدعين فى مواضع السلطة سواء كانت تتفق مع النظام أم لا، فأين لنا الآن بهذا الفكر المستنير الذى لا يفرق بين يمينى ويسارى بين مسلم ومسيحى بين رجل وامرأة.


أما عن الجانب الفكرى للدكتور ثروت عكاشة فيقول الناقد التشكيلى عز الدين نجيب: لقد اعتمد د. ثروت عكاشة على تأسيس ثقافة موسوعية للفنون تقوم على قاعدة معرفية عريضة بتاريخها وأصولها كالسينما والفن التشكيلى وكل جزء اختص بحقبة تاريخية أو فن من الفنون وكان أول جزأين للفن المصرى القديم والمنهج الذى عمل به هو التحليل المنهجى بلغة علمية رصينة ذات جماليات فأسلوبه يكاد يقترب إلى عالم الأدب مع حفاظه على جميع المعايير العلمية التى يتطلبها البحث الفنى الذى يقوم به والوصول إلى المراجع الكبرى ولا أجد مؤلف فى مصر قام بما قام به د. ثروت عكاشة من زيارة المتاحف فى معظم دول العالم.


ويشير عز هنا إلى مسئولية الدولة فى نشر أعمال ثروت عكاشة قائلا: السلسلة التى أصدرها د. ثروت عكاشة هى مجموعة من الأجزاء تتكون من 15 جزء أصدرت هيئة الكتاب ثلاثة أجزاء فقط ولا يزيد ثمن الجزء عن عشرون جنيهاً أما باقى الأجزاء التى تم نشرها من دور النشر خاصة فيتجاوز سعر الجزء الواحد مائة جنيهاً، وإذا تم شراء المجموعة كاملة فتتجاوز الألفين جنيه أى أن الثقافة أصبحت للأثرياء فقط وهنا يجب أن يظهر دور الدولة فى الثقافة.


أما الكاتب أسامة عفيفى فيرى أن د. ثروت عكاشة ظاهرة ثقافية بنت جيلها فلقد ولد عام 1921 وعاش شاباً فى الثلاثينات من القرن الماضى حيث كانت مصر تموج بجميع التيارات الثقافية والنهضة وقضايا المعرفة وقضايا الاستقلال الوطنى.. كان طه حسين قد كتب كتابه فى الشعر الجاهلى وحسين هيكل رواية زينب والفنان الرائد محمود مختار عمل تمثال نهضة مصر حتى أن ثروت عكاشة قال فى مذكراته أنه كان يقرأ فى مجلتى كل ما يصدر من أدب عالمى فى ذلك الوقت فتشكل وعى د. ثروت عكاشة فى هذا الجو المشبع بحب المعرفة المتطلع للنهضة كما قال أنه كان عندما يأتى إليه الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر إلى البيت يستمعون إلى الموسيقى الكلاسيكية العالمية كما أنه يقول أنه نشأ فوجد تيارات ثقافية عديدة فأخذ من هذه المذاهب ما توافق معه بل وآمن أن الدولة لابد أن تكون دولة راعية لهذه الفنون، وله كتاب مجهول عن البطولة عند جنكيز خان وطبعه عام 1951 على نفقته الخاصة.


وحول الجانب الأكاديمى قال أسامة عفيفى: د. ثروت عكاشة على المستوى العسكرى درس الدراسات العليا فى فنون العسكرية ولكنه فى ذلك الوقت درس فى كلية الآداب قسم الترجمة والإعلام وكان زميله فى الدراسة قبل الثورة يوسف السباعى وهى معلومات لابد أن يعرفها شباب اليوم حتى يعرف أنه كان يجتهد قبل الثورة فأصبح مثقفا كبيرا.. ولم يصل لما وصل إليه بنفوذ الثورة بل بمجهوده الشخصى فقد كان يكتب المقالات فى جريدة المصرى فى الأدب والفنون منذ عام 1949 لأنه كان فى الجيش وممنوع من الكتابة فى مجال آخر وجريدة المصرى كان يكتب فيها كبار الكتاب فى ذلك الوقت كتوفيق الحكيم وغيره.


وأضاف: عندما طلب منه الرئيس عبد الناصر أن يتولى رئاسة تحرير مجلة التحرير 1952 حتى 1953 جعل كل من يكتب فيها من التيار اليسارى القادر على نشر الثقافة بغض النظر عن انتمائه الأيديولوجى كذلك عمله كملحق عسكرى فى عدد كبير من الدول فبدأ يرتاد المسارح والمتاحف فى تلك الدول وكانت محاضرات الكوميدى فرانسيس والتى تضم كبار مثقفى العالم وتطبع فى نهاية العام فى كتاب يضم محاضرات هؤلاء الفلاسفة والشعراء ومحاضراتها للجمهور.. فى تلك الأثناء تعرف على عالم فى علم الجمال وهو عالم فرنسى فى فترة الخمسينيات وهو رينيه ويج - رائد فن الجمال فى أوروبا - الذى قدم نظرية توافقية بين أصالة الفن وتحديثه وهى نفس نظرية د. ثروت عكاشة فهو أستاذه الأول فى علم الجمال بل وصل به الأمر أن أصبح صديقه وأثر فى تكوينه ووعيه الجمالى وأهداه أسلوب الفن التحليلى التوصيفى بنقد موضوعى.


هناك أيضاً «رينيه ماهيه» وكان أحد الفلاسفة الفرنسيين الذين آمن بمحو الأمية الثقافية وقدر له أن يتولى منظمة اليونسكو وهو الذى انشأ فى مدينة سرس الليان المصرية مركز محو الأمية وهناك تمثال للفنان أحمد عثمان يتصدر هذا المركز عبارة عن فلاحتان مصريتان.


كذلك آمن «رينيه ماهيه» بثقافة المواطن العادى وحقه فى المعرفة ولقد تأثر به د. ثرت عكاشة وعن طريقه رينيه نجح عكاشة فى أن يأتى بالدعم من اليونسكو لإنقاذ آثار النوبة.


أيضاً «أندريه مالرو» هذا الشاعر الفرنسى اليسارى والذى أصبح وزير الثقافة الفرنسى والذى تأثر به د. ثروت عكاشة وحدثت اتفاقيات بينهما منها مستنسخات اللوفر هنا فى القاهرة كما دعاه عكاشة إلى إلقاء محاضرات فى مصر ومعه العديد من المفكرين الفرنسيين مثل المفكر الكبير الفرنسى «سارتر» و«سيمون بوليفار».


كذلك ربطت عكاشة علاقة قوية بأراجون، هذا الشاعر السيريالى المتمرد الذى كان ضد الذاتية المفردة وضد انسحاق ذات الفنان فى الواقعية الاشتراكية وكان توافقى ذا تجربة خاصة وهذا ما قام به د. ثروت عكاشة بنظرة توافقية فيها ليبرالية تحترم جميع التيارات والرؤى.


د. ثروت عكاشة عندما تولى منصب وزارة الثقافة لأول مرة أسس البنية التحتية للثقافة المصرية وعمل أكاديمية كاملة للفنون وأتى بأبو بكر خيرت الذى صمم العمارة الموسيقية.. وأنشأ قاعات الاستماع الموسيقى وبنى أوبرا مصرية فقد كان يرى د. ثروت عكاشة أن مبنى الأوبرا القديمة هو مبنى سقيم على الطراز الإيطالى ومعرض للحريق فى أى وقت وما لا يعرفه أحد أنه وضع حجر الأساس لبناء أوبرا مصرية فى حديقة الحرية أمام مبنى الأوبرا الحالية عام 1957.


وأوكل تصميم هذا الأوبرا للموسيقى الدكتور أبو بكر خيرت كما دعم المكتبة الموسيقية لدار الأوبرا المصرية والذى كان اشتراكها الشهرى عشرة قروش وأتى بكبائن استماع من أوروبا، وهذه المكتبة نقلت إلى دار الكتب فى مخزن!! آلاف من الأسطوانات المهمة العالمية موجودة فى مخزن وكأن أى مواطن يستطيع أن يسمع الموسيقى العالمية بعشرة قروش فى عهد د. ثروت عكاشة والذى رحل عن الوزارة فتم إغلاقها فى عهد عبد القادر حاتم ثم أغلقت كما رويت.


ويروى أسامة عفيفى واقعة مهمة وهى أن الرئيس جمال عبد الناصر عندما كلف د. ثروت عكاشة بالوزارة مرة ثانية كان نائباً لرئيس الوزراء ورئيساً للثقافة ومن الحكايات الطريفة التى رواها د. ثروت عكاشة فى هذا التكليف أن عبد الناصر أعطاه ملف يحتوى على مقالات للدكتور لويس عوض بعنوان «ثقافتنا بين الكم والكيف» لكى يقرأها قبل أن يضع خطته لتطوير الثقافة.


وكان أول ما قام به د. ثروت عكاشة أن طبع هذه المقالات فى كتاب صدر عن الهيئة العامة للكتاب فى هذا الوقت.


وأخيراً الدكتور ثروت عكاشة ظاهرة ثقافية متفردة له مكان خاصة فى تاريخ مصر، ويمكن بعد ثورة 25 يناير أن يتحقق حلمه من جديد وتتحول الثقافة إلى ثقافة الشعب والجمهور وعن سؤاله حول غياب شقيق د. ثروت عكاشة الدكتور أحمد عكاشة أجاب الفنان التشكيلى عز الدين نجيب أن د. أحمد عكاشة كان سيحزن من العدد القليل الذى حضر تكريم شقيقه فى المعرض وهو قريب من شقيقه ومن الثقافة.


وحول سؤال آخر عن الفرق بين ثروت عكاشة وبين فاروق حسنى أجاب عز الدين نجيب فى كلمة واحدة الفرق بين فاروق حسنى وثروت عكاشة هى: الفرق بين المهرجانية والتأسيسية الثقافية.



#ديانا_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثروت عكاشة ، رحلتَ أيها العملاق وبقي أعداؤك أعداء مصر الأقزا ...
- لا لاعتدال الإخوان المزعوم .. وثقرطة الجمهوريات العربية
- خواطر من مفكرتى 8 : مأساة بلادى أكبر من عنوان
- عندما يتحول المسلم إلى بلطجى يفرض حدوده السادية حتى على المس ...
- اضحكوا وأطلقوا النكات وارسموا الكاريكاتير فإنها تغيظ الإخوان ...
- الرد الداوي على ليبرالية حمزاوي
- الدعوات لإسقاط المجلس العسكرى وتسليم السلطة للمدنيين (الإخوا ...
- العلمانية تطلق لحيتها وتنبطح وتعتنق الإخوانية والسلفية وتؤيد ...
- الإخوان والسلفيون مُدَعُو النبوة والألوهية أحفاد مسيلمة الكذ ...
- فيلم موت أميرة .. فيلم منسى ومعتم عليه وخطير يفضح آل سعود وا ...
- التعصب الرياضى يؤتى ثماره فى مصر أخيرا .. من قطع العلاقات مع ...
- المكارثية الإسلامية الإخوانوسلفية تطارد الفنان عادل إمام .. ...
- لا للوصاية الاخوانية السلفية على الحوار المتمدن وعلى الإسلام ...
- برلمان مصر 2012 السيرك الإسلامى الظلامى الكبير .. اللص الإخو ...
- دعاء على الإخوان والسلفيين .. ورسالتى للمتواكلين .. وسيندم م ...
- نرفض حجب المواقع الإباحية .. ونرفض الليبرالية الحمزاوية المن ...
- مناشدة للفنان كاظم الساهر وغيره من المطربين العرب من أجل أن ...
- خواطر من مفكرتى 7 : العلمانية والأديان الإبراهيمية - وخواطر ...
- مبارك حليف الإخوان والسلفيين
- قل موتوا أيها الإخوان والسلفيون بغيظكم .. فالقرآن ليس حكرا ع ...


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ديانا أحمد - العملاق ثروت عكاشة كمان وكمان .. جوهرة فريدة ثمينة فقدتها مصر كجواهر كثيرة دون اهتمام وتقدير لائق