قوتك العقلية ( الجزء الأول)

همام الزياني

الحوار المتمدن-العدد: 3635 - 2012 / 2 / 11 - 19:34
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

القوة العقلية :- 1-

في البداية عليك أن تعلم أخي القارئ أن كل فكرة من أفكارك هي فعلك، وأن كل فكرة هي سبب له تجليات خارجية واضحة على سلوكياتنا و انفعالاتنا و ردود أفعالنا، فقد قالوا قديما أن الأفكار هي التي تقود العالم، و من أشهر المقولات " إزرع فكرة تحصد فعلا"، و انت لن تختلف معي إن قلت أن كل فعل ، حركة، أو اختراع تسبقه فكرة، حتى إن الأفعال الاعتيادية أو الروتينية التي تصدر منك، كتحريك كرسي ، و إغلاق باب مثلا، أو غيرها من الأفعال التي تبدو لك تافهة فمردها إلى فكرة سابقة، قد تقول لي أن الكثير من حركاتنا ،ميكيانيكية و تصدر عنا بدون تفكير، أقول، أنه من حيث الظاهر فصحيح، لكن من حيث الدقة العلمية فأنت تشهد على عظمة عقلك الباطن، الذي احتفظ بالبرمجة الاولى الصادرة عن فكرة أو مجموعة أفكار، و يقوم بها بتلقائية دون استشارتك، أي أن كل تلك التصرفات التي وصفتها بالميكيانيكية مبناها على إقرارك الفكري الأولي لها.
إن عقلك الباطن حقل، و ميزته أنه طائع او خاضع لقانون زرع البذور ، القانون بسيط جدا، يعني أنك تحصد ما تزرعه، و تجني ثمار ما تغرسه، وهذا القانون الذي اقتبس من العالم الطبيعي، يجد تطبيقه الأكثر و ضوحا و بديهيية في العالم العقلي ، و مقولة " إزرع فكرة تحصد فعلا" تجل واضح لقانون زرع البذور، بل إن هذا القانون يجد تطبيقه في الحياة بصفة عامة، و هذا المدخل يؤدي بنا للحديث عن القوة العقلية، حيث نزاوج في المفهوم بين القوة العقلية الواعية و القوة غير الواعية، و قد أشرنا إلى حقيقة هذا التقسيم في التمهيد الذي خصصنا له مقالا مستقلا، فالقوة العقلية، تمنح لك القدرة الفائقة للسيطرة على الضغوط التي تفرضها البيئة الخارجية، و تمكنك من تجميع قواك الداخلية لصالح تحقيق أهدافك سواء كانت شخصية، مهنية، أو رياضية .... إلخ. و يكفيك أن تطلع على مقالي الأول1، لترى خطورة الضغوط التي تفرضها البيئة الخاريجة، و ترى صعوبة تحقيق الاهداف، حين نفتقد إلى الحالة الذهنية الإيجابية.
القوة العقلية تمنحك طاقة التنشيط الأساسية لنقل القوى العقلية الواعية و غير الواعية للقسمين الأساسيين للكينونة الإنسانية: القسم الفطري الجبلي، و القسم المكتسب. فالقوة العقلية هي حجر الزاوية الذي يوحد شطري القوس، و اندماج هذين الجزأين يخلق الاستقرار و التوازن لتنمية شخصيتك على المدى الطويل. فمن الآن حاول أن تصرف قسم من اهتمامك عن المنطقة الواعية من العقل، لحساب المنطقة اللاواعية منه، كي تستطيع فعلا ان تخلق الاستقرار و التوازن بين الوعي و اللاوعي.
بناء القوة العقلية:
إن بناء القوة العقلية، ليس بالامر العسير بل يستدعي منك تنفيذ مجموعة من العمليات المتتابعة، التي هي تداريب ذهنية:
تحقيق القوة العقلية رقم 1: عليك ببناء " الاستراتيجيات العقلية في الاتصال" ، من خلال التدرب على فهم السيرورة العقلية للإنسان .
القوة العقلية 2: " تحرير القوى الداخلية" بالتدرب على الإحساس حقا بالأثر الايجابي لإستعمال العقل اللاواعي، و الاستعمال الواعي للقوى الداخلية، بهدف تطوير قدراتك الشخصية، و تذكر دائما أن وظيفتنا الحصرية نحو أنفسنا هو أن نضيف إليها دائما أشياء جميلة, و أن عطاءك مقرون بإحساسك انك تتطور نحو الأفضل.
القوة العقلية 3: "الانخراط في المشاركة"، و هو محور الممارسة لاختبار التطوير و العطاء، و إرساء بشكل نهائي المكتسبات،و عليك بتطوير مفهوم البيئة الشخصية، التي هالتك الفاعلة، و محور تأثيرك، و مناعتك الذاتية، من خلال إيجاد توازن فعال بين الإدارة الإيجابية للإجهاد ، و رفاه الجسم و العقل.
و لتعزيز المجالات الثلاثة لبناء القوة العقلية، عليك بالتركيز على على الإشتغال على ما يصطلح عليه بالمساهمات
السبـــــــع، و هي:
1. زيادة الثقة بالنفس: إذ الثقة بالنفس كالربان المحنك الذي يقود السفينة في مختلف الظروف، و وسط كل الأنساق الصعبة، و يحافظ على أدائها الفائق، و يحصن جماليتها، حتى يرسو بها في بر الأمان، ثقتك بنفسك، هي التي تمنح لك قوة التحفيز، و هي التي تشحذ إرادتك، و تقوي عزيمتك، و تمنح المناخ الملائم للتطور و تنموا قدراتك و مهاراتك، الثقة بالنفس هي طاقة وجودك.
2. تطوير الإحساس بالفرص: لا بد من تدريب عقلك و برمجة لاوعيك على التعامل السريع مع الفرص، حتى يصير اقتناص الفرص إحساس، لا يخذلك، فابدأ بالتدرب على تطوير إحساسك بالفرص، بمراقبة كل الفرص التي تاتيك، مهما رأيتها ضئيلة أو حقيرة لا تفي بأفق طموحاتك، لكن الذي نريده، هو تطوير و ترسيخ ملكة الإحساس بالفرص.
3. اكتساب فن " الإطلاق مع الشد": المراد بكل بساطة هو ان تتمتع برؤية مرنة للأمور، و حس مرن في التعامل مع المواقف، فلا أنت تطلق كل الإطلاق، و لا تشد كل الشد، تمرن على المرونة الإيجابية، باستغلالك لكل المواقف و الأنساق التي تستدعي ذلك، و احرص على الإحساس بجودة النتائج، تدرب، حتى يصير مبدأ الإطلاق مع الشد فن تمارسه بدون تكلف، و هو الشيء الذي يعزز بناء إساراتيجية الاتصال.
4. تطوير الثروة و الغنى الداخلي: هل تعلم انك غني داخليا غنى لو علمته، لما رضيت لنفسك بأقل مما يبهرك في عالم الفكر و الاقتصاد والسينما...، أنت ثروة نفسك، فاكتشف بذاتك غناك الداخلي و ثروتك المدفونة بداخلك، حينئذ ستقدرها و تعتز بها، و ستعمل جاهدا على الاستفادة منها إلى أقصى الحدود لتحقق نجاحاتك المأمولة، و ترتقي في سلم الاهداف نحو القمة، أنت ثري، فاكتشف ثراءك، و طوره.
5. اكتشاف استقلالك الحقيقي: تأمل واقعك جيدا، و دون بكل حرية نظرتك الشخصية إلى حقيقة استقلالك، و ما هو مدى استقلالك الشخصي، ما هي الأشياء التي تمنعك و تاخذ منك إستقلالك الشخصي، إفعل ذلك بروية و تأمل، و النتيجة أن تكتشف استقلالك الشخصي، الذي ستدافع عنه و تحصنه من ان يقتحمه غيرك، فتذكر أن لك استقلال شخصي حقيقي فاكتشفه و دافع عنه، و لا تكن أبدا تبعا لاستقلال الآخرين، و لا تشعر باستقلالك بعيشك في منطقة الاستقلال الشخصي للآخرين.
6. تطبيق برنامج " صحة العقل و الجسم" : اصنع مرجعية علمية عن أسس الصحة العقلية و الفيزيائية، تكون مستقاة من المصادر العلمية الموثوق بها، و طبقها عمليا على أرض الواقع، لا تجعل من الثقافة الشعبية، و لا من تأثير العولمة، مبررا لتخليك عن ان يكون لديك برنامج صحة العقل و الجسم، لا تجعل نفسك رخيصا في تصورك الذهني، و إنما كل شيء فيك لا يقدر بثمن، و لن يعادل نسيج عصبي واحد من بليون نسيج عصبي موجود بداخلك، اموال الدنيا كلها، حافظ على صحة عقلك و جسمك، من خلال برنامج انت الذي يتلاءم مع ضروفك الخاصة، و يتوافق مع إستقلالك الشخصي.
7. استخدام عالمك الإبداعي: اكيد انك تتفوق على غيرك في ذكاء من أنواع الذكاء المتداولة علميا، ذلك الذكاء الذي تتفوق فيه هو عالمك الإبداعي، الذي عليك أن تستخدمه بشكل يومي،لتنمية نزوة الإنسان إلى الإبداع، فحاول ان تكتشف الذكاء الذي تتميز به عن غيرك، و اعمل على صقله بالتدريج، لتجعل منه عالمك الإبداعي.
أشكرك أخي القارئ أختي القارئة، على مأ أدبيتموه لهذا المقال من أهمية، و أملي أن اكون قد وضعت لك علامات على الطريق، و إلى لقاء آخر، في مقال آخر.

#همام_الزياني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات