أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر نواف المسعودي - دراسة - المخاوف من حكم الإسلاميين و فشل التجربة او نجاحها















المزيد.....



دراسة - المخاوف من حكم الإسلاميين و فشل التجربة او نجاحها


حيدر نواف المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 3652 - 2012 / 2 / 28 - 12:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دراسة
المخاوف من حكم الإسلاميين و فشل التجربة او نجاحها
حيدر نواف المسعودي
الحلقة (1)
مرت في 14 يناير 2012 الذكرى الأولى لانتصار الثورة التونسية ، وفي 25 من نفس الشهر مرت ذكرى انتصار الثورة المصرية ، وستتبعها ذكرى انتصار الثورات الليبية واليمنية ، وما ستؤول إليه الثورة السورية .
لقد كانت إحدى الأوراق التي لجا اليها الحكام الديكتاتوريين في الدول العربية التي شهدت ولا زالت تشهد ثورات شعبية عارمة ، من اجل تبرير وشرعنة قمع واضطهاد وذبح هذه الثورات بكل وحشية ودموية ، وكمحاولات بائسة عقيمة ومكشوفة لاستمالة الرأي العام المحلي او العالمي او لمحاولة إثارة مخاوف وقلق العالم من هذه الثورات ونتائجها أن جميع هذه الثورات هي ثورات أشعلها ويقودها ويخطط لها إسلاميون متطرفون وإرهابيون ساعين لنشر الفوضى والإرهاب وقلب أنظمة الحكم والاستيلاء على السلطة ، ولم يتورع هؤلاء الحكام من ارتكاب أبشع وأكثر الجرائم وحشية ودموية ولا أخلاقية ولا إنسانية ونسبها الى هذه الثورات وهؤلاء الثوار وإلصاقها بهم وعرضها أمام العالم اجمع ، والادعاء أن من قام بها هم إرهابيين مجرمين يقومون ويحركون ويقودون هذه الثورات ، وقد تبين فيما بعد بطلان وزيف وكذب هذه الادعاءات والجرائم .
ولست أنكر أن بعض هذه الثورات تسلل اليها إسلاميين متطرفين نتيجة طول فتراتها ، وحاولوا استثمار هذه الثورات لتحقيق بعض المكاسب السياسية او على ارض الواقع لكنهم فشلوا بسبب رفض هذه الشعوب لهم والتخوف الشديد من تمكنهم من السلطة والحكم وبالتالي يصبحوا نموذجا مرعبا آخر على شاكلة حكم طالبان في أفغانستان ، لذلك واجهتهم الشعوب بالرفض والتصدي .
وبرغم كل ذلك التشويه والتزييف والتزوير في الحقائق فقد ألت إحدى أهم واسبق الثورات العربية في كل من تونس ومصر ، اللتان شهدتا استقرار سياسيا نسبيا ، تمثل بانتخابات ديمقراطية اتسمت وبشهادة الكثيرين بنزاهة وشفافية عاليتين لم تشهد مثلهما الانتخابات الصورية التي كانت تقام في هذين البلدين في ظل حكم الأنظمة الديكتاتورية الساقطة ، هذه الانتخابات التي بينت حقيقة الواقع الجماهيري لقوى سياسية حاولت الأنظمة الساقطة ولعقود طويلة تزييفه وتزويره وطمسه ، كما وبينت حجم ما كان يمارس من قمع وإرهاب وتقييد وتكبيل للحريات والديمقراطية ، ومن تزوير لحقيقة واقع قوى وأحزاب السلطة التي كانت تسرق وتزور إرادة الناخبين واختياراتهم وإرادتهم عن طريق سرقة صناديق الانتخابات وأصوات الناخبين .
لقد شهدت كل من تونس ومصر صعود كبير وساحق للقوى الإسلامية ، برغم ما كان يمارس من قمع واضطهاد كبيرين ضد هذه القوى ، ومن محاولة لتحجيم هذه القوى وعزلها جماهيريا ولقضاء عليها ، وتهميشها وتغييبها وإقصائها ، ومن محاولات من قبل تلك الأنظمة لتشويه حقيقة هذه القوى وإلصاق شتى التهم والعيوب والجرائم بها ، وتصويرها بأنها قوى إرهابية وإجرامية ، ولانعلم حقيقة كيف تسنى لهذه القوى الإرهابية والإجرامية تحقيق هذه النتائج الانتخابية الساحقة .
ـ ففي تونس حققت حركة النهضة والتي لم يتم الاعتراف بها ولم يتم الاعتراف به كحزب سياسي في تونس إلا في 1 مارس 2011 من قبل حكومة محمد الغنوشي المؤقتة بعد مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي البلاد اثر الثورة التونسية في 17 ديسمبر 2010 ( و حركة النهضة – حركة الاتجاه الإسلامي سابقا- هي الحركة التاريخية التي تمثل التيار الإسلامي في تونس
وأسست الحركة عام 1972 وأعلنت رسميا عن نفسها في 6 يناير 1981
الحركة لم تعلن نفسها في بيانها التأسيسي أنها مرتبطة بالإخوان ولم تنف ذلك أيضا ، لكن بعض المصادر تقول أن الحركة قامت على منهج وفكر الإخوان المسلمين، لكن الصحفي صلاح الدين الجورشي يذكر أن رئيس الحركة راشد الغنوشي يعتبر حركة الإخوان حليف ولكنها ليست مرجعية، كما تصنفها مصادر على إنها إخوان تونس ، كما أن رئيس الحركة ومؤسسها راشد الغنوشي هو عضو مكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين .
لقد حققت حركة النهضة في تونس نتائج ساحقة في الانتخابات التي جرت في 23 أكتوبر 2011 وبلغت نسبة مشاركة التونسيين فيها 90% ، و حصلت حركة النهضة فيها على 30 % من أصوات الناخبين ، لتحصل على 90 مقعدا من مقاعد المجلس التأسيسي البالغ عددها 217 مقعدا والذي سيشكل المؤسسات الديمقراطية الجديدة في تونس .
ـ إما في مصر فقد حقق كل من (حزب الحرية والعدالة ) الجناح السياسي للإخوان المسلمين في مصر، وهو حزب شكله الإخوان في العام 2011 ، وجاء في إجازة الحزب : ( وافقت لجنة الأحزاب السياسية في يوم 16/10/2011، على تأسيس حزب العدالة والتنمية المصري، بعد استيفائه سائر الأوضاع الشكلية والموضوعية التي حددها القانون. في ضوء الإخطار المقدم من كلا من أ.عمرو عبد العزيز سماحة، أ.محمد عبد العزيز، أ. سيد سعيد عبد الستار، بصفتهم وكلاء عن مؤسسي الحزب، على أن يتمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية وحقه في مباشرة عمله السياسي اعتبارا من يوم 17/10/2011، وهو اليوم التالي لصدور قرار لجنه شئون الأحزاب.
وحزب ( النور ) السلفي الذي جاء في تعريفه : (حزب سياسي مصري، سلفي المرجعية تأسس عقب ثورة 25 يناير ، الحزب ذو مرجعية إسلامية ويتبع المنهج السلفي ويعد أول حزب سلفي يتقدم بأوراقه ويتم قبوله ضمن الأحزاب التي قدمتها الدعوة السلفية ، يهدف الحزب للدفاع عن تطبيق الشريعة الإسلامية والوصول إلى غايته بطريقة سلمية علمية خاضعة لأحكام الشرع والدين. ويؤكد الحزب الالتزام الكامل بالنظام العام، والآداب العامة للدولة واحترام شرعيتها وعدم الخروج على مبادئها، وأن مؤسسي الحزب غير طامعين في غرض آخر غير تحكيم المسلمين الى دينهم .
لقد حصل حزب الحرية والعدالة ( الإخوان المسلمين ) حزب الحرية والعدالة علي127 مقعدا بعدد أصوات10138 مليون صوت, يضاف إليها108 مقعدا فرديا وبنسبة 47,2% من مقاعد مجلس الشعب ، إما حزب النور السلفي فقد حصل على 96مقعدا بـ7,5 مليون صوت وبنسبة 24% من مقاعد المجلس .
هذه النتائج التي حققها الإسلاميون في كل من تونس ومصر في أول انتخابات بعد سقوط نظامي الحكم في هذين البلدين ، انتخابات اعتبرها الجميع بأنها الأكثر نزاهة وشفافية ومصداقية ، وبرغم عقود طويلة من الحظر والمنع والقمع لهذه الأحزاب.
وبالرغم من ذلك فانه لا يمكن الجزم مطلقا بنجاح شكل الحكم الإسلامي في البلدان العربية لسبب مهم جدا ( هو أن المجتمعات العربية تضم من ضمن ماتضم في مكوناتها أعراق وديانات وطوائف متعددة ومختلفة ، وكذلك هناك ثقافات وقيم وأعراف مختلفة ، يضاف اليها تنوع فكري وعقائدي كبير وأيديولوجيات متنوعة ، وهناك انفتاح حضاري وثقافي وفكري واسع على مختلف الشعوب والأمم والثقافات والحضارات بواسطة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والفضاء المفتوح الذي جعل العالم كله قرية كونية مصغرة كما يعبر عنه ، فإذا ما أراد الإسلاميين فرض حكمهم على أساس دولة تقوم على الشريعة الإسلامية وحدها والحد من الحقوق والحريات العامة وكبت الرأي والتعبير والفكر وعزل شعوبهم عن الأمم والعالم والحضارات الأخرى فلابد أنهم سيفشلون حتما .
وهنا لابد من الوقوف وراء بعض الأسباب الحقيقية التي أدت الى نجاح الإسلاميين في هذه الدول ووصولهم الى الحكم ونيل أصوات وثقة الجماهير الكاسحة ، وهذه الأسباب يمكن تلخيصها بما يلي :
1.معاداة الأنظمة والقوى السياسية الحاكمة وطيلة عقود للقوى الإسلامية وقمعها واضطهادها وإقصائها عن الحياة السياسية والعامة وتغييبها في السجون والمعتقلات ، ما أدى الى تعاطف الجماهير الواسع مع هذه القوى ومظلوميتها .
2.حاجة الجماهير الى تجربة قوى وأنظمة سياسية جديدة ، بعد حقبة طويلة من حكم الأنظمة القمعية والاستبدادية والفاسدة ، ولاسيما أن معظم هذه الأنظمة والقوى التي حكمت البلدان العربية كانت في اغلبها أنظمة تدعي وتحمل الفكر القومي وتعادي الدين وكرست الفقر والاضطهاد والقمع وجلبت الحروب والويلات على شعوبها وبلدانها .
3.حاجة الشعوب والبلدان العربية الى قوى سياسية قريبة اليها ومن معاناتها وتحمل حلولا ومعالجات حقيقية وواقعية لازماتها ومشاكلها ومعاناتها وفي مقدمتها ازماتها الاقتصادية والمعيشية والمالية وأزمات الفقر وإقامة العدالة والإنصاف واحترام الحقوق والحريات ، غير تلك النظريات التي طرحت ولازالت مطروحة منذ عقود طويلة ، ولم تجدي او تأتي بحلول او نفع من نظريات وتجارب رأسمالية او اشتراكية وبعض أصحاب هذه النظريات قد حكموا فعلا ، والقوى الإسلامية طرحت نظريات ورؤى تستند الى الإسلام لوضع الحلول والمعالجات لكل هذه الأزمات والواقع المتردي .
من هنا كان اختيار وانتخاب التونسيين والمصريين للإسلاميين من اجل إيصالهم للحكم والسلطة أملا في أن يكونوا هم ذلك الخلاص او الأمل المفقود الذي كانوا يبحثون عنه ويترقبونه طويلا لإخراجهم من كل ماهم فيه من معاناة ومأساة وأزمات نتيجة حكم الديكتاتوريات القاسي والمرير الطويل .
الحلقة (2)
إما مدى مصداقية او قدرة الإسلاميين على تغيير وإصلاح الواقع الذي يحكمونه ، او أن يكونوا الحلم والأمل الذي تتطلع إليه شعوبهم ، فهذا متوقف على الغاية التي يريد الوصول اليها الإسلاميين من الحكم والوسائل التي يستخدمونها في تحقيق غاياتهم وأهدافهم التي أعلنوا عنها بعيد فوزهم ووصولهم الى الحكم ، فقد أكد احد قيادات حركة النهضة في تونس بعد فوزهم في الانتخابات التشريعية وهو نور الدين البحيري : ( نحن مع إعادة بناء مؤسسات دستورية قائمة على احترام القانون واحترام استقلالية القضاء ومجال الأحوال الشخصية واحترام حقوق المرأة بل وتدعيمها على قاعدة المساواة بين التونسيين، بصرف النظر عن المعتقد والجنس والجهة” التي ينتمون إليها , وأضاف “نحن ملتزمون باحترام كل تعهدات الدولة التونسية والأمن والسلم العالميين والأمن في منطقة البحر الأبيض المتوسط).
أما محمد سعد الكتاتنى، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة ورئيس مجلس الشعب فقد قال : ( أن عهد الإقصاء انتهى وكل الأحزاب الممثلة في البرلمان لابد وأن يكون لها نصيب في إدارة البرلمان، وأنه في الفترة المقبلة ستكون ممثلة لكل التيارات الحزبية الموجودة في البرلمان لا يستأثر أي حزب ولا أي فصيل بإدارة غيره في البرلمان ، وأضاف : أن البرلمان سيتوافق في أولى جلساته على حقوق الشهداء والمصابين، وكذلك الفقراء الذين أنهكهم النظام السابق لهم الأولوية على أجندة هذا البرلمان ، وقال أيضا : أن مصر لابد أن تنهض وتكون في المكانة اللائقة بها على مستوى العالم، مشيرا إلى أن مصر دولة عظيمة لها مكانة رائدة بين الدول، فسنسعى لأن تتبوأ مكانتها الرائدة بين الدول) ، وكان حزب الحرية والعدالة قد قبل اعتذار الكتاتني عن شغل منصب الأمين العام للحزب في حالة انتخابه رئيسا لمجلس الشعب ، وجاء في بيان للحزب أن قبول استقالة الكتاتني هو: "لإعلاء مبدأ الديمقراطية وترسيخ قواعد المشاركة السياسية والبرلمانية الصحيحة".
قد تبدو هذه التصريحات والأقوال بوادر بدايات جيدة ومطمئنة، ولكن حقيقة ومصداقية هذه الأقوال والنوايا ستبقى رهن المستقبل والأفعال والمناهج والسياسات التي ستتبعها هذه القوى خلال سنوات حكمها.
وهناك ثلاثة تجارب لحكم الإسلاميين كل واحدة تختلف تماما عن الأخرى بالمطلق ، وعلى الحكومات الإسلامية الجديدة الوقوف إزاء هذه التجارب والإفادة منها واختيار النموذج الأصلح والأقرب الى طروحات ومنهج هذه القوى الجديدة والأكثر مقبولية لدى العالم ، والأكثر قدرة على بناء دولة حضارية عصرية تنال ثقة واحترام شعبها والعالم اجمع .
الأولى : هي التجربة الإيرانية التي تحققت بعد الثورة الإسلامية في عام 1979 لتحول إيران من حكم الشاه الملكي الذي دام 54 عاما الى النظام الجمهوري الإسلامي ، الذي يقوده المعممون المتشددون والمتطرفون الذين تبنوا ومنذ البدء منهج مايسمى ب ( تصدير الثورة ) الى المناطق والدول المجاورة ويرى البعض أن قيام الحرب العراقية الإيرانية وكذلك الحرب الأهلية الأفغانية كانت من نتائج تلك السياسة، وهذا التجربة وبعد 30 سنة من الحكم أفرزت نتائج سلبية كثيرة وطرحت صورة شوهاء عن نظام الحكم الإسلامي ، مما تسبب بخوف كبير لدى العالم من تكرار هذه التجربة في أماكن أخرى ، وهو الذي أدى الى عداء وانعدام ثقة لدى كل العالم من التجربة الإيرانية واستنفار وتأهب دائم من الحكم الإسلامي الإيراني ، يتفق معظم المراقبين على أن للثورة الإيرانية دور عالمي وأنها المسؤولة عن بدء حقبة الأصولية الخمينية، من حزب الله الى تنظيم القاعدة الى الجماعات الإسلامية المسلحة المتطرفة المتنوعة,كما أن أهداف الثورة الأخرى (مثل زيادة الحرية السياسية والمساواة الاقتصادية والاكتفاء الذاتي وتثقيف الجماهير، والنزاهة والفعالية والكفاءة في إدارة الحكومة) لم يتحقق منها الكثير، وأصبح التذمر من الاستبداد والفساد الذي انتشر في عهد الشاه وحاشيته يوجه الآن ضد "الملالي في إيران إما الخوف من البوليس السري للشاه ( السافاك) حل محله الخوف من الحرس الثوري والمخابرات ( الاطلاعات) ، كما أن هناك انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في النظام الديني تزيد عما كان يحصل في عهد الشاه ، وهناك تعذيب وسجن للمخالفين، وان قتل كبار النقاد أمر شائع في ظل الجمهورية الإسلامية في إيران، بالإضافة الى سوء وضع المرأة، واضطهاد الأقليات، وسجن آخرون في حين حرم الآلاف من فرص العمل، والمعاشات التقاعدية، والأعمال، وفرص التعليم.
وفي قراءة سريعة ومختصرة في بعض جوانب الدستور الإيراني نطلع وعلى كثب عن حقيقة النظام السياسي وطبيعة الحكم الجمهوري الإسلامي في إيران الذي يختزن في داخله نظاميا استبداديا:
إما المستوى الاقتصادي فلم يشهد تحسنا ، و الاعتماد على صادرات النفط لايزال طاغيا، دخل الفرد يتقلب مع سعر برميل النفط الذي انخفض إلى ربع ما كان عليه في عهد الشاه، وارتفعت البطالة بين السكان من الشباب , إما ثقافيا واجتماعيا فان الثورة زادت عزل إيران عن العالم ، وهي لازالت محاطة بالعقوبات الاقتصادية التجارية من قبل الولايات أمريكا وأوربا بسبب برنامجها النووي من جهة ، وبسبب سياساتها العدوانية والتحريضية في المنطقة التي تهدد امن واستقرار المنطقة والعالم ، وتقديمها الأموال والسلاح والدعم لأنظمة وقوى وأحزاب وميليشيات ومجاميع متطرفة وعدوانية وإرهابية في كل من العراق ولبنان وفلسطين وسوريا والبحرين وأفغانستان باكستان والسودان ومناطق أخرى من العالم ، وقد أشار الى هذا المعنى علي خامنئي مرشد الجمهورية الإسلامية حين قال عن الثورات العربية : ( إن هذه التطورات متأثرة بالحركة العظيمة للشعب الإيراني) ، وقال أيضا : (رغم كثرة المؤامرات التي حيكت ضد الجمهورية الإسلامية في إيران إلا أنها استطاعت تصدير مبادئ وثقافة الثورة الإسلامية في إيران إلى الشعوب العربية التي تعاني من أنظمتها الدكتاتورية المستبدة والمدعومة أمريكيا )،
أطلق صفحة خاصة تهتم بالثورات العربية في المنطقة وسماها "الصحوة ألإسلامية وأكدت بعض المصادر أن الخامنئي أطلق صفحة خاصة تهتم بالثورات العربية في المنطقة وسماها "الصحوة الإسلامية" وقال موقع الخامنئي على الإنترنت إن المرشد يبدي اهتماما كبيرا بما سماها الصحوة الإسلامية في المنطقة العربية، وإن الصفحة الجديدة هي لدعم حركة الصحوة الإسلامية المنتشرة في المنطقة باستثناء سورية حيث تتهم طهران "قوى الاستكبار العالمي وعملاءها في المنطقة بالعمل على تقويض جبهة المقاومة الإسلامية التي تشكل سوريا الخط الدفاعي الأول لها, ويعتقد خامنئي ومؤيدوه أن هذه الصحوات تمهد لظهور المهدي المنتظر، حيث روج فيلم وثائقي أنتجه مؤيدوا المرشد خامنئي، والرئيس أحمدي نجاد وأمين عام حزب الله في لبنان السيد حسن نصر الله من الشخصيات الأساسية التي تؤيده وتتابعه، تمهيدا لظهور المهدي المنتظر بعد انتصارهم في حروب مقبلة تشهدها المنطقة.
ويرى الإصلاحيون أن الثورات العربية خاصة ما يجري في سوريا يحرج إيران التي تعتبر الاحتجاجات فيها مؤامرة صهيونية.
الحلقة (3)
الثانية : هي تجربة حكم طالبان في أفغانستان وهي التجربة الاسوا والأكثر همجية ودموية وقمعا ، وطالبان هي حركة إسلامية حكمت أفغانستان ابتداءا من أيلول / سبتمبر1996 حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2001.
ونشأت حركة طالبان في ولاية قندهار الواقعة جنوب غرب أفغانستان على الحدود مع باكستان في العام 1994 على يد المدعو الملا محمد عمر الذي يعتبر أبو طالبان حيث رغب في القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقي وإعادة أجواء الأمن والاستقرار إلى أفغانستان وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميرا لهم عام 1994.
وتعتنق طالبان العقيدة الإسلامية السنية المبنية على الدليل الشرعي من القرآن والسنة الصحيحة ويميلون إلى المذهب الحنفي وربما يتشددون في ذلك شأنهم شأن الشعب الأفغاني ويتسامحون مع مخالفيهم من غير بني جنسهم من المذاهب السنية حسب توصيف الحركة لنفسها أما التوصيف المشتهر لها فهي حركة عقائدية متطرفة تقوم على الأخذ بمبادئ متشددة في تفسير الدين الإسلامي وتحليل النص كما في السلفية الجهادية القريبة من منهج محمد بن عبد الوهاب ( الوهابية ).
وطالبان حركة إسلامية سنية وتعتبر الحكم الشرعي في مذهبها حكما واحدا لا يحتمل الأخذ والرد حوله، ومن ثم يصبح تنفيذ الأحكام الشرعية لدى طالبان حتى وإن كانت هناك مذاهب أو آراء أخرى تخالفها واجبا دينيا لا مفر من تنفيذه.
وقد تعلم أفراد الحركة في المدارس الدينية الديوبندية (نسبة إلى قرية ديوبند في الهند) وتأثروا بالمناهج الدراسية لهذه المدارس الأمر الذي انعكس على أسلوبهم في الحكم.
والفكر السياسي للحركة يرفض تمام استعمال لفظ الديمقراطية لأنها تمنح حق التشريع للشعب وليس لله. ولا ترى الحركة أهمية لوضع دستور أو لائحة او قوانين لتنظيم شؤون الدولة وترى أن القران والسنة هما دستور الدولة , وتعتبر الحركة أمير المؤمنين بمثابة الخليفة ينتخبه أهل الحل والعقد، ولا توجد مدة محددة لتولى منصب أمير المؤمنين، ويتم عزله فقط في حالة العجز أو الموت أو إذا أتي ما يخالف الدين. والشورى كما تؤمن بها الحركة معلمة فقط وليست ملزمة، وتهتم الحركة اهتماما كبيرا بالمظهر الإسلامي كما تتصوره، فتأمر الرجال بإطلاق اللحى ولبس العمامة وتمنع إطالة الشعر وتحرم الموسيقى والغناء الصور وتمنع عمل المرأة خارج بيتها ويشرف على تنفيذ ذلك هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا تسمح الحركة بتشكيل أحزاب سياسية جديدة ولا تقبل الأحزاب الموجودة، ويقول زعيم الحركة في ذلك إنه رفضها لأنها "تقوم على أسس عرقية وقبلية ولغوية وهي نوع من العصبيات الجاهلية الأمر الذي تسبب في مشاكل وعداء وفرقة بين الناس" .
يتفاوت موقف حركة طالبان من الدول المجاورة، فبالنسبة لإيران تميزت العلاقة بينهما بالتوتر الشديد، فالحركة تتهم إيران بالعمل على تصدير المذهب الشيعي الى أفغانستان ودعم أحزاب المعارضة، بينما تتهمها إيران باضطهاد الأقلية الشيعية في أفغانستان . أما بالنسبة للموقف من الهند وروسيا وبعض دول آسيا الوسطى فإن هذه الدول لا تخفي قلقها تجاه طالبان وتعمل على دعم المعارضة، فالهند ترى أن طالبان تشكل عمقا إستراتيجيا لباكستان وتفتح أمامها أسواق آسيا الوسطى بينما تخاف روسيا وحلفاؤها من نفوذ حركة طالبان والإسلام المتشدد في آسيا الوسطى وطالبان بدورها لا تخفي عداءها لهذه الدول.
تسببت طالبا في عزل أفغانستان عن محيطها الخارج بشكل تام ومنعت وسائل العلوم والتكنولوجيا والاتصالات من دخول أفغانستان ، وبناء الدولة كان بدائيا جدا لايعترف بالدولة المدنية الحديثة القائم على التشييد المؤسساتي ، موقفها المتشدد تجاه المخالفين لمنهجها خصوصاً الديني او العقائدي ، وانتهاك وقمع الحقوق والحريات ، والإرهاب الفكري والسياسي والاجتماعي ، واستخدام أقسى وأبشع واشد العقوبات والأحكام همجية ووحشية وإجراما ، وكذلك نظرتها الدونية والقاسية تجاه المرأة وحقوقها وقمعها بمنتهى الوحشية ، كما وان حكومة طالبان أصبحت مصدرا للقلق وتهديد الأمن والسلام العالمي وإيواء ودعم وتصدير الإرهاب الى العالم ، بإيوائها ودعمها لتنظيم القاعدة الإرهابي وزعيمه أسامة بن لادن ، الذي نفذ الكثير من العمليات الإرهابية الخطرة والدموية في أنحاء كثير من العالم ، وهو احد أسباب شن أمريكا الحرب على طالبان وإسقاطها ، بسبب إخفائها لأسامة بن لادن في أفغانستان ورفض تسليمه لأمريكا بعد اتهامها إياه بأنه هو وتنظيمه القاعدة من شن هجمات 11 سبتمبر في 2001 ضدها.
الثالثة : هي تجربة حكم حزب العدالة والتنمية التركي ، وهي التجربة الأكثر نجاحا وواقعية ، وانسجاما مع متطلبات العصر والواقع الدولي ، والأكثر إشراقا من بين نماذج حكم القوى الإسلامية ، والتجربة التي نالت ثقة واحترام حتى القوى المناوئة او المعادية للحكم الإسلامي .
وتاريخ الإسلام السياسي وحكم الإسلاميين في تركيا يرجع الى العام 1970 عندما أنشأ نجم الدين اربكان وبدعم من تحالف طريقته مع الحركة النورسية حزب النظام الوطني الذي كان أول تنظيم سياسي ذي هوية إسلامية تعرفه الدولة التركية الحديثة منذ زوال الخلافة عام 1924م. بدأ أربكان حياته السياسية بعد تخرجه من كلية الهندسة، وأصبح رئيسا لاتحاد النقابات التجارية ثم انتخب عضوا في مجلس النواب عن مدينة قونيه لكنه منع من المشاركة في الحكومات المختلفة بسبب نشاطه المعادي للتطرف العلماني، وكان تأسيس حزبه أول اختراق جدي لرفض تطرف القوى العلمانية المهيمنة. بعد تسعة أشهر تم حل حزبه النظام الوطني بقرار قضائي من المحكمة الدستورية بعد إنذار من قائد الجيش محسن باتور ، فقام أربكان وبدعم من التحالف ذاته بتأسيس حزب السلامة الوطني عام 1972م، وأفلت هذه المرة من غضب الجيش ليشارك بالانتخابات العامة ويفوز بخمسين مقعدا كانت كافية له ليشارك في مطلع عام 1974م في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك ليرعى المبادئ العلمانية،تولى أربكان منصب نائب رئيس الوزراء وشارك رئيس الحكومة بولنت اجاويد ي اتخاذ قرار التدخل في قبرص في نفس العام، واعتبر من دافع عن مشاركة أربكان في الائتلاف أنه حقق مكاسب كبيرة لتيار الإسلام السياسي من أهمها الاعتراف بهذا التيار وأهميته في الساحة السياسية إلى جانب مكاسب اعتبرت تنازلات مؤثرة من قبل حزب الشعب، خلال وجوده في حكومة أجاويد، حاول أربكان فرض بعض قناعاته على القرار السياسي التركي، وحاول ضرب بعض من أخطر مراكز النفوذ الداعمة للنهج العلماني، فقدم بعد تشكيل الحكومة بقليل مشروع قرار للبرلمان بتحريم الماسونية في تركيا وإغلاق محافلها، وأسهم في تطوير العلاقات مع العالم العربي، وأظهر أكثر من موقف مؤيد صراحة للشعب الفلسطيني ومعادي لإسرائيل ، ونجح في حجب الثقة عن وزير الخارجية آنذاك خير الدين اركمان بسبب ما اعتبر سياسته المؤيدة لإسرائيل ، حتى بعد خروجه من الحكومة فقد قدم حزب أربكان مشروع قانون إلى مجلس النواب في صيف عام 1980م يدعو الحكومة التركية إلى قطع علاقاتها مع إسرائيل، وأتبع ذلك مباشرة بتنظيم مظاهرة ضخمة ضد القرار الإسرائيلي بضم مدينة القدس، كانت المظاهرة من أضخم ما شهدته تركيا في تاريخها المعاصر، الأمر الذي اعتبر استفتاء على شعبية الإسلام السياسي بزعامة أربكان. بعد بضعة أيام تزعم قائد الجيش كنعان ايفرين ،ا انقلابا عسكريا أطاح بالائتلاف الحاكم، وبدأ سلسلة إجراءات كان من بينها إعادة القوة للتيار العلماني ومن ذلك تشكيل مجلس الأمن القومي وتعطيل الدستور وحل الأحزاب واعتقال الناشطين الإسلاميين إلى جانب اليساريين ،كان أربكان من بين من دخلوا السجن آنذاك، وبعد ثلاث سنوات خرج في إطار موجة انفتاح على الحريات في عهد حكومة أوزال، فأسس في العام 1983م حزب الرفاه الذي شارك في انتخابات نفس العام لكنه لم يحصل سوى على 1.5% من الأصوات، لكنه لم ييأس إذ واصل جهوده السياسية حتى أفلح في الفوز بالأغلبية في انتخابات عام 1996 ليترأس أربكان حكومة ائتلافية مع حزب الطريق القويم برئاسة تانسو تشيللر، خلال أقل من عام قضاه رئيسا للحكومة التركية، سعى أربكان إلى الانفتاح بقوة على العالم الإسلامي، حتى بدا وكأنه يريد استعادة دور تركيا الإسلامي القيادي، فبدأ ولايته بزيارة إلى كل من ليبيا وإيران، وأعلن عن تشكيل مجموعة الثماني الإسلامية التي تضم إلى جانب تركيا أكبر سبع دول إسلامية. : إيران وباكستان وإندونيسيا ومصر ونيجيريا وبنغلاديش وماليزيا
في عام 1998م تم حظر حزب الرفاه وأحيل أربكان إلى القضاء بتهم مختلفة منها انتهاك مواثيق علمانية الدولة، ومنع من مزاولة النشاط السياسي لخمس سنوات، لكن أربكان لم يغادر الساحة السياسية فلجأ إلى المخرج التركي التقليدي ليؤسس حزبا جديدا باسم الفضيلة بزعامة أحد معاونيه وبدأ يديره من خلف الكواليس، لكن هذا الحزب تعرض للحظر أيضا في عام 2000م. ومن جديد يعود أربكان ليؤسس بعد انتهاء مدة الحظر في عام 2003م حزب السعادة، لكن خصومه من العلمانيين، تربصوا به ليجري اعتقاله ومحاكمته في نفس العام بتهمة اختلاس أموال من حزب الرفاه المنحل، وحكم على الرجل بسنتين سجنا وكان يبلغ من العمر وقتها 77 عاما.
بعد ذلك تم تشكيل حزب العدالة والتنمية من قبل النواب المنشقين من حزب الفضيلة الإسلامي الذي أسسه اربكان ثم تم حله في العام 2001 بقرار من المحكمة الدستورية ، وهؤلاء كانوا يمثلون جناح المجددين في حزب الفضيلة ، ويعرف حزب العدالة والتنمية التركي على انه ( حزب سياسي تركي يصنف نفسه على انه ذو منهج محافظ ليبرالي ، معتدل، غير معادٍ للغرب، يتبنى رأسمالية السوق ، ويسعى لانضمام تركيا الى الاتحاد الأوربي ، ولكن الكثيرين يعتقدون بأنه حزب ذو جذور إسلامية ، وتوجه إسلامي لكنه ينفي أن يكون "حزبا إسلاميا" ويحرص على ألا يستخدم الشعارات الدينية في خطاباته السياسية ويقول أنه حزب محافظ ويصنفه البعض على إنه يمثل تيار "الإسلام المعتدل" ، وقد يكون محاولة الحزب لإبعاد الصفة الإسلامية عنه هو تجنبا للاصطدام مع العسكر الحاكمين لتركيا والذين يشكلون قوة ونفوذا كبيرتين ، يمكن أن تسقط حكم حزب العدالة والتنمية فيما لو صرح بمنهجه الإسلامي او اتبع سياسات يفهم منها معاداتها للعلمانية التركية او الانقلاب على الواقع السياسي في تركيا والذي أسسه كمال أتاتورك وإقامة نظام إسلامي ، وصل الحزب إلى الحكم في تركيا عام 2002 ويرأسه حاليا رجب طيب اردوغان .
ويطلق البعض على الحزب وسياساته لقب العثمانيين الجدد وهو ما أقره الحزب من خلال أحد قادته وزير الخارجية احمد داود اوغلو الذي قال في احد لقاءاته مع نواب الحزب : (إن لدينا ميراثا آل إلينا من الدولة العثمانية إنهم يقولون هم العثمانيون الجدد. نعم نحن العثمانيون الجدد. ونجد أنفسنا ملزمين بالاهتمام بالدول الواقعة في منطقتنا. نحن ننفتح على العالم كله، حتى في شمال أفريقيا. والدول العظمى تتابعنا بدهشة وتعجب. وخاصة فرنسا التي تفتش ورائنا لتعلم لماذا ننفتح على شمال أفريقيا. لقد أعطيت أوامري إلى الخارجية التركية بأن يجد ساركوزي كلما رفع رأسه في أفريقيا سفارة تركية وعليها العلم التركي، وأكدت على أن تكون سفاراتنا في أحسن المواقع داخل الدول الأفريقية). واتى تخصيص أوغلو بالذكر لفرنسا وساركوزي لرفض الرئيس الفرنسي بشدة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي .
ويتهم علمانيو تركيا الحزب بتطبيق ما سموه: "خطة سرية لأسلمة البلاد"، وتعيين مسئولين كبار في الدولة "أوفياء له متخرجين عموما من مدارس لتأهيل الأئمة وفي يوليو 2008 حكمت المحكمة الدستورية في تركيا برفضها بأغلبية ضئيلة دعوي بإغلاق حزب العدالة والتنمية بتهمة "انه يقود البلاد بعيدا عن نظامها العلماني نحو أسلمة المجتمع"، إلا أن المحكمة رغم قرارها وجهت رسالة تحذير إلى الحزب وذلك بفرض عقوبات مالية كبيرة عليه عبر حرمانه من نصف مايحصل عليه من تمويل من الخزانة العامة التركية، ليصرح رئيس الحزب ورئيس الوزراء رجب طيب أوردغان "أن حزبه الحاكم سيواصل السير على طريق حماية القيم الجمهورية ومن بينها العلمانية , وفي يونيو 2011 فاز بالانتخابات التشريعية وذلك بعد حصوله على 50.4% من الأصوات, متقدماً على حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وحصل الحزب على 326 مقعداً من أصل 550 مقعد في البرلمان إلا أن ذلك لم يخوّله بتنفيذ مراده في تعديل الدستور دون الرجوع للمعارضة, الأمر الذي يتطلب ثلثي مقاعد البرلمان أي 367 مقعد.
الحلقة (4)
ويمكن تلخيص انجازات حكم حزب العدالة والتنمية منذ توليه الحكم في 2002 وحتى الآن كما يلي :
أولداخليا:وى السياسي:
1ـ داخليا :
اـ إعادة الاستقرار إلى البلاد التي عانت من عقود من الائتلافات الفوضوية والانقلابات.
ب ـ تمكن الحزب من إطلاق مشروع سياسي ديمقراطي يقترب من مقاييس الديمقراطية الغربية. واستطاع أن يرسخ صورة ناجحة إلى حد كبير من الممارسات الديمقراطية وفقا لمعايير الاتحاد الأوروبي.
ج ـ التعديلات الدستورية التي تم إقرارها في سبتمبر الماضي، وقد أعطت هذه الإصلاحات دفعة قوية للحياة السياسية في البلاد، كما حققت حالة من التعايش بين الإسلام السياسي والعلمانية المتمثلة بالجيش بعد عقود من الصراع الأمني والدموي بينهما.
د ـ من أهم تلك التعديلات إعادة هيكلة أجهزة القضاء لصالح حزب العدالة والتنمية على حساب القوى العلمانية ومحاسبة الجيش أمام المحاكم المدنية بما يحجم دور المؤسسة العسكرية في السياسة ويضعف القوى العلمانية في المعادلة السياسية.
2 ـ إقليميا ودوليا:
اـ التطور الكبير في العلاقات مع الدول العربية وروسيا والصين.
ب ـ تعزيز مكانتها الإستراتيجية في السياستين الأميركية والأوروبية.
ج ـ نجحت تركيا (بالتعاون مع البرازيل) في تسجيل أكبر إنجاز لها على الساحتيْـن، الإقليمية والدولية، من خلال إقناع إيران بالتوصّـل إلى اتِّـفاق حول برنامجها النووي وتوقيع ما عُـرف بـ "إعلان طهران" في 17 مايو 2010، الذي يقضي بتبادُل تخصيب اليورانيوم على الأراضي التركية.
د – وقوف تركيا مع عدد من الثورات العربية ودفاعها المستمر عن الحق الفلسطيني وحرصها على إقامة علاقات متميزة مع جيرانها العرب قد عززت من الوزن السياسي لإسطنبول.
ثانيا – على المستوى الاقتصادي : حقق حزب العدالة والتنمية وخلال سنوات حكمه العشر انجازات اقتصادية هائلة ، فعندما جاء العدالة والتنمية إلى الحكم كانت الأوضاع الاقتصادية قد وصلت إلى الحضيض من كل النواحي، حيث كانت نسبة النمو بالكاد تتجاوز 3% مع ثبات هذه النسبة منذ بداية التسعينات عند هذا المعدل وحتى عام 2002، وكان متوسط دخل الفرد لا يزيد عن 3000 دولار في العام، وكان الناتج المحلي لا يزيد عن 300 مليار دولار. وكان أمام حزب العدالة والتنمية كل هذه التحديات فوق تحد آخر هو انحطاط سعر الليرة التركية وفقدانها 70 % من قيمتها. بوصول الحزب إلى السلطة بدأ رجب طيب أردوغان ورفيقه عبد الله جول، القائدان المحنكان واللذان جاءا من خلفية إسلامية، بدآ بمعالجة الأوضاع الاقتصادية محددين هدفهما البعيد في ذلك؛ وهو أنه لكي تعود تركيا لقوتها ولمكانتها التي غادرتها قبل نحو تسعين عاما حين سقطت كإمبراطورية تحكم ثلاث قارات يجب أن تكون قوية اقتصاديا.وبالفعل فإن ما حققته الحكومة التركية من نهضة اقتصادية بقيادة حزب العدالة والتنمية في تسع سنوات قد فاق كل ما حققته الحكومات التركية في فترة الجمهورية منذ العام 1923 وهو ما يوصف بالمعجزة الاقتصادية.
وقد تمثلت أهم مؤشرات تقدم الاقتصاد التركي في عهد العدالة والتنمية فيما يلي :
• قفز الناتج القومي الإجمالي بين عامي 2002- 2008 من 300 مليار دولار إلى 750 مليار دولار، بمعدل نمو بلغ 6.8 %.
قفز معدل الدخل الفردي للمواطن في نفس السنة من حوالي 3300 دولار إلى حوالي 10.000 دولار.
تحققت مستويات ملحوظة من توزيع العائدات.
تجاوزت الدولة إلى حد كبير مشكلات العجز والتضخم.
تحسنت أجواء الاستثمار، حيث دخلت تركيا بين أكثر الدول جذبا للاستثمار الخارجي.
أصبحت تركيا في المرتبة السادسة عشرة في ترتيب أكبر الاقتصاديات على المستوى العالمي، والسادسة على المستوى الأوروبي، وبذلك ضاقت الفجوة ولأول مرة بهذه النسبة بين معدلات التنمية التركية ومعدلات التنمية الأوروبية وأصبحت تركيا من بين مجموعة العشرين G-20، وذلك بعد أن كان الاقتصاد التركي في سنة 2002 يأتي في المرتبة السادسة والعشرين.
ارتفع حجم الصادرات من 33 مليار إلى 130 مليار في نهاية سنة 2008.
وفي الفترة ما بين العامين 2002 و2008، انخفضت معدلات التضخم وأسعار الفائدة بشكل كبير، كما استقرت العملة التركية، في حين انخفضت الديون الحكومية إلى مستويات أكثر احتمالا.
حققت القطاعات الاقتصادية المختلفة نموا وتقدما كبير، ففي قطاع الزراعة تعتبر تركيا واحدة من الدول القليلة في العالم التي حققت اكتفاء ذاتيا من الغذاء.
كما سجل القطاع الصناعي نموا هائلا بعد عمليات التحرير الاقتصادي وارتقى مستوى الإنتاج في هذا القطاع إلى المعايير العالمية.
كما حققت تركيا تحسنا كبيرا في العلاقات الاقتصادية والتجارية إقليميا وعالميا وشهدت الشركات التركية نموا استثنائيا من خلال توسعها في شتى أسواق العالم.
تحسن وزيادة الخدمات المقدمة في ميادين الصحة والتعليم والإسكان والمواصلات".
وضع خطط اقتصادية حيث لتحتل تركيا في غضون عام 2023 المرتبة العاشرة اقتصادياً في العالم (اليوم تحتل المرتبة ال 16)، وأن تكون اسطنبول (في غضون 2023) أحد أهم عشرة مراكز اقتصادية في العالم (حالياً تحتل المرتبة الـ27 من ناحية المدن الأكثر تأثيراً اقتصادياً في العالم)، وأن تصل قيمة الصادرات التركية إلى 500 مليار دولار سنوياً (اليوم تناهز 200 مليار)، وأن يصبح المعدل السنوي للدخل الفردي للمواطن التركي 25 ألف دولار.
وتبقى مشاكل المكونات التركية أهم التحديات أمام حكومة حزب العدالة والتنمية فرغم المبادرات الكثيرة التي تقدّم بها الحزب، ما زال التَّـعاطي مع مُـشكلات الأقليات المسيحية والعَـلوية والكُـردية تُـراوِح مكانها. ويظهر التحدّي الأكبر مع الأكراد، الذين بات يجمعهم كلّهم شِـعار"الحكم الذاتي الواسع"، بل دعا بعضهم إلى تشكيل قوات دفاع عن المناطق الكُـردية واعتماد اللّـغة الكردية إلى جانب اللغة التركية في المناطق الكردية. كذلك، لا يزال العَـلوِيون يبحَـثون عن "دولة تركية" ،تعترف بخصوصيتهم وتُـساويهم بشركائهم في الوطن من السُـنّة.
الخ).
إن سياسات وأفكار وتجربة حزب العدالة والتنمية سواء على المستوى السياسي او الإيديولوجي او منهج السلطة والحكم وجدت أصداء واسعة لها في العديد من البلدان العربية والإسلامية فهناك الآن عدد من الأحزاب في البلدان العربية التي تحمل اسم حزب العدالة والتنمية مثل (حزب العدالة والتنمية المغربي ، حزب العدالة والتنمية التونسي ، حزب العدالة والتنمية المصري ، حزب العدالة والتنمية في ارض الصومال ، حركة العدالة والتنمية في الاردن ، حركة العدالة والتنمية في الكويت ، حركة العدالة والتنمية في مصر والحركة الوطنية للعدالة والتنمية في تونس ...الخ) .
إضافة الى أن قوى إسلامية كثيرة أعلنت عن تبنيها لمنهج وأيدلوجيات وسياسات حزب العدالة والتنمية التركي ، وأحدثت تغييرات في أجنداتها وبرامجها العامة لتحذو حذو العدالة والتنمية التركي الذي اتخذته مثالا ونموذجا ومرجعية على كافة الصعد. ولسنا ننكر أيضا وجود تباين كبير في رؤى وأفكار ومنهجية وسياسات بعض القوى الإسلامية التي لاتحمل من حزب العدالة والتنمية التركي سوى مسماه .
وبرغم أنني لا أريد استباق الأحداث والتطورات ومستقبل تجربة الإسلاميين في البلدان العربية نجاحا او فشلا و كثرة المخاوف من هكذا تجربة ، أرى أن بعض القوى الإسلامية تتطلع لتصبح قولا وفعلا نموذجا عن حزب العدالة والتنمية التركي وعبرت عن ذلك علانية في تصريحاتها وبياناتها وعلى لسان قادتها وأعضائها ، فاني أجد انه من البديهي جدا أمام هذه القوى فيما لو أرادت النجاح في حكم بلدانها وتلبية تطلعات ناخبيها وكسب المزيد من ثقة الجماهير والنجاح مجددا في الوصول الى الحكم مستقبلا وتحقيق نجاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وإحداث تغييرات وإصلاحات حقيقية في بلدانها أن تستفيد بشكل كبير وعمليا وموضوعيا من تجربة حكم حزب العدالة والتنمية التركي الناجحة وبإمكان هذه القوى فيما أحسنت تطبيق التجربة التركية تقديم صورة مغايرة وأكثر قبولا وثقة واحتراما لدى العالم عن الإسلام ونظرياته في السياسة والحكم والعلاقات الدولية مخالفة تماما وأكثر تفاؤلية وإشراقا عن تلك الصورة الشوهاء التي طرحتها تلك التجارب الفاشلة والمحبطة من النماذج المتطرفة والمتخلفة والانطوائية .

كانون الثاني / 2012

المراجع
________________________________________________________________________________________________
1. موقع ويكيبيديا : http://ar.wikipedia.org
2. الموقع الرسمي لحركة النهضة الاسلامية : http://www.ennahdha.tn/
3. الموقع الرسمي لجماعة الاخوان المسلمين: http://www.ikhwanonline.com
4. الموقع الرسمي لحزب الحرية والعدالة: http://www.hurryh.com/
5. موقع حزب النور السلفي: http://www.alnourparty.org/
6. المفاجات الست التي اسفرت عنها الانتخابات التونسية – صلاح الدين الجورشي : http://www.swissinfo.ch/ara/detail/content.html?cid=31428986
7. نشاة حركة طالبان ومن هو زعيمها الملا عمر : http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=107398
8. دستور ايران : موقع ويكي مصدر - http://ar.wikisource.org/wiki
9. الثورة الايرانية - مقال مترجم للكاتب تيد غرانت عام 1979: http://www.marxist.com/iranian-revolution-grant-arabic.htm
10. كتاب الثورة الايرانية البائسة – د. موسى الموسوي – ط 2007
11. ماتعلمته من الثورة الايرانية الفاشلة – ابو الحسن بني صدر- جريدة الشرق الاوسط – العدد-11754في2فبراير 2011
12. كتاب الثورة الايرانية بين الواقع والاسطورة – زهير ما رديني – ط1 1986
13. كتاب جذور الحركة الاسلامية في تركيا - مصطفى اوغلو- ترجمة : حسن بيومي – الزهراء للاعلام العربي – القاهرة 1995
حول الحركة الاسلامية في تركيا – محمد العادل : http://www.syriakurds.com/2007/derasat/der008.htm
14. الاسلاميون الجدد في تركيا :البدايات،المكونات،التحولات،المعادلات – د.ادريس بووانو: http://www.dahsha.com/old/viewarticle.php?id=1674
15. قصة الحركة الاسلامية في تركيا – د.راغب السرجاني: http://www.islamstory.com/%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7
16. قراءة خاصة في تجربة حزب العدالة والتنمية التركي – الشيخ راشد الغنوشي : http://arabic.bayynat.org.lb/mouslimmijhar/7izibeladala.htm
17. حزب العدالة والتنمية في تركيا رؤية من الداخل – مصطفى محمد الطحان : http://www.asharqalarabi.org.uk/center/dirasat-h.htm
18. لماذا سيصبح حزب العدالة والتنمية التركي الزعيم القادم للشرق – سونر كاجابتاي – ترجمة : شريف بهاء الدين : http://www.alukah.net/Translations/0/28993/
19. تركيا..لماذا نجح حزب العدالة والتنمية ؟ - جابر حبيب جابر : http://www.siironline.org/alabwab/akhbar_aldimocrati%2815%29/387.htm



#حيدر_نواف_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المزيد من دماء العراقيين من اجل المزيد من تحقيق الاهداف
- خطاب بشار الجعفري تناقضات .. وفضائح..ومؤشرات على انهيار النظ ...
- ستنتصرون أيها السوريون برغم كل شيء ( الحلقة2)
- ستنتصرون أيها السوريون برغم كل شيء ( الحلقة 1)
- لن يصلح الصالحي ما أفسده المالكي
- الدعوة الى ثورة لتطهير دواخلنا وتصحيح وعينا قبل الثورة على ا ...
- وثائق ويكيليكس تكشف عن فوضى أمريكية لا خلاقة ونظام عالمي إجر ...
- لماذا تصر إيران وأمريكا على إبقاء المالكي ؟
- بوادر هزيمة الاحتلال الأمريكي إزاء الاحتلال الايراني
- الديمقراطية في العراق الجديد والاصابة بانفلونزا السلطة المزم ...
- (حكومة بالريموت كنترول ) إلى أين تريد إيران الوصول بالعراق
- يا لثارات كسرى ...! الإمبراطورية الحالمة بشروق شمسها ثانية(1 ...
- يا لثارات كسرى ...!الإمبراطورية الحالمة بشروق شمسها ثانية (2 ...
- يا لثارات كسرى ...! الإمبراطورية الحالمة بشروق شمسها ثانية ( ...


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر نواف المسعودي - دراسة - المخاوف من حكم الإسلاميين و فشل التجربة او نجاحها